الصحافة الألمانية | الأكراد مواطنون بلا دولة.. وإدلب شرارة الحرب بين موسكو وأنقرة

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – عماد شرارة

هل تدخل أمريكا في حرب مع طهران من أجل تغيير النظام؟

نشر موقع "دير شتناندر" تقريرًا للكاتب "فرانك هيرمان" أكد تصميم الرئيس "دونالد ترامب" على إعاقة طهران من إنتاج السلاح النووي بأي ثمن، ولو اضطره الأمر للقيام بشن حرب على طهران؛ فقد سبق أن قام ترامب بسحب جنوده من منطقة الشرق الأوسط ليؤكد أن استراتيجية تعامل واشنطن مع المنطقة باتت مختلفة، وأن الاهتمام الأكبر بالنسبة له في الوقت الحالي أصبح مواجهة الخطر الإيراني، ولذلك صرّح ترامب عقب الانسحاب بأن تلك الخطوة جاءت بمثابة حراسة لسياسته الخارجية.

وحاول مجلس الشيوخ الأمريكي تقييد ترامب حال اتخاذ قرار الحرب عن طريق إصداره قرارًا بالأغلبية يحدّ من قدرة الرئيس على ذلك، بيد أنه لا يمكنه منع هذا القرار، حيث يخشى ترامب من ضياع جزء كبير من قاعدته الانتخابية حال الدخول في حرب مع طهران؛ كما يرى عدم جدوى بقاء قواته في مناطق الصراعات، على الأقل لسنوات مقبلة، وما زالت نتائج الحروب التي خاضتها أمريكا في فترة جورج بوش الإبن في كل من العراق أفغانستان، هي من عوامل الفصل في تحول الناخب الأمريكي، وهو ما استغله الرئيس السابق أوباما، ويحاول ترامب أن يسير على خطاه في هذا المضمار، لا سيما في الفترة المتبقية قبل الانتخابات القادمة ليتكمن من الفوز بولاية ثانية.

سياسة العصا والجزرة

ترامب، الذي يعاني بسبب وقوعه بين المطرقة والسندان؛ يمارس سياسة مضطربة في بعض الملفات الحيوية، وخاصة الملف الإيراني، وكأنه يكرر سياسته المتناقضة مع الديكتاتور الكوري الشمالي "كيم جونغ أون"، فبعدما لوح رجل البيت الأبيض بالحرب، يجلس في النهاية بجوار الرئيس الكوري ويصافحه كأنه صديق وحليف مقرب دون أن يحقّق نتائج ملموسة على الأرض.

والحقيقة أن ترامب لا يملك رؤية استراتيجية طويلة الأمد في التعامل مع الملف الإيراني؛ فمقتل الجنرال قاسم سليماني لم يأت ردًّا على الهجمات الإيرانية على ناقلات النفط في الخليج أو المنشآت النفطية في المملكة العربية السعودية، وإنما جاء ردًّا على تجاوزات النظام الإيراني على السفارة الأمريكية في العراق، وقد جاءت العملية رمزية، كما هو الحال بالنسبة للرد الإيراني، لكن المعضلة تكمن في عدم القدرة على التنبؤ بما سيفعله ترامب مع النظام الإيراني بعد ذلك؛ فقد فشلت سياسة الضغط الأقصى ويبدو أن الانتخابات البرلمانية الإيرانية لن تغير شيئا؛ فهل سيكتفي ترامب بإعلان مزيد من التهديد والوعيد للنظام الإيراني، أم سيشرع في إجراء محاثات سرية مع طهران للتغطية على فشله في إدارة هذا الملف؟

أحلام ترامب

خطط ترامب لممارسة أقصى ضغط على النظام الإيراني من خلال الحصار الاقتصادي الصعب بهدف إرغام النظام على الاستسلام، لكن ذلك لم يحدث، بل إن الكثير من السياسيين الأمريكيين يعتبرون هذه الخطة من قبيل التفكير الخيالي لا الواقعي، فترامب الذي يرغب في إذلال طهران واستبدال الاتفاقية النووية القديمة بأخرى حديثة تخضع فيها طهران لشروط واشنطن التعجزية، لم يصنع شيئًا في هذا الملف حتى الآن؛ بل إن الأمور تسير في الاتجاه المعاكس لما ترغب فيه واشنطن، وما لم تستخدم واشنطن سيف "ديموقليس الأمريكي" فوق رؤوس الملالي فلن تسطيع وقف طموحات النظام الإيراني العدوانية تجاه جيرانها المتحالفين مع واشنطن أو الغرب في آنٍ واحد.

الأكراد في الشرق الأوسط.. مواطنون بلا دولة

نشر موقع "تاتس" تقريرًا تحدث عن معاناة الأكراد، الذين يعدّون أكبر مجموعة مُشردة في العالم، حيث يتجاوز عددهم الـ 30 مليون منتشرين عبر إيران والعراق وسوريا وتركيا، ويناقش التقرير إمكانية إقامة دولة مستقلة لهم ومدى مساهمة هذه الدولة الوليدة في استقرار المنطقة الملتهبة بسبب الصراعات والحروب، ولطالما راود هذا الحلم الحبيس الأكراد منذ اتفاقية "سفير" وحتى الآن، ولا يزالون يناضلون من أجل تحقيقه.. فهل يمكن أن يتحقق هذا الحلم في ظل كل تلك المعطيات القائمة؟

ثلاثون مليون كردي على الأقل يعيشون في مناطق استيطان تمتد عبر تركيا وسوريا والعراق وإيران؛ تتنوع انتماءاتهم العقدية والأيدولوجية؛ فمنهم الملحدون والعلويون والمسيحيون واليهود والأيزيديون والمجوسيون والسنّة والشيعة، وقد فرّ الكثير منهم إلى أوروبا بعد عمليات الاضطهاد والمذابح والإبادة الجماعية.

في عام 1916 وحتى قبل سقوط الإمبراطورية العثمانية، قسّم اتفاق سايكس بيكو الشرق الأوسط بين بريطانيا العظمى وفرنسا، ولم يتم مراعاة الجماعات العرقية والدينية، ومن ثمّ لم يحصل الأكراد على شيء، لكن في عام 1920 ظهرت معاهدة "سيفر"، التي منحت الأكراد الاستقلال بموجب المادة 62، كما مثلت المادة 64 من نفس الاتفاق مقدمة لتأسيس الدولة المنتظرة، لكن جاءت معاهدة "لوزان" عام 1923 لتقضي على آمال الأكراد وتعيدهم إلى نقطة البداية. وبالنسبة للأقليات المهمشة والمضطهدة فإن الحكم الذاتي والاستقلال هو الملاذ، لا سيما إذا كانت هذه الأقلية كبيرة مثل الأكراد؛ فالدولة هي الضامن الأول لتوفير الأمن والحماية من الاضطهاد والحفاظ على اللغة والدين والحرية.

زعزعة استقرار المنطقة

إن الذين يتخفون من أن فكرة استقلال الأكراد ستؤدي في النهاية إلى مزيد من التوتر والزعزعة ليسوا على صواب، ولا يجب على الغرب الذي لم يجد في الأكراد إلا الثقة والدعم والمساندة؛ أن ينخدع بمثل هذه الادعاءات؛ فقد كان الأكراد الحليف الأقوى للغرب في قتال داعش والتنظيمات الإرهابية، كما أن إقليم كردستان العراق خير شاهد على إمكانية استقلالهم دون مزيد من الاضطرابات والتوترات، إضافة إلى أن أغلب الدول المحيطة تعاني من صراعات لم يكن للأكراد يد فيها؛ فتركيا تعاني من فاشية باسم الدين، وسوريا تعاني من حرب أهلية، والعراق دولة ممزقة، وإيران بها نظام ديكتاتوري إسلاموي، ومن هنا فإن الدولة الكردية أو المناطق الكردية المتمتعة بالحكم الذاتي لن تؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة، بل على العكس، ستكون فرصة لتحقيق الاستقرار؛ فقد أثبت الأكراد في روجافا وإقليم كردستان أنهم قادرون على بناء هياكل ديمقراطية وتعزيز حقوق الأقليات وتعزيز المساواة وحوق المرأة.

خيانة الغرب لقضية الأكراد

بعد الموقف الشجاع من الأكراد في مواجهة داعش في العراق وسوريا؛ حيث كانت المجموعات الكردية المقاتلة العنصر الأكثر فاعلية في هزيمة الجماعات الإرهابية، ورغم ذلك كان خذل الغرب بصفة عامة الأكراد؛ فقد تخلت واشنطن عنهم في سوريا حين قررت الانسحاب دون التنسيق أو حتى توفير الحماية لهم من نظام بشار أو قوات أردوغان، كما تخلى الاتحاد الأوروبي هو الآخر عنهم حين هدد أردوغان بصفقة اللاجئين حال الحديث والانتقاد لما يقوم به في سوريا حيال الأكراد، الأمر الذي يؤكد في النهاية أن لغة المبادئ والأخلاق التي يزعم الغرب أنه يكافح من أجلها كانت آخر اهتماماته في تعامله مع ملف الأكراد.

الانتخابات البرلمانية في إيران.. مشهد تمثيلي ونتائج محسومة
 
من جانبه، نشر موقع "زوددويتشا تسايتونج" تقريرًا للكاتب "بول انطون كروجر" لفت إلى الانتخابات الإيرانية البرلمانية التي تهدف لإعادة الأغلبية المتشددة مرة أخرى للبرلمان، حيث تم رفض مرشحي التيار الإصلاحي من قبل "مجلس حماية الدستور الإيراني"، الذي يعين المرشد الأعلى للثورة الإيرانية نصف أفراده بحجج واهية، ما يؤكد أن نتائج تلك الانتخابات محسومة مقدمًا لصالح المتشدديين.

وتُعدّ هذه الانتخابات البرلمانية الحالية في إيران هي الأهم على الإطلاق منذ الثورة الإيرانية، حيث إن اختيار خلفية للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية "علي خامنئي" يقع على عاتق هذا البرلمان، ولذلك جرى استبعاد جميع المرشحين الإصلاحيين والمحافظين المعتدلين من الانتخابات هذا العام من قبل مجلس صيانة الدستور.

يأس وإحباط

هاجم الرئيس الإيراني حسن روحاني الولايات المتحدة في طهران بمناسبة ذكرى الثورة الإسلامية، واعترف بأن الوضع صعب، ومع ذلك ناشد في كلمته الإيرانيين المشاركة في الانتخابات البرلمانية قائلًا: "ينبغي ألا نكون سلبيين على الرغم من كل السلبيات؛ فهذه الانتخابات واحدة من مكتسبات الثورة التي أطاحت بنظام الشاه الذي اضطر الناس للخروج للشوارع؛ فقد كانت الطرق السياسية للتغيير مغلقة".
 
واعتاد العديد من الإيرانيين فهم مغزى الكلام وتلميحات روحاني الغامضة عند حديثة عن ديكتاتورية الشاه، وكأنه يلمح إلى ديكتاتورية النظام الحالي الذي يجري انتخابات على 290 مقعدًا تقدم لها أكثر من 14000 مترشح، استبعد مجلس حماية الدستور الإيراني أكثر من نصف المتقدمين بما في ذلك 92 من النواب الحاليين لأنهم ينتمون للتيار الإصلاحي، وقد انتقد روحاني نفسه هذه الانتخابات في بث تلفزيوني قائلا: "لا يمكن الحديث عن انتخابات حرة وشفافة، حين يكون هناك 17 أو 170 أو 1700 مرشح ينتمون جميعًا لتيار واحد؛ هذه ليست انتخابات"، وهذا ما يحدث على أرض الواقع، فحين يكون هناك مرشح واحد فقط من المحافظين المتشددين على 160 مقعدًا من أصل 290، بينما ينتافس المتشددون فقط على الـ 70 مقعدًا الباقية؛ فهذه ليست انتخابات، حيث ضمن المتشددون الـ 70 مقعدًا مقدمًا، الأمر الذي لم يحدث في الانتخابات الإيرانية منذ عام 2013.

 وفي الدورة السابقة حصل الإصلاحيون على ما يقرب من 120 مقعدًا بينما حصل المتشددون على حوالي 80 مقعدًا، كما حصل المستقلون على ما يقرب من هذا العدد أيضًا. وبذلك تقف إيران على أعتاب تغيير يمكن أن يؤثر عل مستقبلها لعقود، حيث ينتظر أن يعقب هذه الانتخابات الرئاسية اختيار خليفة للمرشد الأعلى، الذي يبلغ من العمر 80 عامًا.

ورغم إمكانية حصول الإصلاحيين على فرصة قوية في هذه الانتخابات، حيث حصل روحاني (الذي ينتمي للتيار الإصلاحي) على نحو 53 مليون في الانتخابات الأخيرة، لكن المتشددين استطاعوا تحميل روحاني والتيار الإصلاحي الذي يستحوذ على أغلبية في البرلمان السابق، النتائج الكارثية التي وصل إليها الحال في إيران؛ فالوضع الاقتصادي كارثي، والناتج الإجمالي المحلي انخفض بنسبة 9.5% في العام الماضي، وبلغ معدل التضخم 31%، كما فقد الريال الإيراني ثلثَي قيمته مقابل الدولار، وفقًا لحسابات صندوق النقد الدولي، بالإضافة إلى ذلك تراجعت صادرات النفط بأكثر من 80 % نتيجة للعقوبات الأمريكية.

ولم يعد بإمكان العديد من العائلات الإيرانية تحمل ارتفاع الإيجارات، لا سيما في المدن الكبرى، على الرغم من أنهم يعملون في أكثر من وظيفة، وزاد معدل تدهور مستوى المعيشة، وامتلأت شوارع طهران بالمتسولين من النساء والعجائز، وفشل روحاني ورفاقه في تخفيف هذه الأعباء الاجتماعية ووضع حلول لحل تلك الأزمات، بالإضافة إلى إخفاقاته في العديد من الملفات، مثل مكافحة الفساد وسوء الإدارة والتعامل مع الاحتجاجات الاخيرة التي راح ضحيتها المئات دون ردة فعل من روحاني تعيد جزء من الثقة المفقودة فيه وفي تياره الإصلاحي.

ولذلك يقول عباس أصلاني، الخبير بمركز دراسات الشرق الأوسط في طهران: "يشعر الكثير من الإيرانيين بأن السياسيين يلجأون إليهم وقت الحاجة فقط، ولا فرق في ذلك بين المحافظين أو الإصلاحيين؛ فالجميع لا يعنيه ما يعانون؛ إنما هي لغة المصالح، ومع ذلك فهناك قطاعات من الإيرانيين سيصوّتون لصالح المتشددين من منطلق ديني بحت، وهذا ما يراهن عليه النظام؛ فالتصويت في هذه الانتخابات عندهم فرض".

ويدرك النظام الإيراني أن نسبة الإقبال تُعدّ دليلًا على شرعيته، ومن ثمّ فقد دعى خامنئي الشعب الإيراني إلى النزول للتصويت، الذي يعد واجبًا شرعيًّا، كما يزعم، ومع ذلك فقد أكدت بعض المؤسسات الاستطلاعية أن نسبة التصويت، لا سيما بين الشباب، لن تتخطى 21% في طهران، مقارنةً بـ 50% قبل أربع سنوات.

ورغم الزخم الكبير حول تلك الانتخابات؛ إلا أن البرلمان الإيراني ليس مركزًا للقوة يمكنه قلب الموازين أو تغيير أوراق اللعبة؛ فالمرشد الأعلى هو من يحدّد السياسة الخارجية والأمنية، لذلك لا يتوقع الدبلوماسيون الأوروبيون تغييرات جذرية في القضايا المفصلية، مثل الاتفاق النووي والتحالفات الخارجية وغيرها من الملفات؛ بل إن روحاني يعلم أنه سيكبل بمزيد من القوانين التي سيصدرها المتشددون لعرقلة مبادراته السياسية في العديد من المجالات، وليس أقلها مشروع القانون الذي يعتزم الرئيس استخدامه للحد من تأثير مجلس الوصاية على اختيار المرشحين في الانتخابات البرلمانية.

هل تكون إدلب شرارة الحرب بين روسيا وتركيا؟

أما موقع "فوكس أون لاين" فنشر تقريرًا للكاتب "رونالد ميناردوس" تحدث عن الأحداث السريعة في إدلب شمال سويا، والتي تشير إلى احتمالية المواجهة المباشرة بين تركيا وروسيا، لا سيما بعد مقتل العديد من الجنود الأتراك، وتهديد بشار الأسد بالقضاء على نقاط المراقبة التركية وأسر الجنود الأتراك.

وتتعرض العلاقات التركية الروسية لأزمة خطيرة وتقف في مفترق طرق، فما بين عشية وضحاها بات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (الذي احتفت به وسائل الإعلام التركية لدى زيارته الأخيرة لمضيف البوسفور) العدو الأكبر والخطر الداهم للأتراك؛ حيث أثارت الأحداث الأخيرة في منطقة الحدود التركية السورية، والتي راح ضحيتها العديد من الجنود الأتراك، نتيجة هجمات شنتها قوات بشار الأسد بضوء أخضر من الحليف الروسي-كما تزعم أنفرة- الاتهامات والشكوك من كلا الجانبين.

وقد أعلن أردوغان صراحة أن النظام الروسي لم يكن يجرؤ على هذه الخطوات دون التواطؤ مع روسيا وأكد أن الهجوم على الجنود الأتراك يعدّ نقطة تحول بالنسبة للموقف التركي في سوريا، وهدد بأنه من الآن فصاعدًا سيهاجم قوات الأسد في كل مكان، برًّا وبحرًا وجوًّا.

دمشق تتجاهل تهديدات أردوغان

ولم تفلح تهديدت أردواغان ولا تعزيزاته العسكرية في إدلب وحولها في صد أو وقف الهجوم السوري على قواته هناك، وتعرضت نقاط المراقبة التركية للقذف مرة أخرى؛ ما أدى إلى مقتل المزيد من الجنود الأتراك، ولم تلتزم دمشق بوقف إطلاق النار أو عدم دخول منطقة التصعيد المتفق عليها بين روسيا وأنقرة، وخلال الأسابيع القليلة الماضية، سيطرت على مناطق واسعة من المحافظة بالتعاون الوثيق مع سلاح الجو الروسي، ووفقًا لتقارير وسائل الإعلام فإن ثلاثة من مراكز المراقبة التركية الـ12 محاطة بالقوات السورية.

هذه المناوشات تتجاوز التهديدات إلى احتمالية التصعيد العسكري والمواجهة العسكرية المباشرة بين الطرفين، وهذا أسوأ سيناريو يمكن أن يواجه أنقرة، ويرى المراقبون السياسيون في تركيا أن احتمال اندلاع مواجهة مباشرة مع أنقرة ضعيف جدًّا؛ فأنقرة تدرك تمامًا أن موسكو ليست سوريا أو ليبيا، وأن احتمالية المواجهة المباشرة مع الدب الروسي ليست سوى بداية النهاية لأردوغان وسياساته التوسعية في المنطقة.

هزائم متكررة

من جانبه، قال "سونر كاجابتا"، الخبير في الشئون التركية: إن أنقرة خاضات حروبا كثيرة (20) مع موسكو في الفترة ما بين القرن الخامس عشر وحتى القرن العشرين، هُزمت فيها كلها؛ ولذلك فالحكومة التركية الحالية لا يمكن أن تغامر بالتصعيد العسكري المباشر مع روسيا بسبب أزمة إدلب، الأمر الذي يفسر تراجع أردوغان أمام التصعيد الروسي الذي رفض مؤخرًا قرار الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار، ليؤكد بوتين أنه ماضٍ في سياسته المؤيدة لتدخل القوات السورية في منطقة التصعيد، وأن أردوغان ليس أمامه خيار سوى السيطرة على المتمردين الإسلاميين حتى لو استعان بواشنطن، والتي دعت مؤخرًا هي الأخرى إلى وقف إطلاق النار والتمسك بالتهدئة بين الأطراف المعنية بالصراع في المنطقة.

هذه التطورات الأخيرة مثّلت ضربة قاضية للرئيس التركي، حيث إن استراتيجيته كانت ترتكز في الأساس على توفير منطقة آمنة في الشمال السوري يمكن أن ينزح إليها السوريون المضطهدون الراغبون في الأمن.. فماذا سيصنع أردوغان لحل هذه الأزمة في ظل إصرار موسكو على إركاعه وكسر أنفه؟

الليرة التركية تواصل الانهيار

من جانبه، نشر موقع "فوكس أون لاين مني" تقريرًا أشار إلى استمرار انخفاض سعر الفائدة من قبل البنك المركزي التركي للمرة السادسة على التوالي، وتأثير هذا الانخفاض على الاقتصاد التركي والديون بسبب سياسة أردوغان النقدية الخاطئة.

وقد أقدم البنك المركزي التركي مجددًا على خفض سعر الفائدة رغم ارتفاع معدل التضخم بشكل كبير، فقد انخفضت الليرة التركية إلى أدنى مستوى منذ مايو، ولا تزال في طريقها التنازلي بنسبة 0.5 نقطة مئوية لتصل 10.75%، وهذه هي المرة السادسة على التوالي التي يقوم فيها البنك بخفض سعر الفائدة.

 توقعات بالإفلاس

يتوقع خبراء الاتحاد العالمي للمستثمرين (Experte der Allianz Global Investors) أن يؤدي الانخفاض المتواصل في قيمة الليرة خلال السنة المقبلة إلى مشاكل اقتصادية خطيرة، حيث يتوقع أن تصل قيمة الدولار 6.25 ليرة؛ ما يؤثر سلبًا على قيمة الاحتياطي الأجنبي للبنك المركزي التركي، الذي يبلغ 75 مليار دولار في الوقت الحالي، وهي قيمة لا يمكن أن تغطي سوى 40 % من ديون العملات الأجنبية المستحقة خلال العام المقبل، ويخشى الخبراء من تزايد قيمة الديون الناتج عن انخفاض قيمة الليرة أمام الدولار الأمريكي ما يهدد بإفلاس العديد من الشركات.

ارتفاع الأسعار بنسبة 10% سنويًّا

يُلقي الكثير من الأتراك باللائمة على أردوغان في ارتفاع معدل التضخم، وتتوقع صحيفة هاندلسبلت Handelsblatt"" بأنه إذا ما استمر الوضع الاقتصادي في التدهور فإنه لا يمكن استبعاد سحب الشعب التركي الثقة من أردوغان. من جانب آخر تحدث وزير المالية "بيرات البيرك" عن معدلات إيجابية للاقتصاد التركي رغم استمرار تزايد الأسعار وتحميل الأتراك أعباء التضخم؛ فقد أضرم رجل النار في نفسه أمام مبنى البلدية وهو يقول: "أطفالي جائعون لا أستطيع إطعامهم!"، كما وقع حادث مماثل أمام البرلمان في أنقرة بعد يوم واحد، ووفقًا لتقارير إعلامية؛ فقد نجا كلا الرجلين من محاولة الانتحار.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا