القوات الأمريكية تتمركز مجددا في العراق.. من المستهدف ؟!

حسام السبكي

رؤية – محمود سعيد

الهيمنة الإيرانية الكاملة على العراق معلومة للعالم أجمع، وقد ضغط النظام الإيراني على حكومة بغداد حتى تم دمج مليشيات الحشد الشعبي الشيعية (الباسيج العراقي الذي يقوده الجنرال قاسم سليماني) في الجيش العراقي، وهو ما يعني أن التغول الإيراني في العراق تم شرعنته، أو هكذا ظنت إيران!

والأمر وصل إلى أن يقول علي يونسي، مستشار الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إن “إيران أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حاليًا، وجغرافية إيران والعراق غير قابلة للتجزئة وثقافتنا غير قابلة للتفكيك، لذا إما أن نقاتل معًا أو نتحد”، في إشارة إلى التواجد العسكري الإيراني المكثف في العراق خلال الآونة الأخيرة.

شهود عيان وسياسيون عراقيون أكدوا رصدهم لأرتال أمريكية تمركزت في بعض المدن العراقية، وهنا الحديث ليس فقط عن القوات الأمريكية المنسحبة من سوريا التي ستتمركز في العراق، اليوم القوات الأمريكية باتت تتنقل من العاصمة بغداد إلى صلاح الدين ومن أربيل إلى كركوك وفي مناطق سيطرة المليشيات الشيعية التي أكتفت بـ”العويل” و”التهديدات الجوفاء”.

وقد أبلغ مسؤول محلي في محافظة الأنبار غربي العراق الشهر الماضي، بأن القوات الأمريكية اتخذت قاعدتين جديدتين لها في المحافظة الواقعة على حدود سوريا.

الإطار الاستراتيجي

وكانت بغداد قد وقعت مع واشنطن اتفاقية الإطار الاستراتيجي عام 2008، في عهد الرئيس الأسبق “جورج بوش” الابن، التي مهّدت لخروج القوات الأمريكية من العراق أواخر 2011، بعد ثماني سنوات من الاحتلال.

وتنظم الاتفاقية، علاقات العراق والولايات المتحدة في مختلف المجالات، خاصة العسكرية منها والاقتصاية.

وأنهت القوات الأمريكية العمليات القتالية في العراق عام 2010، وغادر آخر جندي أمريكي العراق في 18 كانون الأول/ ديسمبر العام 2011، باستثناء عدد من أفراد الجيش الأمريكي الذين بقوا تحت سلطة السفارة الأمريكية.

وينتشر في العراق نحو 5 آلاف جندي أمريكي، منذ تشكيل التحالف الدولي ضد “داعش” بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية عام 2014.

عبد المهدي ينفي

نفى رئيس الحكومة العراقية عادل عبدالمهدي، تمركز قوات أمريكية جديدة في بلاده، وأضاف أن “هناك انخفاضا مستمرا في عدد القوات الأمريكية وغيرها من القوات الأجنبية في العراق”.

“العبادي” يتهم “المالكي”

من جهته، قال ائتلاف “النصر” العراقي بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، إن حكومة سلفه نوري المالكي (2006 – 2014)، هي من استدعت القوات الأمريكية إلى البلاد في 24 يونيو/حزيران 2014 لمواجهة تنظيم “الدولة”.

وتتصاعد في الآونة الأخيرة وتيرة المطالبات بين القوى السياسية الشيعية المقربة من إيران، بإخراج القوات الأمريكية من البلاد، إثر انتهاء الحرب ضد تنظيم الدولة.

من جهتها رفضت كتلة “سائرون” النيابية المدعومة من قبل زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر تواجد قوات أمريكية بالعاصمة العراقية، بغداد، معتبرا ذلك تحدياً للإرادة الوطنية وخرقاً جديداً للسيادة.

الموقف الأمريكي

ترى صحيفة “ناشيونال إنتيريست” أن الولايات المتحدة من جهتها لديها مصلحة مشتركة مع الفصائل الشيعية المناهضة لإيران، وتعتقد أن قمع المليشيات المدعومة من إيران أولوية، إذ إن تلك المليشيات تعمل كجنود مشاة في حروب طهران بالوكالة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بحسب الصحيفة.

ويرغب السياسيون والقادة المتحالفون مع إيران، في أن تصبح المليشيات بديلاً للجيش العراقي، الأمر الذي من شأنه أن يسمح لجيش مستقلّ داخل العراق بأن يأخذ أوامر مباشرة من طهران.

وتشعر واشنطن بالقلق من أن إيران ستستخدم المليشيات في استهداف منشآت أمريكية وبقية القوات الأمريكية في العراق؛ مع تصاعد النزاع مع طهران بسبب قرار إدارة دونالد ترامب، إعادة فرض العقوبات، وقد تعهّد القادة الإيرانيون وقادة الحرس الثوري بالانتقام من خلال وكلائهم، ليس فقط في العراق، بل في أجزاء أخرى من الشرق الأوسط.

تخوف وتوعد

من جانبها كشفت مليشيا العصائب المسلحة التابعة للحشد الشعبي العراقي عن رصدها انتشار وتحركات جديدة للقوات الأمريكية داخل العراق، مهددة بضرب تلك القوات في حال عجزت الحكومة والبرلمان عن التصرف.

جاء ذلك في بيان لجواد الطليباوي، المتحدث العسكري باسم المليشيا الشيعية، التي يتزعمها قيس الخزعلي.

وقد سرت مخاوف داخل الأوساط القيادية في المليشيات العراقية الشيعية من احتمال استهداف شخصيات قيادية مرتبطة بإيران بعمليات إنزال جوي تنفذها وحدات خاصة تابعة للجيش الأمريكي.

ويرفض زعماء المليشيات الشيعية إقامة قاعدة عسكرية أمريكية في العراق، مهددين باستهدافها ومحذرين الحكومة العراقية من التعاطي مع الجانب الأمريكي في الملفات الأمنية، لضمان الإبقاء على سطوة إيران على هذا الملف الذي أسسه رئيس الحكومة السابق نوري المالكي خلال ولايتيه في رئاسة الوزراء.

مواقف

الكاتب البحريني موفق الخطاب المختص في الشأن العراقي قال: إن حجم الأرتال والتحركات العسكرية على الأرض وحركة الطيران الأمريكي المكثف في أرض وسماء العراق ينذر بأمر جلل مرتقب، من يدري لعلنا نسمع قريبا البيان رقم واحد!.

أما الإعلامي العراقي مصطفى كامل فأكد: “وصول عدد كبير من الطائرات الأميركية المحملة بالجنود إلى قاعدة العزيزية، 60 كيلومتراً جنوب بغداد”.

أما المحلل السياسي العراقي مصطفى سالم فرأى أن “العراق يتجه لسيناريو أمريكي، يقمع حتى خيال أوروبا وترتيباتها مع أتباع إيران، مع ظهور طبقة سياسية بينهم نواب في مشهد غامص ليس أسوء مما نحن فيه. وسيستخدم ملف الفساد في تجفيف الميلشيات وتغيير القناعات، وسنرى “ضاحية” من الصفيح السياسي؟”.

وتابع: “صنعت إيران في العراق تنظيم أسموه (حراس الدين) في العراق ويدرب حشدها عناصر من الموصل و كركوك و صلاح الدين لمهاجمة قوات أمريكية، ليتبنى الحراس العمليات، وواشنطن تعلم هذا، وتعاملها معه سيظهر موقفها من إيران وأتباعها، الذي يمكن لهم عبر الحكومة والبرلمان صياغة خروج القوات الأمريكية، ولن يفعلوا، لأنها تحمي وجودهم”.

أما الإعلامي العراقي عمر الجنابي فكشف أن الأنباء القادمة من محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى تشير إلى أن إيران بدأت بتشكيل فصائل سنيّة مسلحة بدعم منها عبر شخصيات سنيّة تتبع لها، وسبق لبعضهم أن زاروا إيران والتقَوا بمرشدها “علي خامنئي”، حيث بدأ هؤلاء بالتطويع فعلياً بشكل سرّي وبهدف ضرب القوات الأمريكية الموجودة في مناطقهم بعد أن حصلوا على الدعم المادي وأخذوا الضوء الأخضر بذلك من قبل القيادة الإيرانية، وهذا يدل على أن إيران لا تريد تدمير ما بنته في العملية السياسية طيلة السنوات الماضية، كما لا تريد أن تصطدم القوة العسكرية الشيعية التي تدين لها بالولاء في العراق بالقوات الأمريكية، حيث اشتركت معظم تلك القوة بالعملية السياسية وحصلت على عدد كبير من المقاعد في مجلس النواب وجزء كبير من الكابينة الحكومية، إضافة إلى تغولها في جميع مفاصل الدولة وانتشارها العسكري في جميع أنحاء العراق باستثناء إقليم كردستان.

الخلاصة

الولايات المتحدة الأمريكية باتت تخطط اليوم للقضاء على مليشيات الحشد الشيعية في العراق، فتلك المليشيات تابعة لإيران وهي تهيمن على المشهد السياسي في العراق.

كذلك فإن حديث السياسيين والعسكريين في أمريكا عن قرب تغيير النظام في إيران، يؤكد أن مليشيات مهدي المهندس وقاسم سليماني المسماة بالحشد الشيعي ستكون الهدف الأول في أي تحرك ضد نظام الملالي في طهران.

 

ربما يعجبك أيضا