الصحافة الفرنسية| قصة 10 أيام متوترة بالخليج.. والمال القطري لا يزال يعبث في أوروبا؟

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – محمد شما

استخدام وتحكم ونفوذ..  كيف تستغل الدوحة الإسلام

سلّطت النسخة الفرنسية من موقع "سبوتنيك" الروسي الضوء على تمويل قطر للإسلام في جميع أنحاء أوروبا منذ سنوات، وذلك عبر استخدام جماعة الإخوان المسلمين كذراع تأثير، وتساءلت: هل يخدم هذا الاستثمار الديني المصالح الاستراتيجية للإمارة المنخرطة في صراع حقيقي في وجه جيرانها من دول الخليج؟

ويجيب على التساؤل السابق "كريستيان شيسنو"، الكاتب المشارك في إجراء تحقيق بعنوان "ملفات قطر: كيف تمول الإمارة إسلام فرنسا وأوروبا". وقال الكاتب: إذا كانت قطر معروفة في فرنسا باستثماراتها العديدة في مجالات الصناعة والعقارات والإعلام والرياضة، فإن الإمارة الغنية بالغاز قد أمدت الإسلام في فرنسا كذلك بملايين اليوروهات، ولكن مع ما هي النوايا الحقيقية؟ ولأي أغراض تفعل ذلك؟

ويعد هذا العمل بمثابة تحقيق معمق للغاية، يمتلئ بالمعلومات حول نفوذ الدوحة في أوروبا وفرنسا على وجه التحديد. وبفضل أحد الأشخاص الذي لفت أنظار الصحفيَين إلى هذا الملف وقدّم لهما مئات الوثائق، يقول الصحفيان إن قطر تدعم 140 مشروعًا في جميع أنحاء أوروبا من خلال منظمة قطر الخيرية غير الحكومية؛ وبالفعل تقوم بتمويل مسجدي ميلوز وستراسبورغ بشكل مكثف، كما تمول أيضًا مراكز إسلامية بمنطقة فيلنوف-داسك، والأبنية التعليمية في مدينتي ليل وسان ليجيه دي فوجيريه، وتستحوذ على المراكز الاجتماعية والكثير من العقارات في مدينة بانيوليه… ولا تزال القائمة تتسع للكثير. وفي الواقع، استثمرت قطر ملايين اليورو في أكثر من عشرين مشروعًا في فرنسا.

وتعمل منظمة قطر الخيرية غير الحكومية كمنظمة للمساعدات الإنمائية والمساعدات الإنسانية في أكثر من 150 دولة حول العالم، وسعت – وفقًا لما كشف عنه "كريستيان شيسنو" و"جورج مالبرونو" مُعدّا التقرير، – إلى التأثير على الإسلام والمسلمين في فرنسا لأغراض سياسية، وكانت وسيلتها الرئيسية لتحقيق هذه الأغراض هي جماعة الإخوان المسلمين التي تدعمها الدوحة بقدر دعمها للمشروع القطري.

ولا تقتصر هذه الاستراتيجية على فرنسا أو أوروبا فحسب، بل إن التحديات التي ينطوي عليها هذا الاستثمار الضخم، على المدى الطويل، تعدّ تحديات عالمية ما دام الأمير الحالي يرى في نفسه "أميرًا للمؤمنين". وفي الوقت الذي يقوم فيه جيران قطر الأقوياء بمحاصرتها، يتابع هذا التمويل تحقيق أهداف جيوسياسية إقليمية.

الشرق الأوسط.. عشرة أيام من التوترات المتصاعدة في منطقة الخليج

وفي السياق ذاته، رسمت صحيفة "لوتليجرام" تسلسلاً زمنيًّا يبين تصاعد التوترات في المنطقة، من عمليات انتشار عسكري أمريكي في الخليج، وتهديدات مزعومة من إيران، وأعمال تخريب ضد ناقلات النفط وهجمات طائرات بدون طيار على خط أنابيب سعودي.
 
تهديد موثوق به

أعلن مستشار الأمن القومي الأمريكي "جون بولتون" إرسال حاملة الطائرات الأمريكية (إبراهام لينكولن) ومجموعة من القاذفات إلى الشرق الأوسط، ووصف وزير الدفاع الأمريكي "باتريك شاناهان" ذلك بأنه "رد على مؤشرات بوجود تهديد موثوق من قوات النظام الإيراني".

العقوبات على طهران

كانت إيران قد قررت التوقف عن تحديد احتياطاتها من الماء الثقيل واليورانيوم المخصب، المنصوص عليهما في إطار اتفاق عام 2015 الذي يحد من برنامجها النووي. وبعد مرور عام على انسحاب الولايات المتحدة، من هذا الاتفاق، أمهلت طهران الدول الأخرى المتبقية في الاتفاق وهي: ألمانيا والصين وفرنسا وبريطانيا العظمي وروسيا، شهرين لتفعيل التزاماتهم الخاصة بقطاعي النفط والبنوك. أما الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" فقرر فرض عقوبات جديدة على "قطاعات الحديد والصلب والألمنيوم والنحاس الإيرانية".

أعمال تخريب

استهدفت أعمال تخريب أربع سفن، منها ناقلتان نفط سعوديتان قبالة سواحل الفجيرة بالإمارات، ويعد ميناء الفجيرة هو الوحيد الذي يقع على ساحل بحر العرب ومضيق هرمز، وتمر به معظم صادرات النفط الخليجية. أما طهران، التي هددت مرارًا بإغلاق هذا المضيق الاستراتيجي، فأدانت أعمال التخريب ووصفتها بـ "المفزعة".

لا حرب

وعلى إثر إعراب الأوروبيين لوزير الخارجية الأمريكي عن قلقهم من خطر الانزلاق عن طريق الخطأ إلى نزاع في الخليج، نفى الوزير الأمريكي في اليوم التالي أي نية أمريكية للدخول في حرب مع إيران.

وقد شن متمردو الحوثي في اليمن الموالون لإيران هجمات على المملكة العربية السعودية باستخدام سبع طائرات مسيرة من دون طيار؛ ما أسفر عن إتلاف محطتي ضخ أنابيب النفط في منطقة الرياض، فيما دعت الإمارات بعد ذلك إلى "تهدئة التوتر" في الخليج، في الوقت الذي يتسبب فيه "السلوك الإيراني" بالتصعيد المتزايد في هذه المنطقة.

الغارات السعودية على صنعاء

كما شن التحالف العربي، تحت قيادة المملكة العربية السعودية، في اليمن سلسلة من الغارات الجوية على صنعاء التي يسيطر عليها متمردو الحوثي، وتتهم الرياض إيران بأنها وراء هجوم المتمردين اليمنيين على خط أنابيب النفط السعودي.

ويري وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف" أن "تصعيد التوترات التي تسببها الولايات المتحدة غير مقبول، ويرفض أي إمكانية للتفاوض مع واشنطن، نافيًا تأكيدات ترامب بأن "إيران سترغب قريبًا في الجلوس على طاولة الحوار".

الولايات المتحدة – إيران.. لماذا تتصاعد التوترات بين البلدين؟

تابع موقع "إر تي إل" الإخباري اللوكسمبورجي باهتمام مستجدات التوترات الحالية في الخليج العربي، حيث أدى ظهور صواريخ إيرانية محملة على قوارب تقليدية في الخليج إلى حمل الأمريكيين على وضع خطة لإرسال 120 ألف جندي إلى المنطقة، وبلغ التوتر ذروته بين البلدين.

كل ذلك دفع وزارة الخارجية الأمريكية لإجلاء جميع الأفراد غير الأساسيين من السفارات والقنصليات الأمريكية في العراق. وفي الوقت نفسه، يتزايد الوجود العسكري الأمريكي في الخليج للتصدي "لعلامات واضحة تؤشر على استعداد القوات الإيرانية وشركائها للهجوم على القوات الأمريكية".

في المقابل، أوضح وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" أن بلاده "تريد أن تتصرف إيران كدولة طبيعة وتتوقف عن تنفيذ عمليات الاغتيال في أوروبا، وعن دعم حزب الله والمتمردين اليمنيين الذين يطلقون الصواريخ صوب المناطق التي يسافر إليها الروس والأمريكان".

ترسانة حرب

اشتعلت العلاقات المتوترة بالفعل بين واشنطن وطهران منذ أسبوع، وذلك حين تراجعت إيران عن بعض التزاماتها المنصوص عليها في اتفاق عام 2015 بشأن برنامجها النووي، وذلك بعد عام واحد من الانسحاب الأمريكي منه، بينما شددت الإدارة الأمريكية من عقوباتها ضد الاقتصاد الإيراني.

ومتهمًا طهران بالإعداد "لهجمات" ضد المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، أرسل البنتاجون حاملة طائرات وسفينة حربية وقاذفات قنابل من طراز بي -52 وبطارية صواريخ باتريوت إلى المنطقة. وقال مايك بومبيو: "لقد كنا واضحين مع الإيرانيين حول حقيقة أنه إذا تعرضت المصالح الأمريكية للهجوم، فسنرد بالتأكيد بالطريقة المناسبة".

هل يتم إرسال مائة وعشرين ألف جندي أمريكي إلى الشرق الأوسط؟

وفي وقت سابق، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن وزارة الدفاع الأمريكية اقترحت على "دونالد ترامب" خطة تقضي بإرسال حتى مائة وعشرين ألف فرد إلى الشرق الأوسط في حال هاجمت إيران القوات الأمريكية، وفي حين أعلنت الصحيفة الأمريكية أن هذه الخطة لا تستدعي أي غزو أرضي، كما أن الرقم المذكور يمثل أقصى ما يمكن إرساله، نفى ترامب هذا الأمر وقال: "إذا أردنا أن نفعل ذلك فسنرسل حنودًا أكثر".

التخريب  والهجمات بجميع أنواعها

غذّت "الأعمال التخريبية" المجهولة التي تعرّضت لها أربع سفن تجارية المخاوف من حدوث تصعيد في الخليج، وارتفعت حدة التوترات مرة أخرى بعد هجمات طائرات مسيرة من دون طيار، وزعم المتمردون اليمنيون أنها تسببت في إغلاق خط أنابيب نفط رئيسي في المملكة العربية السعودية.

غياب أي نية رسمية للحرب

وبالرغم من كل ذلك، أنكر وزير الخارجية الأمريكي أي رغبة من جانب الولايات المتحدة لمحاربة إيران. ورد المرشد الأعلى لجمهورية إيران الإسلامية، علي خامنئي، على الوزير الأمريكي بأنه "لن تكون هناك حرب" مع الولايات المتحدة، موضحًا أن المواجهة الحالية تهدف إلى اختبار قدرة كل طرف على التماسك: "لا أحد منا يسعى للحرب، ويعرفون أنها لن تكون في مصلحتهم".

البريطانيون يبتعدون

وينبغي أيضًا الإشارة إلى المسافة البعيدة نسبيًّا التي اتبعها الدبلوماسيون والعسكريون البريطانيون؛ وذلك بسبب تشككهم في كون إيران أصبحت أكثر تهديدًا،  كما يصفها الأمريكيون، ويعدّ هذا أمرًا نادر الحدوث، لا سيما وأن البريطانيين في أشد الاحتياج إلى جذب مؤيدي ترامب من أجل الحصول بشكل سريع على اتفاقيات تجارية بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.

مسجد أرجنتوي يكافح التطرف بشكل يومي

أبرزت جريدة "لوباريزيان" موافقة "عبد القادر أشبوش"، مدير المسجد الكبير بأرجنتوي، على خطة المدينة لمواجهة التطرف العنيف، وذلك على الرغم من عدم مشاركته فيها تجنبًا للخلط بين الدين والسياسة.

ولم يكن أحد يتوقع أن يشارك المسجد الكبير بخطة البلدية لمكافحة التطرف أو التشدد. حيث يقول "أشبوش": منذ عشر سنوات، كان هناك الكثير من المسلمين المتطرفين، غير أن هذه الظاهرة تلاشت الآن".

وإذا لم يكن مرتبطًا بخطة عمل المدينة، فهذا يرجع إلى تجنب الإفراط في الخلط بين الدين والسياسة. وأضاف أنه "من الجيد قيام المدينة والدولة بهذه المهمة. وفيما يخصنا، فنحن نكافح التطرف بشكل يومي. حيث تضم مدرستنا 1600 تلميذ نُعلمهم بحيث لا يكونوا عرضة للتطرف، كما لا تترك الخطب التي يلقيها إمام مسجدنا مجالًا للتطرف وتوجه في الاتجاه الصحيح، وهو التعايش والتسامح".

تفاحة متعفنة واحدة تتلف صندوقًا كاملًا!

وبالتأكيد تقابل السيد أشبوش مع متطرفين على استعداد لنقل هذه العدوى لغيرهم، حيث يقول: "وبما أن تفاحة متعفنة واحدة تتلف صندوقًا كاملًا، يكفى واحد فقط من هؤلاء الأشخاص لتدمير كل ما أنجزناه. ولذلك فنحن يقظون، ونتابع كل ما يقال بحيث نضمن عدم ترديده. ولإثناء شخص ما عن الفكر الراديكالي، يتطلب هذا الكثير من الصبر والإرادة وذلك بسبب خضوع هؤلاء الشباب في أغلب الأحيان للغسيل الدماغي، ما يجعلهم ضحايا بشكل أو بآخر.. نحن نتحدث عن خطاب الوالدين".

وعن الراديكالية والتطرف الديني، يقول السيد أشبوش "إنهما يمثلان جرحًا آمل أن ينتهي يومًا ما. وأخشى، بسبب استمرار الحروب في سوريا وفي اليمن وتعذر حل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، من استمرارهما".

جدل حول مرسوم يربط بين الطب النفسي والتطرف الإرهابي

ومن جريدة "اكسبريس" رصد تقرير الإدانة الواسعة من جمعيات الأطباء النفسيين والمرضى لمرسوم يسمح بالربط بين التاريخ الصحي وملفات التطرف الإرهابي. ففي فرنسا يشهد عالم الطب النفسي زوبعة في الوقت الحالي، حيث طلبت 23 جمعية من جمعيات الأطباء النفسيين والمرضى إلغاء المرسوم الصادر مؤخرًا، وأدانو هذا الأمر باعتباره انحرافًا أمنيًا. وفي بيان مشترك قال المحتجون إن ظهور هذا المرسوم يشكّل خطوة جديدة غير مقبولة ومخزية تجاه الأشخاص الأكثر ضعفًا الذين يعانون من المرض النفسي في فرنسا. ونددوا بالخلط المهين بين مجالي الصحة والوقاية من التطرف.

ومن المقرر بموجب هذا المرسوم أن يتم السماح بتبادل البيانات الشخصية (كالهوية وتاريخ الميلاد… الخ) وذلك بين ملفين، أولهما يختص بالأشخاص الذين يخضعون للرعاية النفسية الإجبارية؛ والثاني هو ملف البلاغات الخاص بالوقاية من الإرهاب والتطرف، وذلك بهدف "الوقاية من التطرف".

هل ثمة علاقة بين الصحة العقلية والتطرف؟

وسيتيح هذا المرسوم إمكانية تحذير المحافظين عندما يتم احتجاز شخص موضوع على قائمة "التطرف الإرهابي" في المستشفى إجباريًّا لأسباب نفسية. وفي إشعار نُشر بالتزامن مع صدور المرسوم، نبّهت اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات لضرورة توخي اليقضة الشديدة عند الربط بين الملفين.  يُذكر أن هذا المرسوم صدر استكمالًا لنص أولي نُشر في مايو 2018، وكان يسمح للسطات بالاطلاع على بيانات الملف الأول الخاص بالأشخاص الذين يخضعون للرعاية النفسية الإجبارية، وجرى بالفعل إدانة هذا المرسوم الأول من قبل الأطباء النفسيين والمرضى، وهو الآن موضوع العديد من الطعون المقدمة إلى مجلس الدولة.
 

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا