العقوبات الغربية على الصين.. ماذا فعلت بكين لتجاوزها؟

لماذا فشلت بكين في عقد اتفاق سلام بين روسيا وأوكرنيا؟

شروق صبري
بوتين وشي

زار بوتين وشي بعضهما ثلاث مرات منذ بدء حرب أوكرانيا. وعندما ودع بوتين في مايو 2024، عانقه شي مرتين أمام الكاميرات وهو الأمر الذي نادرا ما يحدث. فهل هذه رسالة استفزازية للغرب؟


خلال زيارة إلى موسكو في مارس 2023، أخبر الرئيس الصيني شي جين بينج نظيره  الروسي فلاديمير بوتين أن “هناك تغييرات تحدث لم نشهد مثلها منذ 100 عام”. فماذا يحدث؟

في 31 مايو 2024، أعلنت بكين أنها لن تنضم لـ90 دولة أخرى في قمة السلام التي ستعقد في سويسرا يومي 15 و16 يونيو لمناقشة كيفية إنهاء الحرب، بناءً على اقتراح الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي. ويبدو أن شي لن يتخلى عن بوتين ولن يتحدث عن مساعدة كييف، فقد اختارت الصين نهجًا طموحًا، ولكنه أكثر خطورة.

الحرب في أوكرانيا

في مارس 2024، أرسل  شي مبعوثه الخاص للحرب في أوكرانيا، لي هوي، لمناقشة صيغة السلام التي طرحها الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي مع دبلوماسيين من عدة دول بيتهم واشنطن.

وبحسب مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية، اليوم الجمعة 14 يونيو 2024، فإن الصيغة تدعو روسيا للانسحاب إلى حدود أوكرانيا عام 1991، وإرسال مجرمي الحرب التابعين لها إلى المحاكم الدولية، ودفع التعويضات إلى كييف.

وتمثل الخطة بوضوح النتيجة المفضلة لكييف لإنهاء الصراع، فقد اقترحت بكين أنها مستعدة لأخذ موقف صارم مع موسكو. لكن أول مشاركة عامة للصين في المناقشات حول هذه الصيغة كانت أيضاً الأخيرة.

ولا يبدو أن روسيا أو أوكرانيا قريبتان من الاستعداد لإجراء محادثات سلام جادة، على الأقل في الوقت الحالي. ولا تثق كييف وشركاؤها في قدرة الصين على العمل بحسن نية. ولا تتمتع بكين بخبرة كبيرة في إجراء هذا النوع من المفاوضات الدولية الكبرى التي تريد أن تقودها.

العلاقات مع روسيا

من غير المرجح أن تؤثر هذه العقبات على شي. وليس لديه الكثير ليخسره إذا استمرت الحرب في أوكرانيا. وعلى هذا فإن الصين سوف تساعد روسيا بشكل غير مباشر، وتعرقل المبادرات الدبلوماسية التي تقودها كييف، وتتظاهر بالانخراط في الدبلوماسية بدلاً من المحاولة الحقيقية للعمل مع أطراف أخرى لإيجاد حل.

بالنسبة لبكين، تعتبر العلاقات مع روسيا ذات أهمية استراتيجية كبيرة. وتشترك الصين وروسيا في حدود طولها 2600 ميل، وتزود روسيا الصين بموارد طبيعية رخيصة وحتى بعض التقنيات العسكرية المتقدمة. ويستفيد شي أيضا من وجود شخص سلطوي يحمل نفس الفكر بين الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

الأسواق الغربية

تعتبر الأسواق الغربية ضرورية لصحة الاقتصاد الصيني، وهي تمنح بكين إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا المتطورة. لذلك، حرصت بكين على تجنب تجاوز الخطوط الحمراء التي وضعتها واشنطن. لكن الصين تعمل على أساس أن كل ما هو غير محظور مسموح به.

ربما لا تقوم بكين بشحن مساعدات فتاكة إلى روسيا، لكن العديد من المشغلين الروس وشركائهم في الصين وآسيا الوسطى يستخدمون الصين كقاعدة انطلاق للمنتجات الصناعية الأساسية للاقتصاد الروسي المحاصر، مثل الأدوات الآلية والرقائق. وفي غضون عامين، زادت التجارة بين البلدين بأكثر من 60%، لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 240.1 مليار دولار.

الضغط على بكين

حاولت واشنطن وقف هذا التعاون، وفي ديسمبر2023، أصدرت  عقوبات ثانوية على أي بنك دولي يسدد المدفوعات للصناعة العسكرية الروسية. كما أجرت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين ووزير الخارجية أنتوني بلينكين زيارات إلى الصين وأوضحا للقادة الصينيين والمؤسسات المالية العواقب الوخيمة التي سيواجهونها بسبب الانتهاكات.

وفي الوقت نفسه، زار نائب وزير الخارجية كيرت كامبل أوروبا لاطلاع الحلفاء على هذه القضية ودعاهم للضغط على بكين. وكان لهذه التدابير بعض التأثير. ووفقا لبيانات الجمارك، انخفضت الصادرات الصينية إلى روسيا بأرقام مضاعفة خلال شهري مارس وأبريل ومايو. وبدأت الغالبية العظمى من البنوك الصينية في اتباع نهج حذر للغاية عند تصفية أي معاملات متعلقة بروسيا.

علاقة اقتصادية أعمق

لكن من غير الواضح ما إذا كانت هذه التدابير سوف توقف تدفق المنتجات التي حددتها اليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي باعتبارها ضرورية للصناعة العسكرية في الكرملين والتي تشحنها الصين إلى روسيا بكميات هائلة.

ومن ناحية أخرى، تواصل بكين وموسكو إرساء الأسس لعلاقة اقتصادية أعمق وأكثر استدامة. خلال الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للصين في 16 مايو الماضي، وقعت شركات السكك الحديدية الحكومية الصينية والروسية اتفاقاً لتوسيع البنية التحتية عبر الحدود التي من شأنها أن تساعد في تسهيل الصادرات الروسية إلى الشرق.

الحرب بين روسيا وأوكرانيا

الحرب بين روسيا وأوكرانيا

الغاز الروسي

من المرجح أن يعطي بوتين الضوء الأخضر لمخطط لشحن المزيد من الغاز الروسي إلى آسيا الوسطى حتى تتمكن كازاخستان وأوزبكستان من الحصول على المزيد من الغاز لشحنه إلى الصين، وبالتالي تمكين موسكو وحكومات آسيا الوسطى من زيادة أرباحها.

وفي أعقاب رحلته، اتصل بوتين برئيسي كازاخستان وأوزبكستان ليخبرهما عن الزيارة، وهو أمر لم يفعله من قبل. وفي 7 يونيو، وقعت شركة “غازبروم” عقوداً من شأنها توسيع صادرات الغاز الروسي إلى كازاخستان، وقيرغيزستان، وأوزبكستان.

الشركات الوهمية

كما ناقشت بكين وموسكو سبل تخليص الصادرات الحساسة من الصين إلى روسيا. وللقيام بذلك، يمكنهم تعيين بنوك متخصصة محصنة إلى حد كبير ضد القيود الأمريكية، ولن تربط مثل هذه البنوك نفسها بالنظام المالي العالمي، وليس لديها حسابات مراسلة إلا في روسيا، وتقوم بتسوية جميع المدفوعات باليوان والروبل عبر نظام الدفع الدولي في الصين.

وسيتم إخفاء معاملاتهم تحت طبقات متعددة من الشركات الوهمية، ويمكن لواشنطن استهداف هذا النظام من خلال تعقب المعاملات المشبوهة وفرض عقوبات على البنوك، لكن ذلك سيكون صعبًا لأن جميع المدفوعات ستتجاوز الدولار الأمريكي وأنظمة الدفع الغربية الأخرى.

ربما يعجبك أيضا