الصحافة الألمانية| تركيا الجديدة تعلن عن نفسها.. وليبيا على أعتاب حرب أهلية

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – عماد شرارة
 
الانتخابات المحلية التركية وبداية النهاية لحقبة أردوغان

نشر موقع "تسايت أون لاين" تقريرًا للكاتب "كان دونر" تحدث عن تأثير هزيمة حزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في المدن الثلاث الكبيرة، وتأثير ذلك ودلالاته، لا سيما بعد تقدم المعارضة وتحقيق الانتصار بنسبة تصل إلى 8% عن العام الماضي، وهو ما يؤكد أن تركيا الجديدة بدأت تعلن عن نفسها.

وبدت الانتخابات المحلية في تركيا كما لو أنها ليست تصويتًا ولكنها حرب؛ فالتحالفات الانتخابية معادية لبعضها البعض، وفي ظل هذه الأجواء يطل أردوغان من شرفة قصره في لقطته الشهيرة عقب كل انتخابات لتتناقلها القنوات التلفزيونية ووسائل الإعلام.

أردوغان الذي وعد – في حالة فوزه – بمواصلة حروبه عن طريق المزيد من أحكام السجن والإعدام، حتى لو فازت المعارضة الإرهابية المدعومة من الخارج – على حد زعمه – لن يسمح لها بتهديد المستقبل المشرق، الذي يزعم أردوغان أنه وحده القادر على رفع لوائه أظهرت الانتخابات الأخيرة برجماتية أردوغان وحزبه، فلم يترك أردوغان أية مناسبة أو ظهور إعلامي أن يتحدث عن مذبحة "كرايستشيرش" لاستغلال الحافز الديني لدى الناخبين الأتراك، ولم يكتف بهذا الامر فقد قام وزير داخليته المتشدد بالتلويح باستخدام القوة ضد المعارضة، حينما قال" فلينجحوا، وسوف نرى!"، وعندما بدأت تلوح هزيمتهم في الأفق لجأ المتحدث باسم الحكومة إلى استخدام سلاح الدين، حيث قال: "إن من يختار حزب العدالة والتنمية فقد أبرأ ذمته أمام الله تعالى يوم القيامة".

ورغم كل هذه المحاولات جاءت النتيجة معاكسة لما كان يتمناه أردوغان وحزبه؛ فقد ردت المعارضة على تلك المهاترات من خلال صناديق الاقتراع، التي نقلت السلطة الإدارية للمدن الثلاث الأكبر كثافة انتخابية في البلاد (اسطنبول وأنقرة وأزمير) إلى يد المعارضة، وعلى الرغم من أن حزب العدالة والتنمية على مستوى البلاد بأكملها حقق النتائج ذاتها في انتخابات العام الماضي مرة أخرى، بيد أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، كأكبر حزب معارض، حقق زيادة بما يقرب من 8% عن العام الماضي؛ ليصبح بذلك الأقرب لحزب العدالة والتنمية، ومن ثم ردت المعارضة عمليًّا على من يقول إنه "لا بديل عن أردوغان"، وتقول: "نحن هنا"، لكن كيف ستسير الأمور؟

ولا يزال أردوغان يعلن أنه قادر رافعًا شعار "البقاء والاستمرار"، غير أنه من الواضح أن الطريق بات ممتلئًا أمامه بالعقبات؛ فوسائل الإعلام التي يسيطر عليها بالكامل لم تفده بالكثير، واستمرت عاصفة الانشقاق عن حزبه وكذلك جبهة المعارضين، ومن خلال إقصاء الجميع ساهم في تشكيل "تحالف للمعارضين"، لكن قبل كل شيء، كان تراجع الاقتصاد هو السبب الرئيس، بالإضافة إلى المعارضة التي شجعها النجاح الانتخابي، ويجب عليه الآن مواجهة الغاضبين من تردي الوضع الاقتصادي المستمر.

لابد من مكافحة الكراهية ضد المسلمين في الغرب

أجرت "دُنيا رمضان"– الصَحفيَّة بجريدة "دويتشه تسايتونج"– حوارًا حول كيفية تعامل المسلمين في الغرب مع ظاهرة "معاداة الإسلام" مع الخبيرة في مجال مكافحة "الإسلاموفوبيا" في الغرب "ياسمين شومان" (38 سنة)، والتي تشرف على برامج الأكاديمية بالمتحف اليهودي في برلين، وتتولى مسؤولية الإشراف على قضايا "الهجرة والاندماج"، والمنتدى اليهودي الإسلامي.. وفيما يلي نص الحوار:

–  السيدة، شومان، أنت تؤكدين أن معاداة الإسلام باتت ظاهرة مُتغلغلة في المجتمع الألماني، وقد كانت رسالتك للدكتوراه حول "حركة بيجيدا اليمينية المتطرفة، وموجات اللاجئين"؛ فكيف يمكنك تقييم الوضع في ألمانيا، لا سيما بعد الهجوم الأخير على المسلمين في نيوزيلندا؟
ياسمين شومان: لم يحدث في ألمانيا حتى الآن نقاش موضوعي وحقيقي بخصوص قضية العنصرية و"معاداة المسلمين"، وبعد ما يُسمى بـ"أزمة اللاجئين" عادت فكرة التهديد الديموغرافي لأوروبا من قِبل المسلمين، حتى دعم عددٌ من الكتّاب مثل: "تيلو سارازين" تغذية هذا الخوف؛ حيث قال سارازين: "إننا نحن الألمان لن يبقى لنا وجود وباتت ثقافتنا بمُهددة بالفعل بسبب موجات هجرة اللاجئين إلى بلادنا". ولذلك فمن الطبيعي أن ينتج عن هذا الفكر أعمال إرهابية، مثل ما حدث بمذبحة نيوزيلندا، لكن ليس من الطبيعي عدم وجود آلية مُحددة لمواجه هذا الفكر حتى الآن!

–  ماذا تقصدين بذلك؟

كانت هذا المذبحة ضد مجموعة مُحددة من الناس، لكن كان يجب أن تكون دافعًا لمناقشة قضية "كراهية المسلمين ومعاداتهم"، والتي كانت الدافع الأقوى وراء هذا العمل الإرهابي المخيف بالفعل؛ فالتطرف اليميني مهما بلغ قوته لا زال هامشيًا بالنسبة للمجتمع الأوروبي والألماني، ولكن العنصرية و"معاداة الإسلام والمسلمين" تغلغلت في أوساط المجتمع، وهذا ما تؤكده أغلب الدراسات حول موضوع "معاداة المسلمين وكراهية الإسلام" في المجتمع الغربي في السنوات الأخيرة.

–  من المكن أن يقول الكثيرون إن حادثة نيوزلندا لا علاقة لها بالمجتمع الألماني، فلماذا يتم استغلالها للحديث عن ظاهرة "الإسلاموفوبيا" في ألمانيا؟

ببساطة؛ لأنه هذا البلد أيضًا به أرض خصبة لنفس أيديولوجية مرتكب الجريمة، ويزعم اليمينيون أن هناك خططًا لاستبدال وتبديل وشيك وخطير للتركيبة السكانية، وطبقة النخبة عن طريق "أسلمة أوروبا"؛ فهناك الكثير ممن يُروِّجون لمثل هذه الأفكار، ويتم استخدام هذه التصورات بشكل واسع ومخفف في الخطاب السياسي، وهي ليست آراء لأفراد، بل لجماعة متطرفة على شبكة الإنترنت، وعلاوة على ذلك، فقد حدث في ألمانيا العديد من الهجمات على المساجد، واستخدام العنف ضد المسلمين، ورغم ذلك كله لا يوجد نقاش جاد حول هذا الموضوع.

–  هل هناك أدلة على استخدام العنف ضد المسلمين في ألمانيا؟

مؤخرًا قام رجل في برلين بضرب امرأة حامل ترتدي الحجاب في بطنها وهرب، وذكرت شرطة برلين أن هناك تصاعدًا ملحوظًا لهذا النوع من الهجمات؛ فقد أهان الرجلُ المرأةَ بسبب حجابها قبل أن يضربها، وهذه ليست الحادثة الأولى التي تحدث بنفس النمط. وحينما قُتلت "مروة الشربيني" كنت في ذلك الوقت أحقق في ردود الأفعال حول حادث الطعن العنصري ضدها في قاعة محكمة درسدن في عام 2009م، وكانت "الشربيني" رفعت دعوة سابقة ضد القاتل بسبب إهانته لها في النادي الرياضي، ووصفها بالمتطرفة الإسلامية، وبعد اغتيالها نفت الحكومة الألمانية (آنذاك) وجود أي علاقة لظاهرة "الإسلاموفوبيا" بهذا الأمر، وأعلنت أنها مُشاجرة عادية تسببت في النهاية بمقتل "الشربيني"، وعزّت كذلك المستشارة رئيس الوزراء المصري بدلاً من إعلان تضامنها مع المسلمين الألمان، ولم يكن هناك شك في خلفية هذا الحادث العنصرية بسبب ما يراه المسلمون في حياتهم اليومية في ألمانيا، لا سيما من يرتدين الحجاب؛ فكثيرًا ما يتعرضن للبصق والإيذاء، وهذا يحدث طوال الوقت، لكن لا أحد يريد أن يتحدث عن هذا الأمر.

–  ما السبب في ذلك؟

يُعتقد خطأً أن وجود المسلمين يسبب مشاكل في أي مجتمع باستمرار، ويشكك سياسيون بارزون مثل وزير الداخلية الاتحادي "هانز بيتر فريدريش" (2011-2013) أو "هورست سيهوفر" في انتماء الإسلام إلى ألمانيا، وأحيانًا يتم إعلان مثل هذه المواقف علانية، وهو ما حدث بعد نشر كتاب سارازين، كل هذا أدى إلى تطبيع العنصرية المُعادية للمسلمين، وأثّر في قضية التعاطف معهم كضحايا للتمييز أو الإرهاب، ولذلك عندما نُلقي نظرة على التعليقات من قبل القُراء والجماهير على الإنترنت في الموضوعات المتعلقة بأحداث التمييز ضد المسلمين، ستجدها تحتوي على الكثير من خطاب الكراهية.

–  وكيف تفسرين إعلان رئيسة الوزراء النيوزلندية "جاسيندا أردير" بعد المذبحة سريعًا ودون تردد أن العمل كان هجومًا إرهابيًّا على المسلمين؟

هذا صحيح، لكنه استثناء؛ فعادةً ما يتم تصوير العمليات الإرهابية للون الأبيض على أنها أعمال فردية وليست نتيجة لأيديولوجية واسعة الانتشار.

–  كيف ذلك؟

نعم؛ فقد حدث ذلك أيضًا مع الإرهابي النروجي "أندرس بريفيك"، لكن بعد أي هجوم منسوب للإسلام يتم الحديث عن نمط وظاهرة وليس عملًا فرديًّا.

–  إذًا هناك فارق جوهري فيما إذا كان الجاني مسلمًا أم غير مسلم؟

نعم؛ هذه قضية اجتماعية ونفسية، فبينما يتم استبعاد الجاني أو المتهم من مجموعة فكرية معينة من تهمة الجماعية (الانتماء لجماعة أكبر) يتم اعتبار الجاني أو المُتهم من مجموعة فكرية أو أيدلوجية أخرى نموذجًا ورمزًا لجماعة كاملة تُمارس هذا الفكر المنحرف والمتطرف والإرهاب، وبذلك ينسب العمل المتطرف أو الإرهابي في مجموعة إلى الشخص وفي الأخرى إلى الجماعة رغم أنه لا فارق بين الاثنين.

–  كيف تقيّمين انتقاد الصحف الألمانية لمذبحة نيوزلندا، فقد عنونت صحيفة "برلينر يفارتسايونج": يقتل أبرياء ثأرًا للعملية الإرهابية في ميدان برايتشايد؟

هذه العناوين تُعبر ضمنيًّا عن تبرير لهذا العمل الإجرامي، فعلى الرغم من أن العنوان أكّد على أنه قد قتل أبرياء لكنه لم يسمهم ضحايا فقط، بل ذكر أنهم قاموا بأعمال إرهابية، وبذلك يجري ربطهم بهجوم إرهابي إسلامي وقع على بُعد حوالي 20 ألف كيلومتر، وأغلب الدوافع العنصرية المُعادية للمسلمين وأبعادها الاجتماعية مرجعها مثل هذه النماذج من الطرح غير المُنصف وغير البريء على الإطلاق.

–  أطلقت وسائل الإعلام الإنجليزية على الجاني اسم "المتفوق الأبيض" (والذي يؤمن بتفوق الجنس الأبيض).. فهل حدث مثل ذلك في ألمانيا؟

نعم، لكن المتطرفين اليمينيين في ألمانيا يتحدثون بصراحة عن تفوق مزعوم للبيض، ويطرحون الأمر بهذه الصورة بهدف استقطاب وتجنيد الطبقة الوسطى، ومن ثم يستخدمون شعارات مثل: "الحضارة الغربية السائدة" و"طريقتنا في الحياة"، والتي تُزعم أنها تتعارض مع "الثقافات الأخرى" التي تعدّ الأدنى، وتعمل مثل هذه الخطابات المُعادية للمسلمين على بناء مجتمع وطني وهُوية غربية عابرة للحدود، وفي هذا التصور تعدّ المسيحية هي دين البيض، والإسلام دين غير البيض.

–  إلى أي مدى ترتبط العنصرية بقضية معاداة المسلمين؟

يعرف الجميع أن استخدام مصطلح "عنصر أو عِرق" كان من المُحرمات في المجتمع الألماني بعد الجرائم النازية في حقبة هتلر، لكن للأسف لم ينته تأثير استخدام هذا المصلح؛ بل على العكس ازداد توسعًا بشكل متزايد، حيث أصبحت العنصرية لا تقتصر على العنصر (العِرق) فقط؛ بل على الثقافة التي باتت مرادفًا عنصريًّا كالوراثة والصفات البيولوجية تمامًا؛ ومن ثمَّ لم يعد ممكنًا بالنسبة لهؤلاء أن يجتمع الألماني (عِرق) مع المسلم (دين)؛ فهم نقيضان كالماء والنار.

–  متى يتوقف تبرير النقد للإسلام؟

تعميم الصفات والكيل بمكيالين دائمًا ما يكون مؤشرًا على أن هذا ليس نقدًا بريئًا، وبطبيعة الحال فإن السؤال الذي يطرح نفسه في كثير من الأحيان هو: ما هدف هذا النقد؟ هل هدفه التقويم أم إضفاء الشرعية على تهميش المسلمين؟

فمثلاً، يمكننا أن نلاحظ أن حقوق المرأة أو حقوق المثليين جنسيًّا لا تثار من قِبل بعض الجهات الفاعلة إلا عندما يتعلق الأمر بالمسلمين، لكن دون استخدام نفس المبدأ ضد غير المسلمين، حتى ولو كان هناك تعدٍّ صريح وانتهاك لهذه الحقوق المزعومة، وهذا يدل على أن حقوق الإنسان يجري استغلالها من أجل تبرير " معاداة المسلمين والإسلام".

–  ما الجديد الذي أفصح عنه حادث نيوزلندا؟

هناك، حيثما يوجد مسلمون في بلاد غير إسلامية، مَن أصبح مشغولًا بفكرة كيفية التخلص من تواجد هؤلاء المسلمين؟ ففكرة طرح تواجد المسلمين للتصويت في ألمانيا، على سبيل المثال، فكرة ضارة جدًا بالمجتمع، وكأنه بات يمكن تقسيم المجتمع إلى ضيوف وأصحاب الأرض، ولا يتوقع هذا من بلد مثل ألمانيا في القرن الحادي والعشرين، ولذلك يجب اعتبار المسلمين جزءًا طبيعيًّا من السكان الألمان.

داعش والحرب في طرابلس

نشر موقع "فرنكفورتر ألجماينا" تقريرًا للكاتب "كريستوف إيرهارت" أشار إلى تأثير الحرب في طرابلس على عناصر داعش، التي ستقاتل بكل ما تملك من أجل بقاء أحد المصادر الرئيسية للتمويل، وهو النفط الذي تتمتع به هذه العاصمة، مشيرًا إلى أن الحرب في طرابلس هي صراع على السلطة في المقام الأول.

وأضاف التقرير أن اللواء "خليفة حفتر" قام بالهجوم على طرابلس، وهي خطوة مجنونة تحمل في طياتها الكثير من المخاطر، ولا شك أن الحسابات ستختلف بناءً على سير المعارك على الأراضي الليبية، ولكن يبقى الليبيون هم الطرق الخاسر من هذا الصراع على السلطة والحرب بالوكالة في طرابلس العاصمة التي تسيطر عليها المليشيات، وتمثل الجزء الأكبر من الثروة هناك.

 وتابع التقرير أن "حفتر" قرر أن يفرض واقعًا جديدًا ليس من السهل تحقيقه في ظل تعقيدات المشهد الليبي وضبابيته في الوقت الراهن، لكن يبقى الخطر المنسي، والذي لا يمكن الاستهانة في استغلال العناصر الداعشية لحالة الفوضى والصراع الناجم عن هذه المعارك، والتي يحتمل أن تطول إذا لم تنجح حسابات "حفتر" في تحقيق مُبتغاه من هذه المعركة الخطيرة.

وبالتأكيد يأتي استمرار الوضع الحالي والحرب بين الطرفين في ليبيا في صالح الجماعات الجهادية وعناصر داعش، وليس الأمر كما يقول البعض من هذه الحرب لا رابح فيها ولا خاسر، فلطالما استمر الصراع حول العاصمة ورُفضت الحلول السياسية فسيبقى الجهاديون في الدولة الإسلامية في ملاذ آمن في صحاري الأرضي الليبية الشاسعة يخططون لاستغلال هذه الحرب لصالحهم واستعادة قوتهم، فيما تبقى الرغبة الحقيقية لدول النفوذ على الأطراف الليبية هي عامل الحسم والقول الفصل في هذه الحرب التي لا يُحمد عقباها.

ليبيا على أعتاب حرب أهلية

وفي السياق ذاته، نشر موقع "فيلت" مقالاً للكاتب "دانيال ديلان بومر" أكّد على قلق الاتحاد الأوروبي ودول كثيرة من العالم بسب الخوف من تطورات الوضع في ليبيا، بعد إصرار اللواء خليفة حفتر على الحل العسكري، ورفض أية محاولة للحل السياسي.

وانتقد الكاتبُ الساسةَ الأوروبيين بسبب موقفهم الحالي من محاولة اقتحام العاصمة الليبية من قبل اللواء حفتر، مؤكدًا أن الاتحاد الأوروبي يقع في نفس أخطاء الماضي الفادحة، حين شاركت الطائرات البريطانية والفرنسية في قصف ليبيا من أجل دعم الديمقراطية التي قتلوها يوم أن تركوا طرابلس غارقة في الفوضى والسلاح، وعجزت بروكسل عن لعب دور حاسم في الحوار الوطني الليبي آنذاك، بل قامت الدول الأوروبية بتمويل المليشيات بحجة قدرتها على السيطرة على المهاجرين.

 وأكد الكاتب على أن أوروبا تجني ما اقترفت يداها، فقد باتت ليبيا على أعتاب حرب أهلية، ولا شك أن نيرانها بالتأكيد ستطول القارة العجوز، سواء عن طريق موجات الهجرة واللجوء أم عن طريق مزيد من العمليات الإرهابية من قبل العناصر الإرهابية، والتي تتغذى من مثل تلك الصراعات والحروب، وتتقاطع فيها المصالح بين الشرق والغرب.

واليوم بات أمام الأوروبيين خياران أحلاهما مُر! فإما دعم "حفتر" بما يمثّله هذا الرمز للغرب من رفض للديمقراطية وسعي للمصلحة الذاتية على حساب مصالح الشعوب ومستقبلها، أو حسم الموقف من خلال استخدام القوة العسكرية لصالح الديمقراطية، بيد أن الخيار الأخير لا يخلو أيضًا من المخاطر، وليس النموذج السوري منا ببعيد؛ فقد فشل خيار المشاركة العسكرية لأسباب عديدة معقدة، لكن في النهاية بقيت النتائج الكارثية؛ ستة ملايين لاجئ، وظهور داعش، وغيرها من الكوارث التي يعاني منها الغرب حتى الآن.

الرغبة في تغيير جذري في الجزائر

وحول الأوضاع في الجزائر؛ نشر موقع "زود دويتشه تسايتونج" تقريرًا للكاتبة "دُنيا رمضان" تحدث عن تطورات الوضع الحالي ورفض المُعارضة والمحتجين الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح باعتباره أحد روافد ورموز النظام القديم، وبداية مرحلة استخدام القوة ضد المتظاهرين المُحتجين من قبل الشرطة الجزائرية، عبر استخدام القنابل المسيلة للدموع ورشاشات المياه، وغيرها من أساليب تفريق المتظاهرين.

ولا زال الاحتجاج والتظاهر يواصل زخمه في البلاد، حيث يطالب العديد من الجزائريين بمغادرة الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح، لكن الشرطة الجزائرية اعتقلت عددًا من المتظاهرين وحاولت – دون نجاح – تفريق هذه المظاهرات في العاصمة الجزائرية باستخدام الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه، وعلى الرغم من أن المتظاهرين حققوا الكثير في الأسابيع الأخيرة، إلا أنهم مُصممون على إحداث تغيير جذري لكل رموز النظام القديم.

خطوات في سبيل التهدئة

تُصرُّ القيادة العسكرية في الجزائر على استخدام المسار الدستوري، والذي يتمثل في إشراف الرئيس المؤقت "عبد القادر بن صالح" على الانتخابات الجديدة في البلاد، ومن ثم يتم تسليم السلطة للرئيس المنتخب، لكن يبقى موقف المتظاهرين واضح من رفض هذا المسار، على الرغم من أن قيادة الجيش اتخذت خطوات من أجل كسب ثقة المتظاهرين؛ كالقبض على الكثير من رجال الأعمال المتهمين بالفساد، والسماح بإنشاء وتسجيل المزيد من الأحزاب، وغيرها من الخطوات التي لم تلق صدىً لدى الشارع الجزائري الرافض للتغيير الشكلي في النظام الجزائري القديم.

وفي النهاية أكد التقرير أنه ربما تأتي الأيام المقبلة بالجديد، في ظل استمرار الحراك في الشارع الجزائري ورغبته في التغيير الجذري، وبطء القيادة العسكرية في تلبية كل تلك المطالب.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا