المدارس الأمريكية تتلقى دعما من قطر

أميرة رضا

ترجمة بواسطة – شهاب ممدوح

نتيجة لحرص بعض المدارس الحكومية الأمريكية على توسيع برامجها لتعليم اللغة العربية, باتت هذه المدارس تتلقى تمويلاً من إحدى المؤسسات في قطر, الدولة الغارقة في أزمة دبلوماسية مستعرة بسبب دعمها المزعوم للإرهاب.

منحت "مؤسسة قطر" 30,6 مليون دولار خلال السنوات الثمانية الماضية لعشرات المدارس بداية من نيويورك وحتى أوريجون, كما تدعم تلك المؤسسة مبادرات لتأسيس أو تشجيع نمو برامج تعليم اللغة العربية, حيث دفعت أموالا لتدريب المدرسين, ودفع أجورهم, ولشراء مواد التدريس. وقد جاء هذا التمويل عبر "مؤسسة قطر الدولية", وهي فرع المؤسسة في الولايات المتحدة.

يقول عمران حمد الكواري, المدير التنفيذي لمكتب الرئيس التنفيذي للمؤسسة:"سنبحث بكل تأكيد عن سبل لتوسيع نشاطنا في المستقبل". ويضيف الكواري قائلا: "لقد تفاجأنا بهذا الاهتمام."

لقد قدّم العديد من المتبرعين التابعين لحكومات أجنبية, بما في ذلك متبرعون من دول عربية, لمدة طويلة تبرعات لصالح التعليم العالي في الولايات المتحدة, لكن "مؤسسة قطر" يبدو أنها من بين المؤسسات الأجنبية القليلة التي تستهدف المدارس الحكومية التي تشمل الصفوف من رياض الأطفال وحتى الصف الثاني عشر, حيث تقدم المؤسسة منحًا باهظة. كما ترغب المؤسسة في زيادة إنفاقها. ومع ذلك, تظل تبرعات مؤسسة قطر أقل بكثير مما يقدمه مانحون كبار لمرحلة التعليم العام الذي يضم رياض الأطفال وحتى الصف الثاني عشر, حيث قدّمت مؤسسة "ولتون فاميلي" مثلا 190,9 مليون دولار في العام الماضي.

العديد من المدارس المتلقّية للدعم القطري والتي تواصلنا معها, أثنت على دعم تلك المؤسسة القطرية. تأتي اللغة العربية في المرتبة الثانية, بعد اللغة الإسبانية, بوصفها اللغة الأجنبية الأكثر تحدثا بالنسبة للطلاب الذين يتعلمون الإنجليزية كلغة ثانية في المدارس العامة الأمريكية, كما أن نسبة المتحدثين بالعربية تزداد بمعدل أسرع من اللغات الرئيسية الأخرى, وفقا لما تفيده بيانات "المركز الوطني لإحصائيات التعليم".
 
لكن بعض المنتقدين عبّروا عن قلقهم من علاقة تلك المؤسسة بقطر. فرئيسة تلك المؤسسة, وعضوتها المؤسِسة, الشيخة موزة بنت ناصر, هي والدة أمير قطر الحالي " تميم بن حمد آل ثاني".

قالت قطر، يوم الخميس، إنها ستعيد سفيرها إلى إيران, وهو ما يزيد من عمق الخلاف الدبلوماسي بينها وبين جيرانها العرب الذين طالبوها بتخفيض مستوى علاقتها بطهران, زاعمين أن قطر ساعدت المتطرفين واحتضنت جماعات إسلامية مثل الإخوان المسلمين, وهي مزاعم نفتها قطر.

في شهر يونيو الماضي, نسب الرئيس ترامب لنفسه الفضل في الإجراءات التي اتخذتها مجموعة الدول التي تقودها السعودية, كما انتقد ترامب قطر بشكل علني, في خطوة أبرزت الصعوبات المستمرة منذ فترة طويلة بين الولايات المتحدة وقطر. وبالرغم من احتفاظ الولايات المتحدة بمركز قيادتها العسكري الإقليمي في قاعدة العُديد في قطر, غير أن واشنطون دأبت على اتهام قطر بالفشل في اتخاذ إجراءات ضد تمويل الجماعات المسلحة, وهو ذات الانتقاد الذي وجّهته أيضا لدول أخرى, من بينها المملكة السعودية.

لقد عبّر بعض أولياء الأمور وأفراد المجتمع في مدن مثل هيوستن وبورتلاند, و أور, عن قلقهم بشأن برامج تعليم اللغة العربية التي تدعمها تلك المؤسسة وبشأن علاقتها بقطر, لكن الاعتراض الأكبر جاء من جماعات, ومدوّنين, ونشطاء معروفين بآرائهم المحافظة.

قبل عامين, نظّم "سام هيريرا" -وهو ناشط ضد الهجرة غير الشرعية في هيوستن- مظاهرة في المدينة اعتراضا على افتتاح مدرسة تعطي دورات مكثفة لتعليم اللغة العربية, بدعم مالي من مؤسسة قطر.

"هم يختبئون تحت ستار الدوائر المدرسية, ويحصلون بصورة غير مبررة على الأموال" حسبما يقول الناشط, مضيفا "لن يخرجوا إلى العلن لمصارحتنا بشأن ما يقومون به". يقول هيريرا إن لديه مخاوف بشأن علاقات تلك المؤسسة بقطر, التي يقول إنها تدعم الإخوان المسلمين, لكنه لم يقدّم أي دليل على وجود تلك الأنشطة داخل المدرسة.

رفضت وزارة التعليم الأمريكية التعليق على نشاط مؤسسة قطر

قلّل السيد "الكواري" من شأن المخاوف الخاصة بوجود روابط بين المؤسسة والجماعات المتطرفة, قائلا: "هناك حرب علاقات عامة كبيرة تجري هنا" ومضيفا " كل مَن يأتي إلى قطر يعرف حقيقة مؤسستنا". تركز مؤسسة قطر, التي لا تكشف عن مصادر تمويلها, على خدمة الشعب القطري من خلال التعليم, وتطوير المجتمع, والعلوم والأبحاث. تضمّ المدينة التعليمية التابعة للمؤسسة والموجودة في العاصمة القطرية الدوحة, العديد من المدارس من رياض الأطفال وحتى الصف الثاني عشر, إلى جانب عدد من الجامعات, من ضمنها ست كليات أمريكية.

قال السيد "الكواري" إن نشاط المؤسسة في الولايات المتحدة هو "طريقة لردّ الجميل" للجامعات الأمريكية لمساعدتها في تطوير المجتمع القطري.

بعض أولياء الأمور الذين يدرس أبناؤهم في مدارس تعليم اللغة العربية في هيوستن استنكروا مزاعم المنتقدين.

"المدرسة علمانية بالكامل. إنها مدرسة ممولة حكوميا" حسبما يقول "كنان رومان", الذي يدرس ابنه في المدرسة. "تعليم العربية يعطي الأطفال ميزة تنافسية في عالم الأعمال, ويهدم الحواجز الثقافية".

لقد أثار النشاط الأجنبي في المدارس الأمريكية المخاوف من قبل. فعلى المستوى الجامعي, حيث التبرعات الأجنبية أكثر انتشارا, واجه متبرعون من دول عربية مثل السعودية مزاعم مماثلة بنشر التطرف الإسلامي. كما قطعت جامعتان على الأقل علاقتهما بمراكز أكاديمية تديرها الصين في عام 2014, بحجة القلق إزاء ممارسات تلك المعاهد في التشغيل, فضلا عن رفضها الاعتراف بالسلبيات في التاريخ الصيني.

في تكساس, أطلقت وكالة التعليم في الولاية في العام الماضي تحقيقا في مزاعم الحكومة التركية بأن أحد مشغلي المدارس المستقلة كان جزءا من خطة بملايين الدولارات هدفها خدمة أهداف رجل دين منفي (فتح الله جولين). لكن الوكالة لم تجد أي مخالفة.

إن أول مساهمة لمؤسسة قطر لصالح المدارس العامة الأمريكية كانت في العام الدراسي 2009-2010, وبلغ حجمها 625 ألف دولار أمريكي. وقدمت المؤسسة 3,8 مليون دولار للعام الدراسي 2017-2018, وهو ما يمثل زيادة مقارنة مع 3,2 مليون دولار قدمتها في العام الماضي, ولكن أقل من منحة الـ 5,5 مليون دولار التي قدمتها في العام الدراسي 2014-2015.

تبحث المؤسسة عن مدارس ترغب في للحصول على منحها, لكن هناك مدارس في بعض الأحيان تسعى للحصول على تلك المنح.
تلقّت الدائرة المدرسية الموحّدة في توكسن منحة مقدارها 465 ألف دولار في عام 2013 لتغطية مرتبات المعلمين, وشراء المواد التعليمية, والإنفاق على الفعاليات الثقافية لمدرستين, فضلا عن منح عديدة أخرى قدرها 175,243 ألف دولار لتوسيع نطاق برنامجها لتعليم العربية. في بورتلاند وأوريجون, أخذ نظام التعليم العام نحو 375 ألف دولار على مدى خمس سنوات, بداية من عام 2010, وفي هذا العام تلقّى منحة قدرها 75 ألف دولار, للمساعدة في تمويل برامج اللغة العربية في مدرستين هناك. كما موّلت المؤسسة أيضا رحلة للطلاب إلى الدوحة في قطر.

"إنها واحدة من أكثر الشراكات دعمًا التي شهدتها خلال السنوات العشرين الماضية في التعليم العام" حسبما تقول "بيتون تشابمان", مديرة مدرسة لينكولن الثانوية, وهي إحدى المدارس المشاركة في برنامج دعم مؤسسة قطر.

لقد كانت مدرسة "واشنطن اللاتينية المستقلة العامة" في مدينة واشنطون من بين أولى المدارس التي وقّعت على اتفاق مع مؤسسة قطر في عام 2009. تقول "مارثا كتس", التي تقاعدت العام من عملها كمديرة لتلك المدرسة في العام الماضي, إنها قبلت بسهولة عرض المؤسسة لتمويل برنامج لتعليم العربية في المدرسة. ومنذ ذلك الوقت, تلقت المدرسة المذكورة نحو 1,04 مليون دولار من المؤسسة, وذلك وفقا لمؤسسة قطر.

"شهد البرنامج نموا كل عام" كما تقول السيدة كتس, مضيفة "اعتقد أن البرنامج يساعد طلابنا على أن يكونوا أفضل إلماما بمجريات الأمور."  
يتعلم الطلاب, ضمن هذا البرنامج, اللغة والثقافة العربية, ويذهبون في رحلات ثقافية, بما في ذلك زيارة السفارة القطرية في واشنطون.

تقول السيدة كتس: إن مسؤولي المؤسسة منخرطون في المدرسة, حيث أنهم يعملون على تطوير المستوى المهني, ويزورون الفصول الدراسية. وتضيف السيدة كتس:"هم لا يتركونك بمفردك دون مساعدة".

المصدر – وول ستريت جورنال

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا