«السدو».. حرفة تراثية تؤصل للتاريخ والهوية العربية

استطاع أهل البادية التأقلم مع ظروف الصحراء القاسية، وإنتاج حرفهم وفنونهم المرتبطة بتلك البيئة، وتؤصل للتاريخ والهوية.

من تلك الحرف يبدو السدو، وهو أحد أنواع النسيج البدوي التقليدي، الذي دخل منذ القدم في تفاصيل الحياة اليومية، فاستخدموه في تجهيز الخيام، وحياكة الأغطية والوسائد ومفارش الأرضيات، وزينة رحال الإبل. المنتشر.

براعة الأجداد في التكيف

مع تغير الظروف والزمن، إلا أن السدو، لا يزال يحتل مكانة خاصة في شبه الجزيرة العربية والمجتمع الخليجي وبادية فلسطين والأردن، مع المساعي المستمرة للحفاظ عليه كموروث ثقافي للأجيال، فهو يعكس براعة الأجداد في التكيف مع البيئة والطبيعية.

السدو أحد الحرف التراثية، التي مارسها سكان الجزيرة العربية، لتلبية احتياجات المجتمع، ليصبح اليوم أحد صور التراث الإنساني في الخليج. واعتبارًا لهذه الأهمية استخدم السدو في تصميم شعار قمة دول مجموعة الـ20 التي استضافتها المملكة العربية السعودية عام 2020، وهو العام الذي سجلت فيه منظمة اليونيسكو، هذه الحرفة ضمن قائمتها للتراث الثقافي غير المادي، وفقًا لوكالة واس.

مراحل صناعة السدو

مرحلة غزل الصوف على النول

صناعة السدو تبدأ بقص صوف الغنم وشعر الماعز، الذي يكون عادة في نهاية فصل الربيع، وجمع وبر الإبل، ثم تصنيفها حسب اللون والطول، يليها تنظيف الصوف بطَرْقِه وهزه لإزالة الشوائب العالقة، مثل النباتات أو الأشواك أو الأتربة. ثم تأتي مرحلة التنظيف باستخدام الماء الساخن أو البارد مع الطين أو الرماد أو الصابون، لـ3 مرات أو أكثر، ثم نشره ليجف، وفقًا لأبوظبي للثقافة.

تشمل المرحلة الثالثة، غزل الصوف وتحويله إلى خيوط، ولفها على شكل كرة، يليها صبغ الصوف عن طريق وضعه في وعاء مليء بالماء المغلي وإضافة لون عليه، والأصباغ المستعملة تأتي من أعشاب الصحراء. وأخيرًا عملية الحياكة وتشمل توصيل خيوط السدو مع بعضها البعض، إذ يُغزل الصوف على النول، وهو آلة مصنوعة من شجر النخيل أو خشب العناب.

ماذا تعني زخارف السدو؟

السدو حرفة تراثية من زمن الأجداد

تتميز زخارف السدو الشائعة بأشكالها الهندسية المستمدة من الأراضي المنبسطة والكثبان الرملية وأشجار النخيل والإبل والأغنام والصقور والآيات القرآنية والمساجد وأسماء القبائل.

كذلك تعكس تلك الزخارف أفكارًا بعينها، فمثلًا يجسد شكل القلادة ذات الحلقات المتداخلة وحدة وتماسك أفراد القبيلة. وتتمثل أهم زخارف السدو في تصاميم أساسية مثل نقش الأشجار ونقش عويريان ونقش عين الغدير، والتصميمات المزينة بالجلد والحبوب وأسنان الخيل.

في العصر الحالي، تدخل في صناعة السدو، الخيوط القطنية وألوان زاهية، للإبقاء على المفهوم التقليدي والالتزام بأدواته، مع إضافات تساعد في نشره على أوسع نطاق، فالنقوش التي كانت مستوحاة من الصحراء أصبحت الآن نقوشًا عصرية تضم تصميمات جديدة، وفقا لصحيفة الاتحاد.

الحفاظ على إرث الأجداد

سجادة من السدو

تعلمت الأردنية فاطمة هاشم، حرفة السدو منذ الصغر، فقد لازمت والدها ووالدتها اللذين اهتما بهذه الحرفة، وعلماها كيف تحب التراث، وتتقن مهنة الأجداد.

تشرح هاشم لـ”شبكة رؤية الإخبارية“، أن أول شيء تتعلمه العاملة بالسدو، هو تنظيف الصوف وغسله بالماء، ثم وضعه بالشمس ليجف، لمدة أسبوعين في الصيف أو شهر في الشتاء. بعدها تبدأ الحرفية في غزل الصوف ليكون خيطًا واحدًا، بعدها ينفذون عملية “الدحرجة” وهي تشكيل الخيط على شكل كرات أو شلّات من الخيط، ولاحقًا تصمم كل سيدة أنواعًا وتصميمات مختلفة من السدو.

تقاليد جميلة

من منتجات السدو

السفيرة الأمريكية السابقة بالكويت، ألينا رومانوسكي، عبّرت عن سعادتها بهذه الحرفة قائلة عبر تويتر: “كوني من المقتنين للحرف اليدوية، فقد استمتعت بالمشاركة مع الشباب الكويتي في ورشة النسيج في بيت السدو، ومعرفة المزيد عن التقاليد الكويتية الجميلة. بدأت بالحياكة بتقنية النسيج المسطح والآن أعمل على نقشة الضِّلعة. متشوقة لأتعلم تصاميم وأنماط أكثر صعوبة”.

كوني من المقتنين للحرف اليدوية، فقد استمتعت بالمشاركة مع الشباب الكويتي في ورشة النسيج في بيت السدو ومعرفة المزيد عن التقاليد الكويتية الجميلة. بدأت بالحياكة بتقنية النسيج المسطح والآن أعمل على نقشة الضِلعة. متشوقة لأتعلم تصاميم وأنماط أكثر صعوبة. pic.twitter.com/Llqd1tVNMK

— CdA James Holtsnider (@USAmbKuwait) December 20, 2021

من منتجات السدو