الصحافة الألمانية|ماذا جنت إيران بعد 40 سنة من حكم الملالي؟ وثورة جياع في تركيا

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – عماد شرارة
 
أربعون سنة مرت على نظام الملالي.. فكيف ضاعت حقوق المرأة هناك؟
 
نشرت صحيفة “بيلد” تقريرًا للكاتب “أنتيجا شيبمان” قارن بين وضع المرأة في فترة الشاه بإيران، وبين وضعها بعد الثورة الإيرانية، ولفت التقرير للحديث عن معاناة النساء الإيرانيات لاستعادة حقوقهن المسلوبة في ظل استيلاء نظام الملالي على السلطة في هذا البلد.
 
وأضاف التقرير أنه في ظل نظام الشاه الوحشي كان بإمكان النساء العمل واللباس بحرية والاستحمام على الشواطئ المفتوحة، كما هو الحال في باريس وميلانو، لكن أصبحن لا يستطعن فعل هذا الآن بسبب نظام القمع الإيراني، ففي مارس 1979م أعلن آية الله الخميني أنه لن يسمح للنساء من الآن فصاعدًا، أن يذهبن للعمل بغير حجاب؛ ما تسبب في إشعال عاصفة من الغضب بين الإيرانيات اللاتي خرجن من جميع التيارات السياسية إلى الشوارع في اليوم التالي، ليكون هذا هو الاحتجاج الأول ضد الحكومة الإسلامية الجديدة بقيادة الخميني.
 
الأستاذة الجامعية هايدي دراجهي (69عامًا) عاصرت هذا الحدث، الذي كان في 8 مارس 1979، تقول: “أردنا أن نحتفل باليوم العالمي للمرأة في الشارع في 8 مارس، ولكن بعد إعلان الخميني كان الاحتفال مريرًا، كنا نودّ أن ننطلق من الجامعة، ولكن جاءت القوات ومنعتنا من ذلك، وأخذنا نصرخ ونقول: هذه الحرية التي وعدتنا بها، هل هذا ما ناضلنا من أجله؟!”.
 
وتابعت: “حينها هجم علينا أنصار الخميني وأطلقوا علينا النار، ولم نخف، فقد أمدتنا الثورة آنذاك بأملٍ عظيم، لكننا شعرنا أن هذه بداية لحقبة سيئة جدًّا، ويجب علينا أن ندافع عن أنفسنا وإلا سنُحرم من الكثير والكثير من حقوقنا، ولمدة ستة أيام تتظاهر النساء في طهران، ويصرخن: الحرية أو الموت!”.
 
 وأشار التقرير إلى أن الثورة لا معنى لها بدون حرية المرأة!، وللمرة الأولى منذ الثورة رفُع شعار: يسقط الخميني!، حتى النساء المتدينات، اللاتي كن يرتدين الحجاب كنَّ يتضامن ويهددن بالخروج إذا استمر الخميني في فعل ذلك. وقد أعلن الخميني أنه لن يفرض الحجاب، ولكن ما لبث أن قام بفرضه، لقد كان كاذبًا!
 
وتابع البروفسورميخائيل فولفشون الحديث عما جناه العالم بعد مرور أربعين سنة على نظام الملالي في إيران، وذكر أن واشنطن فقدت نفوذها في هذه المنطقة بعد سقوط نظام الشاه، كما باتت أذرع إيران في المناطق السنية تُشكّل لغمًا يمكن أن ينفجر في أي وقت، بل أصبح النظام الإيراني خطرًا يهدد أوروبا أيضًا؛ فهناك العديد من الجرائم التي يقف وراءها الحرث الثوري الإيراني، تتم على الأراضي الأوروبية، ما يمثل عدوانًا صارخًا وتهديدًا لسيادة هذه الدول.
 
وفي ذات السياق، أشار موقع “نيور تاج” إلى  أخطاء اليسار الإيراني التي أدت إلى استيلاء نظام الملالي على السلطة، وسرد مساوئ هذا النظام على مدار هذه الحقبة التاريخية. وقال إنه في الخفاء يصنع كل شيء؛ الجنس، والمخدرات، حتى اقتصاد هذا البلد الغني يجري في سراديب؛ ففي حين أن حسابات الملالي والجنرالات ممتلئة، فإن عامة الإيرانيين يعانون من وضع اقتصادي سيئ، أدى في النهاية إلى ظهور العديد من الاحتجاجات والمظاهرات التي تُقمع بالقوة من قِبل النظام.
 
بداية النهاية للثورة الإيرانية
 
أما موقع “دويتش فيلله” فنشر تقريرًا للكاتب “توماس لاتشان” تحدث عن الأزمات الاقتصادية والتفاوت بين الطبقات الذي كان ضمن الأسباب المهمة لنشوب الثورة الإيرانية، والتي جرى استغلاله من قبل نظام الملالي، لا سيما بعد الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت ثماني سنوات، ويؤكد التقرير أن الشعب الإيراني لم يعد يُخدع بشعار الدين كما كان من قبل، وأصبح بالفعل يرغب في التغيير.
 
رحيل الشاه
 
في البداية كان هناك زخم من جميع الحركات غير المتجانسة للغاية، سواء الشيوعيين أو القوميين أو الليبراليين أو القوى الدينية، وكان القاسم المشترك هو إسقاط الشاه؛ فقد ظل يحكم لمدة 25 عامًا بدعم من واشنطن حتى صار ديكتاتورًا في الداخل ودُمية في الخارج، وفي الوقت نفسه اتسعت الفجوة بين الأغنياء والفقراء بشكل غير معقول؛ ففي الريف الإيراني كان يعيش الملايين من الإيرانيين تحت خط الفقر، في حين كانت تعيش نخبة صغيرة حول الشاه حياة الرغد والسعة.
 
ربيع الحرية القصير
 
يقول “رضا هاجاتبور”، الذي بدأ دراسته في عام 1978 في كلية الدراسات الدينية في خوم، وأكمل دراسته في جامعة إيرلانغن: “لحق الإسلاميون بالثورة، حيث كان آية الله “روح الله الخميني” يُمثل زعيمًا روحيًا لهم، وكان الخميني مُعارضًا شرسًا للشاه، في حين كان العديد من رجال الدين في إيران لا علاقة لهم بالسياسة”. ووعد الخميني بمساعدة الفقراء وإنهاء الحياة الفاخرة للنخبة التي كان يُنظر لها على أنها نتاج للانحطاط الغربي، كما وعد بتغير ثقافي كامل نحو بناء جمهورية إسلامية، وقد تبعه الإيرانيون بحماس، ففكرة الجمهورية كانت تبدو جيدة، والجميع يدين بالإسلام؛ فهذا أمر حسن، ونحن أيضًا بلد إسلامي؛ ولم يكن يعلم أحد أن الهدف هو الأسلمة الكاملة للبلاد.
 
 وهكذا بدا الأمر في البداية، وكأن هناك تعاونًا بين الملالي والليبراليين، ففي 1 فبراير 1979 عاد الخميني من المنفى وبعد أربعة أيام فقط عيّن السياسي الليبرالي “مهدي بازركان” رئيسًا للحكومة الانتقالية، وخلال فترة ولايته بدا من الواضح أن هناك خلافات بين رجال الدين والقوى الليبرالية، واستخدم أتباع الخميني جميع أساليب الشاه الوحشية، وبدأوا في التحول إلى نظام اجتماعي إسلامي بحت.
 
لقد استطاع الشاه وحاشيته تفكيك المجتمع، ولذلك لم يكن الإسلاميون فقط، بل جميع التيارات متحدة من أجل رحيل الشاه، ومن ثمَّ وجد الخميني الأرض خصبة للتغير الثقافي، وبأغلبية كاسحة صوت الشعب الإيراني في ديسمبر 1979 لإجراء استفتاء على دستور إسلامي جديد، تم تصميمه بالكامل للزعيم الأعلى الخميني.
 
زعيم ديني قوي ورئيس ضعيف
 
بعد حرب العراق استغل أنصار الخميني الوضع واتهموا الرئيس “أبو الحسن بني صدر” بالضعف والعجز في قيادة هذه الحرب، وأنه يتحمل المسئولية الأكبر في الهزائم التي تعرض لها الجيش الإيراني، ولذلك تم عزله من قبل البرلمان في 21 يونيو 1981، وبذلك صار الطريق مفتوحًا أمام نظام الملالي، ومنذ تلك اللحظة بدأت العديد من موجات الإعدام، ولم يتغير الكثير في النظام السياسي.
 
 فحتى اليوم لا تزال خيوط اللعبة في يد المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، ولا يملك الرئيس روحاني أن يقرر أي شيء دون موافقة المرشد على الرغم من أن المرشد نفسه لم يعد يتمتع بنفس القوة التي يملكها قبل ذلك؛ فقد أصبح الجميع يرغب في التغيير، لكن الأمر لم يعد يتعلق بالمعارضة بين الشعب ورجال الدين بقدر ما يتعلق بالصراع الاجتماعي بين المتضررين من العقوبات وزيادة معدل البطالة، وبين الذين لا يزالون ينتفعون من النظام الحالي.
 
أوروبا تتحايل على العقوبات الاقتصادية ضد إيران
 
نشر موقع “هاندلسبلات” تقريرًا تحدث عن تحايل أوروبا على العقوبات الاقتصادية ضد إيران ورغبتها في إنقاذ الاتفاق النووي، حيث قامت بروكسل بإنشاء شركة تتولى تحويل الأموال بين إيران وبين دول الاتحاد الأوروبي، التي ما زالت تتعامل في السوق الإيراني بعد العقوبات الاقتصادية الأمريكية الأخيرة، ويريد الاتحاد الأوروبي أن يرسل رسالة لواشنطن مفادها: إننا مُصممون على الحفاظ على مصالحنا الاقتصادية حتى مع إيران. هكذا تريد أوروبا التحايل على العقوبات الأمريكية ضد إيران.
 
وقد أسست بروكسل وألمانيا وبريطانيا نظامًا للتحايل على العقوبات الاقتصادية الأمريكية ضد إيران، كما أكد وزير الخارجية الألماني “هيكو ماس” أنه جرى تأسيس شركة لتسوية المعاملات التجارية بين دول الاتحاد وإيران، وذلك بعدما أحجمت البنوك الخاصة عن تحويل الأموال خوفًا من العقوبات الأمريكية. وتهدف بروكسل من هذا الإجراء إلى إنقاذ الاتفاقية النووية الدولية مع إيران.
 
 وتم تصميم هذا النظام للتحايل على العقوبات الأمريكية وتمكين الشركات الأوروبية من التعامل مع إيران على الرغم من العقوبات الأمريكية الصارمة. وهذا الشركة توفّر نوعًا من التبادل بين الدول الأطراف بحيث يمكن تسوية نسبة التبادل التجاري للشركات الأوروبية والإيرانية بخصوص السلع المتفق عليها بين الجانبين، وبذلك يتم تقويض العقوبات الأمريكية ضد نظام الدفع لإيران.
 
ولا يزال من غير الواضح معرفة موقف واشنطن من هذه الخطوة، حيث أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو سابقًا أن بلاده لن تتسامح مع التحايل على نظام العقوبات المفروضة على إيران. وبخصوص قدرة هذه الشركة على حل الأزمة، فما زال من غير المؤكد أن تُفلح في هذا؛ فالأوربيون عاجزون حتى اللحظة عن حماية شركاتهم من العقوبات الأمريكية، ولذلك تُعد هذه الوسيلة فاعلة فقط للشركات التي قررت البقاء في السوق الإيراني، ولا تخشى في نفس الوقت الاستبعاد من السوق الأمريكي.
 
 
الصراع على الحجاب بين الأجيال في تركيا
 
أما موقع “ذوود دويتشا تسايتونج” فنشر تقريرًا للكاتبة “كريستيان شلوتسر” لفت إلى حملة منتشرة في تركيا لخلع الحجاب، والصراع الناشئ بين الأجيال في الأسرة الواحدة، حيث تُقبِل كثير من الفتيات على تصوير أنفسهن بصورتين؛ واحدة بحجاب والأخرى من دونه؛ للتعبير عن رفض الحجاب وعدم الانصياع لرغبة الآباء في هذا الأمر، وهذه الحملة قد تبناها حزب الشعب الجمهوري هناك. منذ فترة كانت بعض النساء تناضل من أجل ارتداء الحجاب والآن يخلعنه وتبدو الحكومة المتحفظة مندهشة من هذا الأمر، فعندما نشرت الفتاة التركية “ليفيفا أونال” مؤخرًا صورتين على تويتر، علق البعض: “إلى الجحيم”، وكانت الصورة الأولى بالحجاب، والثانية بغير الحجاب، وقالت: “يجب على الجميع أن يقبل ويحترم ما تريده المرأة لا ما يريده الآخرون”، وحصلت هذه التغريدة على دعم عشرات الآلاف من المعجبين بشجاعتها.
 
طبيبة أسنان تحذف “تويتة” ثم تعيد نشرها
 
“ليفيفا أونال” ليست المرأة الوحيدة التي نشرت مؤخرًا صورة مزدوجة، بل هناك حركة صغيرة في تركيا دشنت حملة: هاشتاجات: “عشر سنوات من التغير”، و”سنة من التغيير”، و”لن تسيري وحدك”، و”طيلة ثلاث سنوات”، وكل هذه الحملات والهاشتاجات كانت تتعلق بفتيات نزعن الحجاب.
 
وفي دراسة لمعهد كوندا للأبحاث الشهير في عام 2018 تبين أن 93% من الأتراك الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عامًا يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، على خلاف الآباء الذين يستخدمون التليفزيون والصحف؛ فهذه هي الأهم من وجهة نظرهم، وهذا يثبت أن طريقة التفكير بين الجيلين أضحت مختلفة تمامًا.
 
ونشرت “بشرى سيبسي” قصتها، فقد كانت تعمل صحفية وناشطة في حركة “النساء الشابات”، وفي عام 2018 كتبت مقالات عدة عن الصراعات الأخلاقية للإناث في محيط الأسرة، ولكن عندما قررت أن تخلع الحجاب وتنشر صورها على “تويتر”، نصحها الكثير من الرجال بعدم الإعلان عن ذلك، لكنها لم تفعل؛ فهي تعمل في محطة تلفزيونية صغيرة في اسطنبول وتريد أن تخبر النساء الأخريات، اللاتي اتصلن بها، أنها خلعت الحجاب مرة أخرى، وكان رد الفعل قويًّا لدرجة أنها ما كانت تستطيع الخروج من المنزل. لقد زاد العنف ضد المرأة في السنوات الأخيرة، ويتجاهل الحزب هذا الأمر، وقد خاب أمل النساء في هذا الحزب؛ فالرجال يهتمون بأمر الحجاب ولا يهتمون بمن يرتدين هذا الحجاب، وكانت بعض الفتيات يستخدمن حسابات وهمية لتجنب الإهانة وبسبب الخوف من ردود الأفعال.
 
الغضب يجتاح تركيا بسبب نقص الخضروات وارتفاع أسعارها
 
نشر موقع “ذوود دويتشا تسايتونج” تقريرًا للكاتبة “كريستيان شلوتسر” أشار إلى استمرار الأزمات الاقتصادية المتتالية في تركيا، والتي تتمثل في نقص وندرة الخضروات وارتفاع أسعارها، وسرد التقرير موقف الاقتصاد من حيث استمرار أزمة التضخم حتى بعد رفع العقوبات الأمريكية، وأثر ذلك على مكانة حزب العدالة والتنمية، والذي سيظهر في نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة.
 
فقد أعلن محافظ البنك المركزي في إسطنبول “مراد تشيتينكايا” أن نسبة التضخم ستنخفض في عام 2019 إلى 14.6 %، لكن لا يزال هناك الكثير من أجل تحقيق ذلك، ففي عام 2003 حين جاء حزب العدالة والتنمية المحافظ بقيادة أردوغان إلى السلطة، كان التضخم أكثر من60 %، بينما عاد التضخم في عام 2018 حينما تراجعت قيمة الليرة مقابل اليورو والدولار ليكون 20.3 %.
 
وفي الحياة اليومية لا يرى العديد من الأتراك أي تحسن؛ بل على العكس تظهر الأزمات تباعًا؛ فسعر البصل المرتفع جدًّا تسبب في أزمة عمت البلاد، وجرى تفتيش المستودعات بزعم التلاعب في الأسعار، ولذلك قرر التجار عدم بيع الخضروات الغالية مثل الباذنجان والفلفل، وهما من الأساسيات ولا يمكن الاستغناء عنهما، وأصبحت تعاني الكثير من الأسواق التركية في الآونة الأخيرة من نقص الحاجات الأساسية، ولا سيما في الأماكن محدودة الدخل، ما ينبئ بثورة جياع تلوح في الأفق، ووفقًا لما صرح به رئيس جمعية تجار التجزئة “مصطفى تونبلك” لصحيفة “حريت ديلي نيوز”؛ فإن السبب في ذلك هو خوف التجار من المساءلة، حيث هدد “أردوغان” بمُحاكمة المتلاعبين بالأسعار، ولذلك يُضرب التجار عن شراء السلع الغالية من الأساس حتى لا يكونوا عُرضة للمُساءلة القانونية.
 

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا