الشرق الأوسط يودّع 2017 دون حل أزماته

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – شهاب ممدوح

بينما نستعد لتوديع عام 2017, واستقبال عام جديد, ثمة أمور كثيرة بقت من دول حل في منطقة الشرق الأوسط. إذ تعاني فلسطين وسوريا واليمن والعراق وليبيا من أزمات حادة, بينما تشتد الحاجة إلى عمل جماعي لمواجهة تحديات إقليمية من قبيل البطالة وشحّ المياة. ومع إحياء ذكرى مرور سبع سنوات على انطلاق الانتفاضات العربية, التي كانت بدايتها في تونس, ومرور ثلاث سنوات على انقلاب الحوثي في اليمن, من الصعب تخيُّل إمكانية إخراج جزء كبير من العالم العربي من الاضطرابات التي يعيش فيها. وبينما تبدو بعض تلك القضايا قديمة, إلا أن هذا العام شهد بعض التطورات التي ستؤثر على مسار الأحداث في عام 2018, سواء في المنطقة أو خارجها.

ربما أبرز صورة لهذا العام تعود للفتاة الفلسطيينة الصغيرة “عهد التميمي” أثناء تصدّيها للجنود الإسرائيليين دفاعًا عن قريتها “النبي صالح” الواقعة في الضفة الغربية. وبالرغم من أن مواجهة المدنيين الفلسطينيين للقوة العسكرية الإسرائيلية التي تحتل أراضيهم منذ 70 عامًا لا تعتبر ظاهرة جديدة, إلا أن صورة “عهد التميمي” كانت بمثابة تذكير بأنه على الرغم من مرور قرن على وعد بلفور, ما يزال الكفاح لإقامة دولة فلسطيينة في قلب تطلعات المنطقة. ما تزال “عهد” رهن الاعتقال, بالرغم من صغر سنها, غير أن أفعالها تجاوزت الحدود, وحظيت بدعم الملايين حول العالم. يأتي اعتقالها في وقت أدانت فيه أغلب الدول في الأمم المتحدة قرار الرئيس ترامب المنفرد بتسمية القدس عاصمة لإسرائيل, ما جدد الدعوات المطالبة بنهاية سلمية لاحتلال فلسطين. سيظل قرار السيد ترامب يلقي بظلاله على المنطقة في السنوات القادمة, بينما برزت الحاجة الملحّة لإحياء عملية السلام مرة أخرى إلى الواجهة.

التطور الآخر الذي كانت له أهمية بالغة في هذا العام, هو هزيمة تنظيم داعش في العراق وسوريا. وفي ضوء استمرار وجود بعض المقاتلين الإرهابيين في هذين البلدين, ينبغي الإشادة بالجهود الرامية لضمان عدم سيطرة تنظيم داعش على جزء كبير من أراضي البلدين. مع ذلك, فإن التحديات السياسية و الأمنية في هذين البلدين تعني أن عودة ظهور الجماعات المتطرفة ليست أمرًا مستبعدًا. ومن أجل إحراز تقدم حقيقي فيما يتعلق بهزيمة التطرف في عام 2018, من المهم العمل على تعزيز القوات الأمنية والعملية السياسية في العراق. أما بالنسبة للوضع في سوريا, فهو أكثر تعقيدًا. فمع وجود نظام يُعتبر مفتقدًا للشرعية, وطيف متنوع من الجماعات المسلحة على الأرض, فإن فشل الجولة الجديدة للمحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة بشان سوريا لإحراز تقدم ملموس, يعني أن العام المقبل لن يشهد نهاية للحرب هناك.

بالرغم من فشل وساطة الأمم المتحدة لإيجاد حل للازمة السورية وإنهاء حرب اليمن, كانت هناك تحركات مهمة للأمم المتحدة بخصوص ليبيا. إذ شهد هذا العام تعيين “غسان سلام” مبعوثًا أمميًا لليبيا. إن قدرة “سلام” على لقاء الجماعات المتصارعة ووضع خارطة طريق لليبيا, كانت واحدة من النجاحات القليلة للجهود الدولية في عام 2017. وبينما تظل هناك الكثير من التحديات, فإن هذا يعتبر تطورًا مهمًا, ونجاحه قد يؤدي إلى تحقيق استقرار تحتاج إليه ليبيا وجيرانها بشدة.

وخلافًا لتلك التطورات الأربعة الأولى المذكورة, فإن التطور الأبرز في المنطقة ربما كان محليًا, وقد أتى من السعودية. وبفضل كونها أكبر قوة اقتصادية في العالم العربي, ووجود أقدس موقعين للمسلمين على أراضيها, فإن أي تغيير في السعودية سيكون له أثر دائم على المنطقة. ولقد كان عام 2017 هو عام التغيير في المملكة بامتياز. ومع ترقية “محمد بن سلمان” لمنصب ولي العهد في السعودية في شهر يونيو الماضي, فإن الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها المملكة تعني حدوث تحوّل غير مسبوق فيها. إن طريقة إدارة الرياض لإصلاحاتها المحلية وطموحاتها الإقليمية في الأسابيع والأشهر المقبلة, سيؤثر على البلدان المجاورة وما وراءها.

تراقب إيران ما يحدث في السعودية بتوجّس. علاوة على ذلك, فإن انتخاب ترامب رئيسًا ورفض إدارته لسياسات إيران التوسّعية, أثار أيضا قلق طهران. ولإدراكها بأن أفعالها في العالم العربي, من ضمنها دعمها للحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان, لن تمرّ دون حساب, صعّدت إيران من جهودها العسكرية في المنطقة. إذ أطلقت إيران في شهر يونيو من هذا العام أول صاروح باليستي لها على سوريا, بينما قدّمت الولايات المتحدة أدلة على أن الصواريخ التي استهدفت السعودية كانت من صنع إيراني. إن أنشطة إيران الصاروخية في عام 2017 إما قد تؤدي إلى مزيد من التصعيد في عام 2018, أو قد تؤدي لتحركات دولية لكبحها.

من الحماقة  إطلاق تنبؤات في منطقة سريعة التغيّر مثل الشرق الأوسط, لكن المؤكد أن عام 2017 قد مهّد الساحة لعام قادم مليء بالتحديات   
المصدر – ذا ناشونال
                                                                                                     

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا