«الملء الثاني» لسد النهضة يكشف نوايا إثيوبيا.. وهذه أضراره

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

لقطات حديثة ونشر مغالطات كشفت نوايا وخطة إثيوبيا الخبيثة في أزمة سد النهضة، ويبدو أنها عازمة على عملية الملء الثاني المقررة في يوليو القادم سواء كان ذلك بالاتفاق مع دولتي المصب مصر والسودان أم بدونه.

فأحدث صور التقطتها الأقمار الصناعية كشفت مساعي إثيوبيا في تجفيف الممر الأوسط ليتوقف عبور المياه من خلاله، يتزامن ذلك مع تحويل المياه للاندفاع من البوابتين العلويتين فقط.

وتمهد عملية تجفيف الممر الأوسط لصب الخرسانة لتعليته إلى مستوى 595 مترا فوق سطح البحر، مما يجعل الممر جاهزا لتخزين أكثر من 18 مليار متر مكعب بحلول يوليو المقبل.

في غضون ذلك، تقول وزارة الري المصرية، إن الادعاء الإثيوبي بأن المخارج المنخفضة (Bottom Outlet) وعددها (٢) فتحة قادرة على إمرار متوسط تصرفات النيل الأزرق، هو إدعاء غير صحيح حيث أن القدرة الحالية للتصرف لا تتعدى ٥٠ مليون م٣/ يوم لكلا الفتحتين، وهي كمية لا تفي باحتياجات دولتي المصب ولا تكافئ متوسط تصرفات النيل الأزرق.

وتشير وزارة الري إلى أن تنفيذ عملية الملء الثاني هذا العام واحتجاز كميات كبيرة من المياه طبقاً لما أعلنه الجانب الإثيوبي، سيؤثر بدرجة كبيرة على نظام النهر، لأن المتحكم الوحيد أثناء عملية الملء في كميات المياه المنصرفة من السد سيكون هذه المخارج المنخفضة، وسيكون الوضع أكثر تعقيدًا بدءًا من موسم الفيضان (شهر يوليو القادم) لأن الفتحات ستقوم بإطلاق تصرف أقل من المعتاد استقباله في شهري يوليه وأغسطس، حيث أن الحد الأقصى لتصرفات المخارج المنخفضة تقدر بـ ٣ مليار م٣ شهريًا بفرضية الوصول لمنسوب ٥٩٥ متر، وهو ما يعني معاناة دولتي المصب السودان ومصر وذلك في حال ورود فيضان متوسط، والوضع سيزداد سوءًا في حال ورود فيضان منخفض.

وكانت مصر قد طالبت في عامي ٢٠١٢، ٢٠١٥ بضرورة زيادة تلك الفتحات  لاستيفاء احتياجات دولتي المصب وعرضت تمويل التكلفة الزائدة، ولإعطاء مرونة أكبر خلال عمليات الملء والتشغيل والتعامل مع مختلف حالات الفيضان والجفاف، وادعت إثيوبيا أن تلك الفتحات كافية وكذلك يمكن تشغيلها بصفة مستمرة حال انقطاع الكهرباء.

من جانب آخر، لفتت القاهرة إلى أنه من المفترض قيام الجانب الإثيوبي أثناء عملية الملء الأول بتوليد الكهرباء من خلال وحدات التوليد المبكر «عدد ٢ توربينة»، إلا أن الجانب الإثيوبي قام بعملية الملء الأول وتخزين المياه دون توليد كهرباء، وهو ما يؤكد أن عملية الملء الأول تمت لأسباب إعلامية وسياسية وليس لأسباب فنية.

وأضافت القاهرة إلى أن مخارج التوربينات الثلاثة عشر غير جاهزة للتشغيل حاليًا، ومن ثم فإن توليد الكهرباء بالدرجة التي يروج لها الجانب الإثيوبي غير صحيح، وهناك ارتباط قوي بين جاهزية التوربينات للتوليد وبين كمية المياه المخزنة، ولكن الجانب الإثيوبي يسابق الزمن لفرض أمر واقع على دولتي المصب من خلال ملء بحيرة السد للعام الثاني على الرغم من عدم جاهزية السد للتوليد الكهربائي المخطط له.

جولة للخارجية المصرية في عدة دول أفريقية

من جانب آخر، يقوم وزير الخارجية المصري سامح شكري بجولة تتضمن عددًا من الدول الأفريقية، حيث يتوجّه وزير الخارجية إلى كل من كينيا وجزر القُمُر وجنوب أفريقيا والكونغو الديمقراطية والسنغال وتونس، حاملاً رسائل من الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى رؤساء وقادة هذه الدول حول تطورات ملف سد النهضة والموقف المصري في هذا الشأن.

تأتي تلك الجولة انطلاقًا من حرص مصر على إطلاع دول القارة الأفريقية على حقيقة وضع المفاوضات حول ملف سد النهضة الإثيوبي، ودعم مسار التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم حول ملء وتشغيل السد على نحو يراعي مصالح الدول الثلاث، وذلك قبل الشروع في عملية الملء الثاني واتخاذ أي خطوات أحادية، فضلاً عن التأكيد على ثوابت الموقف المصري الداعي لإطلاق عملية تفاوضية جادة وفعّالة تسفر عن التوصل إلى الاتفاق المنشود.

سامح شكري

مهة واستراتيجية

وصف دبلوماسيون مصريون ومحللون، هذه الزيارة بـ«المهمة والاستراتيجية» من حيث توقيتها وأهدافها، والتي تعبر عن تحرك مصري متعدد تجاه الدول الأفريقية يهدف لبناء موقف مصري أفريقي من تطورات سد النهضة قبل الملء، وقبل المضي قدمًا في تدويل هذه القضية.

بدورها، قالت مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق للشؤون الأفريقية، منى عمر، أن أهمية الزيارة تكمن في كونها تأتي في إطار الاستراتيجية الجديدة لمصر بالنسبة لشرح الموقف المصري والسوداني لكافة دول العالم وكسب التأييد للموقف المصري بالنسبة لقضية سد النهضة، خاصة أنها تتضمن رسائل خاصة من الرئيس السيسي إلى رؤساء وقادة هذه الدول حول تطورات ملف سد النهضة، ومن الأهمية بمكان إعلامهم بمستجدات المفاوضات، وفقا لموقع سكاي نيوز عربية.

وأضافت عمر، أن اختيار الدول التي تتضمنها الزيارة محدد للغاية، خاصة أنها تجمع دولا أعضاء بجامعة الدول العربية مثل جزر القمر وتونس، ودول لها وزنها بالاتحاد الأفريقي مثل الكونغو الديمقراطية التي تتولى الرئاسة الحالية للاتحاد، وكينيا التي تشغل العضوية غير الدائمة بمجلس الأمن ممثلة عن القارة الأفريقية.

وشددت الدبلوماسية المصرية السابقة أن كافة الدول يجب أن تدرك أن مصر بذلت كافة الجهود الممكنة طيلة 10 سنوات من المفاوضات المضنية دون التوصل لحل؛ نتيجة لإصرار الجانب الإثيوبي على التمسك بموقف متعنت وجائر على الحقوق المصرية والسودانية.

ربما يعجبك أيضا