الصين تخفض هدفها للنمو الاقتصادي في 2022.. لماذا؟

ولاء عدلان

رئيس الوزراء الصيني: الأمة ستواجه عامًا صعبًا على الصعيد الاقتصادي، وسط بيئة خارجية متقلبة وخطيرة، وعليها مواصلة الضغط للتغلب على التحديات.


أعلنت الحكومة الصينية، أمس السبت، 3 مارس 2022، أنها تستهدف تحقيق نمو اقتصادي عند نحو 5.5% خلال العام الجاري.

وبهذا تخفض الصين مستهدفها للنمو الاقتصادي إلى أدنى مستوى منذ 1991، وسط رياح معاكسة تلقي بظلالها على ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والذي تجاوز خلال 2021 المعدل المستهدف لنمو لا يقل عن 6% ليسجل بنهاية العام 8.1%.

عام صعب

قال رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانج، أثناء تقديمه تقرير عمل الحكومة السنوي للمجلس الوطني الـ13 لنواب الشعب الصيني، إن الحكومة خفضت معدل النمو المستهدف نظرًا للضغط الناتج من تراجع الطلب، واضطرابات سلاسل الإمدادات العالمية وضعف توقعات التعافي الاقتصادي العالمي، لافتًا إلى أن أسعار السلع داخل الصين وخارجها لا تزال مرتفعة وعرضة لمزيد من التقلبات.

وأضاف: “إن الحفاظ على نمو ثابت للصادرات يزداد صعوبة هذا العام، ومن جهة أخرى إمدادات الطاقة والمواد الخام لا تزال غير كافية”، لافتا إلى أن الأمة ستواجه عامًا صعبًا على الصعيد الاقتصادي، وسط بيئة خارجية متقلبة وخطيرة، وعليها مواصلة الضغط للتغلب على التحديات والمخاطر، وفقًا لـ”رويترز“، وشبكة “سي إن أيه“.

الاستقرار الاقتصادي

شدد رئيس الوزراء الصيني على ضرورة أن يكون الاستقرار الاقتصادي على رأس أولويات الحكومة في 2022، مضيفًا: يجب السعي وراء التقدم مع ضمان استقرار النمو، لمواجهة الضغط النزولي لمؤشرات الاقتصاد، منوهًا بأن الحكومة تسعى لتوفير ما لا يقل عن 11 مليون وظيفة جديدة في المناطق الحضرية لهذا العام، كما حددت مستهدفها للتضخم عند 3% دون تغيير عن 2021.

وأوضح أن أسس الاقتصاد الصيني لم تتغير وستحافظ على نمو طويل الأجل، مشيرًا إلى أن الصين تتمتع بظروف ملائمة متعددة للتنمية المستدامة، بما في ذلك إمكانات هائلة لتأسيس الأعمال وممارسة الابتكار، ولديها خبرات وافرة متراكمة في معالجة المخاطر والتحديات الرئيسية، مضيفًا علينا الحفاظ على نمو مستقر لحماية اقتصادنا من المخاطر الخارجية، وفقًا لـ”شينخوا“، و”فرانس برس“.

زيادة الإنفاق العام والعسكري

أفاد رئيس الوزراء الصيني بأن حكومته حددت المعدل الذي تستهدفه للعجز في ميزانيتها لعام 2022 عند نحو 2.8% من الناتج المحلي “نحو 534 مليار دولار “، وذلك مقارنة بـ 3.2% خلال العام الماضي، وسط توجه الحكومة لاستمرار زيادة الإنفاق العام إلى 26.71 تريليون يوان “4.2 تريليون دولار” بزيادة 8.4% عن 2021 لدعم الاقتصاد، وفقًا لـ”بلومبرج“.

وكشف عن أن الميزانية العسكرية للصين -ثاني أكبر ميزانية عسكرية بعد أمريكا- ستزيد بنسبة 7.1% هذا العام إلى 1.45 تريليون يوان “230 مليار دولار”، لافتًا إلى أن بكين تسعى لعلاقات سلمية عبر مضيق تايوان، مضيفًا: “نحن نعارض بشدة أي تدخل أجنبي أو أنشطة انفصالية تسعى إلى استقلال تايوان”، يشار إلى أن بكين ترفض الاعتراف باستقلال تايوان منذ 1949، وفقًا لـ”فرانس برس”.

هدف صعب تحقيقه

يتوقع صندوق النقد الدولي أن تحقق الصين نموًا اقتصاديًّا بنحو 4.3%، مقابل هدف الحكومة عند 5.5%، وقال كبير الاقتصاديين في شركة “بينبوينت” الصينية للاستشارات المالية زهيوي تشانج لـ”رويترز“، إن الحرب الروسية الأوكرانية، رغم تجاهل تقرير الحكومة الصينية للإشارة إليها، تشكل مخاطر محتملة قد تلقي بظلالها على توقعات الصين للنمو على المدى القريب.

فيما اعتبر كبير الباحثين في “بنك الصين” التجاري تسونغ ليانغ أن تحقيق مستهدف الحكومة للنمو الاقتصادي قد يكون صعبًا وسط استمرار ضغوط أبرزها تداعيات جائحة كورونا، فيما يتوقع بنك “آي إن جي” الهولندي أن تحقق الصين هذا العام نموًا في حدود 4.8% نظرًا لتباطؤ نمو الإنفاق الاستهلاكي وسط استمرار قيود الجائحة، فضلًا عن التوترات الجيوسياسية التي قد تقوض النمو أكثر.

تحديات أمام النمو الصيني

تباطأ النمو الاقتصادي الصيني بنسبة ملحوظة خلال السنوات الأخيرة مقارنة بعقود من الازدهار تجاوز النمو السنوي خلالها الـ10% في بعض الأحيان، بفعل عدة عوامل أبرزها ركود سوق العقارات المحلي، وحملات الحكومة لكبح الديون المتنامية في قطاع العقارات ولمكافحة الاحتكار في قطاع التكنولوجيا، وفقًا لشبكة “سي إن أيه“.

وأفاد بنك “آي إن جي” بأن مستهدف بكين للنمو الاقتصادي في 2022، يواجه عدة تحديات أبرزها توتر العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة واستمرار حملات الحكومة ضد شركات التكنولوجيا والعقارات، بما يهدد نمو الإنفاق الاستهلاكي الضعيف بالأساس بفعل الجائحة، إضافة إلى سياسة “صفر كوفيد” التي تفرض إجراءات صارمة تقوض قدرة الاقتصاد على التعافي السريع.

ربما يعجبك أيضا