الصحافة العبرية | نتنياهو يواجه شبح الموت السياسي.. وماذا يعني قرار ترامب بالانسحاب من سوريا؟

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – محمد فوزي ومحمود معاذ

حتى لا نواجه يوم غفران مثل 1973

في ذكرى حرب يوم الغفران أكتوبر 1973 كتب المحلل "أيال زيسر" بصحيفة "إسرائيل اليوم" بأن يوم الغفران هو تذكرة مؤلمة للحرب الرهيبة والتي دفع ثمنها الآلاف من الشباب الإسرائيلي بحياتهم، وذلك بسبب فشل استخباراتي كان متجذرًا في اعتقاد خاطئ من قبل مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي خلال تلك السنوات، ما نتج عنه مفاجأة لم تكن في الحسبان.

وأضاف "زيسر" بأن الدرس الذي يجب اكتسابه من هذه الحرب لا يتعلق فقط بأهمية اليقظة المستمرة والتأهب في مواجهة العدو، ولكن في المقام الأول الحاجة إلى دراسة نقدية لتقييم الوضع والتحليلات والمفاهيم الاستراتيجية التي توجه النظام الأمني والمستوى السياسي.

وأسقط المحلل الدروس المستفادة من تلك الحرب على الواقع الحالي لإسرائيل، مشيرًا إلى كون العدو الأول الذي يمكنه المباغتة هو إيران، مستشهدًا بتطور القدرات الإيرانية على الخداع الاستراتيجي والمناورة، ودقة التنفيذ، وهو ما تم إثباته في الهجوم الأخير المنسوب لإيران ضد المنشآت النفطية السعودية، إذ لم تتمكن الولايات المتحدة أو إسرائيل أو أي من القوى الإقليمية من توقع الهجوم، الأمر الذي يشير لقدرات إيرانية عالية إذا صحت التقارير التي تدين إيران بالضلوع في الهجوم، ويجعل الموضوع يبعث على القلق حيال التكتيكات الإيرانية في الخداع والمراوغة.

لماذا تستهدف إسرائيل سليماني؟!

تناول المحلل "يوني بن مناحم" بالمركز الأورشليمي لشئون الجمهور والدولة الاتهامات الإيرانية لإسرائيل بالضلوع في محاولة اغتيال قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال "قاسم سليماني"، مشيرًا إلى أنه إن صحّت تلك الاتهامات فإنها تدل على أن القيادة السياسية الإسرائيلية ترى في "سليماني" خطرًا وتهديدًا كبيرين على أمنها، كما أن فشل العملية يعدّ أمرًا خطيرًا للغاية على الأمن الإسرائيلي، الذي يجب أن يعدّ نفسه للرد الإيراني المتوقع، سواء كان داخل إسرائيل أو خارجها، مستهدفًا أهدافًا يهودية.

وأوضح المحلل أن الكشف الإيراني عن إحباط محاولة الاغتيال ما هو إلا رسالة مزدوجة من طهران لتل أبيب، مفادها أن الإيرانيين يعرفون أن قائدهم مستهدفٌ من قِبل إسرائيل، وأنها قادرة على حمايته وإحباط المحاولات الإسرائيلية، كما أنها تُنذر بالرد الإيراني على تلك العملية، كما اعتبر الكاتب الإعلان الإيراني هو عملية إعداد للرأي العام على الرد الإيراني المشروع على الانتهاك الإسرائيلي، لتظهر في صورة أنها رد فعل على ما اقترفته إسرائيل حيالها باستهداف قائد عسكري إيراني بحجم "سليماني".

وذهب "بن مناحم" للقول بأنه إذا صدقت الرواية الإيرانية فإن إسرائيل لم ترغب في الظهور بشكل مباشر في عملية الاغتيال، وإنما أرادت إظهار الأمر بأنه طائفي (سُني – شيعي)، وذلك بالتعاون مع عدة دول عربية (لم يسمّها) مشيرًا إلى أن استخدام كميات هائلة من المتفجرات يؤكد محاكاة أسلوب الجماعات الإسلامية السنية المتطرفة، لإيهام العالم بأن المنفّذ هو مسلم سني.

وحول نفس القضية علق المحلل العسكري لصحيفة هآرتس "عاموس هارئيل" قائلاً: إنه على الرغم من كل التوترات بين إسرائيل وإيران فإن الحرب ليست على الأبواب، مقلّلاً من الاتهامات الإيرانية لإسرائيل بشأن الضلوع في اغتيال سليماني، لا سيما وأنها تكرّرت مرات عديدة في السنوات الأخيرة، دون أي رد إيراني، مؤكدًا أن الأمر لا يعدو كونه محاولة إيرانية لتضخيم صورة القائد العسكري، ونسج الأساطير حوله لأغراض داخلية وإقليمية، أبرزها لفت الأنظار لأزمة محاولة الاغتيال، بهدف التركيز على الهدف الأسمى وهو التقدم في المفاعل النووي المنشود.

وعلى النقيض من عاموس هارئيل، دعا المحلل السياسي بصحيفة يديعوت أحرونوت "رون بن يشاي"، القيادات الإسرائيلية إلى أخذ التهديدات الإيرانية على محمل الجد، والتحسب للرد الإيراني على تلك العملية، ولفت إلى ضرورة أن تجهّز إسرائيل نفسها لكيفية حماية أمنها القومي دون مساعدة من الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، في حال غيابه عن المشهد السياسي، وهو احتمال يرى المحلل أنه ليس بالبعيد، وأوضح الكاتب أن الاستعداد هو الخطوة الوحيدة المنطقية التي يجب على إسرائيل العمل عليها، وذلك منعًا لحدوث مفاجأة مزلزلة تشبه ما حدث من المصريين والسوريين في يوم الغفران عام 1973.

قرار ترامب بالانسحاب من سوريا صفعة لنتنياهو

تناول المحلل العسكري لصحيفة هآرتس "عاموس هارئيل" قرار الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بسحب القوات الأمريكية من سوريا، معتبرًا القرار بمثابة رسالة من ترامب لحلفائه في المنطقة ومنهم إسرائيل، بأنهم لا يمكنهم الاعتماد عليه، وأكد المحلل أن تصاعد الخطاب الإيراني ضد إسرائيل تزامنًا مع قرار ترامب يوحي بفشل أمني كبير للقيادة الإسرائيلية التي وثقت في الرئيس الأمريكي تمام الثقة، لذا فكان الرد الإيراني إعلانًا عن ابتعاد الوايات المتحدة عن المشهد وأن المواجهة بين إيران وإسرائيل الآن أصبحت وجهًا لوجه، وأضاف هارئيل أن القرار الأمريكي يعدّ قرارًا صادمًا لحلفاء واشنطن في المنطقة، وأنه بذلك يعطي الضوء الأخضر للقوات التركية في التدخل في سوريا بشكل أكبر ودون أي مضايقات.

ووجّه المحلل سهام النقد للقيادة الإسرائيلية والتي طالما كانت تتملق الرئيس الأمريكي والقيادة الأمريكية، لدرجة ذهبت برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإقامة حفل تملق مشين، أطلق فيه اسم الرئيس الأمريكي على إحدى المستوطنات بالجولان المحتل، في الوقت الذي تم فيه إهمال التعاون مع الحزب الديمقراطي الأمريكي تحسبًا لأي تقلبات في السلطة هناك، وهو الأمر الذي بات على وشك الحدوث الآن، حيث إن ما حدث لا يمكن وصفه إلا بالغباء السياسي وتعريض مصالح الدولة للخطر بسبب تغليب الآراء والمصالح الشخصية.

نتنياهو يواجه شبح الموت السياسي

اعتبرت المحللة "موران أزولاي" بصحيفة يديعوت أحرونوت أن رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" يعيش حالة من التوتر والاضطرابات في القرارات بسبب الضغوط الواقعة عليه، كونه محاطًا بالعديد من الخصوم السياسيين وتعقُّد موقفه في تشكيل ائتلاف حكومي للمرة الثانية، ناهيك عن وضعه القضائي الحرج بسبب قضايا الفساد المقدمة ضده، وإمكانية تقديم لائحة اتهام ضده تزيد من مخاوفه من فكرة تشكيل حكومة من دونه.

ورأت المحللة أن مبادرة نتنياهو الأخيرة من أجل عقد انتخابات تمهيدية في حزبه الليكود كانت تهدف في الأساس لإحراج الطامعين في المنصب أو التمرد عليه، وهو ما باء بالفشل بعد إعلان عضو الليكود "جدعون ساعر" بأن نيته الترشح للمنصب، الأمر الذي ينم عن عدم دراسة جيدة من نتنياهو وتخبط كبير في اتخاذ القرارات على غير عادته.

 واعتبرت "أزولاي" أن ما يعانيه نتنياهو حاليًا ما هي إلا أعراض الموت السياسي التي طالما عانى منها سابقوه من السياسيين، وذلك نتيجة لتعاظم الضغوط من كافة الاتجاهات، وما يعزّز ذلك حالة التعنت والكبرياء المصطنع من قبله، حيث إنه لا يرتضي بالهزيمة والضعف، محاولًا الظهور بمظهر القوي حتى آخر اللحظات على أمل حدوث انفراجة غير متوقعة، سواء بالنسبة لوضعه السياسي وتشكيل الائتلاف، أو بالنسبة للموقف القضائي المعقّد المرتبط بقضايا فساد.

القضاء على العنف مصلحة عربية – يهودية مشتركة

تماشيًا مع حالة الغضب الشعبي في أوساط المجتمع العربي داخل إسرائيل احتجاجًا على تفشي ظاهرة العنف داخل المجتمع العرب، في ظل غياب من الشرطة الإسرائيلية؛ نشرت صحيفة هآرتس مقالًا لعضو الكنيست "أيمن عودة" زعيم القائمة العربية المشتركة، والذي تناول من خلاله مدى خطورة الموقف جراء تفشي ظاهرة العنف وارتفاع عدد القتلى لنحو 73 قتيلاً منذ بداية العام الحالي، وهو ما يراه ينذر بكارثة حقيقية حال لم تتدخل السلطات المعنية وتفرض سيطرتها على الموقف في القرى والمدن العربية.

ورأى عودة أن ما يحدث هو نتيجة مباشرة لحالة التقاعس والعجز الحكومي، واللامبالاة التي تبديها الشرطة، لا سيما وأن الحلول موجودة على الطاولة منذ سنوات، ولكن الشرطة لا يبدو وأنها ترغب في الأخذ بها دون أسباب مقنعة.

وندد عضو الكنيست بالحجج التي تذكرها الشرطة والسلطات المعنية بتحميل مرتكبي العنف مسئولية ما يحدث، خاصة وأنها لم تقم بأي من أدوارها المنوطة بها حيال المشكلة التي تزداد تفاقمًا يومًا تلو الآخر.

واتهم "عودة" صراحةً السلطات الإسرائيلية بالعنصرية في التعامل مع القضية، مؤكدًا أنه لو كان القتلى يهودًا لرأينا تعاملًا مختلفًا، ولكن على ما يبدو أنه طالما الأزمة عربية – عربية، لذا فإنه لا داعي للتدخل، وكأن العرب داخل إسرائيل ليسوا بإسرائيليين، معتبرًا أن القضاء على الظاهرة هو مصلحة عربية يهودية مشتركة، فالمجتمع اليهودي ليس ببعيد، ومن الوارد جدًا انتقال الظاهرة إليه، مطالبًا السلطات والمجتمع اليهودي بعمل اللازم لوأد الظاهرة قبل أن تسوء الأمور إلى ما لا يحمد عقباه.

وفي السياق ذاته، كتب المتخصص في الشأن العربي "رسول سعدة" بصحيفة يديعوت أحرونوت بأنه يتعين على الشرطة الإسرائيلية أن تقوم بعملية واسعة النطاق لجمع السلاح الموجود في البلدان العربية، وإعلان بلدات عربية كوكر للجريمة، وإقامة غرفة عمليات عالية المستوى، وأن تخصّص فورًا وحدات من المحقّقين للقبض على القتلة وإحالتهم على المحاكمة.

بالإضافة إلى ذلك يجب نقل قادة مراكز الشرطة والاستخبارات الذين فشلوا في مهماتهم في المنطقة، لا سيما مع تعالي الأصوات المطالبة بإغلاق مراكز الشرطة، وما دامت الشرطة لم تقم بما هو مطلوب منها ولم تثبت جديتها في معالجة الظاهرة، ستبقى متهمة بالتواطؤ والتخلي عن واجبها.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا