الصحافة الألمانية | احتجاجات العراق ولبنان تتحدى طهران.. وهل أدرك أردوغان الخطر الداعشي؟

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – عماد شرارة

تركيا وعلاقتها بتنظيم داعش

نشر موقع "دويتش فيلله" تقريرًا للكاتبين "بلين أونكر" و"دانيال دريا بلوت"، أشار إلى علاقة تركيا بتنظيم داعش، وعن أسباب تواجد قيادة التنظيم بالقرب من الحدود التركية، حيث تمّ الإعلان عن مقتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي بقرية قرب الحدود التركية، كما أعلنت أنقرة اعتقال شقيقة البغدادي بالقرب من الحدود التركية في سوريا، وقد طرح كل ما سبق تساؤلًا مفاده: هل تتواطأ حكومة أنقرة مع داعش؟

وأضاف التقرير أنه عندما أعلن ترامب مقتل البغدادي، ساد الارتياح والهدوء أغلب الدول الغربية، ومع ذلك فإن الشعب التركي لم يكن كذلك، وتساءل: كيف يمكن لأحد أكثر الإرهابيين المطلوبين في العالم أن يتحرك بسهوله دون علم الحكومة التركية؟! وكيف يحدث ذلك على بُعد بضعة أميال من الحدود التركية، وفي منطقة ذات نفوذ تركي، وبها قوات تركية أو متحالفة؟!

ولماذا أعلنت الحكومة التركية الآن القبض على شقيقة البغدادي، البالغة من العمر 65 عامًا، بالقرب من مدينة عزاز شمال سوريا، وهل هذه المناطق الحدودية التركية باتت المكان المثالي لاختباء قيادات التنظيم؟! هذ الأمر أصبح مسار شك، وخاصة العلاقة بين الحكومة والجماعات الجهادية، لذلك وجّهت المعارضة التركية اتهامات صريحة للحكومة بالتعاون مع داعش، وأعلنت عن وجود تقارير ثبت تورط الحكومة في دعم داعش بالأسلحة، والسماح لمقاتلي التنظيم بعبور الحدود التركية لتلقي العلاج في المستشفيات التركية.

هل أدركت أنقرة مؤخرًا الخطر الداعشي؟

إيرك أكرر، الخبير في شئون الإرهاب، يؤكد أنه تفاجأ من تواجد العديد من قيادات التنظيم على الحدود التركية، على الرغم من زعم أنقرة أن الهدف من العمليات، التي يقوم بها الجيش التركي، هو القضاء على خطر الإرهاب من الأراضي السورية، لا سيما شمال سوريا، وتابع: "هذا يؤكد صحة التقارير التي اتهمت أنقرة بدعم داعش والجماعات الجهادية الأخرى".

كما أكد "سيفات أونيس"، النائب السابق لوزارة الاستخبارات التركية، أن الحكومة التركية أصبحت الآن تدرك الخطر الحقيقي للجماعات الإرهابية، ولذلك ساهمت في عملية مقتل البغدادي، ومع ذلك لم ينكر "أونيس" وجود تقصير من قِبل أنقرة بسبب الاستهانة بتهديدات الإرهابيين؛ فعندما اندلعت الحرب السورية عام 2011 لم تكن تسيطر على الحدود بشكل كامل، حيث تمكن العديد من الإرهابيين من الدخول إلى مناطق الحرب عبر تركيا، وواجهت تركيا انتقادات قوية بسبب ذلك، لكن تمّ تدارك الأمر في النهاية، ومن أجل ذلك قامت تركيا بعملية "نبع السلام" بهدف استئصال المليشيات الكردية لوحدات حماية الشعب في شمال سوريا.

الإهمال القاتل

تتهم المعارضة التركية حكومة أردوغان بالتواطؤ مع عناصر داعش، حيث وضعت سلامة المواطنين الأتراك على المحك، لا سيما بعد الهجمات الإرهابية التي نفذها مؤيدو داعش في عام 2015، والتي كان منها الهجوم الانتحاري على الحدود السورية والذي أودى بحياة 34 شابًا، ولم تمر بضعة أشهر حتى وقع الحادث الإرهابي الأكبر في تاريخ تركيا، حيث فجر اثنان من الانتحاريين أنفسهما أمام المحطة الرئيسية بأنقرة؛ ما أودى بحياة حوالي 100 شخص، ثم جاء الهجوم على مطار أتاتورك بإسطنبول في عام 2016 ، والهجوم على ملهى "رينا" في إسطنبول في ليلة رأس السنة 2017، بالإضافة إلى العديد من الهجمات الأخرى التي ارتكبها تنظيم داعش في الفترة من 2015 وحتى 2017.

كما اتهمت المعارضة الحكومة التركية بأنها السبب وراء هذه الهجمات التي جاءت نتيجة للتقصير الأمني والاستهانة بحياة الأتراك، فما كان لهجوم أنقرة أن يحدث لو تمّ التحقيق الجاد من قبل الحكومة في هجوم "سوروك"، ولذلك طالب محامو مقاطعة "سورو" و"ديار بكر" بإجراء تحقيق في تواطؤ الحكومة التركية في الهجمات، لكن تمّ رفض الطلب، حيث إن الحكومة لا يمكن أن تدين نفسها وتقدّم أدلة تثبت تورطها في ذلك.

الخطر الإرهابي ضد تركيا قائم

يبدو أن السلطات التركية تعلمت الدرس، فقد قامت ببعض العمليات الاستباقية من اعتقال لبعض العناصر الموالية للتنظيم في تركيا وسوريا، ومع ذلك فلا يزال الخطر شديدًا، حيث تتواجد بعض العناصر الموالية لداعش في العديد من المدن التركية، خاصة في "هاتاي" و"أديامان" و"غازي عنتاب" و"كيليس" و"سانليورفا"، التي تقع بالقرب من الحدود السورية، بالإضافة إلى أنقرة وإزمير وأضنة، والتي تُعرف باحتوائها على العناصر الجهادية. ففي عام 2015، على سبيل المثال، تجمع مئات من أنصار داعش في متنزه "أوميرلي" بالقرب من إسطنبول للاستماع إلى الداعية الداعشي "هلس بينكال"، الملقب بأبو حنظلة، والذي كان يدعو صراحة إلى وجوب الجهاد، وقد صدم هذا المشهد العديد من الأتراك الليبراليين، حيث اعتبروا تلك الخطوة تواطؤًا من الحكومة التركية مع عناصر داعش.

من جانب آخر، يشير الخبراء إلى أن مقتل البغدادي لا يمكن أن يمثّل نهاية ما يسمى بالدولة الإسلامية، حتى وإن كان مقتله قد تسبب في إضعاف التنظيم، لكن أيدولوجية التنظيم، وهي الأخطر، ما زالت قائمة في العديد من البلدان، بما في ذلك تركيا، وربما تنمو هذه الأيدولوجية مع التغيير الديمغرافي نتيجة للهجرة الجماعية والحرب السورية التي لم تضع أوزارها بعد.

العلاقات الألمانية التركية تزداد سوءًا بعد الغزو التركي لسوريا

نشر موقع "هندلس بلت" تقريرًا للكاتبين "ماتيس بروجمان" و"أوتسان دمريكان" تحدث عن تصاعد العلاقات السيئة بين برلين وأنقرة بعد الغزو التركي على سوريا، وعن تأثير هذه العلاقات على الجانب الاقتصادي، حيث تعدّ ألمانيا الشريك الاقتصادي الأكبر لتركيا في أوروبا.

وألغت الحكومة الألمانية اجتماعًا للجنة الاقتصادية الألمانية – التركية احتجاجًا على الهجوم السوري، حيث كان من المقرر أن تجتمع اللجنة المشتركة برئاسة وزير الاقتصاد الألماني "بيتر التماير" ووزير التجارة التركي "رصار بيكان" مع العديد من ممثلي الشركات الألمانية الكبيرة في برلين في السادس من نوفمبر الجاري.

وتعمل اللجنة الاقتصادية والتجارية المشتركة على تسهيل التجارة بين البلدين، بالإضافة إلى مناقشة التعاون الصناعي والسياحي والتجاري، وقد كان من نتائج الاجتماع الأول لهذه اللجنة في أكتوبر 2018 أن زالت الحواجز التجارية في قطاعات الأدوية والمنسوجات والمواد الغذائية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع قيمة التبادل التجاري بين البلدين إلى نحو 35 مليار يورو.

قلق المستثمرين الألمان

وبعد الأحداث الأخيرة، تأثرت عملية التبادل التجاري بين البلدين، الأمر الذي تسبب في انخفاض هذه النسبة بمقدار 10%، ولم يتوقف الأمر عند ذلك؛ بل أعلنت العديد من الشركات الألمانية في السوق التركية، والتي يبلغ عددها 7000 شركة، قلقها من الاضطرابات التي تعاني منها أنقرة في الآونة الأخيرة، سواء كان ذلك على الصعيد السياسي أم على الصعيد الاقتصادي.

وإثر ذلك، تدخلت الغرفة التجارة الدولية أكثر من مرة لطمأنة المستثمرين الألمان، وكان الوضع قد تحسن في الآونة الأخيرة نوعًا ما، وخاصة في إسطنبول، غير أن الغزو العسكري الأخير لسوريا زاد من سوء الأجواء، وجرى تعليق الاستثمارات الألمانية في تركيا لعدة أشهر من قبل المكتب الرئيسي في ألمانيا.

وعلّق أحد المستثمرين على ذلك قائلًا: "هناك قلق بشأن سلامة منشآت الإنتاج في تركيا رغم أن الخطر لا يزال بعيدًا؛ فمعظم الشركات الألمانية في تركيا تبعد أكثر من 2000 كيلومتر عن مناطق القتال، ولكن الأمر له أيضًا بعد سياسي بسبب الغزو العسكري المخالف للقانون الدولي". كما قامت مجموعة "فولكس فاجن"، التي تُشيد مصنعًا جديدًا بالقرب من إزمير بقيمة مليار يورو، بتعليق استثماراتها مؤقتًا.

استبداد أردوغان وعزل القيادات الكردية المحلية

نشر موقع "شبيجل أون لاين" تقريرًا للكاتبة "أنا سوفي شنايدر" أكد استخدام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للقوة وعزله القيادات المحلية المنتخبة في المحافظات ذات الأغلبية الكردية، وموقف المعارضة من هذه الإجراءات العدوانية ضد رؤساء البلديات المنتخبة ديمقراطيًّا.

ولا تتفق المعارضة التركية بشأن سياسة أردوغان تجاه الأكراد، وحتى السيدة "نيلوفر إيليك يلماز"، التي جرى انتخابها عمدة لبلدية "قوسر" لمدة خمس سنوات بأكثر من 70% من الأصوات، لم تستطع البقاء في منصبها لبضعة أشهر، فقد تم استبدلها بالقوة ومُنعت من دخول مبنى البلدية.

كما جرى القبض على "يلماز" بعد اتهامها بالتعاون مع حزب العمال الكردستاني، المُصنف من قبل تركيا كمنظمة إرهابية. هذه التهمة وُجهت لأكثر من عشرة من رؤساء البلديات الأخرى من حزب الشعوب الديمقراطي، وتمّ عزل الكثير من رؤساء البلديات لمدن كبيرة مثل مدينة "ديار بكر" و"ماردين".. وتأتي تلك الإجراءات التعسفية ضمن سياسة أردوغان القمعية ضد الأكراد.

انتقاد سياسة أردوغان

لا يكاد يمر أسبوع دون طرد رئيس بلدية واستبداله بآخر من حزب العدالة والتنمية، الأمر الذي دفع بالنائب "آزاد باريز" (من حزب الشعب الجمهوري) إلى التصريح بأن الديمقراطية قد دُفنت في تركيا، كما توجه عمدة إسطنبول "أكرم إمام أوغلو"، العضو بحزب الشعوب الديمقراطي، إلى مدينة "ديار بكر" لإعلان التضامن مع السياسيين الأكراد، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ فقد انتقد رفاق أردوغان السابقين، مثل رئيس الوزراء السابق "أحمد داود أوغلو"، ما حدث في "فان" و"ديار بكر" و"ماردين".

وفي الوقت نفسه كان موقف حزب المعارضة الأكبر (حزب الشعب الجمهوري) من هذه الأحداث أكثر ترددًا، رغم انتقاد زعيم الحزب "كمال كيليكدار أوغلو" هذه الأحداث علانية، غير أنه أوضح أيضًا أنه لا يدعم احتجاجات الأكراد.

ثأر شخصي لأردوغان

فوز العديد من نواب حزب الشعوب الديمقراطي المُعارض في الانتخابات البرلمانية في يونيو 2015 مَثّل صدمة قوية لأردوغان، حيث إن هذا الحزب موالٍ للأكراد، لذلك يسعى أردوغان للانتقام الشخصي عن طريق الوقيعة بين هذا الحزب وبين حزب الشعب الجمهوري، وهذا الأمر معروف عن أردوغان لتفرقة المعارضة، فحزب الشعوب الديمقراطي يعمل على حل سلمي وسياسي للقضية الكردية، بينما يُجبر حزب الشعب الجمهوري على التخلي عن الأكراد حتى لا يخسر دعم حزب الشعوب الديمقراطي، وإذا ظلّ الحزبان على هذا الموقف بشأن القضية الكردية؛ فإن الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها عام 2023 ستنتهي بإخفاق المعارضة واستكمال فترة أردوغان الاستبدادية.

العراق يعلن التمرد والعصيان ضد إيران

ونشر موقع" شبيجل أون لاين" تقريرًا للكاتب "مارتن جيلن" لفت إلى التظاهرات العراقية والتي تنطلق من باعث وطني بحت بعيدًا عن العِرق أو المذهب، وتشير هذه المظاهرات بقوة إلى رفض التدخل الإيراني وإعلان التمرد ضد أذرعها في بغداد.

وتُوجَّه الاحتجاجات في العراق ولبنان بشكل رئيس ضد النفوذ الإيراني في البلدين؛ وهتافات الشباب تخصر هذا الموقف: "بغداد حرة، وإيران برة"، بالإضافة إلى حرق الأعلام الإيرانية في الشوارع وصور الزعيم الإيراني علي خامنئي وقائد الحرس الثوري قاسم سليماني، ومن المفارقات أن يقوم المتظاهرون في مدينة كربلاء، التي تمثل قِبلة الحجاج الشيعة، بحرق القنصلية الإيرانية.

هذا المشهد نفسه يتكرر في لبنان، وإن كان أقل عنفًا، حيث يرفع المتظاهرون هناك شعارات معادية لإيران: "كلن يعني كلن" و"ارحلوا جميعًا"، مطالبين بإلغاء نظام المُحاصصة المذهبي وتعيين حكومة تكنوقراط بهدف إزاحة حزب الله المؤيد لإيران. وكان رئيس الوزراء "سعد الحريري" هو أول من أشعل فتيل المظاهرات، لكن سرعان ما تدخّل حسن نصر الله زعيم حزب الله وهدّد بالحرب الأهلية، وأرسل جحافل من البلطجية لفض اعتصامات المتظاهرين السلميين في وسط بيروت، لكن ذلك لم ينجح في إنهاء الاحتجاجات.

وهكذا فإن مقاومة الهيمنة السياسية الإيرانية على المنطقة تزداد يومًا بعد يوم، ويمكن أن ينجح المتظاهرون اللبنانيون والعراقيون في نهاية المطاف فيما فشلت فيه السياسة الأمريكية من ممارسة "الضغط الأقصى" على إيران لقمع نفوذها الإقليمي.

من جانبه، صرح "مايكل نايتس"، الخبير بمعهد واشنطن، بأن إيران لم تكن لتخسر كل شيء، وستفعل كل ما في وسعها للحفاظ على موقعها، ومن أجل ذلك هرع "قاسم سليماني" إلى بغداد لتقديم المشورة للقضاء على الاحتجاجات، وقال سليماني: "نحن لدينا خبرة في إيران في التعامل مع الاحتجاجات، فقد كان لدينا احتجاجات واستطعنا التغلب عليها، فيما طالب الزعيم "علي خامنئي" حكومتي بيروت وبغداد بالسيطرة على الاضطرابات؛ الأمر الذي زاد من غضب المُحتجين وساهم في سقوط ما يزيد 250 شخصًا وإصابة 10 آلاف آخرين.

وجدير بالذكر أن تأثير القيادة الإيرانية يرتكز بشكل أساسي على الأحزاب الموالية لطهران بالإضافة للمليشيات العسكرية، كحزب الله في لبنان، وقوات الحشد الشعبي في العراق، والتي تشكّل بأسلحتها وعقيدتها القتالية وأيديولوجيتها الدينية، دولة داخل الدولة؛ ما يضمن تأثير إيران الدائم على الحياة السياسية في تلك البلدان، هذا بالإضافة إلى سوء الأحوال الاقتصادية، فكما يقول أحد المتظاهرين: "نحن أغنى بلد في العالم، ولكننا في الوقت نفسه الأكثر فقرًا؛ فهذه الحكومة ليست حكومتنا بل حكومة دولة مجاورة".

مظاهرات لبنان والعراق تتجاوز عنف مليشيات الملالي

ونشر موقع "بيلد" تقريرًا للكاتبين "أنتجي شيبمان" و"بيورن شتريتزل" أشار إلى محاولة المليشيات الموالية للنظام الإيراني تفريق المظاهرات في لبنان والعراق، وذلك خوفًا من خطرها على المخطط الإيراني، حيث يرفض المتظاهرون نظام المُحاصصة في تشكيل الحكومة اللبنانية، كما تطالب المظاهرات في البلدين بمكافحة الفساد والإصلاح الاقتصادي، وتوفير فرص العمل وتحقيق العدالة الاجتماعية.

ويرغب المحتجون في وضع نهاية للفساد وسوء الإدارة، ولذلك يتجمهر مئات الآلاف من الشباب العراقي واللبناني في الشوارع طمعًا في حياة أفضل، لكن هؤلاء قُوبلوا في بغداد بإطلاق الذخيرة الحية، حسبما أفاد شهود عيان، ونتج عن استخدام القوة من قِبل الميليشيات الإيرانية في العراق مقتل ما يزيد عن 270 شخصًا وإصابة الآلاف منذ بداية أكتوبر.

وتُعبر آراء الشباب عن دراية وثقافة واعية، حيث يقول وسام، أحد الشباب العراقيين: "لا نريد أن نصبح لاجئين، بل نريد أن يعود اللاجئون من الولايات المتحدة وأوروبا؛ فالعراق يمكن أن يكون دولة غنية مثل الإمارات العربية المتحدة، لكن أموالنا تذهب إلى طهران، ونأمل أن تقف أوروبا بجانبنا". ويتابع وسام: "شباب العراق ليس لديهم أمل في تحسين الوضع من خلال الانتخابات لأن النظام فاسد، وتسيطر عليه الميليشيات الإيرانية، ولذلك نطالب الحكومة بالرحيل والاستعاضة عنها بحكومة تكنوقراط تنفذ الإصلاحات الضرورية لتحسين الأوضاع في البلاد".

وتتولى الميليشيات الإيرانية عمليات القتل والخطف، ولذلك يقول وسام: "نحن نخشى من تكرار ما حدث في سوريا؛ فقاسم سليماني هو من كان يدير المشهد هناك، وهو جنرال سيئ السمعة، ومعروف بوحشيته، وهو المسئول الأول عن توسيع نفوذ وسلطة نظام الملالي في منطقة الشرق الأوسط، وهو من نشر الإرهاب الإيراني في سوريا والعراق ولبنان واليمن".

ثورة النساء في لبنان

تفريق المظاهرات في لبنان يتم بطريقة وحشية، لكنها ليست قاتلة كما هو الحال في العراق. وتقول الصحفية "لونا سوفان" التي توثق الاحتجاجات في لبنان منذ بدايتها: إن حركة الاحتجاج في لبنان يطلق عليها بالفعل "ثورة النساء"، وكانت المظاهرات قد اندلعت بسبب الاستياء من فرض ضرائب جديدة، كان من بينها ضرائب على خدمة الواتس آب، والتي كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، وعكست ذروة الفساد وسوء الإدارة؛ ما أدى إلى خروج عشرات الآلاف من اللبنانيين إلى الشوارع غير مدفوعين بمذهب أو عِرق، وقد حاولت الحكومة إرضاء المتظاهرين بمقترحات للإصلاح، لكن ذلك لم يغيّر من الوضع شيئًا، حتى استقال رئيس الوزراء سعد الحريري، وما زال الوضع ملتهبًا حتى الآن.

الوحشية في مواجهة متظاهري العراق هي رسالة تخويف من إيران للآخرين

وتمارس إيران نفوذاً قويًّا على كل من لبنان والعراق عن طريق حلفائها في الحكومة وأجهزة الأمن، ويمتد نفوذ طهران إلى منطقة البحر الأبيض المتوسط، هذا النفوذ الذي لن تتخلى عنه طهران بسهولة؛ كونه موقفًا استراتيجيًّا لنظام الملالي يتمثل في الحفاظ على هذا النفوذ، ولذلك يقول "مايكل بريجنت"، الخبير في شئون العراق: إن الوحشية ضد المتظاهرين في العراق من قِبل قاسم سليماني تهدف لإرسال رسالة إلى اللبنانيين والإيرانيين مفادها: "هذا مصير من يرغب في مواصلة التظاهر والاحتجاج"، رغم أن سليماني لا يستطيع أن يصنع ذلك في لبنان، ولكنها رسالة تخويف.

قلق أوروبي من احتمالية تدهور الأوضاع

ولا تقف أوروبا من هذه المظاهرات موقف المتفرج، بل تسعى لإعادة الاستقرار لدول المنطقة خوفًا من موجات لجوء جديدة، ولذلك علقت وزارة الخارجية الألمانية على الأحداث الجارية في العراق ولبنان، بأن التطورات التي تحدث في البلدين ليس لها تأثير على استقرار البلدين فقط؛ بل على المنطقة بأسْرها، ومن ثمّ يجب مراعاة المطالب الشرعية للمتظاهرين، وتنفيذ الحكومة اللبنانية لإصلاحات سياسية واقتصادية ماسة للعبور من هذه المرحلة. وأما ما يخص العراق فإن الاحتجاجات تُعدّ تعبيرًا عن السخط الشعبي على الحكومة والسياسيين، لا سيما ممثلي البرلمان؛ فهم من يتحملون النصيب الأكبر فيما آلت إليه الأمور. وعلقت وزارة الخارجية الألمانية بأن محاولة طهران التدخل لها تأثير سلبي وتزيد من الاحتجاجات، وطالبت الوزارة بالملاحقة الجنائية لقتلة المتظاهرين في العراق، كخطوة أو مبادرة لتهدئة الشارع وإعادة جزء من الثقة المفقودة في الحكومة الحالية.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا