ترجمة بواسطة – شهاب ممدوح
لكن، مقارنةً بهذين الخيارين، هناك نموذج ثالث يمتلك مميزات تجعله الأفضل. إن "رأسمالية أصحاب المصلحة"، وهي نموذج اقتصادي اقترحته لأول مرة منذ نصف قرن، تحدد الشركات الخاصة باعتبارها مُؤتمنة على المجتمع، وهذا النموذج يُعد بوضوح أفضل حل للتحديات الاجتماعية والبيئية في وقتنا الراهن.
لكن هذه لم تكن القصة بكاملها؛ حيث إن المدافعين عن رأسمالية المساهمين، من بينهم ميلتون فريدمان ومدرسة شيكاغو، أهملوا حقيقة أن الشركة المدرجة في البورصة ليست مجرد كيان يسعى لجني الأرباح، لكنها كيان اجتماعي أيضًا. بالإضافة إلى ضغوط الصناعة المالية الهادفة لتعزيز المكاسب قصيرة المدى، أدّى التركيز التام على الأرباح لزيادة انفصال رأسمالية المساهمين عن الاقتصاد الحقيقي. أدرك الكثيرون أن هذا النوع من الرأسمالية لم يعد مستدامًا. السؤال الآن هو: لماذا بدأت الآراء تتغير الآن؟
تأثير "غريتا ثوبيرغ"
النتيجة هي أن رأسمالية أصحاب المصلحة بدأت تكتسب زخمًا بسرعة، وهذا التغيير في المسار جاء متأخرًا كثيرًا. لقد وصفت هذا المفهوم للمرة الأولى عام 1971، وقد أنشات المنتدى الاقتصادي العالمي لمساعدة قادة السياسة والأعمال لتطبيقه. بعد عامين، وقّع الحضور في اللقاء السنوي للمنتدى ما يسمى بـ "بيان دافوس"، الذي يصف مسئوليات الشركة الأساسية تجاه أصحاب المصلحة.
والآن، بدأت جهات أخرى بالحضور أخيرًا إلى طاولة "أصحاب المصلحة". إذ أعلنت مؤسسة "المائدة المستديرة للأعمال التجارية في الولايات المتحدة"، وهي أهم جماعة ضغط تجارية في الولايات المتحدة، في هذا العام تبنيها رسميًّا رأسمالية أصحاب المصلحة. كما أن ما يُعرف بـ "الاستثمار المؤثر" (impact investing) بات يحتل مكانة مهمة مع بحث مزيد من المستثمرين عن طرق جديدة للربط بين الفوائد البيئية والمجتمعية والعوائد المالية.
رأسمالية أصحاب المصلحة في دافوس
لكن، للحفاظ على مبادئ رأسمالية أصحاب المصلحة، ستحتاج الشركات مقاييس جديدة. أولًا: أن أي مقياس جديد لمفهوم "توليد القيمة المضافة" (shared value creation) ينبغي أن يتضمن الأهداف "البيئية والاجتماعية والحوكمية" بوصفها مُكمّلة للمقاييس المالية الموحّدة. ولحسن الحظ، هناك مبادرة يجري العمل عليها بالفعل لصياغة معيار جديد في هذا الاتجاه، بدعم من "أكبر أربع" شركات محاسبة في العالم، بقيادة "برايان موينهان"، رئيس مجلس الأعمال الدولي، والرئيس التنفيذي لبنك أميركا.
المقياس الثاني الذي يجب تعديله هو أجور ومكافآت المدراء التنفيذيين في الشركات. فمنذ سبعينيات القرن الماضي، ارتفعت أجورهم ارتفاعًا حادًا؛ بهدف "مواءمة" عملية اتخاذ القرار داخل إدارة الشركات مع مصالح المساهمين. في نموذج أصحاب المصلحة الجديد، ينبغي أن تتواءم الأجور مع المقياس الجديد المتمثل في توليد القيمة المضافة على المدى الطويل.
أخيرًا، ينبغي للشركات الكبيرة أن تفهم أنها هي ذاتها صاحبة مصلحة كبيرة في مستقبلنا المشترك. بالطبع، ينبغي للشركات كافة أن تواصل سعيها للاستفادة من كفاءاتها الأساسية والاحتفاظ بعقلية ريادية. لكن ينبغي لها أيضًا، بالتعاون مع أصحاب مصلحة آخرين، تحسين حال العالم الذي تعمل فيه. وفي الواقع، فإن الشرط الأخير ينبغي أن يكون هدفها الأساسي.
هل من سبيل آخر؟ قد يقول المدافعون عن رأسمالية الدولة إن لديها رؤية طويلة الأمد، وأنها حققت نجاحات مؤخرًا، لا سيما في آسيا. لكن، على الرغم من أن رأسمالية الدولة قد تكون مناسبة لمرحلة من مراحل التنمية، غير أنها هي الأخرى ينبغي أن تتطور تدريجيًّا لتصبح شيئًا أقرب إلى نموذج رأسمالية أصحاب المصلحة، حتى لا تقع ضحية للفساد الداخلي.
إن قادة الأعمال لديهم الآن فرصة ذهبية، فلو تمكّن هؤلاء القادة من إضفاء معنى حقيقي على رأسمالية المساهمين، فسيكونون قادرين على تجاوز التزاماتهم القانونية والوفاء بواجبهم تجاه المجتمع، وسيكون بإمكانهم تقريب العالم من تحقيق أهداف مشتركة، مثل تلك الواردة في اتفاقية باريس للمناخ وخطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، ولو أرادوا حقًّا ترك بصمتهم على العالم، فليس هناك بديلٌ آخر.
للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا>
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=6863