الصحافة الألمانية | الاحتجاجات تُشعل العراق ولبنان.. وواشنطن تتخلى عن أكراد سوريا

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – عماد شرارة

تخاذل أوروبا أمام عدوان أردوغان

نشر تيلفزيون “إيه أر دي” الألماني تقريرًا للمراسلة “كرستيان بوت كرايت” تحدث عن غزو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للأراضي السورية، وعلاقة ذلك بموقف أوروبا السلبي، حيث خطط أردوغان لهذا الغزو، ولا تزال الأمور تسير هناك وفق تخطيطه.

وأضاف التقرير أن الاتفاق بين روسيا وتركيا حقّق مكاسب لكل من تركيا، التي استطاعت الحصول على منطقتها الآمنة في شمال سوريا، وروسيا التي تزيد من نفوذها، والنظام السوري الذي بدأ يسيطر على هذه المنطقة من جديد، في حين خسرت ثلاثة أطراف أخرى بسبب هذا الاتفاق، أولها الولايات المتحدة، حيث فقدت نفوذها وثقتها في المنطقة بشكل كبير بسبب سياساتها المتضاربة، بالإضافة إلى الأكراد، الذين انهار حلمهم بإقامة دولة مستقلة في شمال سوريا، وأخيرًا أوروبا، التي تقاعست عن صد أردوغان، سواء عن طريق الحرب أم عن طريق المفاوضات؛ فمثلًا السياسة الألمانية، التي ظلت تعتمد في المقام الأول لفترة طويلة على التوصية والتحذير باستثناء عقوبة وقف بيع الأسلحة، لم يكن لها أي تأثير على أردوغان.

مبادرة ألمانية بعد فوات الأوان

وقد اقترحت وزيرة الدفاع الألمانية “أنيجريت كرامب-كارينباور” إقامة منطقة حماية خاضعة للسيطرة الدولية، لكن بعد فوات الأوان، فقد قامت روسيا -ولسوء الحظ- بالاتفاق مع أردوغان حول تنفيذ هذا المخطط، لكن بإشراف مزدوج.

الغزو التركي كان متوقعًا

ظل أردوغان يطلب الدعم لفكرته حول ما يسمى بالمنطقة الآمنة في شمال سوريا، ولطالما كانت القوات الأمريكية هناك فلم يكن لأردوغان أن يفكّر في غزو سوريا، ولكن انسحاب القوات الأمريكية، الذي لم يكن متوقعًا، دفع أنقرة للاتفاق مع واشنطن على إقامة منطقة أمنية، وتسيير دوريات مشتركة للطرفين في شمال سوريا، ومنذ ظهوره أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نهاية سبتمبر في العام الماضي، كان الجميع يشكّك في تخطيط الرئيس التركي لغزو الأراضي السورية عاجلًا أم آجلًا، لا سيما وأنه قد أعلن ذلك صراحةً قبل ذلك.

السياسة الألمانية في مأزق

تواجه السياسة الألمانية مُعضلة، فهل ما زالت بروكسل تعارض استراتيجية أردوغان في شمال سوريا، أم أنها على استعداد للتعاون مع أردوغان باعتباره الخيار الأقل سوءًا؟ ويبدو أن “كرامب – كارنباور” تريد أن تسير في الاتجاه الثاني، ووفقًا لشعار: “إن كان الأمر عنوة، فحاول أن تفعله مُجاملة”، لكن يبقى السؤال: ماذا بعد استيلاء تركيا على هذه المنطقة فعليًّا؟

هل هناك إضافات جديدة بخصوص اتفاقية اللاجئين؟

إنَّ فكرة توفير منطقة آمنة للسوريين على مشارف الأرضي السورية، التي تعاني من حرب أهلية هي أمر مُغرٍ جدًّا لأوروبا؛ فبالتأكيد ستساهم هذه المنطقة في صد موجات هجرة اللاجئين السوريين لأوروبا. ويمكن أن يُطرح التساؤل بخصوص شروط جديدة من قبل أردوغان لترحيل اللاجئين إلى هناك، فمن المتوقع أن يستغل الرئيس التركي أوروبا ويبتزها بطلب الكثير من المال بحجة إعادة البناء، الأمر الذي كان يخطط له منذ سنوات.

سياسة ترامب الخاطئة في التخلي عن أكراد سوريا

نشر تليفزيون “إيه أر دي” تقريرًا عما يعتبره منتقدو الرئيس الأمريكي كارثة بالنسبة للسياسة الخارجية الفادحة لأمريكا في سوريا، فقد زعم ترامب في خطاب ألقاه في واشنطن أن سياساته أنقذت حياة الكثيرين في سوريا؛ قائلًا إن المفاوضات مع تركيا أدت إلى إنقاذ أرواح العديد من الأكراد دون التضحية بدماء أي أمريكي. فبعد وقف إطلاق النار الذي تفاوض عليه نائب الرئيس الأمريكي “مايك بينس” في أنقرة بهدف إعطاء الأكراد في شمال سوريا فرصة لمغادرة المنطقة دون قتال، أعلن ترامب – في مقابل ذلك- رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على أنقرة، لكن بشرط التزام أنقرة ببنود الاتفاق، وإلا سيتم إعادة تطبيق العقوبات وتشديدها بشكل كبير.

الديمقراطيون يتهمون ترامب

إليوت إنجل، العضو الديمقراطي بالكونجرس الأمريكي، وصف سياسة ترامب في سوريا بأنها كارثة، مضيفًا أن ما حدث من سحب للقوات الأمريكية كان له تأثير سيئ على البلاد. كذلك صرح مايكل بينيت، عضو مجلس الشيوخ والمرشح الرئاسي للديمقراطيين قائلًا: اليوم وضعنا الرئيس في موقف لا يمكننا فعل أي شيء ضد داعش في حال ظهرت الميليشيا الإرهابية مرة أخرى، في حين تتقاسم كل من سوريا وروسيا إيران ونظام الأسد المنطقة، ونحن نشاهد ذلك من بعيد.

هروب المئات من مقاتلي داعش

لم يقتصر النقد على الديمقراطيين؛ بل كانت هناك انتقادات من قِبل الجمهوريين لسياسة ترامب؛ فمنذ أيام انتقد زعيم أغلبية الجمهوريين في مجلس الشيوخ سحب القوات واعتبره خطأ استراتيجيًّا خطيرًا. وقد رد ترامب على المخاوف التي تتعلق بهروب مقاتلي داعش من سوريا قائلًا: ما زالت الأمور تحت السيطرة، وأغلب مقاتلي داعش ما زالوا في السجون السورية، والأوضاع هناك آمنة. من جانبه صرح “جيمس جيفري”، المبعوث الأمريكي الخاص في الحرب ضد داعش في جلسة استماع بالكونجرس، بأن عدد الهاربين من مقاتلي داعش ربما تجاوز 100 هارب، لكن ما زالت جميع السجون التي تحرسها القوات الديمقراطية السورية آمنة تقريبًا.

القوات الأمريكية لحماية حقول النفط

وفي السياق، أكد ترامب أن بقاء الجنود الأمريكيين سيكون بهدف حماية حقول النفط في سوريا، وفي المقابل طالب نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، الولايات المتحدة بالتخلي عن قاعدتها في تنف بالقرب من الحدود الأردنية؛ فالحكومة السورية تريد السيطرة الكاملة على أراضيها؛ ومن ثمَّ فوجود القوات الأمريكية في سوريا بات غير مقبول.

تسيير الدوريات الروسية التركية في شمال سوريا

في الوقت نفسه، بدأت روسيا وتركيا تنفيذ اتفاقهما بشأن المنطقة الآمنة شمال سوريا، وتوفير دوريات مشتركة للجنود الروس والأتراك على طول الحدود الشمالية الشرقية بين سوريا وتركيا. وقد ذكرت وكالة “انترفاكس الروسية” للأنباء، أن الشرطة العسكرية الروسية قامت بدوريات في مدينة منبج، ووفقًا للتلفزيون الروسي، فإن قافلة الجنود اتجهت نحو مدينة كوباني، وبهذا الاتفاق تضمن روسيا الأمن للمدنيين الأكراد في المناطق الحدودية السورية الشمالية، فيما قال وزير الدفاع الروسي “سيرجي شويجو” إن روسيا – طبقًا لهذا الاتفاق – مسئولة عن حماية الأكراد.

هل ستنجح تركيا في السيطرة على سوريا؟

ويبدو أن اتفاق “بوتين- أردوغان” لم يحسم الكثير من النقاط الحساسة، فقد ضمت بنود الاتفاق العديد من النقاط، منها الالتزام بوحدة سوريا وسلامتها السياسية، لكن ذلك لا يمكن أن يتحقق مع احتلال تركيا لمنطقة عفرين؛ فتركيا هي من تدير وتتحكم في عفرين بحجة حماية الأمن القومي التركي، وتمول الأنشطة الإجرامية للميليشيات الإسلامية هناك، فلماذا تم استبعاد عفرين من الاتفاق الروسي التركي؟ وهل تخلت حكومة دمشق عن مطالبها بوحدة الأراضي السورية، أم أن ذلك يعدّ مناورة سياسية لفترة؟ جدير بالذكر أن عفرين تمثّل أهمية بالنسبة لتركيا في الحفاظ على محمية للمعارضة الموالية لتركيا، بالإضافة إلى أنها تشكّل منطقة نفوذ تركية.

اتفاقية أضنة

تسمح اتفاقية أضنة (التي وقّعت في 20 أكتوبر 1999 بين تركيا وسوريا) للأتراك بتتبع حزب العمال الكردستاني في الأراضي السورية باعتباره منظمة إرهابية، الأمر الذي يتيح لتركيا أو عملائها من الحركات والجماعات الإسلامية المتشددة التوغل في الأراضي السورية، بعيدًا عن المنطقة الآمنة التي تم تقليصها في الاتفاق الأخير لتكون حدودها 30 كيلومترًا في عمق الأراضي السورية فقط، ولم يتم الاتفاق بين الجانبين الروسي والتركي على تفاصيل تلك الاتفاقية، وهذه نقطة أخرى لم يتم حسمها بين الجانب الروسي والتركي؛ فتركيا تحاول توسيع نطاق نشاطها، بينما يؤكد الجانب الروسي أن القوات التركية سيسمح لها بالوصول إلى كوباني ومنبج فقط.

من هم الإرهابيون؟

كذلك فإن من عيوب الاتفاق المبرم بين روسيا وتركيا أنه أهمل العديد من النقاط، حيث ينص على اتخاذ كلا الطرفين التدابير اللازمة لمنع تسلل العناصر الإرهابية، فهل يقصد بالعناصر الإرهابية “وحدات حماية الشعب الكردي”، الذي تُصنّفه تركيا منظمة إرهابية، أم المليشيات الموالية لتركيا؟ ولماذا يتم الاتفاق بين الجانبين على هذه التفاصيل الدقيقة والمهمة؟

إعادة توطين اللاجئين السوريين على حساب الأكراد؟

وفي ظل سياسة أنقرة العدوانية؛ يظل الاتفاق غامضًا من الناحية الدبلوماسية، الأمر الذي يترك الاحتمالات مفتوحة؛ فخطط الاستيطان التركية لا تهدف فقط لطرد الأكراد وعودة اللاجئين بطريقة آمنة، بل تهدف أيضًا إلى استغلال الوضع لتغيير الديمغرافيا على الأراضي السورية والمساومة بورقة اللاجئين مع الاتحاد الأوروبي، وتحقيق مكاسب إقليمية على حساب السوريين.

لبنان على حافة الهاوية

نشر موقع “شبيجل أون لاين” تقريرًا للكاتب “كريستوف رويترز” تناول المظاهرات في لبنان؛ حيث خرج مئات الآلاف من اللبنانيين إلى الشوارع اعتراضًا على ما اعتبروه فسادًا من جانب النظام الحاكم وخراب البنية التحتية، وجرت الاحتجاجات بقوة، لكنها في الوقت نفسه كانت مُخيفة، حيث رفع المحتجون لعدة أيام شعار: “يسقط الجميع وتسقط الحكومة!”.

وقد سئم اللبنانيون من احتكار الحكم واستغلاله من قِبل بعض اللصوص الأقوياء الذين ينهبون خيرات الشعب بشكل صارخ، فلم تعد تتوفر إمدادات المياه، فضلًا عن انقطاع التيار الكهربائي لساعات عديدة، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار، فيما كانت الحكومة تخطّط لفرض المزيد من الضرائب على الشعب.

غضب من وقاحة الحكام

ولم تحدث مثل هذه المظاهرات منذ مقتل رئيس الوزراء “سعد الحريري” في عام 2005، عندما طالب مئات الآلاف بانسحاب قوات الاحتلال السورية من لبنان، على اعتبار أن الأسد هو المتهم بالضلوع في الحادث، وبعدها تم تقسيم لبنان إلى سُنّة ودروز ومسيحيين وشيعة، ونادرًا ما يتوحد هذا الطيف الغريب إلا بسبب الغضب من أكاذيب الحكام لسنوات، وتدهور البنية التحتية؛ فحريق الغابات في البلاد لم يجر إخماده بسهولة، كما تعاني الدولة من تآكل احتياطي النقد الأجنبي؛ ما تسبب في توقف العديد من محطات الوقود.

هشاشة التماسك الداخلي

البنية التحتية في لبنان كانت ذات يوم هي الأفضل في منطقة الشرق الأوسط، لكن الخطر الحقيقي الذي يهدّد وجود الدولة اللبنانية هو التماسك الداخلي، حيث إن التنوع الفريد في لبنان ما بين المسيحيين الموارنة والمسيحيين الأرثوذكس والأرمن والمسلمين السنّة والشيعة والدروز، كان له الأثر الإيجابي في ظهور الليبرالية السياسية وحرية الصحافة، غير أنه أدى في النهاية إلى إشعال الحرب الأهلية التي استمرت 15 عامًا، ومنذ 100 عام ويُحكم لبنان بنظام المُحاصصة الطائفية؛ فيجب أن يكون الرئيس مارونيًّا، ورئيس الوزراء سُنيًّا، ورئيس البرلمان شيعيًّا.

وعود كاذبة

لأول مرة منذ عام 2015 هناك الكثير من الناس في الشوارع، وخلافًا لما حدث في عام 2015، عندما قام أعضاء حزب الأمل الشيعي برئاسة نبيه بري بغزو وتفجير المتظاهرين، فقد أبدى الجميع تعاطفه مع المحتجين، حيث أعلن رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري عن أجندة إصلاح، غير أنها لم تنل إعجاب الجماهير.

الخوف من الحرب الأهلية مجددًا

والآن بات الوضع معقدًا، ولا يمكن التخلص من الفاسدين بسهولة، فما أسهل شعار: “يسقط الجميع”، لكن كيف يمكن أن يتحقق ذلك؟ ومن سيحمي لبنان إذا سقط النظام؟ ومن الذي سيوفّر فرص العمل ويواجه البيروقراطية؟ لا شك أن هذه الأسئلة تدور في أذهان اللبنانيين الذين عانوا من حرب أهلية دمرت البلاد لمدة خمسة عشر عامًا، وكلفت البلاد مقتل 100 ألف شخص، وقد انتهت هذه الحرب دون حسم النتائج أو كما يقول اللبنانيون: “لا غالب ولا مغلوب”.

في العراق.. الشعب يريد الحياة

أما موقع “شبيجل أون لاين” فنشر تقريرًا عن المظاهرات العراقية بسبب الفساد وسوء الإدارة والغضب من النخبة السياسية، وتستمر الاحتجاجات الجماهيرية ضد الحكومة، فقد قُتل أكثر من 40 عراقيًّا، بينما جُرح أكثر من 2000 آخرين. وفي العاصمة بغداد حاول المتظاهرون التغلب على الحواجز للدخول إلى المنطقة الخضراء المحمية، حيث توجد العديد من المباني الحكومية والسفارات، وقد استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لطرد المتظاهرين من ميدان التحرير المركزي.

الوضع الاقتصادي السيئ

يعاني العراق من الفساد والبطالة المرتفعة، وقلة إمدادات الكهرباء والمياه، بالإضافة إلى الغضب العارم ضد النخبة السياسية والدينية في البلاد؛ فمنذ سقوط صدام حسين (16عامًا) لم تتحسن الأوضاع في ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك، ورغم ذلك يعيش خُمس الشعب العراقي تحت خط الفقر، ووفقًا للبنك الدولي؛ فإن نسبة البطالة بين الشباب وصلت إلى 25%، كما تم تصنيف العراق من قبل منظمة الشفافية الدولية بأنها ضمن أسوأ 12 دولة من في العالم، ووفقًا للأرقام الرسمية، بلغت قيمة الفساد 410 مليارات يورو منذ عام 2003، وهو ضعف إجمالي الناتج المحلي، كما أنه لا تزال هناك العديد من المناطق المُدمّرة بسبب الحرب ضد تنظيم داعش.

وقد حاول رئيس الوزراء العراقي امتصاص غضب الشارع عن طريق بعض الإصلاحات السياسية والاجتماعية، وذلك باستحداث نظام جديد لشغل الوظائف العامة، ومعاشات التقاعد، وتغيير مجلس الوزراء، وغيرها من الإجراءات التي لم تفلح حتى الآن في تهدئة الشارع العراقي، وتتميز هذه المظاهرات في العراق بأنها جاءت عفوية ونتيجة لتراخي حكومة عادل عبد المهدي، التي تولت السلطة منذ عام تقريبًا، لكنها لم تأتِ بجديد، وتعاني فئة الشباب في العراق من الأوضاع المتردية التي تزداد سوءًا يومًا بعد يوم، ولا يُرى في الأفق ما يُبشّر بانفراجة قريبة على يد هذه الحكومة، التي بادرت باستخدام العنف ضد الشباب المحتجين.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا