الصحافة الفرنسية | مخاوف مرعبة من انتشار كورونا في غزة.. وهل يقلل فصل الربيع من انتشار الفيروس؟

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – محمد شما

لماذا يخرج الكثير من الفرنسيين للشوارع بالرغم من انتشار فيروس كورونا؟

تشتد أزمة وباء فيروس كورونا في أوروبا، لكن الفرنسيين لا يزالون في الشارع، فتحت عنوان: "لماذا يخرج الكثير من الفرنسيين بالرغم من انتشار فيروس كورونا؟" تساءلت جريدة "ويست فرانس" عن سبب ذلك، فبين حشود من الفرنسيين في الأسواق والشوارع، ورئيس دولة عليه أن يتحدث إلى مواطنيه، بات فرض الحجر الصحي العام قاب قوسين أو أدنى من أجل الانتصار في مكافحة فيروس كورونا.

ويتعامل الكثير من الفرنسيين مع الحجر الصحي باستخفاف على الرغم من أن الرئيس إيمانويل ماكرون كان واضحًا بهذا الشأن عندما ناشد المواطنين بضرورة البقاء في المنازل قدر الإمكان لمحاربة انتشار الفيروس التاجي، لكنهم قلّما يتبعون هذه التعليمات، ونجدهم في الشوارع أو على الشواطئ وفي الأسواق كذلك. وقبل الإعلان عن اتخاذ إجراءات الحجر، كانت شبكات التواصل الاجتماعي تعج بصور لحشود الفرنسيين تحت أشعة الشمس في الحدائق الباريسية، وبالرغم من الحجر الصحي، ما زلنا نرى مقاطع فيديو تظهر الأسواق المكتظة في العاصمة الفرنسية.

وفي أماكن أخرى في أوروبا، تتردد السلطات الألمانية في الانتقال إلى مرحلة الحجر الصحي الإجباري، بينما يتجاهل العديد من الألمان، أغلبهم من الشباب، الدعوات الرسمية للبقاء في المنزل. حتى إيطاليا، الدولة الأوروبية الأولى التي فرضت إجراءات صارمة وواسعة النطاق، لجأت الآن إلى إجراءات أكثر تقييدًا للحرية.

هل انقسم العالم إلى نصفين؟

هل انقسم العالم إلى نصفين، بين أشخاص جادين يعزلون أنفسهم من أجل الصالح العام، وأشخاص أنانيين يفكرون فقط في سعادتهم الشخصية؟ وتجيب أنجيلا سوتان، أستاذ الاقتصاد السلوكي في مدرسة بورجندي للأعمال الفرنسية للتجارة على هذا السؤال قائلة: "لا، هناك دائمًا جانب هش من الذين لم يحسموا أمرهم، لكنهم أغلبية في الحالة التي نعيشها حاليًا". والمشكلة هي أن هؤلاء الناس هم الأكثر أهمية وخطورة، على حد قولها، وإذا أدركوا أن الآخرين لا يتعاونون، فلن يتعاونوا هم أيضًا.

الترحيب بالضغط الاجتماعي

في هذا السياق، تميل شبكات التواصل الاجتماعي إلى إظهار الكثير من الأمثلة السيئة؛ ما يعطي الانطباع بعدم وجود سوى الصور القاتمة، وتأسف "أنجيلا سوتان" لهذا الأمر وتقول إنه يدخلنا في دائرة مفرغة. ولكن يمكن أن يكون لذلك تأثيرات نافعة أيضًا من خلال السماح للمستائين بنشر حالة عدم الرضا الاجتماعي الواسع الذي سيدفع الأناني إلى إعادة النظر في تكاليف وفوائد سلوكياته. وتوضح "سوتان" أن الأنانيين يشعرون بتحقيق أرباح عندما يذهبون إلى المتنزه لأنهم قاموا بعمل شجاع، لكن عندما يشعرون بالرفض على شبكات التواصل الاجتماعي، يصبح تصرفهم مكلفًا للغاية.

ما الأسلوب الواجب اعتماده؟

إذن ما هو أفضل أسلوب ينبغي على السلطات اعتماده لفرض احترام الحجر الصحي؟ هل باللجوء إلى القوة وفرض آلاف الغرامات على المشاة، كما في إيطاليا؟ أم باللعب على مسئولية المواطنين كما فعل ماكرون؟ بمزيج من الاثنين، وفقًا للعديد من الاقتصاديين، حيث يرون أن الطلب الذي يتم تقديمه إلى الفرنسيين لكي يكتبوه بأنفسهم لتبرير تحركاتهم الاستثنائية يعدّ مفيدًا بشكل كبير. ويؤكد الباحث تيري أيمار، مدرس الاقتصاد العصبي بكلية العلوم السياسية الفرنسية أنه عندما يوقع الشخص على هذا الطلب، فهذا يترك انعكاسًا ذهنيًّا يعني إرادته احترام الالتزام الذي تعهد به بالإضافة إلى حرصه على احترام القواعد.

ويضيف أن هذا التوقيع سيخلق آليات عقلية تتمثل في احترام الالتزام لتجنب شكل من التنافر المعرفي. ويشير علم اقتصاد المعلومات إلى أن هذا الإجراء سيعزز الانضباط الذاتي لدى معظم من كانوا يتبعون المعايير الاجتماعية بالفعل. ولكن مرة أخرى، قد يتلاشى تأثير هذا الإجراء على المدى الطويل بسبب ما يفعله الآخرون.

كيف سيكون تأثير فصل الربيع على وباء كورونا؟

من جانبه، أوضح موقع "هوفينتون بوست" أنه من المعروف أن مع اقتراب الطقس الجيد، تبدأ الفيروسات مثل الأنفلونزا في الاختفاء، ولكن بالنسبة لفيروس كوفيد – 19، لا شيء مؤكد حتى الآن.

وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فيروس كورونا: "بحلول شهر أبريل أو خلال شهر أبريل، ستقتل الحرارة هذا النوع من الفيروسات". ومن المؤكد أن وصول الربيع وارتفاع درجات الحرارة سيسببان تباطؤ انتشار بعض الفيروسات كما يحدث لدى الأشخاص المصابين بالأنفلونزا أو التهاب المعدة والأمعاء. لكن الأمر نفسه لا ينطبق بالضرورة على جائحة كوفيد – 19، حيث يقول أنتوني فوتشي، مدير المعهد الوطني للأمراض المعدية: "نأمل في انخفاض الوباء مع حلول الطقس الحار. لكن لا يمكننا العمل على هذا الافتراض؛ بل يجب أن نفترض حدوث الأسوأ". وفي هذه الأثناء، تحاول العديد من الفرق العلمية معرفة التأثير المحتمل للمناخ على الفيروس. وفيما يلي استعراض لأهم استنتاجاتهم حتى هذه اللحظة:

النموذج المضاد الصيني

درس فريق من الباحثين الأمريكيين انتشار فيروس كورونا في الصين وفقًا للمناطق المختلفة ومناخها. ولاحظوا وجود اختلافات قليلة بين المناطق الرطبة والجافة. فكلما كانت المنطقة رطبة، كلما كانت أقل إصابة، وكلما كانت المناطق أكثر جفافًا كلما زاد معدل انتشار الفيروس؛ ولذا يمكن ملاحظة أن الفيروس قد لا ينتشر في الأراضي الرطبة بقدر ما ينتشر في الأماكن الأخرى.

وقبل كل شيء، يتذكر مؤلفو الدراسة أنه حتى لو تأثر فيروس كورونا في المستقبل بدرجات الحرارة، فإن تدخل أجهزة الصحة العامة يبقى ضروريًّا لوقف تفشي الوباء. وعلى الرغم من كل شيء، حيث يعمل العلماء على عينات لعدد قليل من الناس وليس لديهم الكثير من الوقت، فقد يكون للتغير الكبير في الرطوبة تأثير، أو قد يحتاج إلى أن يقترن بعوامل أخرى؛ باختصار، لا يزال الأمر غير واضح.

الأنفلونزا هي أفضل حالة معروفة

نظرًا لأن البيانات لا تزال محدودة، يتساءل العلماء أيضًا عما هو معروف عن الأوبئة السابقة، فإذا أخذنا مثال إتش 1 إن 1 الذي انتشر في عام 2009، كما ذكرت دراسة جامعة هارفارد، فإن الصيف والحرارة عوامل مهمة. ومن ناحية أخرى، تميل الفيروسات إلى الارتداد في الفترة بين سبتمبر وأكتوبر.

وبينما يمكن لدرجات الحرارة أن تؤثر على الفيروسات، فإنها تؤثر أيضًا على جسم الإنسان. ففي فصل الشتاء، يكون نظامنا المناعي أقل كفاءة منه في الصيف، ومع عودة الشمس، يتلقى الجسم، من بين أشياء أخرى عديدة، جرعة فيتامين "د" التي تحسّن دفاعات الجسم.

كما أن الحياة الصحية تمثل أيضًا عاملًا مهمًّا في مكافحة الفيروس، فعدم التدخين وتناول الطعام الصحي والنوم الجيد وممارسة الرياضة أمور بالغة الأهمية في مساعدة أجسامنا على الدفاع عن نفسها، لكن فيروس كورونا مشابه لفيروس الأنفلونزا، ولهذا السبب حاول الباحثون مقارنته بالفيروسات التاجية.

ماذا عن الفيروسات التاجية الأخرى؟

توضح إيما هودكروفت، الباحثة في جامعة بازل والمؤلف المشارك لهذه الدراسة أنه "بالنسبة للفيروسات التاجية التي تمت دراستها، فإنها تتسم بمنحنى هبوطي خلال الربيع والصيف، قبل أن تعود بشكل قوي بمجرد حلول فصل الخريف".

لا يجب الاعتماد على الأيام المشمسة فقط

ومع ذلك، توضح هودكروفت الفروق الدقيقة حيث تقول: "ليس لدينا بيانات عن كوفيد – 19 في الصيف، لذلك لا نعرف بالضبط ما الذي سيحدث. ولكن بغض النظر عن أي شيء، لن تتخلص درجات الحرارة المرتفعة من المرض بشكل دائم".

في الواقع، يمكن أن يكون لهذا النوع من الدراسات تحيزات، فبالإضافة إلى درجات الحرارة، يعتقد العلماء أن المدارس تمثّل أحد العوامل المهمة في التطور الموسمي للأوبئة الفيروسية. وبأخذ أنفلونزا الخنازير كمثال، انخفض عدد الحالات عندما كان الأطفال في إجازة. وانخفض معدل الانتشار بنسبة 35 في المائة في ذلك الوقت، حسب دراسة أُجريت في 8 مارس 2012، وهذا دليل على أهمية تدابير الحجر الصحي.

وإذا قلل ارتفاع درجات الحرارة من انتشار الفيروس بشكل طفيف، فسيبقى من غير المحتمل أن يقضي عليه تمامًا. ولكن يمكن لارتفاع الحرارة أن يمنح قسطًا من الراحة لبعض الخدمات الصحية لإعادة التنظيم بفضل انخفاض عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى الرعاية لفترة طويلة في المستشفى، وذلك قبل مواجهة ذروة جديدة في الخريف والشتاء القادمين. وتشير إيما هودكروفت، والعديد من الأطباء والعلماء، إلى أنه "لدينا فرصة لاحتواء المرض إذا تفاعلت أوروبا بشكل سريع، وسيحدث ذلك بفضل ارتفاع درجات الحرارة، والإجراءات المرتقبة قبل كل شيء".

نحو حجر صحي أطول بسبب الكورونا

وأشارت جريدة "لوباريزيان" إلى احتمالية تمديد فترة الحجر الصحي بالبلاد. فبعد وصول عدد حالات الوفيات في فرنسا 108 حالات يوم الخميس الماضي وحده، فإن الوباء بات يسارع من انتشاره. ويعتقد إيمانويل ماكرون أن "الكثير من الفرنسيين يأخذون التعليمات باستخفاف". ويواصل الوباء التقدم بقوة في فرنسا، حيث تجاوز عدد الوفيات ليوم واحد أكثر من 100 قتيل، وأكثر من ألف شخص في العناية المركزة. وفي جملة واحدة، وصف جيروم سالومون المدير العام للصحة هذا المشهد المظلم قائلًا: "الوباء كبير وينتشر بشكل سريع وكثيف ومخيف".

وفي هذا السياق، لم يُخف إيمانويل ماكرون انزعاجه من "استخفاف عدد كبير من الفرنسيين بتعليمات الحجر الصحي التي جرى اتخاذها لمحاربة الفيروس التاجي، والتي لا يتم احترامها بشكل تام". وقال الرئيس الفرنسي على هامش زيارته لمعهد باستور للأبحاث الطبية: "عندما أرى الناس يستمرون في الذهاب إلى الحدائق أو الاجتماع أو الذهاب إلى الشاطئ أو الاندفاع إلى الأسواق المفتوحة، فهذا يعني أنهم لم يفهموا الرسائل" التي بعثت بها السلطات إليهم.

هل ينذر هذا الأمر باتخاذ منعرج أمني جديد؟ يبدو أن السلطة التنفيذية تعمل على إعداد الأذهان لاتخاذ إجراءات جديدة تهدف إلى حجر السكان بشكل صارم. فالوزراء المعنيون بالمعركة ضد وباء الكورونا المتسارع مدعوون لعقد مجلس دفاع سادس يوم الجمعة برئاسة رئيس الدولة ورئيس الوزراء. ومنذ بداية الأزمة، تنتهي هذه الاجتماعات بإعلانات جديدة، حيث اختارت السلطة التنفيذية اعتماد استراتيجية التوسيع التدريجي لإجراءات الحد من حرية الحركة.

أسبوعان لجعل الفرنسيين يتقبلون القرارات

والآن، ووفقًا لمتخصصين في إدارة الأزمات، بات لدى إيمانويل ماكرون وإدوارد فيليب العديد من البطاقات الأمنية لشن حربهم ضد كوفيد – 19، على حد تعبير رئيس الدولة. الأول: تفعيل مرسوم "حالة الطوارئ الصحية" الذي أصبح ممكنًا بموجب مشروع القانون الذي جرى استعراضه مؤخرًا في مجلس الوزراء، والذي سيتم التصويت عليه نهائيًّا في البرلمان. والثاني: مرسوم حظر التجول لحظر الخروج في أوقات معينة. وعلى أي حال، تبقى مسألة تمديد فترة الحجر الصحي مطروحة على الطاولة، حيث يرى أحد الأطباء أنه "على الرغم من أن الإعلانات الأولى نصت على الحجر لمدة خمسة عشر يومًا على الأقل، لكن تمديد الحجر لدى الفرنسيين سيكون أمرًا حتميًّا".

الأخذ في الاعتبار أن الحجر له معنى

ومع سماع مثل هذه الصرخات من مقدمي الرعاية، لماذا لا يتم إعلان الأمر مباشرة للفرنسيين، وإخبارهم بأن الوضع سيستمر؟ يقول البروفيسور ميشيل ليجويو، الطبيب النفسي في مستشفر بيشات، أحد المستشفيات الرائدة لرعاية المصابين: "يجب الانتباه لهذا الأمر، ودعنا لا ننسى أننا في وضع جديد تمامًا ودون نموذج مرجعي؛ لأن الفيروس التاجي لم يكن متوقعًا، ونحن بحاجة إلى الوصول تدريجيًّا إلى هذا المستوى من الضغط والتعود عليه".

ويذكر البروفيسور ليجويو أن في إيطاليا، وحتى لو استمر عدد الوفيات في الزيادة بشكل حاد، غير أن تقدم الفيروس بدأ يتباطأ ومن الضروري التركيز على الأخبار الجيدة. لكن من يفعل بذلك؟

العالم الإسلامي على إيقاع الكورونا

وسلطت جريدة "لاكروا" المتخصصة في الأديان الضوء على الوضع في الشرق الأوسط؛ فبينما تعد إيران هي الدولة الأكثر تضررًا في المنطقة من جائحة كوفيد 19، فإن الدول العربية، ولا سيما دول الخليج العربي، تتخذ إجراءاتها للتعامل مع الفيروس. وتقترح السلطات الدينية لديهم اتخاذ تدابير لزيادة الوعي وحماية شعوبهم.

وفي البلدان الإسلامية، تعمل السلطات الدينية، بالترادف مع حكوماتها، على التعبئة في مكافحة انتشار الفيروس. وفي حين أن الحالة الصحية في معظم هذه البلدان ليست خطيرة حتى الآن كما هو الحال في الغرب، إلا أنها لا تزال تبعث على القلق وتدفع نحو إيقاف خطر تفشي الوباء عبر اتخاذ تدابير أحادية الجانب، وإلزام الشعوب المسلمة بالتكيف مع النمط الجديد للحياة اليومية.

نمط مختلف من التعبئة في شمال أفريقيا

وفي الجزائر، يقول أمير بخاري، مواطن جزائري، "تم تخصيص خطبة يوم الجمعة الماضي للحديث عن الفيروس التاجي. وكل المساجد لم تتحدث إلا عن هذا الموضوع وعن إجراءات النظافة والإيماء من خلف الحواجز". كما أعلنت وزارة الداخلية في وقت لاحق إغلاق دور العبادة وشجعت الحكومة المواطنين على الصلاة وليس الذعر. ويتابع أمير قائلًا: "إنهم يشجعون على أداء الشعائر الدينية ولكن من المنزل وبشكل فردي وذلك لتجنب الاتصال بالآخرين". وفي الصلوات الخمس يدعو المؤذن المؤمنين لأداء الصلاة في المنزل.

وفي مصر يشير الدكتور أسامة نبيل، الأستاذ بجامعة الأزهر إلى أنه بالنسبة لصلاة الجماعة، فعلماء الإسلام أجمعوا على وجوب تأدية الأشخاص الأكثر ضعفًا في مواجهة الفيروس، الصلاة في المنزل. وقال "على أي حال، سيتم تعليق صلاة الجماعة". ومن جانبه طالب شوقي علام مفتي الديار المصرية، باحترام واتباع التعليمات الوقائية للحكومة للخروج من هذه الأزمة الصحية. وفي مواجهة هذه الأزمة يدعو الدكتور أسامة نبيل المصريين "للتحلي بالإيمان بالله والتضامن والحكمة في مواجهة الأزمة. فالوضع ليس بهذا السوء ويمكن السيطرة على الفيروس إذا اتُّبعت الإرشادات الحكومية، وقلما تجد مؤمنًا قلقًا بشأن الوباء، لأن الإيمان بالله والقدر يبعث بالطمأنينية لديهم".

هدوء ما قبل العاصفة

في قطاع غزة، لم يتم حتى وقت قريب الإبلاغ رسميًّا عن أي حالة إصابة بفيروس كوفيد – 19. لكن رامي أبو جاموس، الصحفي الفلسطيني في غزة، أوضح أن السبب وراء ذلك يرجع إلى "نقص الإماكانات، لكن الوضع في قطاع غزة مقلق للغاية، وإذا انتشر الفيروس في المدينة، في ظل كثافة السكان الموجودة والوسائل المحدودة المتاحة، فستحدث الكارثة على الفور".

ولتجنب ظهور بؤرة لا يمكن السيطرة عليها، أعلنت وزارة الشئون الإسلامية عن إجراءات سيجري تطبيقها في المساجد. يقول أبو جاموس: "سيتوجب على المرضى والضعفاء البقاء في المنزل. وسيكون على كل مُصلٍّ أن يحضر سجادة صلاة خاصة به وسيتم منع الوضوء في المساجد. كما تم أيضا تقليل مدة صلاة الجمعة إلى 10 دقائق".

ويتابع الصحفي الفلسطيني قائلاً: "يقل عدد الناس الذين يفضّلون الذهاب إلى المساجد. ففي البداية، لم يؤخذ هذا الوباء على محمل الجد، وكان أشبه بمزحة، تمامًا كما فعل الإيطاليون في بداية الأزمة، لكن الغزاويين يدركون اليوم الخطر ويشعرون بالقلق".

إجراءات على نطاق واسع

كما اتخذت دول الخليج أيضًا إجراءات صارمة تحظر على السكان الصلاة في المسجد، ولاسيما صلاة الجمعة. وفي المملكة العربية السعودية، قررت وزارة الصحة تعليق العمرة التي تجذب ملايين المسلمين من شتى أنحاء العالم كل عام، فيما أعلنت الكويت تعليق صلاة الجمعة وصلوات الجماعة بشكل كامل. وفي السياق، أمرت وزارة الصحة الإماراتية بالإغلاق المؤقت للمساجد لمدة أربعة أسابيع، وقررت في الوقت نفسه تعليق احتفالات الزواج والتجمعات الدينية.

وبالنسبة للمسلمين الشيعة، يتم تقييد دخولهم إلى بلدهم المرجعي، إيران، إحدى أكثر الدول تضررًا من الوباء في العالم، حيث كان يسافر الكثير منهم بانتظام للصلاة في الأماكن المقدسة الشيعية. وكانت إيران قد أعلنت في وقت متأخر إغلاق أماكن العبادة ووقف الحج إلى أضرحتها.

وفي ليلة هذا القرار، حاولت مجموعات من المصلين فتح الأبواب باستخدام العنف، لكن المسئولين في مدينة قم المقدسة، حثوا الشيعة على "التحلي بالصبر والحكمة" خلال هذه الفترة من الإغلاق القسري.

الشباب يتعرضون لأشكال أضعف من الإصابة بفيروس كورونا

يتحدث البروفيسور "فيليب جوفين"، رئيس قسم الطوارئ بمستشفى جورج بومبيدو في باريس، عن تداعيات الإصابة بمضاعفات فيروس كورونا لدى الشباب، ويستنكر نقص المعدات الطبية واختبارات الفيروس.. وإلى أهم نقاط الحوار:

 ماذا الذي نعرفه حتى الآن عن الشباب وفيروس كورونا؟

نحن نعلم أن بإمكان الشباب تطوير أشكال خطيرة من الإصابة بهذا الفيروس، قد تهدد الحياة. لكني أريد أن أؤكد أن هذه الحالات لا تزال نادرة جدًا حتى يومنا هذا، لأن الشباب في كثير من الأحيان يطوّرون أشكالًا ضعيفة من المضاعفات. ووفقًا لدراسة واسعة النطاق نُشرت مؤخرًا في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية حول مجموعة من 72 ألف حالة في الصين، كان 1 في المائة من المصابين تحت سن 9 أعوام، و1 في المائة من المصابين تتراوح أعمارهم بين 10 و19 عامًا، و87 في المائة تتراوح أعمارهم بين 30 و79 عامًا، و3 في المائة عمرهم 80 عامًا أو أكثر. وإذا نظرنا الآن إلى الحالات المؤكدة لفيروس كوفيد – 19 في فرنسا حتى 15 مارس والتي بلغت 2039 حالة، استقبلت العناية المركزة 4,5 في المائة منهم، أي 285 مريضًا. ومن بين هؤلاء المرضى كان هناك 3 مرضى تحت سن 15 سنة أي 2,4 في المائة من هذه الفئة العمرية، و16 مريضًا ما بين 15 و44 سنة أي 0,9 في المائة من الفئة العمرية، و80 مريضًا بين 45 و45 64 سنة، أي 3,9 في المائة من الفئة العمرية، و78 مريضًا بين 65 و74 سنة أي 9,2 في المائة من الفئة العمرية، و103 مرضى فوق 75 سنة، أي 8,3 في المائة من الفئة العمرية. ويتضح من هذه الإحصائيات أن المرضى المسنين أكثر تأثرًا بالفيروس.

وما هو معدل الوفيات حسب الفئة العمرية بين هؤلاء المرضى؟

وفقًا لدراسة مجلة الجمعية الطبية الأمريكية، تبلغ نسبة الوفيات 0 في المائة بين أولئك الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما، و0,5 في المائة بين 18و64 عاما، و1,8 في المائة بين 65و74 عاما و9,4 في المائة بين من هم فوق 75 عاما. وفي 15 مارس، في فرنسا بلغ معدل الوفيات 0,1 في المائة لأولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و44 عامًا، و10,3 في المائة لمن هم فوق عمر 75 عامًا. لكن على الشباب توخي اليقظة، مثلهم كأي شخص آخر. وكما يجب عليهم حماية أنفسهم، يجب عليهم أيضًا حماية آبائهم وأجدادهم لأنهم أكثر عرضة لتطوير أشكال خطيرة من الإصابة بالفيروس. لكننا نسمع مرارًا وتكرارًا أن الغالبية العظمى من الأشكال الخطيرة تؤثر على كبار السن، كما لو أن هذا يقلل من شأن هذه الحالات. وإنه لأمر فظيع بالنسبة لكبار السن أن يتم إعادة هذا الأمر مرارًا وتكراراً! لذلك، فإن احترام الحجر الصحي، حتى عندما تكون صغيرًا، أمر حتمي للصغار وللأكثر هشاشة.

هل استقبلتم حالات لصغار السن في مستشفى بومبيدو؟ وكم عدد الذين دخلوا المستشفى في العناية المركزة؟

لا أحد، لحسن الحظ.

هل بدأنا نفهم لماذا تسوء حالة بعض الشباب بشكل مأساوي؟

في الوقت الحاضر، ليس من الواضح السبب وراء ذلك. فهذا الأمر يمكن ملاحظته أيضًا في الإصابة بفيروس الأنفلونزا، فبينما نظن أن من بين هؤلاء المرضى الصغار مصابين بأمراض خطيرة، نجد أن بعضهم لديه خصائص وراثية تؤدي إلى تفاقم استجابة الجسم للفيروس. ومن شأن هذه الاستجابة المتفاقمة أن تخلق حالة التهابية عامة، والتي بدورها تسبب فشلًا متعددًا للأعضاء حيث يتدهور عضو أو أكثر بشكل سريع.

هل كان الشباب الذين عانوا من تفاقم الإصابة بكوفيد – 19 ينتاولون الأدوية المضادة للالتهابات غير الستيرويدية؟ وهل يمكن أن يكون هذا العنصر قد لعب دورًا أيضًا؟

نعم في العديد من الحالات، تتسبب هذه الأدوية في تفاقم العدوى، وهذا هو السبب في أن الحكومة أوصت بتجنب استخدام مثل هذه الأدوية منذ عطلة نهاية الأسبوع الماضي.

ماذا عن الأطفال وفيروس كوفيد – 19؟

لا يوجد إشارة في الأدبيات الطبية لحالات وفيات بين الأطفال بسبب هذا المرض. ولكن يجب الانتباه، فهذا لا يعني عدم وجود وفيات، فقد تكون حدثت دون أن يتم الإبلاغ عنها. وتشير دراسة صينية نشرتها مؤخرًا مجلة نيو إنجلاند الطبية حول الأطفال الذين دخلوا المستشفيات في الفترة من 7 إلى 15 يناير الماضي بسبب عدوى الجهاز التنفسي، أن من بين 366 طفلًا أصيبوا واختبروا جميع أنواع التهابات الجهاز التنفسي، أصيب 6 فقط بفيروس كوفيد – 19. ومن بين هذه الحالات الست، التي يبلغ متوسط أعمارها 3 سنوات، مرت حالة واحدة فقط بالعناية المركزة، وتعافى الجميع بعد خمسة إلى ثلاثة عشر يومًا. فلماذا يبدو أن الأطفال الصغار محميون من الأشكال الخطيرة للغاية لمضاعفات الفيروس؟ نحن لا نعرف حقًّا، لكنها ملاحظة تحدث كما في حال الإصابة بفيروسات أخرى. فعلى سبيل المثال، تكون الإصابة بالحصبة أكثر خطورة عند البالغين منها عند الأطفال، وخلال وباء الأنفلونزا الإسبانية عام 1918، تم الإبلاغ عن عدد أقل من الحالات الخطيرة لدى الأطفال.

ما الوضع الحالي في مستشفى بومبيدو؟

نحن نحاول أن نتعلم قدر الإمكان من تجربة زملائنا في إيطاليا وشرق فرنسا، وبالطبع في الصين، الذين كانوا أو لا يزالون في حالة سيئة للأسف. فبفضلهم، نتعلم كل يوم عن أفضل طريقة لتنظيم أنفسنا حتى لا نغرق في حال تدفق عدد كبير من المرضى إلى مستشفيات باريس في الأيام المقبلة، ويمكن للتنظيم الجيد أن يحدّ من مخاطر عدم القدرة على علاج الجميع.

ماذا عن نقص الإمدادات الطبية؟

إنه لأمر لا يصدق على الإطلاق أن يفتقد الأطباء والممرضات وجميع مقدمي الرعاية الصحية ممن هم اليوم على خط المواجهة، الأقنعة. هذه مشكلة كبيرة. فمن ناحية، نتملك خدمة طبية عالية الأداء، بما في ذلك وحدات الإنعاش الحديثة، ومن ناحية أخرى يعجز مسئولو الصحة عن توفير الأقنعة الطبية لمقدمي الرعاية! وهنا يمكنني أن أتحدث عن فشلنا في تنفيذ توصيات منظمة الصحة العالمية التي يجب على جميع السكان الانصياع لها. وهنا أيضًا، نبدو كبلد متخلف في وجهة نظر الآخرين.

هل تستقبل المستشفى لديكم أشخاص يعانون من أعراض خفيفة للإصابة بفيروس كوفيد – 19 على الرغم من توصية السلطات الصحية بعدم الذهاب إليها؟

بالطبع يصل الناس إلى المستشفى من خلال غرفة الطوارئ لشعورهم بالغثيان والقلق وليس لديهم طبيب أسرة. فثلث سكان منطقة إيل دو فرانس فقط لديهم طبيب للأسرة. وتعلمين أنه على الرغم من الوباء، لا يزال هناك مرضى يتوافدون بسبب الكسور وأمراض أخرى… ويجب علينا أيضًا إدارة هذه الحالات. لكن يتم في الوقت ذاته منع المرضى المشتبه في إصابتهم بكوفيد – 19 من الاختلاط مع الآخرين. ولهذا السبب أنشأنا دائرتين لرعاية الطوارئ، واحدة للمشتبه في إصابتهم بالفيروس، والأخرى للمرضى الآخرين. هذا بالتوازي مع فرض ظروف عزل شديدة، وكل هذا يتطلب اهتمامًا كبيرًا من أطقم التمريض، والجهود البدنية، وربما الجهود الأخلاقية في وقت قريب، والتنظيم الخالي من العيوب. وبطريقة ما، سنستطيع بفضل هذا التنظيم والقدرة على التحمل اجتياز هذا الاختبار الجماعي.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا