“العمل عن بعد” لمواجهة “كورونا” يضع مصر في مجال الرقمنة.. فهل تنجح؟

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

في ضوء الإجراءات العاجلة التي اتخذتها الدولة المصرية للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، قررت الحكومة تخفيض عدد العاملين بأجهزة الدولة والمصالح الحكومية باستثناء العاملين بالمصالح الخاصة بالخدمات الاستراتيجية بالدولة حرصًا على تقديم الخدمات للمواطنين.

في غضون ذلك، منحت بعض المؤسسات إجازة مدفوعة الأجر لموظفيها، وأخرى فعّلت نظام العمل من المنزل، فيما لجأت بعض المؤسسات التعليمية إلى نظام “الدراسة عن بعد” لا سيما بعد قرار تعليق الدراسة لمدة أسبوعين.. إجراءات تبدو صارمة وجريئة من أجهزة الدولة، إلا أنها في ذات الوقت تضعها في اختبار حقيقي بشأن قدرتها الرقمية التي طالما نادت بها.

نستعرض فيما يلي أبرز تلك الإجراءات وتفاصيلها:



تخفيض عدد العاملين

أصدر الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أمس الإثنين، قرارًا بتخفيض عدد العاملين في المصالح والأجهزة الحكومية، والذي يأتي ضمن حزمة الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الدولة، لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد.

وبحسب المادة الأولى من القرار، تسري أحكام هذا القرار على الموظفين العاملين بوحدات الجهاز الإداري للدولة من وزارات وأجهزة ومصالح حكومية ووحدات إدارة محلية وهيئات عامة وشركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام، وللسلطة المختصة بكل جهة من هذه الجهات إصدار ما تراه من قرارات لازمة لحماية العاملين لديها والمترددين من أية تداعيات محتملة لفيروس كورونا المستجد.

ويستثنى من تطبيق أحكامه الموظفون العاملون بالمرافق الحيوية التي تحددها السلطة المختصة بكل جهة مثل (خدمات النقل، الإسعاف، المستشفيات، خدمات المياه، الصرف الصحي، الكهرباء) وتنظم السلطة المختصة بكل جهة العمل بهذه المرافق طبقا للقواعد التي تراها محققة للصالح العام، وتراعى التدابير الاحترازية المتطلبة للتعامل مع فيروس كورونا المستجد.

ويُصرح للخاضعين لأحكام هذا القرار الذين تسمح طبيعة وظائفهم بالعمل من المنزل بأداء مهام وظائفهم المكلفين بها دون التواجد بمقر العمل طوال مدة سريان هذا القرار، ويؤدي باقي الموظفين مهام وظائفهم بالتناوب فيما بينهم يوميًا أو أسبوعيًا، وذلك وفقًا لما تقدره السلطة المختصة بكل جهة وما تصدره من ضوابط في هذا الشأن بما يضمن حسن سير المرافق العامة بانتظام واضطراد، وفقًا للمادة الثانية.

الدراسة إلكترونيًا

من جانبه، قال الدكتور عادل عبدالغفار، المتحدث باسم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، إن تعليق الدراسة لمدة أسبوعين، لا يعني أنها إجازة للطلاب، والمحاضرات ستستمر للطلاب بالشكل الإلكتروني وكافة الجامعات المصرية ستبدأ تنفيذ الخطة “ب”، والتي تتضمن وقف الدراسة المنتظمة في التجمعات الكبيرة، مع استمرار الدراسة بشكل إلكتروني من خلال تقديم المحاضرات لكافة التخصصات إلكترونيًا.

وأضاف متحدث الوزارة، خلال مداخلة تلفزيونية، أن التعطيل إجراء احترازي للوقاية من فيروس كورونا المستجد، لكن الدراسة ستستمر بشكل إلكتروني، مشيرًا إلى أن وحدات الدعم الإلكتروني في كل الجامعات تقدم الدعم لأعضاء هيئة التدريس بتقديم محاضراتهم إلكترونيًا.

وذكر أن وحدات الدعم قدمت التيسيرات على عدة المستويات، موضحًا أن المستويات تشمل الموقع الإلكتروني للجامعة، والمواقع الإلكترونية للكليات، ومواقع التواصل الاجتماعي، ذاكرًا أن المادة العلمية للطلاب ستقدم خلال الأسبوعين.

وأوضح أن الطلاب سيحصلون على إجازة، ولكن رؤساء الجامعات مطالبين بإعادة النظر في جداول حضور أعضاء هيئة الدارسين والعاملين بالجامعات، وفقًا لتوجيهات الدكتور خالد عبدالغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، مضيفًا أن إعادة النظر لتحقيق غرضين، أولهما تقليل الكثافات العددية، والثاني تمكين أعضاء هيئة التدريس من أداء المحاضرات إلكترونيًا، عبر فرق الدعم الإلكتروني الموجودة في الجامعات.

زيادة سرعة الإنترنت

بدوره، كشف الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أنه جرى الإعلان عن أكثر من مبادرة مؤخرا الأولى كانت زيادة مجانية في سعة التحميل لكل المشتركين في الإنترنت المنزلي الثابت خلال هذا الشهر بنسبة 20%، لتشجيع أكبر عدد من المواطنين على المكوث في منازلهم أطول فترة ممكنة.

وأضاف طلعت -خلال مداخلة هاتفية له ببرنامج “صالة التحرير”، على فضائية “صدى البلد”- أن تلك المبادرة ستكلف 200 مليون جنيه وسيتحملها الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات ممثلا في الدولة، موضحا: “التحميل الزيادة مثل تحميل بيانات زايده من الإنترنت خلال التصفح بالمواقع المختلفة”.

وأكد، أن المبادرة الثانية هي إتاحة المواقع التي تحددها وزارتا التربية والتعليم والتعليم العالي مجانا، متابعا: “هذه المواقع هي ما ستحدهها الوزارتان وتضع عليهما المناهج الدراسية والمحاضرات عليها للطلبة لتحصيلها ومذاكرتها في وقت توقف الدراسة، أول ما الوزارة هتخطرنا بالمواقع هنكون جاهزين”.

وأشار إلى أن المبادرة الأخيرة تتعلق بإطلاق منصة للشركات التي تريد أن تجنب موظفيها مخاطرة النزول وارتياد المكاتب، خلال الفترة المقبلة، وهي منصة للعمل التشاركي من خلال الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات: “هيستطيع الموظفين التعامل مع بعضهم البعض من خلالها دون التواجد في محل العمل”.

الدولة تتحرك في مجال الرقمنة

في السياق ذاته، تتزامن تلك الإجراءات السالف ذكرها مع اتجاه الدولة نحو الرقمنة، حيث بدأت قبل أشهر تنفيذ خطتها نحو التحول الرقمي، وفقًا لتوصيات الرئيس عبدالفتاح السيسي.

ووجه الرئيس السيسي بمضاعفة عدد برامج التدريب على الذكاء الاصطناعي، خلال اجتماعه بمصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، كما تمت الإشارة إلى أهمية تدريب المهنيين المستقلين، من أجل إمكانية توفير فرص عمل عن بعد وغير مرتبطة بالموقع الجغرافي للعمالة، مع إيلاء أهمية وضرورة التدريب على علوم وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وذلك في إطار استراتيجية حرص الدولة لصقل الكوادر البشرية، وتصويب بناء الشخصية المصرية.

وأمر الرئيس بتنفيذ مشروعات وزارة الاتصالات وخطط الانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة باستخدام الذكاء الاصطناعي عن طريق أحدث التقنيات والمعايير العالمية، ما يسهم في جهود الدولة للتحول الرقمي بكل القطاعات، بالإضافة إلى تأسيس العاصمة الإدارية لتكون مركزًا معلوماتيًا متطورًا يربط ما بين مختلف  مؤسسات الدولة وأجهزتها وفق أحدث النظم المطبقة حول العالم بتقنية الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي يرتقي بالأداء الحكومي ويوفر أحدث الخدمات للمواطنين كما يرفع من شأن الدولة.

وكان السيسي قد أكد في تصريحات سابقة، أن فرص الرقمية في مصر عظيمة جدًا، حيث إن مصر سوق كبير ينمو ويزداد، والدولة تتحرك في مجال الرقمنة، مضيفًا أن هذا المجال سيحقق كل عناصر النجاح للدولة المصرية، وتقليل التدخل البشري في عمل الحكومة ومكافحة الفساد.

ربما يعجبك أيضا