الصحافة الألمانية| تحالف الخفاء بين أردوغان والأسد.. ومن يملأ الفراغ الأمريكي في سوريا والعراق؟

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – عماد شرارة

إيران تجرّب صواريخ متوسطة المدى.. فهل تتصادم مع الاتحاد الأوروبي؟

نشر موقع "دويتش فيلله" تقريرًا للكاتب "شميل شامز" تحدث عن احتمالات وبوادر تصادم جديد بين الاتحاد الأوروبي وإيران بسبب تجارب الأخيرة لصواريخ متوسطة المدى، وشرح التقرير الأسباب الخفية لهذه التجارب، لا سيما خلال فترة الاحتفال بالثورة الإيرانية.

وأضاف التقرير أن الاتحاد الأوروبي يحاول التحايل على العقوبات الأمريكية ضد طهران، والحفاظ على المصالح التجارية معها، وفي نفس الوقت تقريبًا تختبر إيران سلاحًا جديدًا متوسط المدى، فهل هذا يمثّل استفزازًا حقيقيًّا تجاه بروكسل؟

صفعة على وجه الاتحاد الأوروبي

أعرب الاتحاد الأوروبي عن انزعاجه الشديد من أنشطة إيران، ودعا إلى التوقف الفوري عن إجراء المزيد من هذه التجارب التي تتعارض مع قرارات مجلس الأمن الدولي. في مقابل ذلك يلتزم الاتحاد الأوروبي بالاحتفاظ بمعاهدة 2015م. فيما لا تزال بروكسل تدعم إيران، فقد قررت كلٌّ من فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا إنشاء جهاز جديد يسمى "انستكس"، من شأنه أن يسمح للشركات الأوروبية بالتحايل على العقوبات الاقتصادية تجاه إيران.

من جانب آخر قال "باولو كاساكا"، الخبير في الشؤون الإيرانية، ومدير منتدى الديمقراطية بجنوب آسيا في الاتحاد الأوروبي للإذاعة الألمانية: إن المراقبين يرون أن إيران لا ترغب في التعاون الحقيقي مع الاتحاد الأوروبي، وهذا ما يؤكده "ترامب" أيضًا، وأنَّ النظام في طهران لا يمكن الوثوق به، وأن أوروبا تبدو ضعيفة أمام نظام الملالي. أما البرتغالي كاساكا، الذي كان عضوًا في البرلمان الأوروبي في الفترة من 1999 إلى 2009، فيرى أن تعامل الاتحاد الأوروبي ودعمه لإيران لا يمكن فهمه.

الإيرانيون مختلفون بشأن الدعم الأوروبي

وتساءل التقرير: لماذا تختبر إيران سلاحها الجديد في هذا الوقت الذي تحتاج فيه إلى دعم الاتحاد الأوروبي؟  ويجيب الخبير في الشئون الإيرانية في برلين "مهران باراتي" عن هذا التساؤل قائلًا: "إن النظام الإيراني، الذي يتوقع هجومًا من إسرائيل، يريد أن يعلن لأمريكا وإسرائيل بأن لديه صواريخ وأسلحة فعّالة يصل مداها 1300 كيلو متر، قادرة على التفوق على الرادارات الإسرائيلية والأمريكية، وأن طهران تعتمد على نفسها ولا تنتظر دعمًا من أحد، حتى ولو كان الاتحاد الأوروبي، ولذلك تقوم طهران بهذه التجارب حتى لو شكلت عبئًا على اقتصاد الدولة.

وفيما يخص الدعم الأوروبي لطهران قال "رتزا تاج زاده"، الخبير في الشئون الإيرانية بالمملكة المتحدة، إن القادة الإيرانيين منقسمون بشأن قضية الدعم الأوروبي، فالرئيس "حسن روحاني" يدعو إلى الانفتاح على أوروبا، والتعاون الجاد بشأن محاربة عمليات تمويل الإرهاب وغسيل الأموال، بينما يرى المتطرفون الإسلاميون أن الوسيلة الجديدة التي اقترحتها الدول الأوروبية للتحايل على العقوبات الأمريكية لن تكون مُجدية، وأنه ينبغي مهاجمة أوروبا والتخلص من سياسات "روحاني" الدبلوماسية.

 الشباب الإيراني يتطلع إلى الحرية

نشر موقع "إذاعة ألمانيا" حوارًا مع الكاتب "بهمن نيروماند" تحدث فيه عن رغبة النظام الإيراني في صبغ إيران بالصبغة الدينية الإسلامية، ودور الشباب الإيراني في التصدي لهذا التوجه، حيث ساعدت أدوات التواصل العالمية على الشبكة العنكبوتية على تمرد الشباب ضد النظام والانفتاح على العالم الخارجي بثقافاته وحضاراته، وقال "نيروماند" في الحوار الذي أجراه "برجد بيكر": إن الحكام في إيران لم يتمكنوا من أسلمة البلاد بفضل هذا الجيل من الشباب المنفتح على العالم؛ فوسائل التواصل الاجتماعي خلقت جيلاً مختلفًا تمامًا عن الجيل الذي يرغب به النظام الإيراني.

سقوط الأقنعة

وأضاف أن الشعب الإيراني اعتقد أن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية السابق "آية الله الخميني" هو المسيح؛ فقد وعد الإيرانيين بجنة يتمتع الجميع فيها بالحرية والمساواة، وأنه لن يكون هناك أجهزة استخباراتية، ولن يتم نفي السجناء السياسيين، واعتقد الغالبية من الشعب حينها أنه صادق، حتى ظهر على حقيقته، وسرعان ما ظهر أن حكمه ليس أكثر من شكل جديد لديكتاتورية نظام الشاه؛ فكتبت مقالاً في صحيفة ألمانية آنذاك بعنوان: "ديكتاتورية جديدة تفوح في إيران".

وأوضح الكاتب أن "الخميني" كان يريد أسلمة كاملة للبلاد التي كانت علمانية في ذلك الوقت، ولم تكن النساء فيها مجبرة على ارتداء الحجاب، وكان "الخميني" حذرًا وذكيًّا للغاية، حتى انقلب الحال في عام 1979 وجاءت الحرب بين إيران والعراق التي كانت فرصة لإسكات المعارضة برمّتها؛ فكل منتقد أصبح خائنًا، وأعطت الحرب الفرصة للإسلاميين للمتاجرة بمئات الآلاف من الشهداء الذين لقوا حتفهم، وفجأة كان الأمر واضحاً: "لقد نجحت قوة الإسلاميين في ترسيخ أقدامها".

الوضع الاقتصادي لا يمكن تحمله

ولفت "نيورماند" إلى أن الوضع الاقتصادي الحالي للشريحة الأكبر في إيران لا يمكن تحمله، وأن السبب في ذلك ليست العقوبات الأمريكية، ولكن الفساد المستشري في البلاد، والذي جعل من البلد الغني بالبترول بلدًا فقيرًا، وبذلك بات النظام يخسر من قاعدته الشعبية يومًا بعد يوم، حتى بات الوضع في طهران غير مستقر، ولا يستطيع أحد أن يتنبأ بما سيحدث غدًا، بيد أن الخوف هو ما يحكم الجميع، ولذلك لا يستطيع نيورماند، البالغ من العمر 83 عامًا، أن يعود لوطنه الذي يشتاق إليه، على الرغم من أنه يعيش في برلين منذ ما يزيد عن الثلاثين عامًا.

أردوغان والأسد من الصداقة إلى العداوة وأخيرًا الانتهازية

نشر موقع "شبيجل أونلاين" تقريرًا للكاتبين "ماكسيميليان بوبي" و"كريستوف سيدو"، أشار إلى تناقض سياسة الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" ولغة الانتهازية في علاقته بالرئيس السوري "بشار الأسد"، حيث يرغب الأول في إعادة العلاقات مع الثاني بعدما وصفة بـ"الإرهابي القاتل لشعبه"؛ وذلك من أجل حصار حزب العمال الكردستاني في سوريا.

أنقرة بوابة سوريا لأوروبا

وقد قامت أنقرة سابقًا بعقد اتفاقية تجارة حرة مع دمشق، بموجبها أصبح الشعب السوري قادرًا على السفر إلى تركيا من دون تأشيرة، وفي المقابل عقد الكثير من رجال الأعمال الأتراك استثمارات ضخمة في سوريا؛ فبالنسبة للأسد كانت تركيا تمثل البوابة لأوروبا؛ فموقع أنقرة وقربها من الاتحاد الأوروبي يؤهلها لذلك، وعلى الجانب الآخر كان أردوغان يرغب في مد الجسور مع العالم العربي.

إهانة الأسد لأردوغان

ولكن بعد اندلاع الحرب الأهلية في سوريا ساءت العلاقة بين الطرفين، حيث حاول أردوغان الضغط على بشار للقبول بمشاركة الإخوان المسلمين في السلطة، مهددًا إياه بأنه سيلقى حتمًا مصير مبارك إذا استمر في عناده، لكن بشار رفض تدخل أردوغان، وهو ما اعتبره إهانة وترتب عليه سوء العلاقة بين الجانبين، والتي بدأت بوصف أردوغان للأسد بالقاتل لشعبه والإرهابي، فيما رد الأسد باتهام أردوغان بدعم الإرهابيين، وتطور الأمر إلى المواجهات العسكرية بين البلدين في السنوات الأخيرة، ومؤخرًا أعلن وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو" عن عودة للعلاقات مع نظام الأسد.

رعب أردوغان من وحدات حماية الشعب الكردي

في الأشهر الأخيرة، تحدث أردوغان بشكل متزايد عن تغيير النظام في سوريا، لكنه تجنب الهجوم على الأسد، ومع ذلك لم يغير موقفه، ومع دخول الطرف الثالث الذي تمثل في قوات حماية الشعب الكردي، تغيرت المعادلة، فقد اعترفت الولايات المتحدة بفضل وحدات حماية الشعب الكردي في هزيمة تنظيم داعش، وباتت هذه القوات تسيطر الآن على ثلث سوريا.

 ويَعتبر أردوغان تلك الوحدات فرعًا سوريًّا لمنظمة حزب العمال الكردستاني، التي تصنفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، وتغيرت أولويات أردوغان في سياسته تجاه دمشق؛ فأصبح أقل اهتمامًا بالتخلص من الأسد مقابل منعه قيام منطقة حكم ذاتي للأكراد بقيادة وحدات حماية الشعب في سوريا. وفي العام الماضي هاجم الجنود الأتراك مدينة عفرين السورية، التي كانت حتى ذلك الحين تحت حكم وحدات حماية الشعب، ويود أردوغان أن يمدد العملية إلى الشمال الشرقي ليخلق ما يسمى بالمنطقة العازلة في المنطقة الحدودية.

 وحتى الآن لم تنجح العمليات العسكرية التركية بسبب الموقف الأمريكي، حيث تَعتبر واشنطن وحدات حماية الشعب شريكًا في القتال ضد داعش، ومع ذلك فبعد إعلان "ترامب" بشكل غير متوقع سحب قواته من سوريا، بات مستقبل الأكراد في يد دمشق وموسكو وليس واشنطن أو أنقرة.

الصراع بين أنقرة ووحدات حماية الشعب الكردي

يدعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حليف الأسد الأقوى، القوات السورية الحكومية لبسط نفوذها على كامل التراب السوري، بما في ذلك مناطق نفوذ وحدات حماية الشعب، وذلك لمحاصرة أنقرة في شمال سوريا. من جانب آخر دفعت سياسة "ترامب" المتخبطة إلى تجدد الصراع بين أنقرة ووحدات حماية الشعب الكردي؛ فكلا الطرفين يسابق الآخر لإبرام الاتفاق مع "بوتن" و"الأسد".

وقد أعلن الأكراد أنهم بحثوا مع النظام السوري قضية إعلان الحكم الذاتي، وصرح مسئول كردي رفيع خلال زيارته لواشنطن الأسبوع الماضي أن المقاتلين الأكراد قد ينضمون إلى الجيش السوري. وفي المقابل أشار "بوتن" عقب اللقاء الأخير الذي جمعه بأردوغان إلى اتفاق أضنة الذي عُقد بهذه المدينة التركية عام 1998، والذي بموجبه تلتزم الحكومة السورية بمجابهة أي خطر ضد تركيا من داخل الأراضي السورية.

 وإذا ما طُبق هذا الاتفاق فإن هذا من شأنه الاعتراف بشرعية الأسد مقابل توجيه تركيا ضربات عسكرية ضد وحدات حماية الشعب الكردي في سوريا، ويبدو أن الأمور والدلالات تشير جميعها إلى أن الحل سيكون في هذا الاتجاه.

معضلة القوات الأمريكية في سوريا والعراق

نشر موقع "دير شتاندر" تقريرًا للكاتب "جودرون هارير" تحدث عن مشكلة القوات الأمريكية سواء في العراق أو سوريا، فبعدما أعلن "ترامب" سحب قواته من سوريا، تأتي مبادرة الرئيس العراقي بإعلان رغبته في خروج القوات الأمريكية من بلاده، لتثير هذه الخطوة الكثير من التساؤلات بخصوص مصير القوات الأمريكية بعد هذه التطورات الجديدة.

وفي ظل مكافحة "داعش" في مرحلته الأخيرة، يريد الاستراتيجيون العسكريون في أمريكا البقاء في سوريا والعراق بسبب حصار النفوذ الإيراني، ولا يزال يُصرّ ترامب على رغبته في الانسحاب الكامل من شمال شرق سوريا، ولكن ليس بهذه السرعة التي أعلن عنها عقب اتصاله بأردوغان، ولكن سيتم هذا الأمر بالتنسيق مع الدول الحليفة المشاركة في التحالف ضد "داعش"، والتي تتكون من بريطانيا وفرنسا وألمانيا والمملكة العربية السعودية ومصر والأردن.

وتهدف هذه الخطوة الى نزع مخاوف تلك الدول من ترك الساحة للأتراك للعبث بأمن بلدٍ عربي ظنوا أنه سيعود جزءًا من الإمبراطورية العثمانية التي ولَّت، كما أن القضاء على "داعش" لم يتحقق بعد؛ ففي سوريا يمكن لأعضاء التنظيم الإرهابي، ولا سيما الأجانب الذين يبلغ عددهم ما يزيد عن 800 شخص من40 دولة؛ أن يعودوا ليحيوا التنظيم من جديد في أقل من نصف عام.

الرابح في الحرب السورية

لا يزال "ترامب" متخبطًا في سياسته؛ فعندما أعار أذنيه لأردوغان صرَّح بأنه متمسك بخطة الانسحاب، والآن يُصرّح في مقابلة مع شبكة "سي بي إس" بالنقيض قائلاً: "يجب أن نضمن أمن إسرائيل ونضمن حماية مصالحنا هناك، ولذلك سيذهب بعض الجنود المتواجدين في سوريا إلى العراق، لكنهم سيعودون إلى ديارهم في النهاية".

ولا يسير الأمر في صالح واشنطن؛ ففي العراق يتواجد 6000 من القوات الأمريكية، كما يصرح الرئيس العراقي "عادل عبد المهدي"، جاءوا بعد دعوة رسمية من الحكومة العراقية آنذاك، وهو ما يختلف عن الوضع في سوريا، ولكن في النهاية يحث البرلمان والرئيس العراقي القوات الأمريكية على مغادرة البلاد، وهو ما يتناقض مع السياسة الأمريكية التي ترمي إلى البقاء في كل من سوريا والعراق لمقاومة النفوذ الإيراني، والذي يبدو أنه الطرف الرابح في الحرب السورية إن استطاع البقاء هناك في ظل الظروف الراهنة.
 

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا