المونيتور| بيع العمائم… نعرف على ظاهرة تسييس الألقاب الدينية فى إيران

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – آية سيد
 
في إيران, أثار حفل تنصيب أحمد الخميني, حفيد مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله روح الله الخميني, بعض الجدل حول رجال الدين الشيعة. إن المراسم التقليدية التي مُنح فيها عمامته تأتي على خلفية عملية دائرة في البلاد حيث أصبحت الألقاب مدفوعة باعتبارات سياسية وليست علمية, وتستخدم جميع الفصائل, والأحزاب والجماعات رُتب التسلسل الديني الشيعي لأغراضها السياسية. لكن هل كان الأمر هكذا دائمًا في إيران؟
 
قبل الانخراط في الجدل حول تسييس المناصب الدينية, لعله من الأفضل أن نوضح أصولها. بشكل عام, ينقسم رجال الدين الشيعة إلى خمس فئات: حُجة الإسلام, وحُجة الإسلام والمسلمين, وآية الله وآية الله العظمى.
 
قبل عهد بهلوي (1925- 1979), كانت ألقاب آية الله أو حجة الإسلام تُستخدم بشكل رئيسي كألقاب شرفية, وإن كان للإشارة فقط لعدد محدود من العلماء المسلمين البارزين. على سبيل المثال, محمد ابن يعقوب الكليني (864- 941) كان عالمًا شيعيًا معروفًا وجامعًا للحديث النبوي. إن كتابه الجامع للحديث "كتاب الكافي"، الذي يحظى بمكانة مرموقة بين السنة والشيعة, منحه لقب ثقة الإسلام. في الحقيقة, حتى يومنا هذا, يشير العلماء المسلمون إلى الكليني عند ذكر مصطلح ثقة الإسلام. هناك أيضًا مثال أبو حامد محمد بن محمد الغزالي, الذي وُلد في إيران, وهو واحد من أبرز الفلاسفة, والقضاة والمتصوفين في الإسلام السُني. كان يُشار إليه بحُجة الإسلام.
 
منذ العصر القاجاري (1794- 1925) حتى أوائل عهد بهلوي, كان يُشار للكثير من العلماء العظماء ورجال الدين الموقرين في إيران بألقاب بسيطة, من ضمنها لقب "شيخ" الشرفي, الذي يُستخدم للإشارة إلى رجال الدين الذين لا ينحدرون من بيت النبي محمد.
 
في عام 1921, أسس الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي, الذي كان معلمًا مرموقًا في مدينة كربلاء العراقية, الحوزة العلمية في مدينة قم. كان يُعرف بـ"آية الله المؤسس"، ونظم شئون الحوزة العلمية, ومن ضمنها الألقاب والرُتب. تم توظيف الألقاب الدينية منذ ذلك الحين تدريجيًا للإشارة إلى الإنجازات العلمية. ومن الجدير بالذكر أن مؤسس الجمهورية الإسلامية, آية الله روح الله الخميني, كان واحدًا من تلاميذ الحائري اليزدي.
 
اليوم, على طلاب العلوم الدينية في حوزات إيران أن يمروا بدورات مختلفة للحصول على ألقاب محترمة. على سبيل المثال, المبتدئون الذين يدرسون المناهج "الابتدائية" يحصلون على لقب ثقة الإسلام. ويُستخدم حُجة الإسلام للإشارة إلى رجال الدين الذين انتقلوا إلى دراسة "الخوارج"، حيث تبدأ دراسة الاجتهاد. أما رتبة "آية الله"، فتُمنح لمن نجحوا في دراسة الخوارج. وأخيرًا, هناك رتبة آية الله العظمى, وهي أعلى رتبة تُمنح لمن يستطيع إصدار فتاوى لتطبيق الشريعة الإسلامية.
 
في العقود التي أعقبت الثورة الإسلامية عام 1979, سعى كل من الإصلاحيين والمحافظين في إيران للاستفادة من هذه الألقاب للحط من قدر منزلة قاداتهم في المجتمع أو لرفع شأنهم. مثلًا, كان المتشددون يشيرون في أكثر الأحيان للرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني بحُجة الإسلام قبل وفاته في أوائل 2017, في حين أن الإصلاحيين, والمعتدلين والمحافظين البراجماتيين أشاروا له بآية الله. كان رفسنجاني, الذي تولى الرئاسة لفترتين, كان رئيس معسكر المعتدلين في إيران ويحظى باحترام الإصلاحيين, وخاصة في السنوات الأخيرة.
 
حتى في الوقت الحالي, آية الله العظمى يوسف الصانعي, الذي تعرض لهجوم منذ تشكيكه في نتيجة الانتخابات الرئاسية عام 2009, يشير إليه المتشددون الآن بالشيخ, وهي طريقة يستخدمونها لإهانته. مع هذا, يستخدم الإصلاحيون نفس الطريقة – وخاصة للثأر.
 
تُمنح الألقاب الرفيعة مثل آية الله في بعض الأحيان إلى رجال الدين الذين تولوا مناصب دينية رفيعة أو الذين بصدد الترشح للرئاسة. ظهر هذا الاتجاه بين الشخصيات المتشددة والمحافظة. على سبيل المثال, قبيل الانتخابات الرئاسية لعام 2017, كان يُشار إلى المرشح المحافظ إبراهيم رئيسي في البداية بحُجة الإسلام, لكن تدريجيًا, بدأت وسائل الإعلام المتشددة مثل وكالة تسنيم الإخبارية ووكالة فارس الإخبارية في الإشارة له بـ"آية الله". بدأت هذه العملية بتعيينه في مارس 2016 كخادم لضريح الإمام الرضا المقدس في مدينة مشهد. هذا المنصب يترتب عليه السيطرة على منظمة آستان قدس رضوي, إحدى أثرى المؤسسات في إيران. حصد رئيسي أكثر من 16 مليون صوت في انتخابات 2017, لكنه هُزم على يد حسن روحاني, الذي حصل على أكثر من 23 مليون صوت.
 
إن تسييس الألقاب الدينية, ويشمل استخدامها لإهانة الخصم أو لتولي مناصب, لم يحدث دون إثارة الجدل. في الواقع, واجهت هذه الممارسات اعتراض آيات الله العظمى مثل وحيد الخراساني والراحل عبد الكريم الموسوي الأردبيلي. من أجل مكافحة هذه الظاهرة والمنافسة بين رجال الدين, أصدر عدد من آيات الله العظمى, ومن ضمنهم علي السيستاني, توجيهات لمكاتبهم بإزالة كلمات "آية الله العظمى" من أسمائهم في المواقع الإلكترونية الفارسية. في حين أن هذه الإجراءات قوبلت بالإشادة, إلا إنها فشلت بشكل واضح في منع الاتجاه للعب بالألقاب الدينية. في واقع الأمر, لإنهاء تسييس الرتب العلمية, ستكون هناك حاجة لقرار حاسم وجازم من حوزة قم العلمية وموقف جماعي لآيات الله العظمى ضد إساءة استخدام الألقاب.
 
بالرغم من التداعيات السلبية لهذه الممارسات, إلا أنها تبدو وكأنها تنفع جماعة واحدة بالتحديد: الصحفيين والمحللين السياسيين. من أجل فهم أي رجل دين يسعى فصيل أو معسكر سياسي لترشيحه للانتخابات, يحتاج الشخص لمراجعة سرعة تقدم الرتب الدينية للفرد والطريقة التي يحصل بها على تلك الرتب.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا