الهجوم السيبراني على مفاعل “نطنز” .. رسالة أمريكية-إسرائيلية إلى إيران

يوسف بنده

رؤية

قال ثلاثة مسؤولين إيرانيين، رفضوا الكشف عن أسمائهم، لوكالة رويترز، إن الانفجار الذي حدث بمنشأة نطنز النووية (وسط إيران)، صباح الخميس الماضي 2 يوليو (تموز) 2020، نتج عن هجوم سيبراني، في حين توعد رئيس منظمة الدفاع المدني الإيرانية، غلام رضا جلالي، بالرد في حال ثبوت ذلك.

ونقلت الوكالة عن أحد المسؤولين الثلاثة، الجمعة 3 يوليو (تموز)، أن الهجوم السيبراني استهدف وحدة تجميع أجهزة الطرد المركزي، قائلًا: إن مثل هذه الهجمات قد حدثت سابقًا.

کما نقلت “رويترز” أيضًا عن المسؤولَين الآخرَين قولهما: إن إسرائيل يمكن أن تكون وراء الهجمات، رغم أنهما لم يقدما أي دليل يدعم مزاعمهما.

وفي وقت سابق من الخميس، قال مسؤولون بمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية: إن “الحادثة” وقعت في مستودع قيد الإنشاء بفناء في منشأة نطنز الواقعة بالصحراء في إقليم أصفهان، و”لم تضر بأنشطة هذا الموقع النووي”.

وبعد أقل من 24 ساعة على “حادث” منشأة نطنز النووية، قال رئيس منظمة الدفاع المدني الإيرانية، غلام رضا جلالي، إن معظم الحوادث نجمت عن عدم مُراعاة معايير السلامة، لكنّ بعضها ربما يكون بسبب أعمال العناصر المُعادية للثورة، أو العناصر المُرتبطة بها، أو تدخُّل العدو، وأضاف متوعدًا: “إذا ثبت أن بلادنا تعرَّضت لهجوم سيبراني فسنردُّ”.

قبل عشر سنوات، استهدف هجوم سيبراني بواسطة فيروس كمبيوتر يسمى “استاكس نت” المنشآت النووية الإيرانية، وقيل إن هذا الهجوم وجه وقتها ضربة شديدة للبرنامج النووي الإيراني.

ولم يعلن مسؤولو النظام الإيراني بعدُ تفاصيل تفجيرات الأسبوع الماضي، التي استهدفت منشآت الصواريخ، وما سمّوه “الحادث” في منشأة نطنز النووية، صباح يوم الخميس.

في حين قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الإيراني، كيوان خسروي، الجمعة، إن الجهات المسؤولة أجرت التحقيقات في حادث منشأة نطنز النووية، وتوصَّلت إلى السبب الرئيسي، مستدركًا: “لكن لأسباب أمنية لا يمكن الإفصاح عنه في الوقت الحاضر، وسنُعلنه في الوقت المناسب”.

يشار إلى أن محطة نطنز لتخصيب الوقود تحت الأرض، تعد واحدة من عدة منشآت إيرانية يراقبها مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة.

رسالة أمريكية-إسرائيلية

كتبت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” -في إشارة إلى تقرير منشور بصحيفة “الجريدة” الكويتية- “إنَّ الهجوم السيبراني الإسرائيلي تسبب في اندلاع حريق وانفجار بمنشأة نطنز النووية، صباح الخميس”.

كما أفادت الصحيفة الإسرائيلية بأن قصف الأسبوع الماضي، الذي شهده شرقي طهران كان نتيجة هجوم إسرائيلي، وقالت إن طائرات F-35 قصفت الأسبوع الماضي موقعًا يُعتقد أنه مجمع صواريخ.

وذكرت أنه لم يتم تأكيد أي من التقارير، من قِبل المسؤولين الإسرائيليين، وضمن ذلك الادعاءات الواردة في الصحيفة الكويتية، ولكن في المقابل تم التذكير بأنه قبل ثلاثة أشهر، تم إحباط هجوم منسوب إلى إيران، على شبكة المياه الحضرية الإسرائيلية، وهو هجوم كان من الممكن أن يضيف كميات خطيرة من الكلور إلى خزانات مياه الشرب الإسرائيلية.

كما اعتبرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الجمعة، أن الانفجار الذي وقع في نطنز فجر الخميس، يشكّل تصعيدًا في المعركة ضد إيران، وأن هذا الانفجار حمل رسائل إلى القيادة في طهران.

وقال محلل الشؤون الأمنية والعسكرية في “يديعوت” رون بن يشاي: إن “سلسلة الانفجارات والحرائق الغامضة في إيران، لم تكن عفوية”. وتابع: “على الأرجح، بالإمكان التقدير أن جهة ما مهتمة بالبرنامج النووي والصاروخي الإيراني حاولت تمرير رسالة للقيادة في طهران، وتقضي بوقف تخصيب اليورانيوم أكثر من الكمية التي يسمح بها الاتفاق النووي مع الدول الكبرى، والتوقف عن تطوير وبناء أجهزة طرد مركزي حديثة وسريعة لتخصيب اليورانيوم، والتوقف عن تطوير وبناء صواريخ طويلة المدى وبإمكانها إطلاق سلاح نووي”.

وبحسب بن يشاي، فإن “الحدث الذي يؤكد هذه الرسالة بأوضح صورة، وقع قبيل فجر أمس، حوالي الساعة الثانية بعد منتصف الليل، عندما اشتعلت نيران كبيرة في الزاوية الشمالية الغربية لمنشأة تخصيب اليورانيوم في نطنز، على بعد 250 كيلومتر تقريباً عن طهران”.

وتابع بن يشاي، أن الاستخبارات الإسرائيلية كانت قد كشفت منشأة نطنز، في العقد الماضي، وقالت إنها جزء من البرنامج النووي الإيراني، لكنه ادعى أن هذه المعلومات تستند إلى “مصادر أجنبية”، وهي عبارة تستخدم في وسائل الإعلام الإسرائيلية عندما لا يكون هناك اعتراف إسرائيلي بعمليات عسكرية. وأشار إلى أنه تعمل في نطنز اليوم أجهزة طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم بمستوى تخصيب متدنٍ.

وكشفت صور التقطتها أقمار اصطناعية أمريكية عن حريق في مبنى من الطوب منخفض الارتفاع، واعتبر بن يشاي أنه بالإمكان الاستدلال منها على حدوث انفجار داخل المبنى الذي احترق أو تحته الذي تسبب بالحريق وأضرار جسيمة.

ونقلت “يديعوت”، عن خبراء أمريكيين قولهم إنه أقيم في هذا المكان قبل فترة قصيرة مصنع لتطوير أجهزة طرد مركزي متقدمة لتخصيب اليورانيوم، وأن معهدي أبحاث أمريكيين خاصين رصدا الأضرار التي حدثت في المنشأة في نطنز.

وأضافت، أنه “يتضح من هذه المعطيات لماذا ينتاب القلق كل من يخشى أن تطور إيران قدرات لصنع سلاح نووي. وليس من كميات اليورانيوم المخصب التي جمعتها إيران، خلافاً للاتفاق النووي، وإنما من وجود أجهزة الطرد المركزي بالأساس”.

وأشار بن يشاي، بالاستناد إلى “تقارير أجنبية” أيضاً، إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة ألحقت أضرارا بمنشأة نطنز بواسطة هجمات سايبر، قبل 12 عاما، بالتعاون بين الوحدة 8200 في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي ووكالة التجسس الإلكتروني الأمريكية، تم حينذاك زرع فيروس إلكتروني، يطلق عليه اسم “ستكينت” في حواسيب المنشأة وتسبب بتدمير قسم كبير من أجهزة الطرد المركزي.

وربط بين انفجار نطنز الأخير، وواقعتين أخريين. ففي ليلة الخميس/ الجمعة الأسبوع الماضي، وقع انفجار في منشأة عسكرية في منطقة جبلية شرق طهران، وقال الإيرانيون إنه وقع في قاعدة “بارتشين”، وأنه نجم عن انفجار بالون غاز بينما يقول بن يشاي: إن الانفجار وقع في منشأة يتم فيها تطوير صواريخ ووقود صواريخ.

والواقعة الثانية كانت الثلاثاء، عندما انفجرت منشأة طبية في طهران، وقالت السلطات الإيرانية: إن الانفجار نجم عن تسرب غاز، وأسفر عن مقتل 19 شخصاً.

وأشار بن يشاي إلى الجهات التي لديها مصلحة بتمرير رسالة إلى إيران، والتسبب خلال ذلك بتشويش كبير في جهود إيران لتطوير برنامجها النووي: “واضح جداً أن إسرائيل والولايات المتحدة على رأس القائمة، لكن لدول أخرى في المنطقة، اهتماماً واضحاً بتخريب هذا البرنامج”.

من جهتها، رأت صحيفة “معاريف” أن الضرر الذي لحِق بالبرنامج النووي الإيراني من جراء انفجار نطنز، هو الأكثر حدّة منذ تسريب فيروس “ستاكس نت” إلى أجهزة الطرد المركزية.

وأضافت “لا بد من القول إنه في حال وقوف إسرائيل وراء هذه العملية التخريبية في نطنز، فإن الحديث يدور حول العملية الأهم ضد البرنامج النووي الإيراني منذ سنوات، وهي عملية من شأنها أن تجرّ ردة فعل إيرانية”. وتابعت: “مع ذلك امتنعوا في إسرائيل عن التطرق إلى التقارير التي تحدثت عن هذه العملية في وسائل الإعلام الأجنبية”.

استهداف مخازن غاز التخصيب

حسب تقرير صحيفة الجريدة الكويتية، فقد أكد مصدر بمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، أن حادث نطنز مثل انفجار منطقة بارتشين الأسبوع الماضي، إذ استهدف مخازن لغاز UF6 الذي يستخدم في عملية تخصيب اليورانيوم.

وأوضح المصدر أن الضربتين تسببتا عملياً في خسارة طهران ما يزيد على ٨٠% من مخزونها لهذا الغاز، وأن الانفجار الثاني يؤكد وجود عمليات تخريبية منسقة، مرجحاً أن تكون هجوماً إلكترونياً على شبكة الكمبيوتر التي تسيطر على أجهزة ضغط المخازن.

وأشار إلى أن إيران ستحتاج الى نحو شهرين لتعويض الغاز الذي فقدته، وأن عليها تخفيف سرعة تخصيبها لليورانيوم بنسبة ٨٠% فعلياً، موضحاً أن انفجار نطنز أدى إلى تصدع في مبنى المفاعل، وأن مجموعات متخصصة توجهت إلى المفاعل لكشف ما إذا كان هناك تسريب في المواد المشعة.

ربما يعجبك أيضا