الصحافة الفرنسية| توترات سد النهضة مستمرة.. وكورونا وبريكست خليط قاتل للاقتصاد البريطاني

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – محمد شما

من الاستهلاك إلى الدخول والنقل.. أمور غيّرتها الأزمة الصحية في فرنسا

رصد موقع "إل سي إي الإخباري" جانبًا من التغيرات التي طرأت على المجتمع الفرنسي بسبب وباء كورونا، فمع انطلاق أزمة كوفيد-19، تعرضت فرنسا لأسوأ صدمة اقتصادية لها خارج أزمنة الحروب، وتكبّدت عواقب وخيمة، وفقًا للمعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية الذي نشر مؤخرًا توقعاته لما بعد تلك الأزمة.

ومن الصفحة الأولى للتقرير، يقول المعهد إن "المؤشرات لن تعود جميعها إلى طبيعتها بنفس الطريقة، وربما لن تعود بعضها لبعض الوقت"، موضحًا أن الأزمة الصحية والاقتصادية للفيروس التاجي كان لها تداعيات كبيرة على البلاد؛ بداية من التنقلات، مرورًا بتغير الأسعار والدخل وسلوك الشراء، وما إلى ذلك. لقد تمت إعادة النظر في جميع مؤشرات الاقتصاد الفرنسي.

الصدمة الاقتصادية الأسوأ في أزمنة السلم

وبالرغم من أن "التعافي الاقتصادي ملحوظ بشكل كبير منذ منتصف مايو"، غير أن المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية، يَعتبر أن شهر أبريل "سيبقى بلا شك أحد أسوأ الشهور التي عاشها الاقتصاد الفرنسي في أزمنة السلم". ومع ذلك هناك خبر جيد، حيث توقع المعهد صعودًا في تقديره للتطور الفصلي للناتج المحلي الإجمالي الفرنسي في الربع الثاني من عام 2020، ووصل إلى -17٪؛ أي أفضل بثلاث نقاط من تقديرات الانخفاض في التوقعات الاقتصادية السابقة.

ولفت المعهد إلى أنه "في الوقت الحالي، يستمر انحسار الوباء؛ ما يسمح بتسريع عملية تفكيك الحجر الصحي. ووفقًا لأحدث المؤشرات المتاحة، بلغ تراجع النشاط الاقتصادي مقارنةً بالوضع -29٪ في أبريل، ثم -22٪ في مايو، وسيقتصر على -12٪ في يونيو".

استهلاك الأُسر لا يزال محدودًا

خلال الأسبوع الأول من إنهاء الحجر الصحي، بين 11 و17 مايو، لاحظ المعهد انتعاشًا قويًّا في استهلاك الأسر. ومنذ ذلك الحين، وبشكل أدق خلال الفترة من 18 مايو حتى 7 يونيو، ظل الاستهلاك بشكل عام عند هذا المستوى ولا يزال أقل بقليل من المستوى الطبيعي بنسبة -7٪. وبينما ساعدت عمليات الشراء في مايو، كما هو الحال في قطاع النقل مثلًا، في تعزيز الاستهلاك، فإن الطلب على خدمات السوق، كالمطاعم أو الترفيه، لايزال أقل من المعتاد في شهر يونيو بنسبة 12٪؛ لذا يمكن استنتاج أن الفرنسيين لم يستأنفوا عاداتهم الشرائية بالكامل.

واستنادًا إلى بيانات المعاملات المصرفية، يرصد المعهد انهيار المشتريات في المطاعم والإقامة، وهما الضحيتان الرئيسيتان للحجر الصحي. وعلى الرغم من أن هذا الأخير عاد للنشاط منذ 11 مايو، إلا أن الفرنسيين لا زالوا مقاطعين لهذين القطاعين، متأثرين بلا شك بالمخاوف الصحية.

تراجع التضخم على الرغم من ارتفاع أسعار المواد الغذائية

ووفقًا لتقرير المعهد، انخفض معدل التضخم الرئيسي منذ بداية الأزمة الصحية، وهو انخفاض يرجع بشكل رئيسي إلى انخفاض أسعار المنتجات البترولية ولكن أيضًا في أسعار الخدمات، لا سيما أسعار خدمات النقل، وهكذا نجد أن التضخم الرئيسي انخفض في شهر مايو 2020 إلى + 0.4٪ على أساس سنوي بعد أن كان + 1.4٪ في فبراير.

وأكد المعهد هذا الأمر قائلًا: "على العكس من ذلك، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بمقدار + 3.7٪ على أساس سنوي في شهرأبريل، بعد أن كانت + 1.9٪ في مارس. وكانت الزيادة ملحوظة بشكل أكبر في أسعار المنتجات الطازجة؛ حيث قفزت أسعار الفاكهة والخضروات في أبريل بنسبة + 17.8٪ على أساس سنوي، بعد أن كانت + 4.7٪ في مارس. وقال المعهد أيضًا: "لقد تعثرت ظروف التجارة خلال فترة الحجر الصحي وشهدت صعوبات في توفير الأعمال الأساسية، والطلب الأعلى من المعتاد خلال هذه الفترة دعم التضخم بقوة".

وتتأثر هذه الاختلافات في الأسعار بشكل خاص بسلوك الأسر أثناء الشراء. حيث كان وزن الطعام في السلة الفرنسية أعلى خلال فترة الحجر بنسية 28 ٪ ثم انخفض إلى 20 ٪ بعد 11 مايو، وهذا يبقى أعلى من المستوى المعتاد بنسية 16٪. وقد تعززت عمليات شراء المنتجات المصنعة بعد إنهاء الحجر الصحي. من ناحية أخرى، تراجعت حصة مشتريات الخدمات بنسبة 10 نقاط مقارنةً بالعام الماضي، ولم تعد إلى مستوياتها المعتادة منذ ذلك الحين.

انخفاض الدخول.. المساعدات قلّلت الضرر

تشير التقديرات إلى انخفاض دخل الأسرة بنسبة -2.7٪ في أبريل مقارنةً بالوضع الاقتصادي السابق، لكن الوضع كان يمكن أن يكون أسوأ بكثير؛ لأن إجراءات التعويض التي جرى اتخاذها، من خلال نظام العمل الجزئي أو الإجازة المرضية والإجراءات الأخرى المختلفة ساعدت في الحد من انخفاض الدخل الصافي الإجمالي". والشيء نفسه ينطبق على العاملين لحسابهم الخاص، حيث تعتمد دخولهم بالكامل على النشاط الاقتصادي.

الفرنسيون يتنقلون أقل من ذي قبل

منذ اليوم الأول من الحجر الصحي، حث رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب مواطنيه على تفضيل العمل عن بُعد والسفر في نطاق 1 كيلومتر من المنزل، ثم 100 كيلومتر. وبالتالي خفّضت هذه التوجيهات ميكانيكيًّا عدد الرحلات المقطوعة. ولاحظ المعهد أنه بالرغم من إلغاء القيود على هذه المسافة، إلا أن المسافة التي يقطعها الفرنسيون في تنقلاتهم ظلت أقل بنحو 40٪ من مستواها قبل الحجر. ويمكن تفسير هذا الاختلاف بحقيقة أن حوالي خمسة ملايين موظف لا يزالون يحافظون على العمل عن بُعد وأن عددًا كبيرًا من الأشخاص لا يزالون يعانون من البطالة الجزئية.

فيروس كورونا وبريكست.. خليط قاتل للاقتصاد البريطاني

وعن التوقعات بشأن الاقتصاد البريطاني بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، نشر موقع راديو فرنسا الدولي تقريرًا أشار إلى المخاوف التي تثيرها المغادرة المحتملة للمملكة المتحدة دون اتفاق، والسيناريو الأسوأ الذي قد يتعرض له الاقتصاد البريطاني الذي تحطم بالفعل قبل أزمة كوفيد-19، لا سيما بعد وصول مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى طريق مسدود في الوقت الحالي.

ووفقًا لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، ستكون المملكة المتحدة الدولة الأكثر تأثرًا بالوباء مع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 11.5٪ لهذا العام، وقد تتكبد أسوأ ركود خلال ثلاثة قرون. وفي أبريل انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 20٪؛ ما يعني أن مستوى الثروة تراجع إلى ما كان عليه عام 2002!

وكما هو الحال في كل مكان بالعالم، يصيب الفيروس التاجي المجتمعات الأكثر فقرًا بشكل رئيسي، وهذا يترجم فاتورة صحية واقتصادية أعلى بكثير في الأجزاء الشمالية من إنجلترا بالمملكة المتحدة، أي المناطق الأكثر تأييدًا لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وسجلت معاقل حزب العمل السابقة التي أعطت أصواتها لبوريس جونسون أكبر عدد من ضحايا الوباء وتحمل العبء الاقتصادي للأزمة، ومن المؤكد أن التأثير الاقتصادي في هذا الجزء من البلاد عنيف بمقدار ضعف التأثير في منطقة لندن التي تؤيد أوروبا.

هل يستطيع جونسون مساعدة المناطق المحرومة؟

في حالة إتمام خروج بريطانيا الصعب من الاتحاد الأوروبي، يبدو القيام بهذا الأمر بعيد الاحتمال؛ لأن الخزانة العامة قد تدهورت بالفعل بسبب الإنفاق التحفيزي المرتبط بالوباء؛ وزاد كوفيد-19من التفاوتات الإقليمية داخل المملكة وسيزيدها أيضًا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بسبب أن الوظائف في قطاعات السيارات أو الطيران أو السياحة تكون الأكثر تهديدًا في المناطق الصناعية الأكثر فقرًا إذا لم يتم التوصل لاتفاق بين لندن وبروكسل. فقط برنامج كبير للاستثمار في البنية التحتية يمكنه أن يعالج أوجه عدم المساواة ويعزيز هذه المناطق. لقد كان وزير المالية "ريشي شوناك" يخطّط لذلك، ولكن اليوم لديه أولوية أكثر إلحاحًا تتمثل في إعداد ميزانية لإنعاش اقتصاد بلاده.

احتمال يبدو بعيدًا.. لن يحدث الانتعاش قبل عام 2023

يبدو معهد رئيس الوزراء السابق توني بلير أكثر تشاؤمًا؛ فوفقًا لخبرائه فإن بريطانيا العظمى تخاطر بعدم التعافي أبدًا من الأضرار الحالية، حيث سيضغط انكماش الاقتصاد تلقائيًّا على عائدات الضرائب، وبالتالي سيقلّل من قدرته على التغلب على الأزمة. وعندما يبدأ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 يناير، مع أو من دون اتفاق، ستظل البلاد تعاني من الأزمة الاقتصادية التي سببها الوباء. ومن المرجح أن تتفاقم الصعوبات عندما ينتهي برنامج العمل قصير المدى الذي ستتبناه الحكومة، بدءًا من شهر أكتوبر. وحينها ستكون لحظة الحقيقة بالنسبة للشركات، التي قد تضطر إلى إعلان إفلاسها بسبب فقدانها شبكة الأمان.

وبسبب قلقها الشديد بشأن بقائها، لا تملك الشركات القدرات المادية للاستعداد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق. وفي هذه الحالة ستتعرض لكارثة جديدة تتمثل في الرسوم الجمركية العالية التي سيتم فرضها على التجارة مع القارة العجوز؛ ما سيدمّر قدرتهم التنافسية. وتدرك الحكومة جيدًا هذا الأمر؛ لذا ستطلق حملة اتصالات ضخمة، على أمل إيقاظ الشركات وتعبئتها بشكل عاجل حتى يكونوا مستعدين للبريكست.

"كوفيد 19" ليس السبب وراء إفلاس جميع الشركات

من جانبه، سلّط موقع "لا كروا" الضوء على دراسة للمرصد الفرنسي للأحوال الاقتصادية بكلية العلوم السياسية بفرنسا حول الإفلاس المحتمل للشركات. فإلى جانب الأرقام التي يجب تناولها بحذر، تشير الدراسة إلى الهشاشة المالية للنسيج الإنتاجي الوطني.

كيف سيكون تأثير أزمة كوفيد-19 على إخفاقات الشركات الفرنسية؟ من منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية إلى شركة الضمان الائتماني Coface، أجاب العديد من الاقتصاديين على هذا السؤال الحاسم مؤخرًا، وأعلنوا في بعض الأحيان عن أرقام نهاية العالم التي يصعب تقييم مدى دقتها. وبالرغم من المخاوف من إضافة المزيد من الارتباك والتشاؤم، انخرطت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بدورها في التقييم من خلال نشر دراسة تقدّم تقديرًا جديدًا لحجم الصدمة المتوقعة.

مستوى غير مسبوق من الفشل

بناءً على افتراض الانتعاش التدريجي، قام خبراء في مركز الأبحاث بمحاكاة تأثير الأزمة على حسابات عينة مهمة من بين مليون شركة. يقول "ليونيل نيستا": إن نتيجة الدراسة تشير إلى أن النسيج الإنتاجي سيتأثر بشدة بهذا الوباء، مع مستويات غير مسبوقة من الفشل، وبعبارة أخرى، ستكون الشركات غير قادرة على تلبية الأجور أو دفع الموردين.

وفي الأحوال العادية، يستحوذ بنك فرنسا في المتوسط على 60 ألف شركة تواجه صعوبات في الدفع كل عام. ووفقًا لتوقعات منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، يمكن أن يرتفع هذا العدد بمقدار 40 ألف متعثر بحلول نهاية العام. وفي حين لن تؤدي جميع الأحوال بالضرورة إلى إغلاق دائم للأعمال، ويمكن وضع بعضها تحت الحراسة القضائية البسيطة، كما يقول المؤلفان إن "هذا الإفلاس المحتمل يمكن أن يؤدي إلى تدمير نحو 250 ألف وظيفة".

ويجب أن تؤخذ هذه الأرقام بحذر شديد لسببين: أولاً، لأن المحاكاة مبنية على أحدث بيانات الميزانية العمومية المعروفة للشركات والتي يعود تاريخها إلى ديسمبر 2017. ثانيًا، لأنه طريقة بناء الدراسة لا تأخذ في الاعتبار السياسات العامة التي لا يزال من الممكن وضعها لمواجهة آثار الأزمة.

آلية اختيار السوق

علاوة على ذلك، فإن الاهتمام الرئيسي لهذه الدراسة يتمثل في تقديم توصيات بناءً على تحليل دقيق للنتائج. وتبين هذه الأخيرة أن "التعرض لمخاطر الإفلاس لا يتحدد فقط من خلال حجم الصدمة، ولكن من خلال التفاعل بينها وعوامل أخرى"، لا سيما وفقًا لحجم القوة المالية الشركات.

يقول ليونيل نيستا: "في أوقات النمو، الشركات التي يعاقبها السوق هي الشركات التي تعاني من مشاكل في الإنتاجية. لكن أزمة كوفيد -19 قضت على هذه الآلية، في ظل ما نلاحظه من زيادة منتظمة في الحصة الخاصة بالشركات التي تتوفر لها مقومات البقاء اقتصاديًّا في القوة العاملة بالشركات المعسرة". ويمكن ملاحظة هذه الزيادة بشكل خاص في قطاع الفنادق والمطاعم والبناء؛ حيث تتعرض العديد من الشركات الصغيرة لخطر الإفلاس بنفس القدر، إن لم يكن أكثر، بسبب التدفق النقدي المنخفض للغاية ونقص الأموال؛ ما يضطرها إلى الإغلاق القسري.

ثمن الإفلاس الصفري

على عكس بعض الشركات الكبيرة، التي هي أيضًا عرضة للخطر بسبب ديونها المفرطة، لا تزال الشركات الصغيرة في كثير من الأحيان تحت رادار السلطات العامة. وقد ساعد استحداث الحكومة في حالة الطوارئ، لبرنامج العمل الجزئي والإقراض المضمون من قبل الحكومة، الكثيرين على امتصاص جزء من الصدمة. يقول نيستا: "مع بدء عملية إعادة التشغيل، يتعين اتخاذ إجراء لمواصلة العمل، كأن يتم على سبيل المثال، مساعدة الشركات على إعادة تمويل الصناديق الخاصة بها".

ووفقًا لمنظمة التعاون والتنمية، فإن إجراءً كهذا، يستهدف الشركات التي تعاني صعوبات بسبب الحجر الصحي، سيكلف الخزانة العامة حوالي 3 مليارات يورو، بخلاف المساعدة القطاعية المعتمدة بالفعل والتي تصل إلى عشرة مليارات إضافية، وهذا هو سعر "الإفلاس الصفري" الذي وعد به الرئيس ماكرون.

"سد النهضة" يصعّد التوترات بين إثيوبيا والسودان ومصر

من جانبه، سلّط موقع "إر تي بي إف" الإخباري البلجيكي الضوء على مستجدات الأوضاع في حوض النيل. فمؤخرًا، طلبت مصر من مجلس الأمن الدولي التدخل في الصراع بينها وبين إثيوبيا حول مستقبل "سد النهضة" على النيل الأزرق، حيث ظل مشروع السد الإثيوبي الضخم قيد التفاوض لمدة تسع سنوات مع السودان ومصر اللتين تقعان في مجرى ومصب النهر. غير أن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود وأخذ التوتر يتصاعد بين الدول الأفريقية الثلاث لأهمية تحديات الطاقة والزراعة والاقتصاد والبيئية والجيوسياسية للمشروع، وبسبب نفاد الوقت.

ماهية المشروع

هو مشروع ضخم أطلقته إثيوبيا في عام 2011 على النيل الأزرق. وبمجرد قراءة اسمه "سد النهضة الإثيوبي الكبير" فإنه يدل على طموح "أديس أبابا" في إقامة أكبر سد للطاقة الكهرومائية في أفريقيا؛ حيث يبلغ ارتفاعه 155 مترًا وطوله 1.8 كيلومترًا، ويحتوي على 16 توربينًا لتوليد الطاقة الكهربائية. وبقوة توليد كهربي تبلغ ستة آلآف ميجاوات، من المتوقع أن يغطي السد كامل احتياجات الطاقة – التي تتزايد بسرعة – في البلاد، ويوفّر الكهرباء لجميع السكان، الذين يفتقد نصفهم إليها، فضلًا عن توليد فائض من الطاقة للتصدير؛ ما يساهم في زيادة الميزانية الإثيوبية.

ويعدّ هذا السد موضوع فخر وطني للإثيوبيين الذين قاموا بتمويله بأنفسهم عن طريق "سندات السد"، ومع اقتراب الأعمال من الانتهاء، تريد إثيوبيا البدء في إنتاج الكهرباء بحلول نهاية هذا العام، لتصل إلى 6000 ميجاوات بنهاية عام 2022.

ماذا يخشى السودان ومصر؟

توضح الصور كيف سيكون بإمكان هذا السد الذي يقام أعلى نهر النيل تحديد كمية المياه والطمي التي تغذي السودان ومصر، وهما دولتا المصب. وينضم النيل الأزرق إلى النيل الأبيض في العاصمة السودانية الخرطوم، وبذلك يتكون نهر النيل، الذي يتدفق بعد ذلك من السودان إلى مصر حتى البحر. والنيل الأزرق يجلب معظم مياه النيل بنحو 84٪ في المتوسط، وفي فترات الفيضانات تصل هذه النسبة إلى 95٪. وتخشى السودان ومصر أن تسيطر إثيوبيا على تدفق النهر على حسابهما، وبينما يرى السودان في بناء هذا السد مزايا خاصة، إلا أن مصر تخشى ذلك.

ويعد تقاسم مياه النيل موضوع حساسًا للغاية بالنسبة لتلك الدول، لا سيما مصر، التي تعتمد بشكل كبير عليها. ومن خلال الصور الفضائية، يمكننا رؤية النيل يروي مصر؛ حيث يزوّدها وحده بما يقرب من 97 ٪ من المياه العذبة في البلاد، وتتزايد احتياجات القاهرة من المياه حيث ينمو عدد سكانها بشكل مستمر. ويعيش 95٪ منهم على الأرض الخصبة بطول النيل. كما أن النيل له أيضًا أهمية رمزية وتاريخية قوية، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بظهور الحضارة المصرية، والمساس بهذا النيل يعني المساس بالبلد.

لماذا تتصاعد النبرة؟

لأن السد الإثيوبي يدفع نحو إعادة التفاوض على تقاسم مياه النيل بين الدول التي يعبرها، وهذا التقاسم جرى تحديده خلال معاهدات مختلفة منذ الحقبة الاستعمارية وتم تغييره في عام 1959. ولكن في كل من الاتفاقيات الاستعمارية وفي التصحيح الذي جرى عام 1959، كانت مصر دائمًا المستفيد الأول من مياه النيل، وبحصة أفضل بكثير من السودان.

الآن نما عدد سكان إثيوبيا والسودان، وكذلك المدن والتنمية الصناعية، وازدادت الاحتياجات من المياه ولم تعد تلك الدول تريد أن يتم إلزامهما بتوزيع للمياه، وتم الاستقرار عليه إلى حد كبير في أوقات الاستعمار ووضع مصر على القمة. ومن جانبها، لا تنوي مصر التخلي عن حصتها وتندّد بالسد الذي جرى تنفيذه دون دراسة كافية لتأثيره على الدول والبيئة في دول مصب النهر.

هذا الصراع حول الآلية الجديدة لتقاسم المياه مستمر منذ عام 2011، ولم يتم التوصل إلى اتفاق حتى انتهى العمل على السد، كما زادت إثيوبيا أيضًا من حدة التوتر بإعلانها مؤخرًا أنها لن تؤجل الموعد المقرر لبدء ملء خزان السد والمقرر في شهر يوليو المقبل.

اكتمال بناء السد دون الاتفاق على تقاسم المياه

لذا لا يوجد حتى الآن اتفاق حول تقاسم المياه، ولم يتم يتعلق موعد البدء في ملء الخزان؛ وبالتالي أعربت مصر عن قلقها من السرعة الكبيرة التي سيتم بها ملء السد؛ ما سيقلل من التدفق المائي بشكل إشكالي. لكن إثيوبيا ترفض مد فترة الملء وتعتزم إتمام ملء الخزان الذي تبلغ سعته 74 مليار متر مكعب من المياه، بنحو 18.4 مليار متر مكعب في غضون عامين.

إن الرهانات والتوترات هي التي دعت الولايات المتحدة والبنك الدولي لرعاية المفاوضات في نوفمبر الماضي، لكن جلسة يناير كانت فاشلة، كما فشلت الأيام القليلة الماضية في التوصل إلى حل، تحت أعين المراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وجنوب أفريقيا. ومع اقتراب شهر يوليو لا يزال يتصاعد التوتر المحيط بالمناقشات.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا