الملف الأمني وصواريخ الكاتيوشا.. على طاولة مفاوضات الكاظمي في واشنطن

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

تواجه الحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي تحديثات استثنائية، تمثلت في انتشار كورونا وتصاعد العمليات ضد القوات الأمريكية وزيادة الاغتيالات واستمرار التظاهرات الساعية لمحاسبة الفاسدين واستعادة القرار العراقي من التأثير الإيراني وموازنة العلاقات الدولية للعراق.. تحديات كبيرة وآمال عريضة قد يبحث الكاظمي عن حلول لها خلال زيارته المرتقبة لواشنطن والتي سيعقبها زيارته للأردن وقد تشمل الجولة دول أخرى.

مهمة في واشنطن

من المرتقب أن يزور رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي العاصمة الأمريكية واشنطن في الـ20 من الشهر الجاري، يلتقي خلالها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وكبار المسؤولين للبحث عن دعم صريح من الولايات المتحدة تزامنًا مع الأوضاع التي تمر بها إيران.

من جهته قال المتحدث باسم رئيس الحكومة العراقية إن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين سيلتقي نظيره الأمريكي في إطار المرحلة الثانية من الحوار الاستراتيجي، والذي ستتبعه جولات أخرى.

تأتي الزيارة في وقت يسعى فيه الكثيرون لتقييم حكومة الكاظمي بعد مرور نحو 100 يوم وهي المهلة التي منحتها الكتل الشيعية للكاظمي لتقييم ادائه، في ظل التناقضات التي يراها البعض حيال ملف الانسحاب الأمريكي من العراق ومواجهته للنفوذ الإيراني وهي ملفات ينقسم حولها العراقيون.

لكن يبدو أن المهمة معقدة جدًا في بلد مثل العراق، كما أن الأوضاع الاقتصادية العالمية جعلت العراق يتراجع في قائمة أولويات دول الجوار والدول المؤثرة مثل الولايات المتحدة، واليوم يسعى الكاظمي في مهمته لاستعادة القرار العراقي من تأثيرات إيران.

وبحسب سياسيين عراقيين، فإن إيران تحاول التأثير على المفاوضات العراقية الأمريكية من خلال إرسال خليفة سليماني، اللواء إسماعيل قاآني إلى العراق للقاء الكاظمي قبل سفره إلى واشنطن.

صواريخ الكاتيوشا

يأتي استقبال الكاظمي واستماعه لرسائل قاآني الناعمة قبل سفره إلى واشنطن لمقابلة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في الوقت الذي لم تتوقف فيه سقوط صواريخ الكاتيوشا على القوات الأمريكية الموجودة في العراق.

ولا تزال الصواريخ تتساقط بشكل شبه يومي على المعسكرات العراقية والمعسكرات التي تؤوي جنودًا من التحالف الدولي، بالإضافة إلى مطار بغداد والمنطقة الخضراء، بعد أن كادت عملية اعتقال المنفذين تؤدي إلى صدامات بين ميليشيا كتائب حزب الله والقوات الحكومية، التي تراجعت عن اعتقالهم وأطلقت سراحهم.

وتشير حيثيات الزيارة وتوقيتها إلى أن أكثر ما تخشاه المليشيات الإيرانية في العراق، حاليًا، هو أن تفتح زيارة الكاظمي لواشنطن دعمًا إضافيًا لبغداد، وإن بشكل غير مباشر، لمواجهة نفوذ طهران بالبلاد وتحجيمه.

ووفق مراقبين، تسعى طهران وحلفاؤها في العراق إلى تحويل بوصلة زيارة الكاظمي من بحث سطوة الميليشيات الإيرانية إلى المطالبة برحيل القوات الأمريكية، خصوصًا في ظل الضغط الحالي من خلال الأعمال العدائية ضد التحالف الدولي بقيادة واشنطن، في إطار جزء من أوراق الضغط على الرجل وحكومته .

يشهد العراق منذ أكتوبر 2019، أكثر من 30 هجومًا استهدفت مصالح عسكرية ودبلوماسية أمريكية، لكن الهجمات الصاروخية تراجعت قليلًا في الأشهر الأخيرة، لكنها على ما يبدو استعادت نشاطها خلال الأيام الماضيين، قبيل زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى واشنطن، والمقرر أن يبحث خلالها المجالات الأمنية والاقتصادية والصحية والطاقة.

اغتيالات ومساومات

وعلى الصعيد الأمني، شهدت الأيام المئة الماضية تصاعدًا في عمليات الاغتيال في العراق، راح ضحيتها مواطنون ونشطاء بارزون، كان آخرهم الناشط البصري تحسين أسامة، الذي تسببت عملية اغتياله قبل أيام بتصعيد في تظاهرات البصرة أدى إلى مقتل اثنين من المتظاهرين.

ورغم وعود الكاظمي، لم تقدم الحكومة العراقية حتى الآن قتلة الخبير الأمني البارز هشام الهاشمي إلى العدالة، حيث مر أكثر من 40 يومًا على اغتياله بصورة وحشية من قبل مسلحين يعتقد بانتمائهم إلى الميليشيات الموالية لإيران.

وبحسب المحللين، فإن الجانب الأمني شهد محاولات من الكاظمي لفرض القانون، لكنها غير مكتملة، مثل تغيير القادة الأمنيين ومحاولة ضبط المنافذ الحدودية.

يضاف إلى ذلك أن محاولة اعتقال عناصر الميليشيات الفاشلة تسببت بزيادة تحديها للحكومة والقانون، بدليل العمليات الإرهابية التي تتكرر، كما أن العلاقة مع قوات التحالف الدولي غامضة والتي يأمل الكثيرون من الكاظمي حسمها خلال زيارته لواشنطن.

ويرى الخبراء أن إسناد المناصب لا يزال يخضع للمساومات، ووضع فاسدين حتى في بعض الوزارات، كما أن كثيرًا من الجهات السياسية تساوم الكاظمي على مراكز بعينها.

والخلاف السياسي ليس على المناصب فحسب، فهناك تناقض بين الكتل بشأن الوجود الأمريكي في العراق بين مؤيد ومُعارض، ولكن يبدو أن الكاظمي سيكون ناقلًا للرسائل بين واشنطن وطهران لتخفيف حدة التوتر التي تضرر منه العراق لسنوات ولا يزال يعاني.

وتواجه حكومة الكاظمي اليوم تحديات اقتصادية غير مسبوقة، تتمثل بانتشار فيروس كورونا الذي عطل النشاط الاقتصادي تقريبا في العراق وكثير من مناطق العالم، ويأمل العراقيون أن تحقق زيارة الكاظمي إلى واشنطن مكاسب سياسية واقتصادية تسهم في تحسين مستويات المعيشة، ودعم استقرار هذا البلد الذي يعاني من تجاذبات إقليمة تهدد أمنه.

ربما يعجبك أيضا