الصحافة الألمانية|شهادات مؤلمة لناجين من مذابح تيجراي .. وهذا ما حدث للعراق بين بوش الأب والابن

مترجمو رؤية

رؤية

ترجمة – فريق رؤية

عرب إسرائيل بين المبادئ والبراغماتية

نشر موقع “دويتشلاند فونك” تقريرًا للكاتب “تيم أسمان” تحدث عن موقف عرب إسرائيل في الانتخابات المقبلة، ومدى إمكانية تعاون بعض الأحزاب العربية مع حزب الليكود، ومستقبل هذا التعاون وانعكاساته على الأوضاع الصعبة هناك.

وستجرى الانتخابات للمرة الرابعة في غضون عامين، لكن موقف عرب إسرائيل في تلك الانتخابات ربما يكون فريدًا، حيث يحاول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو استغلال أصوات العرب للوصول للفوز، وقد ينجح في ذلك بسبب الغضب الكبير من عرب إسرائيل تجاه نوابهم في الكنيست.

عاصم زارورة، أحد عرب إسرائيل (36 عامًا) مدرس رياضات، ومتزوج وله طفلان، ويعيش في أحد الأحياء العربية يقول: “إن أهم شيء بالنسبة لنا – نحن عرب إسرائيل – هو الوضع الأمني؛ فلقد ناضلنا دائمًا من أجل مكافحة العنف داخل المجتمع، ولكن في الوقت الحالي يبدو أن الوضع مصعب للغاية؛ فكل بضعة أيام وأحيانًا كل يوم نتعرض للعنف، ومن ثَمّ فعلى من يريد أن يمثلنا في الكنيست أن يولي الأولوية القصوى لحل هذه المشكلة.

الوضع خارج عن السيطرة

وتزداد معدلات جرائم العنف بين سكان عرب إسرائيل بشكل كبير؛ ففي العام الماضي كان هناك أكثر من 100 جريمة قتل، ويُسمع في الأحياء العربية دوي إطلاق النار في الشوارع، حيث تقاتل العصابات الإجرامية بعضها البعض، بالإضافة إلى النزاعات الدموية بين العشائر، ولا تستطيع الشرطة الإسرائيلية مجابهة هذه الجرائم العنيفة أو السيطرة عليها، وتُتهم حكومة نتنياهو بإهمال القضية عن عمد. وتابع عاصم قائلا: “كان لديّ آمال كبيرة في القائمة الموحدة للأحزاب العربية، التي حققت نتيجة لافتة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة قبل عام تقريبًا، لكنها فشلت في حل مشاكلنا أو على الأقل المساهمة بسياسات فعّالة على الأرض، بل وانقسمت داخليًّا إلى معسكرين، ومن ثم فلست راضيًا عن أداء القائمة الموحدة، وأعتقد أن معظمنا كذلك.

 وأكد أن القائمة في الانتخابات الماضية حصلت على 15 مقعدًا؛ ما يدل على أنها كانت تنال ثقتنا، وتوقعنا أن يحققوا آمالنا فيما يتعلق بحل مشاكل العنف وتخطيط البناء وتوزيع الأراضي وتأمين مستقبل أطفالنا، ورغم أهمية تضامننا مع الأراضي الفلسطينية، غير أن القضايا الأخرى تُثقل كاهلنا، وهي أكثر إلحاحًا في الوقت الحالي ويجب على ممثلينا أن يضعوا ذلك في الحسبان، وسأصوّت للقائمة المتحدة مرة أخرى، لكن يجب عليهم أن يبذلوا المزيد من أجلنا”.

صعوبة تحقيق طموحات الناخبين

من جانبه يقول السيد “سامي أبو شحادة”، من عرب إسرائيل ويسكن في يافا، وهو عضو في البرلمان الإسرائيلي ورئيس حزب التجمع، أحد الأحزاب الثلاثة في القائمة الموحدة: إن توقعات ناخبينا مرتفعة للغاية، ولن نكون قادرين على تحقيقها أبدًا؛ لأننا نرفض سياسيًّا وعقائديًّا المشاركة في حكومة تُبقي شعبنا تحت الاحتلال وتمارس سياسة عنصرية تجاهنا، ولا نريد أن نتحمل أي مسئولية عن ذلك.

شكوك حول قدرة المعارضة

يمثل عرب إسرائيل حوالي 20% من إجمالي السكان، ويشعر غالبية العرب الإسرائيليين أنهم من الدرجة الثانية، وفي نفس الوقت يشكّك الكثيرون منهم في قدرة المعارضة على تغيير هذا الوضع، ولذلك لجأ حزب القائمة العربية المتحدة الذي كان أيضًا ضمن القائمة الموحدة في الانتخابات الأخيرة في تقارب مع حزب الليكود، الذي يترأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وانفصل عن التحالف مع القوى العربية الأخرى، ودعا الحزب صراحةً إلى اتباع أسلوب البرجماتية لتحقيق أهدافه، ولذلك أعلن عزمه عن دخول الانتخابات القادمة بعيدًا عن القائمة العربية الموحدة، ولا يستبعد الحزب في الوقت نفسه التعاون مع الأحزاب الإسرائيلية اليهودية من حيث المبدأ إذا كان ذلك سيحقق المساواة ويعمل على إنهاء التمييز، أما إذا أصرت الحكومة الإسرائيلية على الحفاظ على الطابع العنصري للدولة تجاه العرب؛ فحينئذ تكون القطيعة والعودة إلى المسار الآخر.

تغيير المسار في حملة نتنياهو

يقوم نتنياهو بحملة انتخابية في المناطق العربية من أجل الحصول على أصواتهم، وقد زار الناصرة ومدنًا عربية أخرى، وأعلن عن استثمارات كبيرة وإجراءات حاسمة ضد الجريمة حال فوزه. ويرى مجدي قاسم، من عرب إسرائيل، 24 عامًا، والذي يعمل وكيلًا للعلاقات العامة، أن الفرصة سانحة أمام عرب إسرائيل من خلال انتخاب حزب الليكود، حيث إن الجالية اليهودية ستصوّت لنتنياهو؛ لذلك يجب علينا أن تتعامل ونتفاوض معه وليس لدينا خيار آخر، وهذه هي السياسة؛ فقد أبرمت مصر اتفاق السلام مع إسرائيل رغم كل الجراح والكراهية والعداوة بين الطرفين، ولكنها السياسة والبرجماتية ولغة المصالح، وقد تعرّض مجدي للإهانة والتهديد بعد إعلان هذا الموقف عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ورغم أنه من غير الوارد أن يحصل نتنياهو على الكثير من أصوات الناخبين العرب في إسرائيل، وأنه من المتوقع أن تستمر القائمة الموحدة في العجز وتصبح أقل تمثيلًا في البرلمان المقبل، ومن ثم تعجز عن تلبية توقعات العديد من ناخبيها، إلا أن التعاون مع نتنياهو يمثل خيارًا قد يغيّر قليلًا من أوراق اللعبة، وقد يعود بمكاسب لعرب إسرائيل إن صدق نتنياهو في وعوده وحالفه التوفيق في الانتخابات المقبلة.

ثلاثون عامًا على غزو الكويت.. كيف تغيرت خريطة الشرق الأوسط والعالم؟

من جانبه، نشر موقع “ديرشتاندر” النمساوي تقريرًا للكاتب “جودرون هارير”، أشار إلى تبعات ونتائج الغزو العراقي للكويت والذي كان من أسوأ الأحداث التي حدثت في القرن الماضي وغيرت خريطة المنطقة والعالم.

وقد انتهت حرب الخليج التي قادتها الولايات المتحدة لتحرير الكويت من غزو صدام حسين في الـ 28 من فبراير 1991 وكادت تنتهي معها الحرب الباردة، وأثارت هذه الحرب اضطرابات في جميع أنحاء العالم (آنذاك) تكاد تشبه الاضطربابات التي تسبب فيها ظهور وانتشار وباء كورونا، الذي تسبب في إغلاق أوبرا فيينا لأول مرة منذ ما يزيد عن 150 عامًا، ولم تحتل أي حرب منذ ذلك الحين مهما كانت قسوتها أو شدتها  – باستثناء المذابح التي حدثت في يوغوسلافيا – أهمية واهتمام العالم مثل حرب الخليج، لكن لماذا نعاود البحث والحديث عن التاريخ؟! لأن التاريخ يعيد نفسه، وما حدث في الماضي يتكرر الآن؛ فسابقًا مثّل العراق في عهد صدام حسين تهديدًا عسكريًّا للخليج بأكمله؛ وبالتالي لأمن النفط في العالم بأسره، وبالأمس القريب مثّل العراق الذي كان محتلًا من التنظيمات الإرهابية بقيادة داعش تهديدًا خطيرًا للعالم مرة ثانية، ومن ثم تحالف العالم لمحاربة هذه التنظيمات كما تحالف سابقا لردع صدام، ولم يكن من قبيل المصادفة أن يقوم مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بتفويض التحالف بالقيام بهذه الحرب، ليس فقط لتحرير الكويت، ولكن أيضًا من أجل “استعادة السلام والأمن العالميين”، وذلك رغم اتهام الولايات المتحدة بأنها هي التي شجعت صدام على غزو الكويت حين أخبرت سفيرة واشنطن صدام حينها بأن واشنطن لا علاقة لها بالخلافات العربية الداخلية.

ردع صدام وليس إسقاطه

وهناك مؤشرات تدعم السيناريو الأخير، حيث لم تكن واشنطن ترغب في إسقاط نظام صدام عقب حرب الخليج، ومن ثم كان هناك ضرورة لعنصر المفجأة، لكن حين أرادت الولايات المتحدة بالفعل إسقاطه ادّعت بأن نظامه لديه أسلحة نووية يجب نزعها؛ لأنها تمثل تهديدًا للعالم، ومن ثم استطاعت القضاء عليه.

وربما كانت واشنطن تريد أن تفاجئ صدام ولذلك لم يسقط في الفترة من 16 يناير وحتى 28 فبراير 1991، لكنه سقط بعد اندلاع حرب العراق في 2003، واستخدمت واشنطن حينها برامج أسلحة الدمار الشامل ذريعة لغزو العراق، ورغم أن نظام صدام كان يقوم بالفعل بتطوير التسليح للجيش العراقي منذ نهاية الحرب مع إيران عام 1988، حيث أطلق برنامج الأسلحة والصواريخ  ABC(ذري بيولوجي كيميائي) في التسعينيات، لكنه في النهاية لم يكن يملك بالفعل أسلحة ذرية أو قنبلة نووية، أو حتى كان بمقدوره تصنيعها محليًّا رغم امتلاكه لبعض المفعالات النووية السرية بالفعل.

وكما هُزم العراق في حرب الخليج هزُم في حرب عام 2003، وبثت وسائل الإعلام صورًا للهجوم على الهواء مباشرة وكأنها ألعاب نارية قاتلة فوق بغداد، وبدا الجيش العراقي في الحربين عاجزًا تماما من الناحية العسكرية. وفي غضون أيام قليلة جرى تدمير الدفاع الجوي؛ ومن ثم بدأت الكويت الحرب البرية لتحرير أراضيها، ولم تمر سوى أيام حتى بدأ العراقيون في الانسحاب وأعلنوا الاستسلام في حرب الخليج، وكذلك الحال في حرب 2003 رغم أن العراق لم يكن خصمًا ضعيفًا؛ فقد كان بحوزته صواريخ سكود التي كان يهدد بها إسرائيل وجيرانه من العرب.

ذروة الحرب الباردة

مثلت حرب الخليج بداية النهاية للاتحاد السوفيتي وذروة الحرب الباردة في نفس الوقت، فلم يكن من الممكن أن تنشر الولايات المتحدة مئات الآلاف من الجنود في الشرق الأوسط في ظل وجود الاتحاد السوفيتي، وإلا كانت هناك مخاطرة حقيقية واحتمالية لاندلاع حرب عالمية، لكن الواقع السياسي كان مختلفًا بالفعل، حيث نجح الرئيس الأمريكي “بوش الأب” في كسب تأييد ميخائيل جورباتشوف، آخر رئيس للاتحاد السوفيتي، ليكون حليفًا له في مجلس الأمن التابع للأمم المتحد؛ فقد صوّتت موسكو في 29 نوفمبر 1990 لصالح القرار 678 الذي ينص علىى إعطاء صدام إنذارًا ومهلة حتى 15 يناير 1991، وإلا فإن المجتمع الدولي سيستخدم “جميع الوسائل الضرورية”، بما في ذلك القوة العسكرية، لطرده من الكويت، وذلك رغم امتناع الصين عن التصويت واعتراض اليمن ضد القرار.

هزيمة مدمرة

كانت هزيمة صدام حسين في التسعينيات مدمرة، ومثّل ذلك بداية الغضب بين الجنود ضد صدام والتي استغلها (بوش الابن) لاحقًا وقام بتوزيع منشورات لتشجيع العراقين على الثورة ضد نظام صدام، لكن الإدارة الأمريكية كانت تخشى من تكرار التجربة الإيرانية وضياع مصالحها في العراق كما حدث في إيران بعد الثورة الإيرانية، وهو ما يفسر سياسة “الاحتواء المزدوج” لإيران والعراق من قِبل واشنطن، حيث كان وضع صدام “المجمد” مفيدًا كضامن ضد نفوذ إيران في العراق، ولذلك في عام 2003 عندما أطاح بوش الابن بصدام حدث ما كان يخشاه والده (بوش الأب) وفقدت واشنطن بالفعل سيطرتها على العراق على مدار السنوات التالية، وتحولت نظرة الكثير من العراقيين نحو واشنطن؛ فصارت قوة احتلال ومن ثم بدأو يقاتلون القوات الأمريكية هناك؛ ما أدى في النهاية إلى إعلان واشنطن سحب قواتها من العراق تدريجيًّا دون تحقيق أيٍّ من أهداف السابقة.

مجازر الحكومة الإثيوبية في إقليم تيجراي مستمرة

نشر موقع “شبيجل” تقريرًا للكاتب “فريتز شاب” حول المجازر والمذابح التي ارتكبتها القوات الإثيوبية والإرتيرية في إقليم تيجراي، وأشار إلى أن تقارير الأمم المتحدة أفادت بوجود المئات من حالات الاغتصاب والتطهير العِرقي والقتل والجرائم التي تكاد تصل لجرائم الإبادة الجماعية، لا سيما في منطقة أكسوم.

وقد بدأت القوات الإثيوبية في نوفمبر الماضي هجومًا عسكريًّا على الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، التي كانت تسيطر على شمال إثيوبيا، وقام الهجوم على خلفية رفض المجلس الفيدرالي نتيجة الانتخابات في الإقليم والتي أسفرت عن تولى رئيس الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي حكم الإقليم، وظلت الأوضاع منذ إعلان الحرب على الإقليم غير معلومة بسبب قطع الاتصالات وعدم إمكانية وصول منظمات الإغاثة والصحفيين، لكن مؤخرًا أعيدت الاتصالات وظهرت الجرائم وأصبحت الصورة أكثر وضوحًا. وتتزايد الآن التقارير التي تؤكد وقوع أعمال نهب واغتصاب وإعدام ومذابح جماعية على أيدي القوات الإريترية، لدرجة وصلت للإبادة الجماعية في مملكة أكسوم.

ومنذ بداية هذه الحرب، يعتمد مئات الآلاف من الأشخاص في تيجراي على المساعدات الإنسانية، ووفقًا لمنظمة اليونيسيف فإن الإقليم يعيش به نحو 220 ألف نازح؛ معظمهم من النساء والأطفال، ومع ذلك لم تستطع منظمات الإغاثة حتى الآن دخول الإقليم بسبب الوضع الأمني والعقبات البيروقراطية رغم تأكيد الحكومة الإثيوبية مرارًا على السماح للعاملين في المجال الإنساني والصحفيين بدخول الإقليم.

كما أفادت تقارير مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان (OHCHR) التابع للأمم المتحدة عن وجود المئات من حالات الاغتصاب، وقالت السيدة “ميشيل باشليت”، مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان: إن الحوادث التي جرى الإبلاغ عنها أقل بكثير من الحوادث التي تقع بالفعل، وتابعت بأن جرائم القتل خارج نطاق القانون ما زالت مستمرة، وأن التحليل الأولي للمنظمة يشير إلى احتمال ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من قِبل القوات المسلحة الإثيوبية وجبهة تحرير تيجراي الشعبية والقوات المسلحة الإريترية والميليشيات المشاركة، واختتمت “باشليت” حديثها بأنه بدون تحقيقات سريعة ونزيهة وشفافة، وكذلك محاسبة المسئولين، ستستمر الانتهاكات دون رادع.

الهروب من الموت

تمكنت صحيفة “دير شبيجل” من التحدث مع بعض الرجال والنساء الفارين إلى الحدود مع السودان من شهود العيان الذين نجوا من المذبحة، وقورنت تصريحاتهم بالتقارير التي توصل إليها باحثون أوروبيون، والتي تتزامن مع تقرير من منظمة العفو الدولية، وتؤكد هذه التقارير جميعها ارتكاب جرائم حرب قاسية وجرائم ضد الإنسانية تحول معها الإقليم إلى مسلخ تكدست شوارعه بالجثث. ويبدو أن مذبحة أكسوم هي أسوأ الجرائم المعروفة التي ارتكبتها القوات الإريترية في شمال إثيوبيا، ولعل ذلك له علاقة بالعداء التاريخي بين الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي وبين القوات الإريترية التي يقودها الديكتاتور أسياس أفورقي.

يقول مخائيل، الشاب الذي يبلغ من العمر 16 عامًا، وهو من سكان مملكة أكسوم، إن الرعب بات يخيم على المملكة التي تعد مركزًا للمسيحيين في إثيوبيا، وكأن الأمر أشبه بكابوس؛ فالقتل في كل مكان والجثث والأشلاء تتطاير، ولا صوت يعلو فوق صوت البنادق والرشاشات، وكنت في طريقي عائدًا من الكنيسة عندما أطلقت الأعيرة النارية في أنحاء المدينة في 28 نوفمبر 2020؛ فركضت إلى منزلي واختبأت بينما بدأ الجنود الإريتريون في الهجوم والبحث من منزل إلى منزل، يقتلون كل من يقابلهم بشكل عشوائي، وخاصة الشباب في الشوارع وعلى المنازل وشاهدتهم أيضًا يطلقون النار على جارتي بجوار أطفالها.

بينما تقول فرانزيسكا أولم- دوسترهوفت، ممثلة إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “إن مدى العنف الذي يمارسه الجيش الإريتري لا يمكن تصوره. وبصرف النظر عن متابعة المجتمع الدولي لما يجري في تيجراي فإنه قد جرى بالفعل ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”. كما قال لاجئ آخر إنه رأى امرأة كانت تحمل طفلها على ظهرها وقد أصيبت في ظهرها بشظية أودت بحياتها وحياة طفلها، فيما تحدثت امرأة ناجية عن مشاهد الهروب للنساء مع أطفالهن تحت نيران المدفعية الثقيلة، وتابعت بأنه بعد فترة وجيزة من دخول القوات الإريترية المدينة قاموا بنهب المتاجر والمنازل والسيارات.

جورباتشوف.. بطل في ألمانيا يحتقره الروس

نشر موقع “تي أون لاين” مقالًا للكاتب “فلاديمير كامينر” لفت إلى موقف الألمان والروس من الرئيس الأخير للاتحاد السوفيتي “ميخائيل جورباتشوف”، الذي احتفت ألمانيا بعيد ميلاده التسعين من خلال تدشين نصب تذكاري يخلد ذكراه في أحد الميادين الألمانية الشهيرة، وفي المقابل يتعرض جورباتشوف للانتقاد والسخرية من كبار السياسيين والكتّاب الروس، وفي مقدمتهم الرئيس فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرجي لافروف.

ويبدو أن الألمان ممتنون لجورباتشوف حتى يومنا هذا، لأنه بدونه لما كانت هناك وحدة في ألمانيا، لكن في نفس الوقت يتعرض الرئيس السوفيتي السابق للانتقادات والسخرية من أبناء وطنه وبني جلدته.. فلماذا يحدث ذلك؟!

ولكي يستطيع المرء أن يرى تغيرًا في روسيا أو يعاصره، يجب أن يتمتع بالعمر المديد كما يقول الروس، وليس ذلك في مقدور أحد، فأعمار الروس ليست كبيرة لهذه الدرجة، خاصة إذا ما كانوا حكامًا أو مسئولين في هذا البلد، لكن جورباتشوف يعد واحدًا من القلائل الروس الذين تخطو التسعة عقود من العمر، حتى أنه دخل بذلك موسوعة جينيس للأرقام القياسية باعتباره الرئيس الأطول عمرًا للاتحاد السوفيتي، أو حتى بين رؤساء روسيا؛ حيث تخطى جورباتشوف عمر “ألكسندر كيرينسكي”، الذي تولى رئاسة الحكومة الانتقالية بعد ثورة أكتوبر في روسيا، ثم انتقل بعد ذلك إلى الغرب وتوفي في أمريكا عن عمر يناهز 89 عامًا، وهؤلاء يمثلون استثناءً في روسيا، حيث لا يصل المسئولون التنفيذيون في روسيا عادة إلى سن التقاعد، بل يموتون قبل ذلك.

كما أن غالبية السياسيين الروس عادة ما يحظون بالتكريم في بلادهم، في حين يتم انتقادهم من الخارج، على عكس جورباتشوف أيضًا الذي يعدّ أول رئيس للاتحاد السوفيتي، والذي نهض بروسيا كثيرًا وأصبح أكثر شعبية في الغرب منه في وطنه؛ حيث يحمِّله الكثير من الروس المسئولية عن انهيار الإمبراطورية السوفيتية العظيمة من خلال تبنيه لمفهوم الاشتراكية الإنسانية التي جاءت نتائجها لصالح الغرب وعلى حساب المصالح الروسية بشكل خاص، وقد أثارت دعوات جورباتشوف آمالًا كاذبة تسببت في خيبة أمل مريرة.

ومثّل صمت جورباتشوف على كارثة مفاعل تشيرنوبيل صدمة وتسبب في الوقت نفسه في إثارة الشكوك حول مصداقيته، حيث إنه كان يدعو إلى (الجلاسنوست) الشفافية في السياسة والإعلام، في حين أنه حاول التستر على هذه الكارثة لفترة طويلة، ورغم تلك الأخطاء التي ارتكبها، غير أنه لا يزال حتى اللحظة السياسي الأكثر بروزًا في روسيا؛ لأن سياسته أحدثت تغييرات في بلد لم يحدث فيه شيء منذ زمن طويل.

وقد تناقلت وسائل الإعلام تقارير عن إنتاج الحليب ومحاصيل القمح وصواريخ تحمل رواد الفضاء، بالإضافة إلى الحرية التي نتج عنها ظهور بعض المظاهر مثل زواج المثليين، حتى أن شخصية جورباتشوف نفسها كانت مختلفة مقارنة بالشخصية الروسية المعهودة آنذاك؛ فقد كان مبتسمًا، كما كان يمكنه التحدث ارتجالًا دون أوراق، وهو ما لم تستطع القيادة السوفيتية قبله أن تصنعه في السابق، ووصل الأمر إلى أن المزحة الأولى في روسيا كانت: “من يدعم جورباتشوف؟ لا أحد”، إنه فريد في كل شيء، وكأنه لا ينتمي للروس أصلًا!

ولم يقتصر الأمر على شخصية جورباتشوف فقط، فقد كان لديه زوجة جميلة جدًّا وعلى عكس أسلافها من زوجات رؤساء الاتحاد السوفيتي، حيث كانت تهتم بمظهرها، وترتدي أحدث الفساتين والملابس العصرية، حتى غدت نجمة تقلدها الروسيات في قصة شعرها. هذه نماذج من أساليب السخرية والتهكم من قبل الشعب الروسي ضد جورباتشوف وتعكس بالفعل سخط الشعب الروسي عليه وتحميله مسئولية ضياع الإمبراطورية السوفيتية؛ فهو الذي سمح للرئيس “وريس يلتسين” بالانفصال عن الاتحاد والاستقلال، كما تسبب بالفعل في تفككه وانهياره رغم أنه كان بمقدوره استخدام القوة لمنع “يلتسين” من فعل ذلك، وهذا ما كان سيفعله أي رئيس روسي آخر، لكن جورباتشوف استقال وغادر ليؤكد أنه جدير بالسخرية التي تلاحقه حتى الآن من قِبل الشعب الروسي قيادةً وشعبًا.

 وبعد كل هذه الأخطاء الكارثية في حياته السياسية، لم يكتف جورباتشوف بذلك؛ بل أبى إلا أن يؤكد للشعب الروسي أنه جاء لعالم السياسة بالخطأ، وأن الأولى به أن يكون ممثلا؛ فكيف لرئيس الاتحاد السوفيتي أن يقوم بالدعاية والإعلانات لـ”بيتزا هت”، وكيف لزوجته أن تقوم هي الأخرى بالدعاية والإعلان لشركة لويس فيتون.. أليس ذلك مدعاة للسخرية والنقد كما يصنع الروس الآن! فماذا قدّم للروس؟! بينما ألمانيا من حقها أن تفتخر؛ ففي ظل رئاسته للاتحاد السوفيتي سمح للألمان بعبور السور وتوحيد ألمانيا رغم أنه كان يستطيع بسهولة أن يبقي الحال كما كان عليه، غير أنه لم يصنع!

ربما يعجبك أيضا