الصحافة الألمانية | عقوبات جديدة ضد أنقرة من الاتحاد الأوروبي.. وهل تنجح محادثات واشنطن وطالبان؟

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – عماد شرارة


الليرة التركية.. الهدوء الذي يسبق العاصفة

نشر موقع “فوكس أون لاين” تقريرًا لفت إلى الانخفاض الحاد لليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي، حيث واصلت العملة التركية خسائرها منذ مطلع عام 2020 إلى 21 %، كما واصلت انهيارها أيضًا أمام اليورو بعدما سجلت مستوىً غير مسبوق أيضًا.

ويرى السيد تاثا جوسي، الخبير الاقتصادي ببنك كوميرزبانك، أن الليرة التركية رغم أنها تبدو صامدة، إلا أن هذا الاستقرار المؤقت هو بمثابة الهدوء الذي يسبق العاصفة، وأن السياسة الفاشلة هي التي تسببت في المزيد من الأزمات السياسية والاقتصادية للدولة.

وتابع جوسي بأن ذلك قد يؤدي في النهاية إلى انهيار البنك المركزي الذي قام برفع سعر الفائدة (بطريقة غير مباشرة) عبر استئناف استراتيجية تشديد البنك المركزي لتكاليف التمويل الفعلية للبنوك دون زيادة في سعر الفائدة ليرتفع بذلك متوسط تكاليف إعادة التمويل للبنوك من أقل من 8% في نهاية يوليو إلى 10.2 %.

استمرار ارتفاع معدل التضخم

ويؤكد جوسي أن هذا الإجراء لن يحل الأزمة، لأن معدل التضخم لا يزال مرتفعًا وسعر الفائدة الحقيقي بات سلبيًّا، ومع ذلك فإن هذا الإجراء لن يساعد إلا لفترة قصيرة، وقد وعد الرئيس أردوغان بتخفيض معدل التضخم في البلاد إلى أقل من 6٪ بحلول نهاية عام 2020، وهو ما يفسّر إصراره على عدم الاقتراب من رفع سعر الفائدة، حتى وإن كان نتيجة ذلك ارتفاع معدل التضخم إلى الضعف تقريبًا، حيث يتوقع الخبراء وصول معدل التضخم في تركيا بحلول نهاية العام الجاري من 14 إلى 15 %.

فشل وقف نزيف البنك المركزي
ويتابع جوسي بأن أردوغان يخدع الشعب التركي بشأن أزمة الليرة، وذلك من خلال تصريحاته المتتالية في أكثر من مناسبة بأن قفزات الدولار المتتالية أمام الليرة التركية تأتي نتيجة خطط ومحاولات لإسقاط الليرة، من أجل كسب التأييد الداخلي على حساب اتخاذ خطوات اقتصادية ملموسة تنقذ ما يمكن إنقاذه قبل تزايد المخاطر التي تهدد الاقتصاد التركي، وتجعل المؤسسات التركية غير قادرة على التعامل مع هذه التحديات والأزمات الطاحنة.
بالإضافة إلى ذلك يدرك أردوغان أن البنك المركزي التركي يرفع سعر الفائدة بطريقة غير مباشرة، حيث إن ارتفاع تكاليف التمويل هو شكل من أشكال زيادة سعر الفائدة الذي يرفضه الرئيس التركي مطلقًا، وذلك على الرغم من أن هذا الإجراء هو العلاج الصحيح لعبور الأزمة الحالية؛ فالهبوط المتتالي لليرة يؤكد انهيار ثقة المستثمرين المحليين والأجانب في العملة، بالإضافة إلى تشكك المستثمرين وقلقهم من عدم استقلالية البنك المركزي وسياساته؛ ولتلك الأسباب يتوقع جوسي مزيدًا من الانخفاض في قيمة الليرة والتي من الممكن أن تصل قيمتها إلى 8.20 ليرة أمام الدولار في نهاية العام، رغم أنها تقف في الوقت الحالي عند نحو 7.48 ليرة مقابل لدولار الأمريكي.

تغيير المسار

ويضيف جوسي بأنه في نهاية المطاف لن يكون أمام أردوغان إلا التغيير الجذري لسياساته النقدية، وإلا سينتظر البنك المركزي الذي يراقب تدهور الليرة لتتجاوز حدودًا لم تكن في الحسبان، وحينها ستضطر أنقرة للإقدام على هذه الخطوة التي سيكون لتأخيرها تبعات تتعلق بالضغط المتزايد على الليرة بسبب الالتزامات بالعملات الأجنبية وزيادة خدمة الدين الخارجي لهذا العام، والذي وصل إلى 170 مليار دولار، الأمر الذي يشير إلى أن فائض الاحتياطي النقدي يبلغ 11 مليار دولار فقط، ورأى جوسي بأن أردوغان سيلجأ في النهاية إلى طلب المساعدة من صندوق النقد الدولي، وهي الخطوة التي تُبرهن على أنه كان من الضروري أن يغيّر المسار فيما يخص سياسته النقدية وتعامله مع البنك المركزي وسعر العملة.
الاتحاد الأوروبي يستعد لإعلان عقوبات جديدة ضد تركيا

نشر موقع ” دويتش فيلله” مقالًا للصحفي “بيرند ريجيرت” تحدّث عن استعداد الاتحاد الأوروبي للإعلان عن عدد من العقوبات المحتملة ضد تركيا لطرحها على طاولة النقاش خلال القمة الأوروبية المقبلة، وذلك على خلفية قيام أنقرة بالتنقيب عن النفط والغاز بمناطق محل نزاع بينها وبين اليونان وقبرص (العضوان بالاتحاد الأوروبي) في شرق البحر المتوسط. في غضون ذلك أجريت مناورات عسكرية من جانب أطراف النزاع وشعر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي بأنهم مضطرون إلى وضع قائمة العقوبات الملموسة. وقال “جوزيب بوريل”، مفوض الاتحاد الأوروبي لشئون السياسة الخارجية، إن قادة الاتحاد سيناقشون فرض تلك العقوبات من عدمها في القمة الأوروبية المقررة في الـ 24 من سبتمبر الجاري.

اليونانيون والقبارصة يمارسون الضغط
الاتحاد الأوروبي لا يزال حذرًا، فمحاولات ألمانيا، الرئيس الحالي للاتحاد، التوسط بين اليونانيين والقبارصة والأتراك، لم تحقّق نجاحًا يذكرـ  كما أن “جوزيب بوريل” مكلف بالتفاوض مع الأتراك من أجل تخفيف حدة التوتر، وأعضاء غرف المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية يواصلون النقاش وتنقية قوائم العقوبات التي سيجري طرحها على طاولة مناقشات القادة خلال القمة المقبلة، بينما تمارس قبرص واليونان الضغط لمنع تأخير العملية، والتي تتطلب موافقة جميع الدول الأعضاء عليها من أجل إقرارها، وبالتالي فإن أي دولة عضوة يمكنها أن تعرقل ذلك.
ما طبيعة العقوبات التي قد تُفرض على تركيا؟

لم يكشف حتى الآن عن الأشخاص أو الجهات التي قد تتعرض للعقوبات الأوروبية داخل تركيا؛ فهذا الأمر لا يزال سريًّا، غير أن مفوض الاتحاد الأوروبي لشئون السياسة الخارجية “جوزيف بوريل” أشار إلى أن الأمر لا يقتصر على فرض عقوبات على الأفراد فحسب، بل أيضًا يشمل الشركات المشاركة في عمليات التنقيب عن الغاز. وقال “بوريل” إن أي شيء له علاقة بالمشكلة يمكن أن يتأثر”، في إشارة منه إلى سفن الحفر والبحوث العاملة في شرق المتوسط لصالح تركيا، حيث سيتم منعها من دخول الموانئ في الاتحاد الأوروبي، كما ستُحرم من استيراد قطع الغيار بعد الآن، بالإضافة لكل ما سبق يمكن أيضًا إدراج المصارف التي تموّل الشركات في قائمة العقوبات.

كما أشار مفوض الاتحاد الأوروبي إلى أن المرحلة التالية من التصعيد ستتمحور حول فرض عقوبات على قطاعات كاملة من الاقتصاد التركي، أو بالأحرى بمجالات “يرتبط فيها الاقتصاد التركي ارتباطًا وثيقًا بالاقتصاد الأوروبي”، وربما يعني هذا أيضًا الاتحاد الجمركي، الذي يسمح بتبادل السلع بين تركيا والاتحاد الأوروبي دون رسوم جمركية، والذي طالما أراد الأتراك توسيعه، كما يمكن أيضًا إنهاء مفاوضات الانضمام المتعثرة بالفعل مع تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، والمرفوضة علنًا من دول كالنمسا التي دعت من جانبها لإنهائها بالفعل. وبحسب مراقبين؛ ستكون هاتان الخطوتان من أكبر الضربات الموجعة التي يمكن للاتحاد الأوروبي توجيهها لأنقرة.
ماذا بعد تهديد جونسون بإقرار قانون السوق الموحدة؟

نشر موقع “إيرو أكتف” تقريرًا للكاتب “بنيامين فوكس” لفت إلى الأزمة المشتعلة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بسبب “البريكست”، لا سيما بعدما طرح رئيس الوزراء البريطاني “بوريس جونسون” مشروع قانون على مجلس العموم البريطاني يخالف اتفاق “البريكست”، ويتعلق بالتبادل التجاري الحر وضوابط التعامل مع الحدود الأيرلندية بين الشمال، الذي يخضع لبريطانيا، وبين الجنوب، الذي ينتمي لأوروبا، وهي المعضلة القديمة الحديثة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.

وقد هدّد رئيس الوزراء البريطاني “بوريس جونسون” بتطبيق قوانين وإجراءات جمركية جديدة في أيرلندا الشمالية مغايرة لما تم الاتفاق عليه بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي؛ بهدف زيادة الضغط على الأخير وسرعة إتمام الاتفاق التجارة الحرة دون المساس باستقلالية بريطانيا، حيث كانت – ولا تزال – بنود الاتفاق فيما يخص الحدود الأيرلندية نقاط خلاف مع الاتحاد، ولا تزال هذه النقاط عالقة.
ولم يتم نشر بنود مشروع القانون البريطاني الجديد والذي يُعرف باسم قانون: “السوق الموحدة” حتى الآن، ولكن يبدو أنه يناقض ويهدد شرعية اتفاقية الانسحاب (البريكست) في العديد من البنود، مثل المساعدات الدولية والجمارك في أيرلندا الشمالية.
وأعلنت حكومة المملكة المتحدة عن عزمها تطبيق القانون بعد إقراره من قبل مجلس العموم البريطاني، ويتضمن القانون تحديد ضوابط جمركية جديدة لجزيرة أيرلندا وتغير قواعد الاتحاد الأوروبي بشأن المنتجات الغذائية والصناعية. وقال مسئولون بريطانيون إن قانون “السوق الموحدة” هو مشروع بديل في حالة فشل المحادثات التجارية مع فريق التفاوض في الاتحاد الأوروبي، بقيادة ميشيل بارنييه.

جولة ثامنة من المفاوضات

بعد محاولات عديدة فشل فيها الطرفان للتوصل لحلول متفق عليها، لا سيما فيما يتعلق بإجراءات المساعدات الدولية وفي قطاع مصايد الأسماك، بلغت ثماني جولات ليعلن كلٌّ من ممثلي الطرفين الوصول إلى طريق مسدود، لذا قامت المملكة المتحدة بهذه الخطوة لزيادة الضغط على الاتحاد الأوروبي، كما أعلن جونسون أن قمة الاتحاد الأوروبي المزمع انعقادها في الـ 15 من أكتوبر 2020 هي آخر موعد للتوصل إلى اتفاق تجاري، وإلا لن يكون هناك اتفاق تجاري بين الطرفين.

كما ردّ الاتحاد الأوروبي بأنه يحرص أيضًا على إنهاء المفاوضات قبل حلول منتصف أكتوبر لعرضها على برلمان الاتحاد الأوروبي والبرلمانات الوطنية الأوروبية، ومع ذلك فإن الاتحاد لن يسمح بتجاوز الاتفاق الذي يضمن حماية الحدود الأوروبية فيما يخص جمهورية أيرلندا. من جهته قال جونسون إن مشروع قانون السوق الموحدة من شأنه أن يُخضع العلاقات التجارية مع الاتحاد الأوروبي لشروط منظمة التجارة العالمية، ومن ثَم سيتم إعادة فرض تعريفات جمركية جديدة على عدد من المنتجات، بما يصب في النهاية في صالح المملكة المتحدة.

وقد وضع جونسون نفسه في مأزق بعدما أعلن عن هذا المشروع، حيث لم يعد بإمكانه التراجع إذا لم ينجح الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، وتعد هذه القضية من القضايا الحساسة في بريطانيا وأيرلندا الشمالية؛ فقد انتقدت المعارضة البريطانية هذا المشروع وزعمت أنه يعمل على تشويه سمعة المملكة المتحدة بسبب انتهاكه لاتفاق الانسحاب (البريكست) ومعارضته لهذه الاتفاقية الدولية، كما انتقدت نائبة رئيس الوزراء الأيرلندية “ميشيل أونيل” هذا المشروع ووصفته بأنه “خيانة تهدف لتدمير الاقتصاد الأيرلندي والتخلي عن اتفاقية الجمعة العظيمة”.

هل تنجح محادثات السلام بين طالبان وأمريكا؟

نشر التليفزيون الألماني بنشرة الظهيرة تقريرًا عن المفاوضات القائمة حاليًا بين حركة طالبان وممثلي الحكومة الأفغانية والأمريكان، وهي المرة الأولى التي يلتقي فيها ممثلون عن هذه الأطراف الثلاثة مباشرة، وتهدف تلك المفاوضات إلى تحقيق المصالحة الوطنية وإيقاف نزيف الحرب الممتدة عبر عقود من الزمن هناك.

وبعد عقدين من الغزو الأمريكي لأفغانستان؛ تقود الولايات المتحدة المفاوضات من أجل التوصل لاتفاق سلام لحقن الدماء بين الأطراف المتصارعة، لكن الثقة المفقودة بين الأطراف الثلاثة تمثل العائق الأكبر أمام تحقيق هذا الهدف، رغم إعلان الجميع صدق النيات والإرادة للتوصل إلى حل سياسي تفاوضي وليس عسكري. وقد انعقدت الجلسة الأولى بحضور مبعوث الأمم المتحدة الخاص لأفغانستان، زلماي خليل زاد، ووزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو”، وحث الأخير الأطراف المتفاوضة على ضرورة إبرام معاهدة سلام قائلًا: “سنعمل بكل ما أوتينا من قوة على اغتنام هذه الفرصة، ونأمل أن تكون تلك المحادثات بداية للمصالحة والتقدم وليست مجرد جولة أخرى من الجولات التي لم تحسم سفك الدماء”.

فيما أعلن وزير الخارجية الألماني “هايكو ماس” دعمه لكل من الحكومة الأفغانية وحركة طالبان الإسلامية قائلًا: “إن ألمانيا تدعم بقوة هذه المفاوضات من أجل السلام، وأن أفغانستان وألمانيا صديقان منذ أكثر من قرن، ونحن على استعداد اليوم لتقديم كل الدعم من أجل إنجاح المفاوضات”، كما رحب الأمين العام لحلف الناتو “ينس ستولتنبرغ” بهذه المحادثات ووصفها بأنها “فرصة تاريخية” بعد عقود من الصراع، وأن السلام بات قريب المنال.
سلام دائم

يحاول ترامب الحصول على بعض المكاسب بعدما استطاع التوسط بين الإمارات وإسرائيل للتعاون بين البلدين، ثم عقب ذلك إعلان مشابه مع دولة البحرين، لتأتي محاولة أخرى في هذا التوقيت ليكون لها صدى في الانتخابات الأمريكية المقبلة؛ حيث وعد ترامب الشعب الأمريكي بسحب الجنود الأمريكيين وإعادتهم إلى بلادهم وإنقاذهم من حرب لا طائل من ورائها، وهو ما فعله في العراق وسوريا وأفغانستان، ويرغب الرئيس الأمريكي في تتويج جهوده بالتوصل لاتفاق سلام تاريخي مع حركة طالبان.

الكثير من الشك

رغم الآمال الكبيرة المعلقة على هذه المحادثات، إلا أن الواقع يُعدّ أكثر تعقيدًا؛ فالحكومة الأفغانية تشترط وقف إطلاق النار لبداية التفاوض، لكن الخبراء يؤكدون أنه لن يتم وقف إطلاق النار على أرض الواقع، وأن هناك جسورًا من الثقة المفقودة بين حركة طالبان والحكومة الأفغانية التي تعتبرها طالبان عميلة ودُمية في يد الإدارة الأمريكية، الأمر الذي يشكّك في إمكانية نجاح مثل هذه المحادثات ويجعل منها أداة في حركة طالبان تكسب بها المزيد من الوقت ويمكنها من المزيد من المراوغة.
القتل مستمر

لم يتوقف القتال على الأرض حتى هذه اللحظة، بل إن الرئيس الأفغاني نفسه نجا مؤخرًا من محاولة اغتيال كادت تودي بحياته، كما أن هناك مطالب متضاربة ومصالح متعارضة؛ فبينما تُصرُّ حركة طالبان على أن تكون أفغانستان دولة إسلامية تُطبق فيها الشريعة الإسلامية، تؤكد الحكومة الأفغانية على أن تظل أفغانستان دولة دستورية تتمتع فيها المرأة بالحرية والعدالة، كما لا تزال قضية تبادل الأسرى محل خلاف بين الطرفين، حيث ترفض الحكومة الأفغانية إطلاق سراح المسجونين من أتباع الحركة قبل إعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع، فيما تُصر طالبان على إطلاق جميع سجنائها وتعتبرهم أبطالًا ومقاتلين شرفاء، فهل سيتمكن طرفا الصراع من تجاوز هذه العقبات من خلال الوساطة الأمريكية، أم ستصبح تلك المفاوضات حلقة إضافية من حلقات اللقاءات الشكلية التي لا علاقة لها بأرض الواقع؟

في إسرائيل.. سيعض الخاسر أصابع الندم!

نشر موقع “زود دويتشا تسايتونج” تقريرًا للكاتب “عمري بوم” أشار خلاله إلى اعتماد الجيش والحكومة الإسرائيلية على سلاح القوة وعدم اكتراثهم بدروس التاريخ وعِبر السابقين، حيث إنهم يرغبون في الحصول على المكاسب دون دفع الثمن، كما أن الفلسطينيين من جانب آخر يفقدون كل شيء ويتمسكون بكل شيء، ومن ثم إذا ما استمرت سياسة الطرفين على هذا المنوال، فسيعض الجميع أصابع الندم في وقت لا يجدي فيه الندم.

وتابع الكاتب بأنه إذا كنا نريد السلام في إسرائيل فلا ينبغي علينا أن نصمت على جرائم طرد الفلسطينيين، لا سيما بعد المبادرات الأخيرة بين إسرائيل ودولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين بوساطة أمريكية. ولم يعد قرار الاجتماع السنوي للمنظمة الصهيونية الأمريكية في أتلانتيك سيتي في عام 1944 أمرًا خفيًا؛ فقد تحدثت “حنة أرندت”، عن “نقطة تحول في تاريخ الصهيونية”، حينما خطّط المجلس الصهيوني لإقامة نظام حكم يهودي ديمقراطي على كل أرض فلسطين دون استثناء.
وقبل عامين من هذا التوقيت كتبت المفكرة السياسية الألمانية “أرندت” أن الأقلية اليهودية ترغب في الاعتراف بالأغلبية العربية، وأن بروتوكولات المجلس الصهيوني لا تعبأ بمستقبل العرب في المنطقة على الإطلاق، وأنهم يعتقدون أن العالم العربي لم يستطع أن يحرّك ساكنًا، وأنه لن يكون أمام الفلسطينيين خيار آخر سوى الاختيار بين الهجرة الطوعية أو البقاء كمواطن من الدرجة الثانية.
 وتابعت المفكرة الألمانية أن “الهجرة الطوعية” وفكرة “التوطين الطوعي” للفلسطينيين، والتي جرى التخطيط لها بنجاح من قبل القيادات الصهيونية، وبعد مرور 76 عامًا، يُظهر الوضع القائم في الشرق الأوسط أن تشخيص أرندت كان صادقًا؛ فقد أصبح حل الدولتين غير واقعي، حيث يعيش الفلسطينيون مهجرين بين الأردن والبحر الأبيض المتوسط، وقد سهل الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل أن تقوم إسرائيل بالحصول على السلام مع العالم العربي دون الاكتراث بحقوق الفلسطينيين، لذا بدأت سياسة إعادة التوطين من جديد.
وقد خطط الصهاينة منذ البداية لعمليات النفير الديمغرافي عن طريق سياسة الاستيطان؛ فخطة التوطين هي خطة قديمة جدًّا، وكتب “تيودور هرتزل” في مذكراته أن الفلسطينيين هم من أعطونا الفرصة لعبور الحدود بعد رفضهم لكل محاولات الصلح، فيما ظل رئيس الحكومة الأسبق “دافيد بن غوريون” يعمل ويخطط في الخفاء، لكنه كان يعلم جيدًا أن الدولة اليهودية لا يمكنها البقاء وسط أغلبية عربية ولا يمكن لأي عاقل أن يترك موطنه ووطنه بمحض إرادته، ومن ثم شرع في عمليات الترحيل القسري للفلسطينيين الذي رآه أمرًا مبررًا؛ فعندما تذكر مقتل اليهود في أوروبا قال إن الحل يكمن في أن يشكّل اليهود الأغلبية إذا ما أرادو البقاء في الدولة الجديدة.
“عاموس أوز” و”ديفيد غروسمان” ينتقدان سياسة الاحتلال


انتقد الكاتبان المذكوران المذابح الإسرائيلية وسياسة التهجير التي اعتمدها الجيش الإسرائيلي في التعامل مع الفلسطينيين، وأن هناك مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين اختفوا من الوعي الإسرائيلي تمامًا عقب حرب الاستقلال، حيث قام الجيش الإسرائيلي بتنفيذ “خطة داليت”، والتي تضمنت عمليات التهجير بعد المذابح؛ فقد ذكر جوزيف نحماني، الذي شارك في عمليات الإخلاء بصفته عضوًا في “لجنة إعادة التوطين” الإسرائيلية، أن الجيش الإسرائيلي دفع أكثر من 700 ألف فلسطيني إلى الفرار بعدما رفع سكان صفصاف “الراية البيضاء”، حيث جمعوا الرجال والنساء كل على حدة، وقاموا بتقييد أيدي من خمسين إلى ستين قرويًّا، وأطلقوا النار عليهم وقتلوهم، وهذه جرائم أدانها الأحرار في المجتمع الإسرائيلي، مثل أوز وغروسما.
شواهد التاريخ

عندما أعلن ترامب دعم العلاقات بين دول الخليج وإسرائيل، لم يكن هناك فلسطينيون، وهو أمر ينبغي على تل أبيب وواشنطن أن تضعه في الحسبان؛ فبالنسبة للفلسطينيين، تُعدّ تلك الاتفاقية صفقة خاسرة تفقدهم الأرض والحقوق والدعم الدولي، حيث تسيطر إسرائيل على الحدود والمجال الجوي، ويقع الفلسطينيون فيما يقع فيه الإسرائيليون أيضًا، حيث يرفضون دومًا كل الحلول الوسط، وإذا ما تغيرت الأوضاع واندلعت أعمال العنف؛ حينها سيدرك الفلسطينيون أنهم من رفضوا الاتفاق.
ويذكرنا ذلك أيضًا بما حدث عام 1947 عندما كان يعيش في فلسطين 1.2 مليون فلسطيني و600 ألف يهودي، وقد عرضت الأمم المتحدة تقسيم البلاد إلى نصفين، لكنّ الفلسطينيين رفضوا ذلك رفضًا قاطعًا، وكانت هذه اللحظة هي بدية مأساتهم؛ فلم يتبق الآن سوى 500 ألف فلسطيني في البلاد، وتلك القصة تكرّر نفسها الآن. من جهة أخرى تضمنت خطة ترامب استبدال بعض المناطق في بعض القرى، وبعد وقت قصير من الإعلان عن تفاصيل الخطة، كتب وزير الخارجية والدفاع الإسرائيلي السابق أفيغدور ليبرمان على وسائل التواصل الاجتماعي يقول: “عندما اقترحت خطة تبادل الأرض عام 2004 سخر مني الجميع، والآن يصنع الرئيس ترامب ما خططنا له منذ سنوات”.
خيارات محدودة

هناك في اسرائيل من خارج الحكومة مَن يعلن صراحة عن خطته في التعامل مع الفلسطينيين المقيمين في إسرائيل، فقد كتب بتسلئيل سموتريتش، الذي كان حتى وقت قريب وزيرًا في حكومة نتنياهو عن “خطة الخضوع” المتضمنة خيارات ثلاثة للفلسطينيين المقيمين في الأراضي المحتلة: التخلي عن التطلعات الوطنية، أو الهجرة، أو المقاومة”، وإذا ما قرروا المقاومة فإن الجيش الإسرائيلي يعرف جيدًا كيف يتعامل مع مثل هؤلاء! أما من يختار البقاء فيجب عليه أن يُدركَ أنه سيُعامل كمقيم وليس مواطنًا، ورغم وجود أصوات معارضة في إسرائيل لمثل تلك الأفكار، غير أنها في النهاية هي التي تحكم وتُنفّذ على أرض الواقع.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا