الصحافة الفرنسية| رهانات خاسرة لحركة النهضة في انتخابات تونس.. والنساء مستقبل إسلام فرنسا

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – محمد شما

الانتخابات التونسية.. إسلاميو “النهضة” في مأزق
سلطت صحيفة “لا كروا” المتخصصة في الأديان الضوء على الانتخابات الرئاسية التونسية، مشيرة إلى أنه منذ تخلي حزب النهضة رسميًّا عن العمل الدعوي الديني في عام 2016، تراجع اهتمام النقاش السياسي بالانقسام بين الإسلاميين والحداثيين لصالح تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي.
وتساءلت الصحيفة: هل تحولت حركة النهضة الإسلامية حقًّا؟! ففي عام 2016، أعلن الزعيم الملهم راشد الغنوشي تخليه عن الدعوة الدينية وتحويل الحركة لحزب إسلامي محافظ قادر على الصمود في وجه المسيحيين الأوروبيين.
أزمة الهوية
يقول أستاذ العلوم السياسية حمزة المدب في الدراسة التي نشرها مركز كارنيجي للشرق الأوسط: إنه بعد ثلاث سنوات على هذا الإعلان، “لايزال الفصل الكامل أمرًا منشودًا”، كما لا يزال الحزب حائرًا بشأن تحديد “مكانة الإسلام في مشروعه الديمقراطي الإسلامي”. ويقول حسن زرقوني، رئيس معهد سيجما لاستطلاعات الرأي: إن قاعدة الحزب أكثر تشددًا من قياداته.
وبعد أن أعلن عدم رغبته في الترشح للرئاسة وحرصه على الحفاظ على قوته الضاربة في الانتخابات البرلمانية، أعلن الحزب المنقسم أخيرًا عن ترشيح عبد الفتاح مورو للانتخابات الرئاسية بسبب عدم تمكنه من دعم رئيس الوزراء المنتهية ولايته يوسف الشاهد، الذي تصالح مع الإسلامويين وظل مصيره السياسي غير محسوم.
وتابع زرقوني: إن 40 في المائة من الناشطين غير مقتنعين بمرشح الحزب؛ ما سيسهم في تجزئة المشهد السياسي وعدم التمكن من التنبؤ بنتيجة الانتخابات. وأضاف قائلاً: “لقد ضعفت القاعدة الانتخابية لحزب النهضة كثيرًا”، وانخفضت أعداد أصواته التي سجلت 1.5 مليون صوت في عام 2011، إلى أقل من مليون صوت في الانتخابات الرئاسية لعام 2014، و550 ألف صوت في الانتخابات البلدية لعام 2018.
وضع اقتصادي متدهور
لم يعد الوقت ملائمًا لاستقطاب النقاش بين الإسلاميين والحداثيين، حتى ولو ظلت نسبة من التونسيين مقتنعة بأن الحزب يسعى إلى تحقيق أجندة خفية تحت ستار عملية التطبيع غير المكتملة. ويقول كامل الجندوبي، الرئيس السابق للهيئة الانتخابية العليا المستقلة: “إن هذه الفجوة التي كانت محورًا للنقاش السياسي في الانتخابات السابقة، لم تعد القضية المركزية اليوم”.
لقد سيطر الوضع الاقتصادي المتدهور على السلطة، مشوهًا صورة الطبقة السياسية، بما فيها حزب النهضة الذي شارك في تشكيل الحكومة الائتلافية، حيث لم تتمكن هذه الطبقة من إيجاد حلول للضائقة الاجتماعية في المناطق الداخلية أو في الحد من البطالة المتوطنة بين الخريجين الشباب أو حتى تهدئة التضخم الذي تجاوزت معدلاته السنوية أكثر من 7 المائة.
ما وراء الحجاب الإسلامي
قد يساعدنا شرح ما حدث في مصر قبل 60 عامًا في فهم أفضل لما وراء الحجاب الإسلامي، حيث أشار موقع جريدة “لوسولي” اليومية الكندية لما حدث في خطاب الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر عام 1953 أمام حشد من المصريين في القاهرة، حين قال وهو يرسم ابتسامة على وجهه قبل أن تتحول لضحكة صريحة: “جاء زعيم الإخوان المسلمين لمقابلتي، وتخيلوا أنه طلب مني إجبار النساء المسلمات على ارتداء الحجاب في الأماكن العامة”.
وانتشر الهرج (آنذاك) بين الجماهير واندلع الضحك في كل مكان، وصاح رجل قائلا: “فليرتديه هو!” وعم الضحك. لقد كان عبد الناصر متناغمًا بشكل تام مع الجماهير، حيث ردّ على مرشد الإخوان قائلا: “يعني لو الواحد قال هذا الكلام يقولوا رجعنا لأيام الحاكم بأمر الله اللي كان بيخللي الناس ما يمشوش بالنهار ويمشوا بالليل!”. واستطرد عبد الناصر في رده قائلا: “يا أستاذ، إنت لك بنت في كلية الطب موش لابسة طرحة ملبستهاش طرحة ليه؟ إذا كنت إنت مش قادر تلبّس بنت واحدة اللي هي بنتك طرحة؟ عاوزني أنا أنزل ألبس عشرة مليون طرحة في البلد؟!”.
وتساءل الموقع: ما الذي حدث؟ وكيف يمكننا أن نفسر لماذا اكتسبت جماعة الإخوان المسلمين كل هذه الأهمية؟ وكيف بدأت المصريات في التحمس لارتداء الحجاب من جديد؟ وهنا تجدر الإشارة إلى أن مصر شرعت في الخمسينيات والستينيات في التأسيس للقومية العربية، وأججت تحت قيادتها مشاعر الشرق الأوسط بأسره.
لقد كنت أعيش في مصر في ذلك الوقت، ولم تكن النساء محجبات آنذاك، ناهيك عن عدم وجود “النقاب”؛ بل كانت النساء يخرجن كاشفات لشعرهن. أتذكر خطابات عبد الناصر في ميدان التحرير؛ تلك الخطابات التي كانت تستمر لساعات وتمكنت من فهم غالبيتها بفضل عباراتها العربية المبسطة والشعبية والتي كان ينطقها ببطء. لقد كان يكرر كلمة “الاستعمار”، وغالبًا ما كان يكرر حرف الراء الأخير كما لو أنه يرى أن كل مصائب مصر والعالم العربي كانت بسبب الاستعمار.
وبرحيل عبد الناصر، بدأت مصر تفقد إيمانها السياسي بالقوميةالعربية، وفشلت الجمهورية العربية المتحدة، ولم تتحقق خطة إدخال ليبيا إلى العروبة بسبب تعدد الشجار بين البلدان العربية؛ وتكررت الإخفاقات المذلة للجيوش العربية في مواجهة الجيش الإسرائيلي.
وبعد اغتيال السادات عام 1981، عدت إلى مصر لمتابعة الأخبار وإعداد المقالات للصحف ولاحظت أن الإسلام استعاد السيطرة على الحياة. ورأيت لأول مرة نساء بأعداد كبيرة يرتدين الحجاب، ولكن ليس النقاب الذي لا يمت بصلة للقرآن الكريم.
لقد احتفل قتلة السادات التابعون لجماعة الإخوان المسلمين بالنصر في زنازينهم، وقرأو آيات من القرآن الكريم بصوت عال. كانوا يظهرون بانتظام على شاشة التلفزيون، وكان كثير من المصريين يؤيدونهم. لقد تغير الشعب؛ فقبل عشرين عامًا، كان عبد الناصر محبوبًا لأنه سخر من الإخوان المسلمين ورفض جعل الحجاب الإسلامي إلزاميًّا. وبعد ذلك قُتل السادات لأسباب كان من بينها أنه كان يكره الحركات الإسلامية ويرفض تطبيق الشريعة الإسلامية.
كل هذا يعني أنه إذا عاد الإسلام ليقوى في مصر وفي العالم العربي وبين المهاجرين المسلمين في البلدان الغربية، فالسبب وراء ذلك أنه حلّ محل سياسة القومية العربية التي فشلت فشلًا ذريعًا. يقول الكاتب والصحفي الفرنسي “جان دانيال” مؤسس جريدة نوفيل أوبسرافاتيور: “قامت الإسلاموية على فشل القومية العربية. ولقد التقيت بمتشددين إسلاميين في القاهرة وقالوا لي: إذا لم تسر الأمور على ما يرام، وقام الغرب باستعمار واحتقار العرب المسلمين، وإذا لم يتمكن المسلمون من استعادة السلطة التي كانوا يتمتعون بها عندما كانوا يسيطرون في وقت من الأوقات على العالم؛ فذلك يرجع إلى أنهم لم يعودوا مسلمين حقًّا. لذلك دعونا نعود إلى الإسلام، ودعونا نضع سور القرآن الكريم في أفواهنا، ونطبق الشريعة ونترك نساءنا تعود إلى ارتداء الحجاب”.
النساء مستقبل إسلام فرنسا

من جانبها، نشرت صحيفة “أوبنيون انترناسيونال” مقالًا لمؤسسها “ميشيل توب” تحت عنوان: “النساء مستقبل إسلام فرنسا!”، طرح من خلاله السؤال التالي: هل يسوء العالم شيئًا فشيئًا؟! ففي السودان، استيقظ شعب مدفون في غياهب الظلامية، وثار المهنيون والنساء وحدهم ضد الجميع! واليوم، تمكنت امرأة تدعى “أسماء عبد الله” من شغل منصب وزيرة الخارجية السودانية؛ الأمر الذي لم يكن ليصدقه أحد قبل ثلاثة أشهر فقط!

وفي تونس، تشق الديمقراطية طريقها، وتبدأ هذه الدولة، التي تكاد تنعم النساء فيها بمعاملة الملكات، التصويت على مصيرها في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية. وإذ تعتبر تونس هي البلد العربي الإسلامي الوحيد الذي نجح حتى الآن في ثورته، إلا أن الفضل في ذلك يعود بشكل خاص للدور المحوري الذي لعبته المرأة التونسية، والتي تؤيد علمانية السياسة وفصلها عن الدين أكثر مما يفعل الرجل.
 
وفي فرنسا، ثمة حدث كبير مر دون أن يلاحظه أحد تقريبًا، وذلك عندما أمت امرأتان الصلاة! والمشكلة هي أن دار العبادة تلك لاتزال سرية، وبالرغم من ذلك فقد قيل كل شيء عنها في فرنسا. وفي الوقت الذي تصرخ فيه نساء إحدى أكثر البلدان رجعية في العالم، مطالبة بالحرية، وتقاوم النساء في دول جنوب البحر المتوسط إغراءات الإسلاميين، على النساء في فرنسا أن يختبئن لممارسة العبادة.

وتمتلك فرنسا، بلد التنوير التي يضم أكبر مجتمع مسلم خارج العالم العربي الإسلامي، جميع المقومات اللازمة لإنتاج إسلام علماني وجمهوري وتنويري. وينبغي أن يكون الأمر كذلك في جميع الديانات، كما كانت تطالب هيلين بيشون مؤلفة كتاب “الرب بصيغة التأنيث” منذ سنوات. 

والسؤال الآن: هل ينهار مشروع إقامة إسلام فرنسي وتنويري ووسطي أمام النزعات السلفية والإخوانية؟ يتوقف الأمر قبل كل شيء على قادة الدين الإسلامي في فرنسا والموقف الذي سيتخذونه حيال دعم المرأة وعدم الاكتفاء بتهدئتنا عبر خطابات التسامح.
وفي نفس السياق تساءلت صحيفة “لوفيجارو” تحت عنوان: “هل تفتح الأئمة النساء الباب أمام إمكانية بناء مذهب إسلامي ليبرالي؟” فبعد أن أمت امرأة صلاة المسلمين لأول مرة في فرنسا، يرى الكاتب “أنطوان داينسير” أن هذه الظاهرة، التي لا تزال هامشية، قد تحوز على اهتمام حديثي العهد بالإسلام، وستتسبب في إزعاج المؤمنين بما يسمى الإسلام الثابت.
مبادرات تثير غضب مسلمي فرنسا
تُعد مثل تلك المبادرات مزعجة بالفعل للجانب الإسلامي في فرنسا. ولسبب وجيه يتصف الإسلام في فرنسا بأنه دين ملاذ يتم اللجوء إليه، وتراثٌ يجب حمايته من المستعمر الفرنسي السابق والذي سيبقى كذلك في نظر القلة. ويسهم الجانب المحافظ للإسلام، باعتباره ثابتًا، وبتأخير المرأة إلى الخلف أو تخصيص غرفة منفصلة لها في المساجد، في الحفاظ على الممتلكات الثقافية التي تعد أمرًا نادرًا يجب إنقاذه في المهجر. ولذلك، فإنه لا أحد مستعد للمساس بهذا المكتسب المتعلق بالهوية والعاطفة.
ويضاف إلى هذا المبدأ الأيديولوجي، أن الإسلام في فرنسا عانى في العقود الأخيرة من هيمنة الرؤية السياسية، إن لم تكن الإسلامية، وكان يتم تحريكه عبر عاملين هما: الدعوة والشعور بالاضطهاد. ويظهر هذا الشعور على شبكات التواصل الاجتماعي في صورة تعليقات معادية لهذه الإمامة النسائية التي يحركها إما “منافقون” أو “بيض” أو “موالون للإسرائيليين”. ولا شك أن المؤمنين القلقين أو الغاضبين من هذا التطور سيطالبون الأئمة بالاتحاد لمواجهة هذه البدعة. وعلى مسؤولي الديانة الإسلامية طمأنتهم وتوضيح أن المرء قد يختلف بشأن الممارسة الدينية الصحيحة ويظل متسامحًا.
عودة طارق رمضان تتسبب في إثارة غضب الأوساط المسلمة
أما صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية فسلّطت الضوء على حديث الأكاديمي الإسلامي “طارق رمضان” بعد اتهامه باغتصاب خمس سيدات، حيث واصل جهوده لاستعادة ثقة الأوساط الإسلامية التي قاطعته منذ الكشف عن تلك التهم وحياته المزدوجة.
وقد أعرب أحد أقاربه عن أسفه قائلًا: “طارق لم يتقدم بأي اعتذار”. ويقول عبد العزيز الشعانبي، رفيق سفر سابق لرمضان في ليون: إن لديه رغبة جامحة في العودة إلى الساحة. ويقول السيد فانسان جايسر، عالم الاجتماع المتخصص في الإسلام: “عليه أن يلتزم الصمت”.
كما أن المدون صاحب التأثير الكبير في مرسيليا “سليم لبيب” لم يفوت الفرصة للتحدث عن رمضان، حيث قارن بين تصريحات رمضان فى أحد المؤتمرات والتي أدان فيها بشدة ممارسة اللواط، وتلك التى صرح بها فى اللقاء الذي جمع بينه وبين السيد جان جاك بوردين يوم 6 سبتمبر. حين قال إن “وجهات نظر المسلمين منقسمة حول هذه المسألة”. وترى الأوساط الإسلامية في ليون، والتي ساعدت في ظهور طارق رمضان على الساحة الإسلامية الفرنسية، أن “هذه التعليقات تسببت بإحداث صدمة لدى الكثيرين”. وبهذه الفتوى التي تخصه فقط وتهدف إلى تحسين صورته لا غير، فقَدَ طارق الكثير من رصيده لدى الناس؛ لأن اللواط ممارسة جنسية مرفوضة في الإسلام.
الرد على الضربات التي تلقاها
لقد خاطر الأكاديمي المتخصص في العلوم الإسلامية كثيرًا بهذه العودة الإعلامية الصاعقة. وحتى الآن، لم يواجه رمضان السيدة “بريجيت” (الاسم المستعار للمرأة التي تتهمه باغتصابها وحبسها لمدة ليلة كاملة في سويسرا). ومن المفترض ألا تلتفت العدالة السويسرية، صعبة الإرضاء، إلى تصريحات رمضان ضد صاحبة الدعوى التي يتهمها بنصب فخ له لإسقاطه مع “كريستيل”، وهي المرأة الثانية التي رفعت هي الأخرى دعوى اغتصاب ضده، فيما ردّ “روبرت أسيل” و”أليك ريموند” محاميا المدعية بريجيت عليه بالقول: “هذا كلام غير صحيح تمامًا، كما أنه عكس الحقيقة”.
والسؤال الآن: هل أخطأ طارق رمضان في اختيار الوقت؟ نعم على الأرجح. لذا يقول أحد أقاربه: “لم يكن اختيار هذا التوقيت أبدًا قرارًا صائبًا؛ بل كان عليه الرد على الضربات التي تلقاها”. وفي الواقع يرد طارق رمضان في كتابه على دعاوى التشهير التي رُفعت عليه مؤخرًا.
وعلى أية حال، فإن عودة طارق رمضان إلى الساحة العامة تبدو أكثر تعقيدًا مما كان يأمل؛ حيث وافق عدد قليل من وسائل الإعلام على استضافته على الرغم من ترشيح دار النشر له، ولم يتحدث إلا لمحطة الإذاعة المحلية فرانس مغرب 2 وعبر برنامجها الرئيسي” المنتدى الكبير”، حيث قال: “أنا أفهم خيبة أمل البعض، لكنني أطلب من جميع الذين رافقوني أن يعيدوا الأمور إلى نصابها. […] هل كنتم تتبعون شخصًا أم رسالة؟ هكذا تحدث طارق رمضان من أجل التغطية على حياته المزدوجة، غير أن هذا الموقف تسبب هو الآخر بإثارة الغضب بين أتباعه.
مأزق كبير
أما بالنسبة للضربة الأكبر التي تلقاها طارق رمضان فجاءت من صفوف حلفائه السابقين، أي جماعة الإخوان المسلمين، صاحبة الفضل في تعزيز صعوده بشكل كبير في فرنسا. وعلى الرغم من كافة الصعاب، أصدر اتحاد مسلمي فرنسا (الاتحاد الفرنسي للمنظمات الإسلامية سابقًا – فرع جماعة الإخوان المسلمين في فرنسا) بيانًا تبرأ فيه من رمضان. وجاء في نص البيان: “نشعر بالخيانة بسبب سلوك السيد طارق رمضان، وهو سلوك يتناقض تمامًا مع المبادئ والأخلاق المتوقعة من رجل يدافع عن الإسلام”. ويقول أحد الصحفيين بإحدى وسائل الإعلام المحلية: إن “هذه ضربة كبيرة لطارق رمضان”.
وعبر أثير إذاعة فرانس مغرب 2 رد رمضان على البيان قائلًا: “لا أفهم الغرض من بيان اتحاد مسلمي فرنسا الذي يتناول أمورًا أخلاقية من أجل تحقيق مكاسب سياسية. […] هذا البيان موجّه للسياسيين ووسائل الإعلام”. وبشكل أوضح، يتهم الأكاديمي الإسلامي، الاتحاد بالتذرع بسوء سلوكه في أمور أخلاقية من أجل القضاء عليه سياسيًّا.
هل ينبغي على الدولة الفرنسية إصلاح برنامج المساعدات الطبية؟

نشرت جريدة “لا كروا” تقريرًا أشارت خلاله إلى أن الرغبة في إطلاح برنامج المساعدات الطبية الحكومية الفرنسية، الذي يسمح للمهاجرين غير الحاملين للوثائق اللازمة بتلقي العلاج، باتت في مرمى النيران. وتساءل التقرير: هل هذه فكرة جيدة أم سيئة؟

وبدا عدم موافقة وزارة الصحة بخلاف وزارة الداخلية؛ حيث قالت مصادر عديدة إن الفضل في فوز إيمانويل ماكرون بالرئاسة هو أنه وعد خلال حملته الانتخابية بعدم الاقتراب من برنامج المساعدات الطبية الحكومية. ويبدو أن الرغبة في إصلاح هذه الخدمة، التي تسمح بمعاملة المهاجرين غير الشرعيين مجانًا، قد تأكدت مع اقتراب موعد مناقشة الهجرة في البرلمان، والمقرر إجراؤها في 30 سبتمبر الجاري.
ويتمثل المبرر الأول لتأييد عملية الإصلاح في التكلفة، حيث يقول بيير هنري دومون، النائب عن حزب الجمهوريين، “بعد أن كان يتم تخصيص أقل من 500 مليون يورو لبرنامج الدولة للمساعدات الطبية سنويًّا قبل عام 2010، فإن آخر رقم سجلته ميزانية عام 2019 كان 930 مليون يورو، وسيتم على الأرجح تجاوز المليار يورو قريبًا”. وترجع هذه الزيادة إلى الزيادة الحادة في أعداد المهاجرين غير الحاملين للوثائق، بالرغم من رفض ثلثي ملتمسي اللجوء، ووفقًا لآخر الأرقام، بلغ عدد المستفيدين من برنامج المساعدات الطبية نحو 311 ألف مستفيد.
قضية صحة عامة
تقول دلفين فانجيه، مسؤولة التوعية في منظمة أطباء العالم: “بشكل عام، يعاني هؤلاء المهاجرون من حالات ضعف شديد. وتشير التقديرات إلى أن معدل عدم اللجوء للمساعدات الطبية، أي الأشخاص الذين يحق لهم الحصول عليها ولكنهم لا يستفيدون منها، بلغ 88 في المائة.
ويعاني 56 في المائة من المهاجرين الذين يتلقون الرعاية في مراكزنا الصحية من أمراض مزمنة، كالسكري والتهاب الكبد وارتفاع ضغط الدم، وما إلى ذلك. ويحتاج 83 في المائة منهم إلى المتابعة، و50 في المائة يصلون إلينا بعد تأخر حالاتهم. وقد أظهرت دراسات أخرى أنهم يعانون بشكل أكبر من أمراض الجهاز التنفسي والجرب وبعض النوبات الوبائية، كالحصبة والجدري والأنفلونزا”؟
من جانبه، ذكر تقرير جواسجوين – سيجوج، الذي نُشر في عام 2015، أن 70 في المائة من التكاليف كانت تغطي تكاليف الرعاية بالمستشفيات، وأن السل وفيروس نقص المناعة والولادة وغسيل الكلى كانت الأسباب الرئيسية لهذه الرعاية. وفي هذه الظروف، تقول فانجيه: “تقييد برنامج الدولة للمساعدات الطبية سيكون له عواقب سلبية؛ ليس فقط على المرضى ولكن أيضًا على الصحة العامة”.
ومع ذلك، يبدو أن الحكومة ترى صعوبة في أن تطالب المواطنين الذين يساهمون في برنامج الضمان الاجتماعي ترك الإنفاق على المرضى غير الشرعيين. ويبدو أن إمكانية إنشاء تذكرة معتدلة، كما حدث بين عامي 2011 و2012 بقيمة 30 يورو لم تعد مطروحة.
هل يتم تخفيض سلة الرعاية الصحية؟
ومن ناحية أخرى، قد يؤدي تخفيض سلة الرعاية المغطاة إلى الإبقاء على مزايا هذا البرنامج. حيث يقول النائب بيير هنري دومون إن اليمين يقترح بانتظام سلة محدودة من الرعاية تقتصر على خطر تلوث الأمراض الخطيرة والرعاية العاجلة والحيوية. وتساءلت “أوريليان تاش”، عضوة البرلمان عن حزب الجمهورية للأمام، الذي يعارض التشكيك في برنامج الدولة للمساعدات الطبية: “هل يعني رفض هذا تقديم الرعاية لمريض التهاب الشعب الهوائية أو ارتفاع ضغط الدم الحاد؟ وهل سيتم تقليص الرعاية النفسية بعد مذبحة فيليوربان؟ وتضيف: “بشكل عام، فإن أعداد الأشخاص الذين يفتقرون إلى الرعاية أكبر بكثير من أعداد هؤلاء الذين يسيئون استخدامها”.
أما الجمعية الفرانكفونية لعمليات زراعة الأعضاء فقالت في خطاب وجهته للجنة الاستشارية الوطنية للأخلاقيات: “على مدار السنوات القليلة الماضية، شهدنا تدفق المرضى اللاجئين من أوكرانيا وجورجيا وألبانيا، وغيرها… حيث جلبهم المهربون إلى خدمات الطوارئ وهم في حالات خطيرة للغاية، تتطلب على سبيل المثال عقد جلسات فورية للغسيل الكلوي وبحاجة للتسجيل العاجل في قوائم زراعة الكلى”.
وتقول النائبة “تاش”: “ربما توجد انتهاكات، ولكن هل سنعمل على إيجاد آلية مفيدة لحل قضية أكبر ألا وهي قضية مكافحة التهريب؟”.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا