الهند والصين.. كيف توزان إيران علاقتها بالقطبين المتنافسين؟

محمد النحاس

ترى إيران علاقاتها بالهند والصين أصول استراتيجية عميقة لا يمكن الاستعاضة عن كليهما.


بانضمامها لمنظمة شنجهاي للتعاون، خطت إيران خطوة إضافية صوب الصين، لتحاول موازنة علاقاتها بين بكين ونيودلهي.

وتتلمس إيران سبلها بحذر في موازنة علاقتها بين القطبين الآسيويين، ورغم المناخ السائد إقليميًّا والمفعم بالرغبة في التعاون، هناك تحديات كثيرة، منها القضايا اللوجستية واستدامة التمويل.

تطوير ممر النقل الدولي

في 3 يوليو 2023، اجتمع مسؤولين من إيران وروسيا والهند في طهران بهدف التباحث بشأن سبل تطوير ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب INSTC، وفق موقع المونيتور الإخباري.

وممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب، هو مشروع إقليمي ضخم جرى تدشينه بموجب شراكة ثلاثية بين موسكو ونيودلهي وطهران في عام 2000، ويمثل شبكة متعددة المستويات من خطوط النقل البحري والسكك الحديدية والطرق البرية ويبلغ طولها 7200 كيلو متر، ويربط بين الهند وإيران وأذربيجان وآسيا الوسطى، ويهدف لزيادة الاتصال التجاري بين المدن الكبرى مثل مومباي وموسكو وطهران وغيرها.

ما أهمية المشروع؟

بإمكان المشروع أن يربط المحيط الهندي والخليج الفارسي ببحر قزوين عبر إيران بمجرد اكتماله، حسب تقرير المونيتور.

يمكن كذلك أن يمكِّن موسكو وطهران من التهرب من العقوبات المفروضة من الدول الغربية، وعززت إيران وروسيا علاقاتهما التجارية العام الماضي لتزيد التجارة بين البلدين 20% لتصل إلى 4.9 مليار دولار.

قال دبلوماسي أوروبي يعمل في إسلام آباد شريطة عدم الكشف عن هويته: “إن الدول الثلاث تدرك تمامًا الأهمية الاستراتيجية للمشروع”، لافتًا إلى أنه يمثل كذلك “درجة من الرمزية” إلى المنطقة برمتها، مع ذلك فقد استدردك الدبلوماسي موضحًا: “رغم الخطوات التي قُطعت ما زال هناك طريق طويل أمام المبادرة” علاوةً على ذلك هناك صعوبات تواجه بعض المراحل التنفيذية.

لمَ التأخير؟

أرجع الدبلوماسي الأوروبي التأخير في تنفيذ أحد مشروعات السكك الحديدية وفق خطط التطوير لعدد من العقبات، معتبرًا أن هذا التأخر: “مجرد مثال واحد على المشكلات التي سيواجهها المشروع”. على الصعيد المالي، أوضح أن القضية الرئيسة على مدى الطويل تكمن في مدى استدامة الاستثمارات اللازمة لبناء البنية التحتية للمشروع الطموح.

اقرأ أيضًا| إيران والصين توقعان اتفاقيات بشأن تطوير حقول النفط والغاز

اقرأ أيضًا| الرئيس الإيراني يزور الصين.. ما الأهداف؟

ويوضح الدبوماسي الأوروبي أنه “على الرغم من أن المشروع يُنظر إليه في طهران على أنه لتحقيق أرباح من عائدات النفط يجب أن تدرك البلدان المعنية أنه مع استمرار وجود شبكة العقوبات الدولية ضد إيران”، مضيفًا: “سيكون من الصعب للغاية تصور إحراز تقدم تشغيلي ولوجستي كبير على المدى المتوسط”.

الصين على الخط

أردف المصدر الدبلوماسي الذي تحدث إليه الموقع الإخباري: بغض النظر عن التصريحات المتفائلة فليس من السهل على طهران وموسكو الالتفاف حول العقوبات.

ومع تدهور العلاقات الغربية الإيرانية، أصبحت طهران تعتمد بشدة على أكبر شريك تجاري لها، بكين. وبحسب التقرير فليس صعبًا أن توزان إيران علاقاتها بـ روسيا والصين لأن مصالح البلدان تتماشى إلى حد كبير. على العكس من ذلك فإن الشراكة الهندية الإيرانية لن تروق لبكين التي ترى الهند كمنافس إقليمي بارز.

دور بارز لبكين

الشهر الماضي، أعلنت الهند عن استثمار بقيمة 80 مليون دولار في ميناء تشابهار الإيراني الشهر الماضي. وبحسب أستاذ أبحاث السلام والصراع في جامعة أوبسالا في السويد، أشوك سوين، سيكون لبكين فصل الخطاب.

وأردف أن الصين الشريك الأمني الاقتصادي الأساسي لروسيا وإيران. ويعتقد كذلك أن أي ترتيب بين روسيا وإيران يجب يحظى على موافقة الصين، مفسرًا ذلك بتأثير الحرب في طبيعة العلاقة التي تجمع روسيا بالصين.

إيران.. محاولة للتوازن

أستاذ أبحاث السلام والصراع، ذهب أبعد من ذلك حين رأى أنه “إذا تعلق الأمر بالاختيار بين الصين والهند، فإن روسيا ستذهب في أي وقت مع الصين بدلًا من الهند، لذا فإن مستقبل ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب يعتمد على كيفية تقييم الصين له في ظل اهتمامها الجيوستراتيجي بالمنطقة”.

ويرى أشوك سوين، أن القيادة في طهران تدرك الفرص الاقتصادية والدبلوماسية التي يمكن أن توفرها كل من الهند والصين، موضحًا أن اتفاقية التعاون الإيرانية الصينية لمدة 25 عامًا. وكذلك التعاون الهندي الإيراني في ميناء تشابهار، على أنهما أصول إستراتيجية ثمينة لدى طهران.

في هذا السياق، يرى سوين أنه ليس من السهل على طهران أن توازن علاقاتها مع كل من نيودلهي وبيكين. لذلك ستحاول إدارة علاقتها بعد عضويتها الجديدة في منظمة شنجهاي للتعاون دون الاقتراب أكثر من اللازم من أحد العملاقين الآسيويين.

ربما يعجبك أيضا