الصحافة الفرنسية عن فيروس كورونا| قد يصيب ثلث البشرية.. والأيام المقبلة حاسمة

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – محمد شما

الأرقام الهزيلة لحالات الإصابة بالفيروس في إفريقيا تضع الكثير من علامات الاستفهام

فرض وباء كورونا نفسه على الصحافة الفرنسية بعد بدء رحلة انتشاره في أوروبا، بينما تتزايد احتمالات الانتشار السريع للفيروس في العالم، لم تعلن القارة السمراء سوى عن حالتي إصابة فقط. فهل يرجع ذلك إلى الفشل في اكتشاف الحالات؟ أم إلى العامل المناخي؟ أما أنها مجرد ضربة حظ؟

وقد حاولت صحيفة "لوموند" التوصل إلى تفسير هذا الأمر، فبينما لا يزال انخفاض عدد حالات الإصابة بالفيروس في البلدان الأفريقية، حيث النظم الصحية الأكثر هشاشة، يثير الكثير من تساؤلات الخبراء. وحتى الآن، لم يصب رسميًّا في هناك سوى شخصان، أحدهما في مصر والآخر في الجزائر، ولم يتم تسجيل أي حالات وفاة. ويعد هذا العدد بمثابة قطرة في المحيط مقارنة بإجمالي عدد الإصابات الذي بلغ 80 ألف حالة وأكثر من 2700 حالة وفاة مسجلة في أربعين دولة، ولا سيما في الصين، حيث ظهرت أول بؤرة لهذا الوباء، وذلك وفقًا لأحدث الإحصاءات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية بتاريخ 26 فبراير الماضي.

وبعد وقت قصير من ظهور الفيروس، حذر المتخصصون من مخاطر انتشار المرض في أفريقيا بسبب الروابط التجارية الوثيقة التي تجمعها مع بكين وضعف شبكتها الطبية. وفي الأسبوع الماضي، حذرت منظمة الصحة العالمية من عدم جاهزية القارة السمراء للتعامل مع الوباء. وفي لقائه بوزراء الصحة بالاتحاد الأفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، قال تيدروس أدهانوم جبريسيس، رئيس المنظمة: "لا تزال احتمالية انتشار فيروس كورونا في البلدان التي لديها أنظمة صحية هشة تمثل الشاغل الرئيسي لنا".

الحماية المناخية

من جانبها، أشارت مجلة "ذا لانست" العلمية الطبية إلى أن مصر والجزائر وجنوب إفريقيا يحتلون المراتب الثلاث الأولى في قائمة الدول المهددة بانتشار الفيروس في القارة، غير أنهم الأقل ضعفًا، لأنهم الأقدر على اكتشاف العدوى. لكن على الرغم من التنبيهات العديدة، لا يبدو أن الوباء قد تطوّر بشكل ملحوظ في القارة حتى الآن. فما السبب؟

يحاول علماء الأوبئة الإجابة على هذا السؤال، حيث يقول البروفيسور "ثومبي ندونجو" من المعهد الأفريقي للبحوث الصحية في ديربان بجنوب إفريقيا: "لا أحد يعلم. ربما لا يوجد الكثير من المسافرين بين إفريقيا والصين". إلا أن الخطوط الجوية الإثيوبية، وهي أكبر شركة طيران إفريقية، لم توقف رحلاتها إلى الصين منذ بداية الوباء كما أن خطوط طيران تشاينا ساوزرن الصينية عادت لاستئناف رحلاتها مع كينيا. لذا، فإن البعض يرجع السبب في عدم انشار الوباء في القارة الأفريقية إلى عامل الحماية المناخية.

ويقول البروفيسور "يزدان يزدانبانا"، رئيس قسم الأمراض المعدية في مستشفى بيشا في باريس: "ربما لا ينمو الفيروس في النظام البيئي الإفريقي، لا أحد يعرف". هذه الفرضية يرفضها البروفيسور "رودني آدم" من مستشفى جامعة أجاخان في العاصمة الكينية نيروبي، الذي قال: "ليس لدينا أي دليل على تأثير المناخ على انتقال الفيروس. وفي الوقت الحالي، يبدو أن حساسية الأفارقة للفيروس تساوي حساسية الآخرين في الأماكن الأخرى".

ويعزو البعض الآخر هذا العدد القليل في حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا إلى الإخفاقات المحتملة لأنظمة الكشف في بلدان القارة؛ لذا يقول الدكتور "دانيال ليفي بروهل"، من وكالة سانتيه ببليك فرانس الصحية الفرنسية: "لسنا متأكدين من قدرة بعض البلدان وبعض المناطق على التشخيص نظرًا لقلة الإمكانات. وهناك احتمالية لوجود سلاسل انتقال غير معروفة في بعض البلدان في جميع أنحاء العالم".

ومع ذلك يستبعد معظم المتخصصين احتمالية ارتكاب أخطاء في عملية الكشف عن الفيروس على نطاق واسع. حيث يقول الدكتور أمادو ألفا سال، رئيس معهد باستور في العاصمة السنغالية داكار: "الوضع جيد. وإذا كانت هناك حالات إصابة كثيرة في أفريقيا، أعتقد أننا سنعرف ذلك؛ لأن منظمة الصحة العالمية في حالة تأهب والكثير من الناس يقظون للغاية". ويؤكد الدكتور "ميشيل ياو"، المسئول عن خطط الطوارئ في منظمة الصحة العالمية في العاصمة الكونغولية برازافيل، أن "جميع الأنظمة الصحية تقوم بعملها".

كما أن عدد البلدان الأفريقية التي تمتلك مختبرات قادرة على اكتشاف فيروس كورونا ارتفع في غضون بضعة أسابيع من مختبرين في جنوب أفريقيا والسنغال فقط إلى 29 مختبرًا، علاوة على الخبرة الميدانية الثمينة التي اكتسبتها القارة خلال وباء الإيبولا الأخير. ومع ذلك يشير الدكتور ياو إلى وجود بعض نقاط الضعف فيما يخص القدرة على احتواء الوباء وعلاج ضحاياه. حيث يقول: "لن تكون معظم الدول الإفريقية قادرة على التعامل مع الحالات الخطرة التي تتطلب عناية مركزة، فالقدرات محدودة في العواصم وتصبح أضعف خارجها".

وبدلًا من افتراض سيناريو كارثي، يفضّل المتخصصون الشعور بالرضا تجاه الرصيد الحالي الجيد في القارة السمراء؛ لذا يقول البروفيسور "ثومبي ندونجو": من الصعب إيجاد تفسير لهذا العدد القليل من الحالات في إفريقيا حتى الآن، فربما نكون محظوظين.

فيروس كورونا قد يصيب ثلث البشرية

واستعرضت صحيفة "ليزايكو" في حوار لها مع السيد "مارك باجويلين"، أستاذ علم الأوبئة في كلية إمبريال وكلية لندن للصحة والطب الاستوائي، مستجدات الإصابة بهذا الفيروس ومدى الوقاية منه.. وإلى أهم ما ورد في الحوار..

 ما توقعاتك لوباء كورونا؟

يمكننا أن نتوقع حدوث وباء عالمي قد يتباطأ، ولكنه لن يتوقف ويمكن أن يصيب في النهاية ثلث أو نصف البشرية. وهذا معدل أعلى من معدل الإصابة بالأنفلونزا الموسمية التي تصيب حوالي 10 في المائة من سكان العالم، وذلك لأن فيروس كورونا أكثر قابلية للانتقال ولا يوجد أحد محصّن بشكل طبيعي منه، لأنه ظهر حديثًا.

ويجب ملاحظة أن جزءًا فقط من المصابين سيظهر عليهم أعراض الإصابة، وأنه على الرغم من أن جميع الأشخاص المصابين بالفيروس قد يكونون مصدرًا للعدوى من الناحية النظرية، لكنّ جزءًا كبيرًا منهم، ربما نصفهم، لن يتسبب بنقل العدوى لأي شخص آخر من الناحية العملية. أما نسبة الوفيات بين الأشخاص الذين يتلقون العلاج في المستشفيات فتبقى مرتفعة للغاية، حيث تبلغ حوالي 10 في المائة. أي 1 في المائة مقارنةً بإجمالي عدد المصابين، وهو ما يزيد بعشرة أضعاف مقارنة بالأنفلونزا الموسمية.

هل تعتقد أن الوباء يتباطأ في الصين وفقًا لما يُقال؟

يجب أن تؤخذ الأرقام الصينية بحذر، لأن العدد الفعلي للأشخاص المصابين، ربما أكبر عشر مرات من الرقم الرسمي وذلك لأسباب مختلفة. ولكن يبدو أن الوباء يتباطأ فعليًّا في الصين، ويعود الفضل في ذلك بشكل جزئي إلى سياسات الاحتواء المشددة، التي لا يمكن تصورها في الغرب، وإلى حقيقة أن الوباء في ووهان يتلاشى لأسباب طبيعية، وليس لأنها فعلت ما ينبغي. ومع ذلك، لا يجب استبعاد حدوث انتعاش في عدد الحالات، ولا سيما بعد استئناف النشاط الاقتصادي.

ما تحليلك للعدد الكبير للحالات السلبية الخاطئة، أو الأشخاص المعديين الذين لم يتم رصدهم، أو أولئك الذين تعرضوا للإصابة مجددًا بعد خروجهم من المستشفى؟

تشير التقديرات إلى أن ثلثي المصابين الذين غادروا الصين لم يتم رصدهم، لأن الكثير منهم لم يظهر عليه أي أعراض، حتى أنهم لم يكونوا على علم بأنهم يحملون الفيروس. بالإضافة إلى ذلك، فإن طيف الأعراض واسع وغير محدد بشكل تام ويمكن الخلط بينه وبين الأمراض الأخرى الشبيهة بالأنفلونزا، لذلك ليس من الممكن دائمًا التعرف على من يحمله، دون اللجوء للتحليل المعملي الذي يستحيل إجراؤه عشوائيًا على مئات الآلاف من المشتبه بهم. ولا يوجد اختبار مثالي، فقد يحدث أيضًا أن يُحكم على الحالة بالسلب بينما لا تزال حاملة للفيروس.

ما العلاج الوقائي الضروري بعيدًا عن القيود الكارثية؟

سيكون إغلاق الحدود حلًّا وهميًّا لأن سلاسل الانتقال ربما تكون موجودة بالفعل في كل مكان. ومن بين التدابير الصارمة التي فرضتها السلطات الصينية، فرض مسافة تباعد اجتماعية معينة عن طريق الحد من الاتصال لكل حالة على حدة، ويبدو أن هذا الإجراء نجح في إبطاء انتشار الفيروس.
كما يمكن التوصية باتخاذ التدابير الفردية مثل غسل الأيدي بانتظام وفرض الحجر الصحي في حال حدوث عدوى. أما عن ضرورة إغلاق المدارس فهناك عدد قليل من الأطفال يعانون الإصابة، ولكن ذلك لا يمكن أن يعني استبعاد فرص نشرهم للعدوى. كما أن إغلاق المؤسسات لن يكون مفيدًا إلا إذا استطعنا تطبيق هذا الإجراء لفترة طويلة، وهذا لن يكون ممكنًا إلا إذا تم التأكد من جاهزية خدمات المستشفيات في حالة حدوث انفجار هائل في عدد الحالات المصابة.

سوء تقدير كبير لوباء فيروس كورونا في العالم

وألقت جريدة "لاكروا" الضوء على نتائج الدراسة العلمية التي نشرتها الكلية الملكية في لندن منذ أيام قليلة، والتي توصلت إلى أن نحو ثلثي المصابين بالفيروس الذين غادروا الصين لم يتم اكتشافهم. وجدير بالذكر، أن هذا الفيروس الذي يتسبب في حدوث وباء الالتهاب الرئوي، أصاب حتى الآن 77 ألف شخص في الصين وقتل أكثر من 2400 منهم، لا سيما في مقاطعة هوبي، ومن الآن فصاعدًا، بات انتشار الفيروس مثار قلق عالمي.

لقد فرضت إيطاليا الحجر الصحي على إحدى عشرة بلدية وذلك إثر وفاة شخصين وتأكيد إصابة أكثر من مائة حالة أخرى. وزاد عدد المرضى زيادة حادة في بضعة أيام ليتجاوز 600 مريض في كوريا الجنوبية بينما سجلت إيران وحدها ثمانية من 24 حالة وفاة بالفيروس خارج الصين؛ ما تسبب في إغلاق جيرانها، تركيا وباكستان وأفغانستان، لحدودهم معها. وأبلغت 29 دولة، بخلاف الصين وهونج كونج وماكاو، عن 1500 حالة إصابة.

حالات مؤكدة لا علاقة لها بووهان

للوصول إلى هذا الاستنتاج، أجرى المؤلفون دراسة إحصائية من خلال مقارنة عدد الحالات المبلغ عنها والمؤكدة التي تم تصديرها من الصين إلى بلدان مختلفة مع حجم الحركة الجوية، أي متوسط العدد الشهري للمسافرين المغادرين من مطار ووهان، بؤرة الوباء الصينية، على رحلة إلى البلدان التي شملتها الدراسة وهي: سنغافورة وفنلندا ونيبال وبلجيكا والسويد والهند وسريلانكا وكندا.

وبرزت سنغافورة في نتائج الدراسة حيث بلغ عدد الإصابات بها 85 مريضًا، وهذا عدد استثنائي بسبب النسبة العالية لعدد الحالات التي جرى اكتشافها مقارنة بحجم الركاب الجويين بينها وبين ووهان. وبتطبيق قيم سنغافورة على العلاقات بين مقاطعة هوبي والبلدان السبعة الأخرى، يتضح أن عدد الحالات المتوقعة فيما يتعلق بحجم حركة النقل الجوي قد تم تقديره بأقل من المتوقع بفارق كبير. ووفقًا للمقارنات، تقدّر الدراسة أن ما بين 63 في المائة إلى 73 في المائة من الحالات التي تحمل الفيروس تعذر تتبعها، حيث يصعب اكتشاف الأعراض بسبب التباين الكبير في شدة الأعراض السريرية.

من جانبه قال "ناتسوكو إيماي"، أحد المشاركين في إجراء الدراسة: "بدأنا نرى المزيد من الحالات يتم الإبلاغ عنها في دول ومناطق خارج البر الرئيسي للصين، مع عدم وجود تاريخ سفر معروف ولا توجد صلة بمدينة ووهان". ووفقًا للدراسة فإن السبب المحتمل وراء ذلك قد يرجع إلى أن بعض هذه الحالات غير المكتشفة كانت هي الروابط الأولى في سلسلة النقل في البلدان التي وصلوا إليها.

لماذا تُعدّ الأيام المقبلة حاسمة في المعركة ضد كورونا؟

وتساءلت صحيفة "أوروبا1" عما يخبئه وباء كورونا في الأيام القادمة. فبعد أن تضاعفت حالات الإصابة المؤكدة بالفيروس على الأراضي الفرنسية في غضون 24 ساعة، يرى بعض المتخصصين أن الأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة لهذا الوباء، وإذا ظهرت حالات جديدة لا علاقة تربطها ببعضها البعض، فقد يتدهور الوضع في فرنسا. وخلال حديثه مع أطباء مستشفى "بيتييه سلابتريير"، حيث توفيت أول ضحية فرنسية، قال الرئيس "إيمانويل ماكرون": "نحن أمام أزمة ووباء قادم، وعلينا أن نواجه الأمر في أحسن حال".

مرحلة ما قبل الوباء

من جانبه، يرى أحد الأطباء المتخصصين في الأمراض المعدية في المستشفى أن "الفيروس ينتشر حاليًا في فرنسا، وهذا أمر مؤكد. ونحن في مرحلة ما قبل الوباء". ويقول طبيب آخر من المتخصصين في الأمراض المعدية: "الأمر لم يعد سوى مسألة وقت. والسؤال الحاسم هو ما إذا كانت الأيام المقبلة ستشهد زيادة في أعداد حالات الإصابة المنفصلة بالفيروس، على غرار ما حدث في أواز".

هل نتجه نحو إقامة منطقة حجر صحي كإيطاليا؟

يقول أحد المتخصصين في علم الفيروسات: "عندما يكون لدينا ثلاث بؤر تفشي منفصلة والعديد من المرضى الذين لم يكن لديهم اتصال مع أشخاص مصابين عائدين من منطقة خطرة، يمكننا حينئذ التحدث عن أننا في حالة وباء". لكن ذلك لن يغير شيئًا في عملية رعاية المرضى حيث سيتعين عليهم ارتداء الأقنعة، ويجب عزلهم، سواء في المنزل أو في المستشفى. وعندما يتم تقرير الاحتواء على نطاق أوسع، سنقوم بفرض منطقة حجر صحي في مدينة أو منطقة بأكملها، كما يحدث حاليًا في إيطاليا، لكن هذا سيكون قرارًا سياسيًّا.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا