الصحافة الألمانية| لا يمكن حل الصراع في ليبيا دون موافقة مصر.. وخطة السلام لا تستحق اسمها

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – عماد شرارة

هل يدخل الجيش المصري معركة في ليبيا إذا احتُلت الجفرة؟

نشر موقع "تاز" تقريرًا تحدث عن أسباب الموقف المصري الصريح من الحرب في ليبيا، حيث هدّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالتدخل المباشر حال تخطي حدود مدينة سرت والجفرة، فما مدى خطورة الوضع الراهن، وما السيناريوهات المحتملة لتصعيد الصراع بالدولة المجاورة لمصر مباشرة؟

لا ترغب مصر في ترك الساحة الليبية المجاورة للأتراك والروس، ولم تأت زيارة الرئيس السيسي للمنطقة الغربية من قبيل المصادفة، بل حملت هذه الزيارة تهديدًا صريحًا بضرورة عدم عبور الخطوط الحمراء لكل من مدينة سرت والجفرة الليبيتين من قِبل قوات حكومة الوفاق والمليشيات المؤيدة لها، حيث يمثّل ذلك تهديدًا للأمن القومي المصري.

وبعدما كانت قوات الجنرال خليفة حفتر تدير الصراع هناك، جاء التدخل التركي لإنقاذ حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج وتحويل دافة الحرب نحو الشرق باتجاه القاهرة، ولا يزال القتال قائمًا حول مدينة سرت، والتي تمثّل الخط الفاصل بين كتلتين في الغرب والشرق، بالإضافة لمدينة الجفرة التي تضم القاعدة الجوية، والتي تمثل أهمية استراتيجة لحفتر وأنصاره.

وقد دفع تراجع قوات الخليفة حفتر الرئيس المصري إلى التهديد بتدريب وتسليح القبائل الليبية لوقف تمدد القوات التابعة لحكومة السراج والمرتزقة الموالين للأتراك، الأمر الذي يطيل بالتأكيد أمد الحرب ويهدد بعواقب وخيمة على المنطقة، لا سيما وأن حل هذا الملف لن يكون إلا عن طريق التفاوض والحوار. ويهدف السيسي من تلك الخطوة الضغط على الأطراف المتصارعة والقبول بخيار التفاوض.

عدم الثقة في الطرف التركي

من الواضح أن مصر، التي تُعدّ من أكبر داعمي حفتر إلى جانب الإمارات العربية المتحدة وروسيا، لن تسمح بتقدم المليشيات التابعة لحكومة الوفاق بعبور مدينة الجفرة، وتريد أن توقف تدخلات الحكومة التركية، التي تقف من النظام السياسي في مصر على النقيض سياسيًّا وأيديولوجيًّا، حيث تدعم الحكومة التركية جماعة الإخوان المسلمين.

الهجوم البري غير مرجح

وإذا تدخّلت مصر بالفعل في ليبيا عسكريًّا، فلن يتوقف الأمر على الدخول البري؛ بل ستتشارك القوات الجوية، بيد أن هذا السيناريو ليس بتلك السهولة؛ فتركيا تتفاوض منذ أسابيع مع وروسيا لمعرفة الموقف الروسي ومدى إمكانية مشاركة المقاتلات الروسية إلى جانب قوات اللواء خليفة حفتر، كما تلعب تركيا على وتر الخلاف بين المصالح الأمريكية والروسية في المنطقة.

ويبقى الموقف المصري من هذه التهديدات واضحًا وهو: أنه لا يمكن التفاوض حول مستقبل ليبيا دون مشاركة القاهرة، وأن السبيل الوحيد لتحقيق هذا الخيار هو الوجود العسكري المصري على امتداد الحدود المصرية في عمق الأراضي الليبية، وهو ما أعلنت عنه مصر إذا ما تم تجاوز مدينة الجفرة، وأن هذا الأمر "باتت تتوفر له الشرعية الدولية سواء للدفاع عن النفس، كما أعلن الرئيس السيسي، أو بناءً على )مجلس النواب في طبرق(، كما ترغب مصر في تنبيه المجتمع الدولي بخطورة تلك التطورات، وأنه يجب كبح جماح التدخل التركي في منطة الشرق الأوسط.

كيف يمكن أن تفجر خطة ترامب المزعومة للسلام منطقة الشرق الأوسط؟

نشر موقع "إذاعة ألمانيا" تقريرًا للكاتبين "بنيامين هامر" و"تيم أيسمان" أشار إلى خطة الضم الإسرائيلية وعواقبها الوخيمة على المنطقة وموقف دول العام منها، تلك الخطة التي يصرُّ عليها الجانبان الإسرائيلي والأمريكي. وتخطّط إسرائيل لضم أجزاء من الضفة الغربية اعتبارًا من يوليو2020 بناءً على أساس ما يسمى بخطة السلام التي وضعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتعطي هذه الخطة الحق لإسرائيل بالاحتفاظ بجميع المستوطنات اليهودية. وقد استطاع بنيامين نتنياهو الانتصار للمرة الخامسة في الانتخابات رغم تهم الفساد الموجهة إليه، وادّعى أن حكومته بهذه الخطة "العظيمة" تكتب فصلًا جديدًا من تاريخ الأمة اليهودية.

خطة سلام لا تستحق اسمها

احتلت إسرائيل المنطقة قبل 53 سنة ولا يزال الوضع قائمًا كما هو باعتبار هذه المناطق مناطق احتلال بموجب القانون الدولي، ولم يتم حتى الآن تصنيف الضفة الغربية بشكل قانوني كجزء من إسرائيل من قِبل الحكومة في القدس، لكن الحلم الإسرائيلي للمستوطنين والقوى اليمينية الأخرى في البلاد والذي لم يتحقق لعقود من الزمن بسبب الموقف الصلب للحكومات الأمريكية السابقة، جاء به دونالد ترامب، الذي ادّعى أن رؤيته للسلام في منطقة الشرق الأوسط تختلف اختلافًا جوهريًّا عما سبقه من الرؤساء الأمريكيين، سواء الديمقراطيين أو الجمهوريين، والذين كانوا يرغبون في إقامة دولتين (إسرائيل وفلسطين) بحدود 1967.

 وقال ترامب إنه يملك خطة واقعية لها مزايا لكلا الجانبين، حيث إنها لا علاقة لها بحدود 1967، ولكن بالوضع القائم، ووفقًا لترامب فإنه ليس على إسرائيل أن تقدّم تنازلًا وحيدًا في الضفة الغربية المحتلة، وأن من حقها القيام بضم أجزاء من الضفة الغربية دون مفاوضات أو حتى دون موافقة الفلسطينيين، وهو هراء أسماه ترامب: "خطة ترامب للقرن فرصة القرن".

المستوطنون الإسرائيليون يعارضون قيام دولة فلسطينية

يقف "إيتام لوز"، أمام منزله، الذي يبعد فقط نصف ساعة بالسيارة عن تل أبيب، مع زوجته أفيتال وأطفالهما الستة. تعيش الأسرة فيما يسمى بؤرة استيطانية في الضفة الغربية الفلسطينية المحتلة، والتي يطلق عليها: "يهودا والسامرة". يقول إيتام: "إن إسرائيل تقوم على نبوءة قديمة جدًّا موجودة في الكتاب المقدس، والتي تؤكد أن هذه الأرض ملك لشعب إسرائيل، بصرف النظر عن الحقوق الفردية للسكان الآخرين التي لا يمكن إنكارها تحت أي ظرف من الظروف. وهذا الأمر قائم في إسرائيل اليوم؛ ففي القدس الشرقية مُنح العرب الاختيار بين ما إذا كانوا يريدون الجنسية الإسرائيلية أو البقاء مقيمين ببطاقة هوية خضراء، واختارت الأغلبية البطاقة الخضراء للسلطة الفلسطينية، وبالتالي لم يعد لهم حق التصويت، وبعد الضم، يمكن أن ينطبق هذا النموذج أيضًا على الفلسطينيين الذين يعيشون في مناطق تخضع للقانون الإسرائيلي، ومن ثم سيكون هناك ما يسمى بالمقيمين، الذين لاينبغي أن يحوزوا جوازات سفر إسرائيلية ولن يمكنهم التصويت إلا على المستوى المحلي، ولا يقف جميع المستوطنين الإسرائيليين من خطة السلام الأمريكية موقف الدعم، بل هناك كثيرون يرونها جيدة لأنها تمنح المستوطنات في الضفة الغرب
ية لإسرائيل، بينما يرفضها العديد من المستوطنين لأنها تشمل أيضًا إقامة دولة فلسطينية".

وتقول أفيتال زوجة إيتام: "إن الاعتراف الدولي والأمريكي بحقي بصفتي يهودية في البقاء فيما موطني: "يهودا والسامرة" مهم جدًا، أما النقطة الثانية من الخطة (الدولة الفلسطينية) فلا أوافق عليها". وتابعت: "وفقًا لخطة ترامب، فإن حوالي 30% من مساحة الضفة الغربية ستذهب إلى إسرائيل، بينما سيكون للفلسطينيين دولتهم الخاصة بهم في بقية المنطقة، والتي ستشمل المناطق الحضرية الفلسطينية؛ فالذين يزرعون المزيد من الأراضي ويمتلكون حوالي من 70-80٪ من المساحة هم الفلسطينيون، وهذا ليس جيدًا بالنسبة لي، ولذلك لا أرضى بخطة ترامب من هذا الجانب، لكنها قد تكون نقطة البداية؛ فنحن لن نتخلى عن نابلس أو الخليل؛ فهذه بلادنا ونريد أن نحكمها، ولا نريد أن نحكم العرب، لكننا نريد أن نحكم بلادنا، على حد زعمها".

وهناك الآلاف من المستوطنين في الضفة الغربية يعارضون الضم على أساس الخطة الأمريكية لأنهم يرفضون بشكل أساسي قيام دولة فلسطينية، بينما يحذر مستوطنون آخرون من ضياع فرصة تاريخية، ويؤيد إيتام هذا القول؛ فهو يود تطبيق القرار في أقرب وقت ممكن، لأنه لا أحد يضمن بقاء ترامب في منصبه، لا سيما وأن الانتخابات الأمريكية على الأبواب، وقد يخرج الموضوع برمته من على الطاولة، لذا يجب أن تستثمر هذه الفرصة بكل السبل الممكنة.

وادي الأردن له رمزية خاص

أما البدوي الفلسطيني "علي أبو كباش" فيعيش في تل بالقرب من غور الأردن، ووفقًا لما يسمى بخطة السلام، ستتبع هذه المنطقة إسرائيل. وهنا يظهر رجال يركضون في الطريق الترابي وهم مدجّجون بالسلاح، إنه تمرين بالذخيرة الحية من قِبل الجيش الإسرائيلي الذي يقول إن هذه المنطقة عسكرية، لكن "أبو كباش" يقول إن أسرته تعيش هنا منذ عام 1948 وأن هذه الأرض ملك له ولأجداده.

وأضاف: "وضعنا هنا يزداد صعوبة؛ فنحن نفتقر إلى مقومات الحياة من مياه وكهرباء، كما لا توجد بنية تحتية". وإذا ما نظرنا إلى منزل البدوي سنرى بلدًا قاحلًا أحمر اللون، لكن على الشمال قليلًا يمكنك رؤية الحقول الخضراء المروية بجوار المستوطنات الإسرائيلية، وقبل بضعة أسابيع، سألت صحيفة "إسرائيل اليوم" نتنياهو عما سيحدث للفلسطينيين في وادي الأردن إذا ضمت إسرائيل المنطقة، فرد رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنهم سيظلون رعايا فلسطينيين، ولن يمنحوا الجنسية الإسرائيلية لمواصلة الضغط عليهم وإخراجهم من هناك.

يقول "أحمد أسعد" القائم بأعمال حاكم ولاية طوباس الفلسطينية معلقًا على ضم المنطقة: "تخيل أنني قلت إن واشنطن في فلسطين، فهل يغير ذلك من الواقع أي شيء؟ لا، لأن واشنطن تقع في الولايات المتحدة، لذا يمكن لترامب أن يقول ما يشاء، لكن في النهاية سيبقى وادي الأردن ملكًا لفلسطين نعيش فيه حتى آخر يوم في حياتنا.

اتفاقية أوسلو في مهب الريح

كان رئيس الوزراء الفلسطينيين محمد أشتية أحد السياسيين الذين تفاوضوا على اتفاقات أوسلو في التسعينيات ووضعوا الأساس لحل الدولتين، بناءً على حدود ما قبل حرب عام 1967، مؤكدًا أن خطة الضم نسفت كل الاتفاقات السابقة ولم يعد التمسك بها ذا قيمة أو جدوى، وأنها أنهت الأمل في السلام ومستقبل التفاوض في بقاء الحكومة الأمريكية الحالية، ويعوّل الفلسطينيون على دور دولي أقوى، لا سيما الأوروبي؛ في إيقاف المخطط الإسرائيلي للضم، خاصة وأن ألمانيا ستتولى رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من العام.

 وتابع أشتية: "نحن نعرف الخلفية التاريخية للعلاقات الألمانية اليهودية، ونعلم مدى حساسية هذا الموضوع، لكن يجب ألا يكون ذلك على حساب القانون الدولي وعلى حساب حقوق الفلسطينيين".

سلام بارد بين الأردن وإسرائيل

منذ عام 1994 وهناك معاهدة سلام بين الجانبين الأردني والإسرائيلي، وكان الملك حسين يأمل أن تكون هذه المعاهدة بداية لحقبة جديدة من السلام بين الجانبين، ولكن هذه الآمال تبددت بعد 26 عامًا من تردد العلاقات ووجود أزمات في العلاقة بين إسرائيل والأردن، وربما تتسبب خطة الضم في حدوث أسوأ علاقة إسرائيلية أردنية منذ عام 1994، ولعل أحد أهم أسباب السلام البارد بين إسرائيل والأردن هو عدم حصول الفلسطينيين على دولتهم حتى الآن، وهو ما يمثّل خيانة لمعاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية، ولذلك حذر العاهل الأردني الملك عبد الله خلال مقابلة له مع مجلة شبيجل الألمانية من أن خطة الضم الإسرائيلية لأجزاء من الضفة الغربية ستؤدي إلى صراع واسع، وأن الأردن يدرس كافة الخيارات، التي منها إنهاء معاهدة السلام التاريخية مع إسرائيل، لذا فهناك الكثير من الأمور على المحك.

سيناريوهات محتملة

أحد السيناريوهات المحتملة، طبقًا للعديد من المراقبين، هي إمكانية إعلان نتنياهو رسميًّا أولًا قبول خطة السلام الأمريكية، وعن خارطة الطريق للضم، ثم ينتظر نتيجة الانتخابات الأمريكية. ولكن من الممكن أن تخلق إسرائيل حقائق على الأرض قبل أن يتغير ميزان القوى في البيت الأبيض، وفي النهاية فإن خطة الضم، بغض النظر عن كيفية تطبيقها، ستمثل نهاية مؤلمة لحل الدولتين، وستزيد من الصراع في منطقة الشرق الأوسط.

إيران وتركيا.. ملفات مشتركة ومصالح متقاطعة

نشر موقع "دويتش فيلله" تقريرًا للكاتب "كريستن كنيب" تحدث عن الملفات المشتركة والمصالح المتقاطعة بين إيران وتركيا في كل من العراق وسوريا وليبيا، وخاصة الملف الكردي وتأثير هذه العلاقة على الداخل الإيراني.

 ولا شك أن كلا البلدين لهما مصالح جيو استراتيجية مشتركة، ويسعيان للتنسيق الوثيق، لكن تقاطع مصالحهما أعمق بكثير مما يبدو على السطح؛ ففي منتصف يونيو الماضي زار وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف إسطنبول لإجراء محادثات مع نظيره مولود جاويش أوغلو لبحث التعاون في سبل مكافحة وباء فيروس كورونا، وتكثيف العلاقات التجارية، وخاصة استئناف صادرات الغاز إلى تركيا.

التعاون في اليمن

في الواقع لدى كل من إيران وتركيا عدد من المصالح المشتركة في عدد من الدول؛ فلسنوات ظلت اليمن مسرحًا للمواجهة غير المباشرة لأطراف عديدة، ووفقًا لتقارير إعلامية، فإن أنقرة كانت موجودة أيضًا في الطرف الجنوبي من شبه الجزيرة العربية. وبحسب تقرير نشرته مجلة عرب ويكلي في مايو2020، فإن هذا الوجود لا يتم علانية، ولكنه يتستر وراء منظمة الإغاثة الإنسانية التركية التي تهيمن عليها جماعة الإخوان المسلمين، وهي المنظمة التي تعدّ في وجهة نظر الكثيرين منظمة خطيرة بسبب أيديولوجيتها.

وبحسب "عرب ويكلي" فإن هذه المنظمة مدعومة من قطر أيضًا، ومن ثم فإن الأخيرة تُتهم دومًا بأنها تدعم إيران وجماعة الإخوان المسلمين. ولذلك فإن هناك تحالفًا تركيًّا قطريُّا فضفاضًا في اليمن، يحافظ أيضًا على علاقات جيدة مع إيران، ويعمل هذا التحالف ليكون متاحًا أمام حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي كبديل سياسي واقتصادي عن التحالف القائم بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.

وتعمل كلٌّ من أنقرة والدوحة على توسيع وجودهما في منطقة المضيق بين البحر الأحمر وخليج عدن، والتي تعد أهم خط للملاحة بين أوروبا وآسيا، الأمر الذي يأتي أيضًا في صالح إيران، الخصم الغريم للمملكة العربية السعودية، حيث إن جهود تركيا لزيادة وجودها بالقرب من مضيق باب المندب يمكن أن أن يعرّض المنطقة للخطر؛ لأن هذا التطور يلعب لصالح إيران.

المصالح المشتركة في ليبيا

تتعاون إيران وتركيا في ليبيا، الدولة الواقعة في الشمال الأفريقي، معًا بشكل متزايد. وقبل بضعة أيام أفاد المركز الليبي لحقوق الإنسان أن الميليشيات الشيعية العراقية المدعومة من إيران دخلت الأراضي الليبية لدعم المليشيات الموالية لتركيا، والتي تقاتل منذ شهور إلى جانب حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج ضد قوت الجنرال خليفة حفتر، المدعوم من المملكة العربية السعودية وروسيا ومصر وغيرها من الدول.

إن وجود الميليشيات العراقية يعود إلى اتفاق جرى التوقيع عليه بين إيران وتركيا في أكتوبر الماضي، وبحسب مجلة السياسة الدبلوماسية الحديثة، فقد نقلت سفينة تابعة للحرس الثوري الإيراني أسلحة إلى مدينة مصراتة الساحلية نهاية أبريل الماضي.

وتعمل حكومة أردوغان منذ فترة طويلة على الترويج لسياسة عثمانية جديدة في ليبيا تعيد الأمجاد المزعومة للإمبراطورية العثمانية، كما أقدمت أنقرة على ترسيم الحدود البحرية مع ليبيا في البحر الأبيض المتوسط لتحصل على جزء من حقول الغاز الطبيعي المكتشفة قبل بضع سنوات.

أما إيران فلديها أهداف أقل تحديدًا، حيث تهتم الحكومة في طهران بأهداف أيديولوجية غامضة في ليبيا، البعيدة عن إيران، والتي تتمثل في تصدير الثورة الإسلامية والتغيير الديموجرافي عن طريق المليشات الشيعية التي تخطّط للبقاء في منطقة يهيمن عليها السنّة.

التعامل مع الأكراد

يمثل ملف الأكراد أحد الملفات التي تتقاطع فيها المصالح بين تركيا وإيران، ويحاول البلدان بمهارة تجنب تصعيد المصالح المتضاربة، فبحسب عدة تقارير صحفية؛ فإن تركيا وإيران قد شنتا ضربات جوية منسقة ضد أهداف كردية على الحدود العراقية التركية والعراقية الإيرانية لعدة أيام، كما تم فيها استخدام المدفعية. وتتبع إيران حسابات معقدة فيما يتعلق بالأكراد، حيث تعمل على دمج خمسة ملايين كردي في البلاد، التي يبلغ عدد سكانها نحو 82 مليون نسمة، بسلاسة بقدر الإمكان؛ لذلك أعربت عن قلقها من هجوم الجيش التركي على الأكراد في شمال سوريا، حيث من الممكن أن يؤدي ذلك إلى اضطرابات وتضامن بين الأكراد الإيرانيين، الأمر الذي دفع طهران للتوسط ووقف هذا الهجوم.

في الوقت نفسه رأت طهران الهجوم على أنه تحدٍّ للنفوذ الإيراني في سوريا، حيث تدعم نظام الأسد، الذي سارع جيشه لمساعدة الأكراد، وضع هذا الأمر القيادة الإيرانية في معضلة؛ فدعمهم للأسد يمكن فهمه على أنه هجوم ضد الأكراد في بلادهم، كما أن إيران كانت قلقة من مشاركة المليشيات الإسلامية المتشددة، والتي ترى في الشيعة العدو الصريح مع القوات التركية في الهجوم على الأكراد.

في الوقت نفسه رأت الحكومة الإيرانية الوجود التركي في شمال شرق سوريا فرصة، حيث يسهل الطريق لتحقيق الرغبة الإيرانية في عمل ممر بري لها للبحر المتوسط تحاول إقامته منذ سنوات، ومن ثم تقوم طهران بالتسيق التكتيكي مع روسيا وتركيا، لإضفاء الشرعية على هذه الخطوة وإقامة الممر الذي سينطق من الحدود الشمالية الغربية لإيران عبر العراق إلى الأراضي السورية إلى البحر الأبيض المتوسط، وهو المشروع المؤجّل حتى يومنا هذا.

الموقف من إسرائيل

تدعم كل من إيران وتركيا، حركة حماس التي تحكم قطاع غزة، وتمر العلاقات التركية الإسرائيلية بالعديد من الأزمات، كما أن إيران تُظهر في العلن علاقة معادية لإسرائيل. وبالنسبة لطهران فإن حماس هي أداة لإبقاء إسرائيل تحت الضغط، كما أن دعمها لحماس يأتي بهدف كسب التعاطف والشرعية السياسية من قبل العرب. ولدى طهران وأنقرة عدة أهداف مشتركة، ومع ذلك فتركيا لم يمكنها تجاوز العقوبات المفروضة على إيران من قبل إدارة ترامب؛ ففي مايو الماضي صرح مصدر تركي بأن بلاده لن تشتري النفط الإيراني، وبالفعل فإن أنقرة ترفض حتى الآن استيراد الغاز من إيران المجاورة حتى لا تُغضب الحليف الأمريكي.

صراع جديد على الأراضي العراقية

نشر موقع "بيلد" تقريرًا للكاتب "جوليان روبك" لفت إلى احتمالية نشوب حرب بين قوات الحشد الشعب الموالية لإيران والجيش العراقي، حيث إن هذه المليشيات باتت تمثل عبئًا على الدولة العراقية، لا سيما بعد هزيمة داعش وانقلاب المزاج العراقي ضد التدخلات الإيرانية في الشأن الداخلي.

فللمرة الأولى منذ هزيمة ميليشيا داعش الإرهابية في العراق قبل ثلاث سنوات يمكن أن تواجه الجماعات الشيعية المتصارعة بعضها البعض. وكانت السمة السائدة في أغلب الصراعات العراقية في السابق هي الاقتتال على أساس ديني بين الشيعة والسنّة والأكراد، لكن هذا تغير الآن.

وقد أجرت وحدات مكافحة الإرهاب العراقية عمليات تفتيش في مقر مجموعة لواء حزب الله المدعوم من إيران، والتي تُعدّ جزءًا رسميًّا من "وحدات الحشد الشعبي" – المليشيات الشيعية التي شاركت في هزيمة داعش، وتصنفها الولايات المتحدة على أنها منظمة إرهابية – وبحسب الحكومة العراقية فإن الجماعة مسئولة عن عدة هجمات صاروخية على "المنطقة الخضراء" وسط بغداد، حيث تقع السفارة الأمريكية، وكذلك جميع الوزارات العراقية.

ولم تمر فترة وجيزة حتى حشدت الجماعة المدعومة من إيران مئات المقاتلين مدججين بالسلاح وتوجهوا إلى العاصمة، وهم يستعرضون ويهددون وحدات مكافحة الإرهاب العراقية، الأمر الذي دفع الشرطة العراقية إلى إطلاق سراح 13 إرهابيًّا شاركوا في الهجوم على المنطقة الخضراء.

إيران لا تريد استقرار العراق

لكن هناك تساؤل: لماذا تتصاعد التوترات بين القوات الأمريكية والعراقية الآن؟ "رسلان طراد" هو مؤسس المجلة العسكرية البلغارية الإنجليزية، أجاب على هذا التساؤل لـصحيفة بيلد قائلًا: "التصادم بين قوات الأمن العراقية وكتائب حزب الله أمرٌ لا مفر منه، وأن وقت الدبلوماسية قد انتهى؛ فالمزاج السائد في العراق قد تحول حاليًا ضد إيران، الأمر الذي يفسر اتخاذ الحكومة في النهاية مثل هذه الإجراءات ضد الميليشيات التي تسيطر عليها طهران، وللمرة الأولى منذ سنوات، تكون نسبة المؤيدين لإيران كشريك للعراق 15٪ فقط، ويشعر المزيد من الضباط العراقيين بالتهديد من هذه المليشيات".

ولا شك أن الولايات المتحدة ترغب في استغلال تلك التوترات للقضاء على مليشيا الحشد الشعبي التي تهدد مصالحها في العراق، لأن إيران لا يمكنها الدخول في حرب مباشرة مع واشنطن، ولكن يمكنها تهديد مصالحها عن طريق حلفائها والمليشيات الموالية لها؛ الأمر الذي تعمل واشنطن على إنهائه من خلال دعم الحكومة العراقية الحالية في اتخاذ مثل هذه الخطوات.

منظمة العفو الدولية: يجب محاسبة المليشيات

لا تشكّل المليشيات التي تقودها إيران في العراق تهديدًا جيوسياسيًّا؛ فقط بل حتى على الجانب الإنساني أيضًا، حيث تشير العديد من المنظمات غير الحكومية، بما في ذلك منظمة العفو الدولية، إلى انتهاكات تلك المليشيات الإرهابية لحقوق الإنسان منذ سنوات، وقد صرحت دوناتيلا روفيرا، كبيرة مستشاري الأزمات في منظمة العفو الدولية، بأن المشكلة الرئيسية للمليشيات هي أنها لا تخضع لقانون أو سلطان، وأنها ترتع في العراق وتعمل خارج إطار هياكل وسيطرة الدولة.
 

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا