“الضم سيخنقنا”.. فلسطينيو أريحا يخشون العزلة عن العالم

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

إعلان “خطة الضم” إن تأخر أو تأجل فقد فرضته إسرائيل نظريًا، فيما يواصل رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو محادثاته مع الأمريكيين والقيادات الأمنية خلال الأيام المقبلة بشأن هذا القرار.     

وأمس الأربعاء، كان الموعد الذي حدده نتنياهو لبدء عملية ضم أجزاء من الضفة الغربية، وسط رفض فلسطيني قوي ومعارضة دولية واسعة لتنفيذ الخطة.

وأعلنت رئاسة وزراء الاحتلال الإسرائيلي أن نتنياهو يواصل مباحثاته مع الإدارة الأمريكية للاتفاق على آلية لبدء تنفيذ ضم أراض في الضفة الغربية.

واستبعد وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي غابي أشكنازي في حديث لإذاعة الجيش الإسرائيلي، إعلان ضم أراض من الضفة الغربية إلى إسرائيل، قائلا إنه من غير المرجح أن يكون هناك إعلان بشأن توسعة السيادة الإسرائيلية في الضفة المحتلة، رافضًا التعليق على تقارير تشير إلى وجود خلافات داخل الائتلاف الحاكم بشأن توقيت أي خطوة أحادية للضم.

“الضم سيخنقنا”

يشعر فلسطينيو مدينة أريحا بالخوف من مخططات الضم الإسرائيلية، ويخشون في حال تنفيذها انقطاعهم عن العالم.
 
وتقول صحيفة الجارديان البريطنية، إن مستقبل مدينة أريحا يلفه الغموض والمخاوف في الوقت الذي ينتظرون فيه قيام إسرائيل بضم أراض في الضفة حسب ما ورد في خطة السلام الأمريكية التي أعلنت قبل أشهر والتي قد تؤدي إلى عزل الفلسطينيين المقيمين في بعض مناطق الضفة عن العالم الخارجي.

وفي حديثها لـ”الجارديان”، تقول السيدة عائشة صبيح54 عاما، بائعة ورق العنب في شوارع أريحا :”الضم سيخنقنا”، وتشير إلى أنها دائما ما تركب وسائل مواصلات من بيت لحم لتصل إلى أريحا وتقوم ببيع ما لديها من منتجات لكنها تشعر بالخوف من أن تصبح رحلتها المعتادة مستحيلة بعد تنفيذ الخطة الإسرائيلية.

وبين كومة من أوراق العنب التي تبيعها تجلس عائشة، وهي تقول “لو نفذ نتنياهو خطة الضم في وادي الأردن والضفة الغربية سيكون من المستحيل بالنسبة لي أن آتي هنا لبيع بضاعتي”.

كان نتنياهو قد وعد ببدء مناقشات مجلس الوزراء بشأن الضم من 1 يوليو، لكن خططه تأخرت بسبب خلافات داخل حكومته.

ويقول رئيس الوزراء المناوب بيني غانتس، بأن الضم يجب أن ينتظر بينما تعالج إسرائيل الفيروس التاجي، وهناك أيضًا تقارير تفيد بأن الولايات المتحدة تدفع نتنياهو لتقديم تنازلات للفلسطينيين.

تضمنت مبادرة السلام الأمريكية، التي نُشرت في يناير، خرائط تُظهر المستوطنات ووادي الأردن أراضي إسرائيلية، لكن مدن الضفة الغربية مثل أريحا، التي تقع في الوادي الخصيب بالقرب من الحدود الأردنية، ستبقى تحت السيطرة الفلسطينية، لكن مثل هذا الاقتراح يعرض سكان أريحا، للانفصال عن أرضهم وعزلهم عن الدولة الفلسطينية المستقبلية.

يقول نوفان البراء الرجل البالغ من العمر 68 عامًا وهو جالس خارج مقهى في المدينة، إن المزارعين قد يحتاجون إلى تصريح إسرائيلي للذهاب إلى أراضيهم وزراعتها أو ريها “سيؤثر ذلك على حياة الجميع”.

وأضاف “أن الفلسطينيين الذين يعيشون في غور الأردن سيُعزلون عن المدينة في غضون ذلك، دون أن يتم إعطاؤهم بديلاً لأنهم لن يُمنحوا الجنسية الإسرائيلية، أما بالنسبة للأشخاص الذين يعيشون في وادي الأردن، فإن السوق هي أريحا، سيكون من الصعب عليهم القدوم للتسوق”.

أريد البقاء في بلادي

احتلت إسرائيل الضفة الغربية منذ حرب الأيام الستة عام 1967 واعتبرت ضم غور الأردن أمرًا أساسيًا لأمن البلاد، لكن البراء وآخرين في أريحا يقولون بأن مثل هذه الخطوة تأتي بنتائج عكسية لإسرائيل لأنها قد تثير الاضطرابات.

وفي الميدان المركزي بالمدينة، يقول أسامة سدر، 18 عاما ويدرس الهندسة الكهربائية، إن رد فعل الفلسطينيين يمكن أن يؤدي إلى “فوضى”، لن يتسامح الناس مع ما يحدث وربما يؤدي ذلك إلى مظاهرات”.

فشلت الاحتجاجات ضد الضم في جذب أعداد كبيرة في الأسابيع الأخيرة، الأمر الذي قلل من عدم وجود خطوات حازمة اتخذها الإسرائيليون، يضيف سدر “لم يفعلوا أي شيء على الأرض”.

وتنسجم وجهة نظر سدر مع وجهة نظر الأمم المتحدة والأردن، التي حذرت من الضم يمكن أن يؤدي إلى صراع.

وهددت عمان بتخفيض العلاقات مع إسرائيل في حين أعربت دول عربية أخرى والاتحاد الأوروبي عن معارضتها، على الرغم من أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت ستتخذ إجراءات انتقامية.

وتشكك صبيح في أن الحكومات الأجنبية ستتدخل لدعم الفلسطينيين، قائلة: “لا أحد يريد مساعدتنا ولا أحد يهتم، هل حقيقي سيهتم أي شخص بقضيتنا؟”.

لكن نتنياهو قد يخفف من طموحاته، ويختار بدلاً من ذلك تأجيل ضم غور الأردن، وبدلاً من ذلك، يمكن لرئيس الوزراء أن يركز الانتباه على المستوطنين، الذين يحرصون على ضم منازلهم على الرغم من التحفظات على مبادرة واشنطن.

وفي مستوطنات مثل عطريت شمال رام الله، تعبر الملصقات التي كتب عليها “لا لدولة فلسطينية” عن انتقادات السكان الرئيسية للخطة الأمريكية، لكنهم يدركون جيدًا أن ضم المستوطنات، التي يعتبرها معظم المجتمع الدولي غير قانونية، سيصبح أكثر صعوبة إلى حد كبير إذا تم إقالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من منصبه في انتخابات نوفمبر.

يقول شانان دامري البالغ من العمر 36 عامًا، وهو من سكان عطريت: “نريد أن يحدث ذلك قبل الانتخابات في الولايات المتحدة، ووصف المبادرة الأمريكية بأنها “بداية جيدة للغاية”، لكنه أراد إجراء تغييرات على الخطة مثل إلغاء تجميد التوسع الاستيطاني لسنوات بعد الضم.

وأضاف دامري، وهو واحد من حوالي 450.000 مستوطن يعيشون بجانب أكثر من 3 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية: “لا يمكننا التوقف عن منظور البناء”.

فيما عبّر مستوطنون آخرون عن تحفظاتهم من الخطة الأمريكية التي تربط مستوطناتهم بإسرائيل عبر طرق ستشق داخل المناطق الفلسطينية.

وقالت ميري ماوز – أوفاديا، المتحدثة باسم مجلس بنيامين الإقليمي، الذي يمثل عشرات المستوطنات: “لن تكون هناك استمرارية إقليمية مناسبة، فبالنسبة للفلسطينيين، فإن الأرض المجزأة التي قدمتها واشنطن ستجعل منها دولة غير قابلة للحياة، إن عرض الحكم الذاتي المحدود لا يرقى إلى حد كبير إلى التطلعات الفلسطينية وينظر إليه على نطاق واسع على أنه يضعهم في موقف أضعف من اتفاقيات أوسلو للسلام في التسعينيات”.

في أريحا، فإن سدر الشاب الفلسطيني أصغر من أن يشهد انهيار تلك المفاوضات وهو غير متأكد من تأثير مبادرة السلام الأخيرة على حياته، قائلا “آمل أن يكون المستقبل أفضل لنا جميعا، أريد البقاء في فلسطين إنها بلادي”.

ربما يعجبك أيضا