العملة الرقمية.. ملاذ الملالي “المُحرّم”

حسام عيد – محلل اقتصادي

ضغط العقوبات الاقتصادية المستمرة على طهران يدفع النظام الإيراني إلى رفع الحظر عن تداول العملات الرقمية، فبعد أن كان يجرم استخدام هذا النوع إلى وقت قريب لدرجة تحريمه دينيًا، لجأ إليه عندما أصبح يخدمه سياسيًا.

تعقب مواقع التعدين المشفرة

السلطات الإيرانية خاضت حملات واسعة على مواقع مشفرة لتعدين العملات الرقمية خلال الأشهر الأخيرة وذلك بحجة الحيلولة دون استغلال هذه العملات التي يصعب التحكم فيها من طرف السلطات في عمليات غسيل أموال أو صفقات مشبوهة، حسب ما قالت السلطات الإيرانية.

وأعلن البنك المركزي الإيراني حظر بيع وشراء العملة الرقمية المشفرة “بتكوين” في البلاد، محذرًا من الإعلانات التي تجذب الناس إلى تداولها.

وأصبحت العملات المشفرة ومن بينها “بتكوين” شكلًا من أشكال النقد الإلكتروني التي تزداد شعبية في جميع أنحاء العالم.

ودفعت الطاقة الرخيصة في إيران عمال المناجم في السنوات الأخيرة إلى تعدين “بتكوين”.

واكتشفت الشرطة العشرات من مصانع “بتكوين” غير القانونية في مختلف أنحاء إيران في الأسابيع الأخيرة، وعادة ما يختار الباحثون عن هذه العملة المصانع المهجورة في الضواحي النائية لاستهلاك الطاقة المدعومة من قبل السلطات الإيرانية.

وقالت السلطات إن الاستهلاك اليومي للطاقة في واحدة من أكبر مصانع “بتكوين” التي عثر عليها مؤخرًا داخل مصنع كبير في طهران يعادل الكهرباء التي يستخدمها 60 منزلاً في السنة.

وتعتبر العملة الرقمية “بتكوين” أداة لتفادي الحظر المالي على الأفراد والدول، فضلا عن إمكانية تنفيذ عمليات “تبييض أموال” عبرها.

ولجأ الإيرانيون إلى العملات الرقمية مثل (بتكوين) لكسب الأموال من أجل تفادي القيود على المعاملات المالية؛ نتيجة العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران.

وتتواجد بعض “وحدات التشفير” في إيران، في “المدارس والمساجد” لأن هذه الأماكن تحصل على الكهرباء مجاناً.

فيما أكد موقع (8BTC ) الصيني، أنه منذ أواخر عام 2018 أصبحت إيران “نقطة ساخنة” لمنتجي “بتكوين” الصينيين، بسبب الكهرباء الرخيصة.

في إيران ، هناك ستة منصات لتعدين “بتكوين”، والتي تظهر مستوى متوسط من الاهتمام داخل البلاد، و يجب الذكر أنه من الصعب تقدير موقع وقوة عمال المناجم المحليين المنفصلين.

العملة الرقمية أولوية الحكومة

إصدار العملة الرقمية المرتقبة وتطويرها أصبح على رأس الأولويات الإيرانية، فالسلطات المالية في البلاد تعمل على وضع الأسس التي ستمكن من استخدام عملة رقمية محلية، في خطوة تتم برعاية من البنك المركزي وتهدف لتسهيل نقل الأموال من وإلى إيران.

ووافق مجلس الوزراء الايراني في الأسبوع الأخير من شهر يوليو 2019، على مزاولة انشطة تعدين العملات الرقمية، بعد استصدار المعدنين إذنًا “ترخيص” من قبل وزارة التجارة والصناعة.

وبيّن أن تعدين العملات الرقمية شأنه شأن بقية الأنشطة الصناعية الأخرى، سيشمله قانون الضرائب، فيما ستقدم إعفاءات ضريبية للمعدنين الحاصلين على كود العملة الأجنبية والذي يقضي بإرجاع العملة الصعبة للعجلة الاقتصادية.

ويأتي التحرك الإيراني الحالي في وقت تنتظر فيه طهران مزيدًا من العقوبات الاقتصادية من طرف الولايات المتحدة في ظل ارتفاع حدة التوتر بين طهران وواشنطن.

دعم الريال

وفي وقت تشهد فيه العملة الإيرانية الريال تراجعًا كبيرًا في قيمتها منذ مطلع 2018، فإن العملة الرقمية ستدعم الاقتصاد الإيراني بحسب الخبراء الماليين الريال وذلك في إطار المساعي الإيرانية لتسهيل المعاملات المالية وخارجها.

ويسعى معدنو العملات الرقمية إلى إحراز بعض المكاسب المالية بعدما انحدر الريال الإيراني إلى الهاوية فصار الدولار الواحد يعادل 120 ألف ريال فيما كان هذا الرقم لا يتجاوز 32 ألف ريال للدولار في 2015 أي عند توقيع الاتفاق النووي الذي انسحبت منه واشنطن في مايو 2018.

الخطوة الإيرانية القاضية بإنشاء عملة رقمية تكشف بحسب مراقبين تخبط الموقف الإيراني وتأثر إيران البالغ بالعقوبات المسلطة عليها.

ربما يعجبك أيضا