الصحافة الألمانية | نصف الأتراك إرهابيون عند أردوغان.. والصين على خطى روسيا في المراوغة والتدليس

مترجمو رؤية

رؤية

ترجمة – فريق رؤية

في عهد أردوغان.. تركيا تسجل أرقامًا قياسية سلبية

نشر موقع “فرنكفورتر ألجماينا” تقريرًا للكاتب “بولنت موماي” أشار إلى تحقيق تركيا للأرقام القياسية، لكن في الاتجاه المعاكس، حيث يؤكد موماي أن تركيا في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان باتت ضمن الصفوف الأولى في العالم من حيث امتلاك رئيسها لعدد من الطائرات الخاصة، والتي تصل لثماني طائرات، كما يزعم أردوغان من خلال اتهاماته لخصومه ومعارضيه أن تركيا بها ما لا يقل عن أربعين مليون إرهابي.

وتنحدر تركيا يومًا بعد يوم على يد السلطة الحالية في جميع الاتجاهات؛ فقد تراجعت البلاد عشرات الخطوات فيما يخص قائمة الدول الأكثر احترامًا للقانون، ليصل ترتيبها في القائمة عند المركز الستين، كما أنها باتت تحتل المركز الـ 118 في قائمة الدول الأكثر اهتمامًا بالتعليم، بالإضافة إلى السقوط في المنحدر عند المرتبة 154 فيما يخص مؤشر حرية الصحافة العالمي، وليس هذا فحسب، بل إن أنقرة بلغت مراتب متقدمة جدًّا تصل للمركز الأول، ولكن في الاتجاه المعاكس، حيث باتت ضمن قائمة الدول التي تحقق أعلى معدل للتضخم بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومجموعة العشرين.

كما تحتل أنقرة الآن الصدارة بالفعل، لكن فيما يتعلق بالفساد واستغلال السلطة، ولا يوجد منافس آخر حتى الولايات المتحدة، باتت خلفنا بمراحل؛ فالرئيس التركي الحالي لديه أربع أضعاف ما لدى الرئيس الأمريكي. إن المسار الاقتصادي الذي ينتهجه أردوغان يُسخِّر كل إمكانات الدولة التركية لصالح الحزب الحاكم وأنصاره، فقد نجحت خمس شركات من شركات الإنشاءات التركية في الحصول على استثمارات تصل إلى 120 مليار يورو بعد مناقصات وهمية كانت مصممة على هذه الشركات الخمس المحسوبة على النظام لتحرم عشرات الشركات الأخرى التي لا توالي النظام.

 هذه الشركات التي يقول أردوغان إنها شركات محلية تستثمر في بناء طرق جديدة وجسور وسدود ومهابط طائرات، ومشاريع عملاقة ستظل تستنزف أموال الشعب لسنوات، وسيظل يدفع أحفادنا أموالًا لهذه الشركات تقدّر بأضعاف هذه المبالغ، لكن كيف؟ ولماذا هذه الشركات الخمس فقط؟ رغم أننا نعلم جميعًا من يقف بالفعل وراء تلك الشركات، ولمن ستذهب الـ 120 مليار يورو بالفعل، ومع ذلك فإنه لا يخفى على أحد كيفية حصول الشركات على العقود العامة، خاصة بعد تعديل قانون المناقصات منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة من أجل تدفق المليارات إلى جيوب بعض مقاولي البناء، الذين يدفعون الرشاوى عبر تمويل حملات الدعم لأردوغان من خلال الأجهزة الإعلامية التي تمتلكها هذه الشركات أو عن طريق تمويل وسائل الإعلام القريبة من حزب العدالة والتنمية من خلال الإعلانات.

حظر النشر

لكن ماذا لو حدث وتغيرت الحكومة الحالية في تركيا؟ فهل يمكن تغيير شروط العطاءات التي تلزم الأجيال القادمة بسداد ديونها؟ هذا سيكون من الصعب؛ بل من المستحيل، لأنه في حالة النزاع بسبب المشاريع التي تضمنها الدولة، تكون المحاكم البريطانية وليست المحاكم التركية هي صاحبة الاختصاص في الفصل في هذا النزاع! ومن ثم استطاع أردوغان أن يعارض قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بالإفراج عن السياسي الكردي صلاح الدين دميرتاس قائلاً: “ليس من حق المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إصدار أحكام بدلًا من محاكمنا”، وذلك على الرغم من أن الدستور التركي يُلزم أردوغان بتنفيذ قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، إلا أنه استطاع أن يعارض حكم المحكمة لأن الأمر يتعلق بقضايا حقوق الإنسان. أما فيما يخص النزاعات المالية فلن يستطع أردوغان الاعتراض، بل يعلم يقينًا أنه سيضطر في النهاية للجوء للمحاكم البريطانية، لأنها ببساطة صاحبة الاختصاص الأصيل في هذا الشأن وليست المحاكم التركية، كما هو الحال فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان.

أما فيما يخص المناقصات والعطاءات فلا ينبغي الحديث عن إنشاء مشاريع عملاقة من أجل نهب أموال دافعي الضرائب من الأتراك، ويمكن الاستعانة في هذا الشأن بمكتب صغير من مكاتب حزب العدالة والتنمية المنتشرة في كل المقاطعات التركية تقريبًا؛ فقبل بضعة أسابيع استطاع أحد رجال الأعمال الأتراك والذي يبلغ من العمر 27 عامًا ويعمل في أحد مكاتب حزب العدالة والتنمية الصول على مناقصة بقيمة 2.3 مليون يورو، ومع ذلك، فإن أردوغان وحزبه يحاولان التستر على هذه المعلومات، ويستخدم أردوغان سلاح حظر النشر لدفن مثل هذه القضايا؛ فقبل بضعة أشهر، قدم بلال أردوغان، نجل أردوغان، لأحد أصدقائه مناقصة حكومية بقيمة 31 مليون يورو، وحين افتضحت هذه القضية حُظِر النشر فيها، ومع ذلك يخرج علينا أردوغان ليصرّح بمناسبة اليوم العالمي للصحفيين بأنه لا تنازل عن حرية الصحافة في تركيا!

اتهام المعارضة بالإرهاب والعمالة

وقد حققت تركيا أردوغان رقما قياسيا آخر يستحيل تحطيمه؛ فما لا يقل عن نصف الأتراك البالغ عددهم 83 مليون نسمة هم إرهابيون، على حد زعم أردوغان، وربما تزيد هذه النسبة عن ذلك كثيرًا؛ حيث إن المعدل يتغير من لحظة لأخرى في تركيا؛ فقائمة الإرهاب المكتظة تتغير باستمرار.

ففي عام 2017، أعلن أن المواطنين الأتراك الذين لجأوا إلى الدولار بعد تراجع الليرة التركية كانوا إرهابيين ولا فرق في ذلك بين هؤلاء وبين الإرهابيين الذين يرفعون السلاح أو القنابل في صدور الأتراك، ويصرح أردوغان بذلك رغم أن المقاطعات التي كانت تتعامل (آنذاك) بالدولار كانت من المحافظات الأكثر تصويتًا لحزب العدالة والتنمية، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ بل وضع أردوغان مؤسسات دولية كاملة في قائمة الإرهاب لأنها خفضت الجدارة الائتمانية لتركيا بسبب الاقتصاد غير المستقر.

 وقد صرح الرئيس التركي قائلًا: “إنهم يرهبوننا اقتصاديًّا ليروا كيف يمكنهم أن يخيفوا تركيا”، كما اتهم صفوف المعارضة وقيادتها قبل الانتخابات المحلية في عام 2019 بدعم الإرهابيين ومساندة الأعداء ضد تركيا، وذلك حين تحدثوا علانية عن أرقام المصابين الحقيقيين من الشعب التركي بوباء كورونا، وشمل الاتهام رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر حزب معارض، كمال كيليجدار أوغلو، والسياسي الكردي المسجون صلاح الدين دميرتاس، ورئيس الجمعية الطبية التركية، سبنيم كورور فينكانسي، والصحفي دوندار بالإضافة للكثيرين.

ورغم كل ما سبق إلا أن الاتهام الأصعب كان موجهًا نحو الطلاب الرافضين لتدخلات أردوغان في انتخابات عمداء الجامعات، حيث ألغى أردوغان انتخاب عمداء الجامعات وقام بتعيين موالين له في هذه المناصب، لكن الذي أثار عضب الطلاب ودفعهم للخروج للشوارع رغم الظروف الحالية هو تعيين مليح بولو، الذي خسر الانتخابات بعد ترشحه باسم حزب العدالة والتنمية في السابق، عميدًا لجامعة البوسفور، التي تعدّ أفضل الجامعات التركية.

وعلى إثر هذه المظاهرات اعتقلت الشرطة التركية أكثر من ثلاثين طالبًا من المشاركين في الاحتجاجات، وسرعان ما ضمهم أردوغان لقائمته الخاصة بالإرهاب، حيث صرحت الشرطة بأن ما حدث أمام أبواب جامعة البسفور من مظاهر للشغب والاعتداء يقف وراءه ثلة من الإرهابيين وليسوا من طلاب الجامعة.

الصين على خطى روسيا في الكذب والتدليس

نشر موقع “شبيجل أون لاين” مقالًا للكاتب “كريستيان ستوكر” لفت إلى الحرب الإعلامية التي تقودها الصين وروسيا ضد الغرب بسبب السباق على إنتاج المصل واللقاح الخاص بعلاج وباء (كوفيد-19)، حيث تعمد روسيا والصين من خلال وسائل الإعلام المحلية والدولية إلى التشيك في اللقاحات الغربية من أجل أن يتوجه العالم إلى أحد البلدين لشراء اللقاح الصيني أو الروسي بدلًا من اللقاح الغربي، الأمر الذي يوضح أن الصين هي الأخرى بدأت في استخدام أساليب مضللة لضرب المنتج الغربي.

ويتجه النظام الصيني نحو الاستثمار في الدعاية الخارجية منذ فترة طويلة، لكن طريقة تعامل هذه الدعاية مع جائحة كورونا أظهر الكثير من ملامح هذه الاستراتيجية الصينية التي باتت تشبه كثيرا الاستراتيجية الروسية، والتي تعتمد اعتمادًا كبيرًا على نظرية المؤامرة. فعندما تحدث الرئيس الصيني “شي جين بينغ” في المنتدى الاقتصادي العالمي الافتراضي هذا الأسبوع، بدا وكأنه يتوسل إلى العالم من أجل التعاون، حيث قال: “لقد تعلمنا من التاريخ أن العزلة والتفرد لها عواقب مدمرة، وأن الحل في التعددية والتعاون المثمر من أجل البشرية جمعاء”.

ولم ينته الرئيس الصيني من خطابه في المنتدى حتى حاولت حسابات المتحدثين باسم وزارة الخارجية الصينية عبر تويتر إيصال هذا الجانب من الخطاب إلى العالم قدر الإمكان، وكانت الرسالة التي ترغب الصين في نشرها أنها تبحث عن التعاون وترفض سياسة القطب الواحد.

وهذه الرسالة تناقض بالفعل الاستراتيجية التي يمارسها المتحدث الأول باسم وزارة الخارجية الصيني “تشاوي ليجان” والذي يتبنى استراتيجية دبلوماسية الذئاب، حيث لا تسمح الصين بانتقاد سياستها على الإطلاق، لكنها في الوقت نفسه تدّعي أنها ترغب في التعاون من أجل البشرية، وأنها لا تطمح إلى تحقيق المكاسب المادية في المقام الأول.

حرب الشائعات

قبل أيام قليلة من خطاب الرئيس الصيني “شي” في المنتدى الاقتصادي، نشر المتحدث باسم وزارة الخارجية الصيني على صفحته عبر تويتر والتي يتابعها 880 ألف متابع حول العالم، تقريرًا لمذيعة صينية تعمل بالتلفزيون الصيني الحكومي تدّعي فيه أن هناك تقارير نقلتها محطات روسية وبلغارية وهندية عن وكالات إخبارية ألمانية تزعم أن لقاح كورونا الذي أنتجته شركة بيونتك الألمانية كان بالتعاون مع شركة فايزر الأمريكية، وأعلن الغرب أن اللقاح آمن وفعّال وخضع لكافة التجارب السريرية والمرحلية للاختبار وفقًا للمعاير العالمية تسبب مع ذلك في وفاة عشرات الأشخاص يوميًّا بعد تطعيمهم باللقاح، وعرض لقطات لصور من هذا التقرير بالإضافة لروابط تبين بعد الدخول عليها أنها روابط لموقع روسيا اليوم باللغة العربية وليست روابط لوكالات الأخبار الألمانية كما زعمت المذيعة الصينية، الأمر الذي يؤكد أن رسالة الصين ليست الإنسانية كما يزعمون، وإنما هي المكاسب التجارية والحروب الاقتصادية بالاشتراك مع الشركاء الروس والهنود.

التضليل والكذب

هناك بالفعل تقرير لوكالة الأنباء الألمانية (dpa) يتعلق برسالة من معهد (باول إيرلش-Paul Ehrlich)، والذي تحدث عن موت عشرات الأشخاص في ألمانيا بعد التطعيم باللقاح، وذكر التقرير عن المتحدثة باسم المعهد قولها إنهم كانوا يعانون من أمراض مزمنة هي التي أدت إلى وفاتهم وليس التطعيم باللقاح، والذي يؤكد صحة هذا القول هو قيام ألمانيا بتطعيم 800 ألف فرد في ألمانيا بالفعل بالجرعة الأولى.

ولذلك فإن الطريقة التي استخدمها ليجان طريقة ماكرة تعتمد على تشوية الحقيقة من خلال نزع الجمل التي تسبب لغطًا لدى الكثيرين حين يتم نزعها من سياقها، وهو ما قام به ليجان عن طريق المذيعة الصينية التي لم ترفق أي رابط يمكن التحقق من خلاله من هذه الادّعاءات، وهو ما يؤكد أن هناك رغبة في التضليل والتشوية فيما يتعلق باللقاح والمصل، خاصة بين المؤمنين بنظرية المؤامرة، ورغم كل ذلك فإن ليجان هو من يشتكي من تحامل وسائل الإعلام الغربية التي قامت بالإبلاغ عن حملات دعائية دون التأكد من خلال الاتصال أو المراسلة، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على عدم ثقة هذه الوسائط في القدرة على إدارتها.

استثمار الصين في مجال الإعلام لخدمة استراتيجيتها

مؤخرًا بدأت الصين تستثمر أكثر وأكثر في مجال الدعاية والإعلام، ليس فقط على المستوى المحلي ولكن على المستوى العالمي، حيث شيّد النظام الصيني منصات عالمية تخدم سياستها حول العالم، مثل صحيفة “جلوبال تايمز”، التي تنشر باللغة الإنجليزية منذ عام 2009، بالإضافة لمحطة CGTNالنظير الصيني لروسيا توداي (RT)، كما قامت الصين، وبحسب منظمة “مراسلون بلا حدود”، بشراء المزيد والمزيد من وسائل الإعلام الأجنبية، حيث تمول الصين في ألمانيا حتى الآن بشكل رئيسي مقالات في الصحف الشهيرة، الأمر الذي تسبب في الكثير من الاستياء بسبب تبني هذه الوسائل الإعلامية لسياسة الحزب الشيوعي الصيني وانتقادها للسياسة الغربية بشكل ممنهج وواضح.

وتعمل الصين في الوقت الحالي، خاصة خلال مكافحة وباء كورونا على الترويج لنظرية المؤامرة التي يتم تداولها في الغرب بشدة أيضا، ويبدو أن الصين قد تعلّمت ذلك من روسيا، حيث يعمل أنصار بوتين بنشاط منذ سنوات عديدة لتغذية هذا الاتجاه الذي يزرع الانقسام والارتباك والشكوك حول المؤسسات في الغرب، وتمثل محطة RT الروسية الحكومية المصدر المفضل لأنصار النظام في روسيا، ولا شك أن روسيا تلعب دورًا بارزًا أيضًا في التشكيك بفاعلية اللقاح الألماني من خلال تسييس قضية اللقاح لأسباب سياسية واقتصادية، وإن كان ذلك بطريقة مختلفة عن الطريقة التي تنتهجها القنوات الصينية، حيث تزعم بأن اللقاح الروسي هو الأكثر أمانًا وفاعلية.

مصالح تجارية وحرب إعلامية

تعمل الصين على إبرام العقود من أجل تصدير اللقاح لدول العالم الثالث لتضرب بذلك عصفورين بحجر واحد؛ فمن ناحية تجني المليارات من الأرباح جراء بيع اللقاح لهذه الدول، ومن ناحية أخرى تظهر للعالم أنها تساند وتتضامن مع هذه الدول وأنها لا تصنع مثلما يصنع الآخرون الذين ينشغلون بتصدير اللقاح لمواطنيهم.

 وتحقق بهذه الاستراتيجية الماكرة ما لا يمكن أن تحققه الحروب والنزاعات، كما تستغل الصين هذه الأزمة في تشتيت الانتباه وصرف الأنظار عما يحدث في البلاد من قلائل واضطرابات كما هو الحال في هونغ كونغ وتايوان وغيرهما، والادعاء بالتفوق العالمي من خلال تشويه سمعة الغرب من خلال الزعم بأن الديمقراطيات بشكل عام غير مستقرة، وهو ما عكسته عناوين صحيفة “جلوبال تايمز” عقب اقتحام المتظاهرين لمبنى الكابيتول في العاصمة واشنطن، ولذلك قامت إدارة تويتر بتمييز وسائل الإعلام الحكومية الصينية والحسابات الحكومية منذ أغسطس 2020 في خطوة كان لها تأثير كبير في محاربة ومحاصرة الدعايا الصينية.

 ومع ذلك فإذا ما استمرت الحكومة الصينية باستخدام الاستراتيجية الروسية من خلال استغلال النشاطات التجارية الدولية للتضليل وزعزعة استقرار الدول الأخرى بنفس الحيوية والجهد، كما تفعل روسيا منذ فترة طويلة، فستواجه المجتمعات الغربية تحديات جديدة ربما لم تشهد لها مثيل سابقًا.

هل تنجح الإدارة الأمريكية الجديدة في إعادة الاتفاق النووي؟

نشر موقع “راديو فرانكفورت” تقريًرا للكاتب “مارتن جلين” تحدث عن الضغط الغربي على النظام الإيراني من أجل محاولة إعادة الاتفاقية النووية مع إيران بعد مشاركة المملكة العربية السعودية في الاتفاق، كما ألمح بذلك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والذي أكد بأنه كان من الخطأ سابقًا عدم مشاركة أطراف أخرى في هذا الاتفاق مع إيران، في إشارة إلى المملكة العربية السعودية.

ويخشى النظام الإيراني من مشاركة السعودية في الاتفاق النووية حال إعادة التفاوض على شروطه مع الرئيس الامريكي الجديد جو بايدن، ولذلك صرح السيد سعيد خطيب زاده، المتحدث وزارة الخارجية بأن الاتفاق النووي هو اتفاق دولي متعدد الأطراف وصدّق عليه قرار مجلس الأمن رقم 2231، ومن ثم فإنه غير قابل للتفاوض أو تغيُّر شركائه الأصليين.

وتدعو المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، الحليفان المقربان للولايات المتحدة، إلى إشراك دول الخليج في المحادثات النووية المستقبلية لوضع حدٍّ لتهديدات الصواريخ الإيرانية الباليستية ودعمها لوكلائها في المنطقة، بينما ترفض إيران هذا الأمر لأنه قد يحول دون وصول النظام الإيراني للأهداف المنتظرة جراء إعادة هذا الاتفاق، وسيعمل جو بايدن أيضًا على الضغط على طهران لقبول مشاركة السعودية، التي لطالما سعت إسرائيل مؤخرًا لتحقيق التقارب معها من أجل مواجهة الخطر المشترك الذي يتمثل في التهديد النووي الإيراني، والصراع على التوسع والنفوذ في المنطقة عبر تمويل إيران للمليشيات الشيعية في كل من سوريا ولبنان واليمن.

واشنطن تمارس الضغط على النظام الإيراني

ويعدّ إصرار الرئيس جو بايدن على بقاء حاملة الطائرات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط يبرهن على رغبة واشنطن في ممارسة الضغط على طهران الذي يجب أن تقدّم الكثير من التنازلات من أجل تخفيف العقوبات المفروضة عليها، ويريد بايدن تجربة النهج الدبلوماسي، ولذلك عيّن روبرت مالي، الدبلوماسي السابق الذي خدم في فريق الأمن القومي كمدير لشئون الشرق الأوسط في إدارة الرئيسين بيل كلينتون وباراك أوباما، للتفاوض مع النظام الإيراني، وهو يتمتع بخبرات تفاوضية كبيرة، كما يتمتع بعلاقات جيدة مع ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، ومن ثم فهو الأقدر على استئناف المحادثات مع إيران.

الإحباط يستولى على الإيرانيين

رغم دعوة الرئيس حسن روحاني للرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن إلى إعادة الاتفاق النووي ونبذ سياسة الضغط الأقصى التي كانت تمارسها إدارة الرئيس الأمريكي السابق ترامب، إلا أن الشعب الإيراني لا يزال يراوده اليأس والإحباط بسب تزايد حملات الاضطهاد ضد المعارضين والمحتجين على الظروف القاسية بسبب الحصار الاقتصادي الصعب، بالإضافة لتبعات انتشار كورونا الذي ضرب إيران بقوة وزاد معاناة شعبها بسبب الظروف الاقتصادية القاسية.

ومن جانب آخر انتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش “القمع الوحشي” من قبل النظام الإيراني ضد النشطاء السلميين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين، ولذلك تقول إحدى المعلمات الإيرانيات، التي تبلغ من العمر 41 عامًا والتي امتنعت عن التصريح باسمها خوفًا من بطش النظام الإيراني: إن اليأس والاحباط استولى على الكثير من الإيرانيين بسبب فقدان الثقة في السياسيين من الجانبين، سواء من الجانب الأمريكي أم من الجانب الإيراني “الملالي الفاشي”.

هل يُنهي الاتفاق السياسي الصراع في ليبيا؟

نشر موقع “تي أون لاين” تقريرًا تحدث عن المخاوف من تجديد النزاعات المسلحة بين الأطياف الليبية رغم الجهود الأممية والإقليمية لحل الصرح ولم الشمل الليبي مرة أخرى، والذي بدا قريبًا بعد اتفاق الأطراف على المجلس الرئاسي والحكومة الانتقالية التي تدير البلاد خلال الفترات المقبلة.

وتنتظر ليبيا تشكيل حكومة انتقالية هذا الأسبوع، فهل ينهي ذلك الصراع على السلطة؟ يشكك المراقبون والخبراء في هذه النتيجة، فليبيا التي يسودها هذه الأيام هدوء خادع لا يمكن أن تتوقف فيها الحرب الأهلية بهذه السهولة؛ فهناك صراع قوي لدى كلا المعسكرين، حيث يمثل الجنرال خليفة حفتر في الشرق ورئيس الوزراء فايز السراج في الغرب، مصالح لدول أخرى، وخاصة روسيا وتركيا، وفي خضم وساطة الأمم المتحدة، يبدو أن النخب السياسية الليبية والميليشيات المتحالفة والقوى الأجنبية تستعد لمرحلة ساخنة تالية محتملة من الحرب.

جولة أخرى

يقول السيد فاضل الأمين، مدير المجلس الاقتصادي الليبي عبر تويتر، إن الوضع حاليًا في ليبيا قاتم؛ فوباء كورونا ينتشر كالنار في الهشيم، وأنظمة الصحة والتعليم الليبي تنهار، وسيعمل القائمون الآن في السلطة على تقويض أي أمل في نجاح عملية الأمم المتحدة، وما يبدو وكأنه ضوء في نهاية نفق دبلوماسي مظلم يمكن أن يتحول إلى معركة أخرى. ويشعر الخبير طارق المجريسي من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية بأن الوضع يذكّرنا بما حدث عام 2015 حين نجحت وساطة الأمم المتحدة في الصخيرات المغربية، في التوصل إلى اتفاق كان من المفترض أن ينظم ميزان القوى في ليبيا ويؤدي إلى حل للقتال، لكن ذلك لم يحدث، حيث جرت محاولة لإنشاء مؤسسات جديدة ويمكن للجميع الاحتفاظ بقطعة من الكعكة.

ليبيا منقسمة بشدة

خسر اللواء حفتر دعم حلفائه وحلّ مكانه رئيس البرلمان عقيلة صالح، الذي يترشح هو الآخر للانتخاب في المجلس الرئاسي، وبغض النظر عن المرشح الأكثر حظًّا لتولي السلطة في ليبيا من الأربعة، تظل الساحة منقسمة بشدة حول من يجب أن يحكم البلاد، وليس هناك المزيد من التفاصيل بخلاف تحديد موعد الانتخابات ولا يزال البنك المركزي منقسمًا فيما يخص الخلاف حول عائدات النفط، ومن ثم يخشى الخبراء من تجدد القتال في ليبيا وانهيار المفاوضات، ويشكّل حوالي 20 ألف جندي ومرتزقة من الأجانب في ليبيا خطرًا على أمن أوروبا، فيما تستغل كل من روسيا وتركيا هذه الأوضاع لتعزيز مواقعها على الأرض، فقد نشرت شبكة “سي إن إن” صورًا للأقمار الصناعية وصورًا للخنادق التي يحفرها مرتزقة من مجموعة فاجنر الروسية الخاصة بالقرب من سرت استعدادًا للمعارك المقبلة.

ربما يعجبك أيضا