انتخابات الرئاسة في الجزائر.. خلاف محتدم وسيناريوهات غامضة

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

انتهت مهلة إيداع ملفات الترشح لدى المجلس الدستوري في الجزائر استعدادا للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في الرابع من يوليو المقبل، من دون مترشحين، ما يعني تعذر إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المقرر.

وبين مطالب التأجيل من قبل الشارع والإصرار على إجرائها في موعدها من قبل السلطات لا يزال مستقبل الانتخابات الرئاسية الجزائرية غامضا.

تأجيل الانتخابات.. السيناريو الأقرب

وتشكل الانتخابات الجزائرية نقطة خلاف حاد بين مؤيدين لإجرائها في موعدها ومعارضين لها، حيث تصر المؤسسة العسكرية على ضرورة عقدها “في أقرب وقت ممكن”، بحجة تفادي دخول البلاد في حالة فراغ دستوري عقب انتهاء فترة الرئيس المؤقت يوم التاسع من يوليو المقبل.

وحتى الآن، يبدو أن إجراء الانتخابات أمر غير ممكن من الناحيتين السياسية والتقنية، فأغلب الأحزاب والشخصيات السياسية البارزة باتت تطالب بتأجيلها على غرار الحراك الاحتجاجي، ومن جهة أخرى فإن مئات البلديات والمنظمات القضائية أعلنت أنها لن تشارك في تنظيم الانتخابات أو الإشراف عليها.

ويبدو تأجيل الانتخابات هو السيناريو الأقرب الذي سيلجأ إليه النظام الجزائري الحالي تحت ضغط الشارع ومعطيات الأمر الواقع، وهو سيناريو سيدخل البلاد في حالة فراغ دستوري بعد التاسع من يوليو المقبل.

وبحسب مصادر فإن المجلس الدستوري الجزائري يتجه رسميا نحو إلغاء الانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع من يوليو المقبل، لغياب المترشحين الجادين في الوصول إلى كرسي الرئاسة، ولا سيما بعد ثبوت انسحاب رؤساء الأحزاب السياسية من خوض سباق الانتخابات، ليتحقق بذلك أحدُ المطالب التي رفعها الجزائريون في الحراك الشعبي.

يأتي هذا في الوقت الذي فضلت فيه أغلب التشكيلات السياسية، عدم خوض هذا الغمار الرئاسي، الذي يأتي في وقت تعيش فيه الجزائر حراكا في الشارع يطالب بتنحية جميع رموز الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، وإلغاء الانتخابات لأن مسؤولية تنظيمها والإشراف عليها منوطة بمسؤولين محسوبين على بوتفليقة.

وفي هذا الصدد، أعلن حزب التحالف الوطني الجمهوري، تعليق مشاركته في الرئاسيات، فيما فضل رئيس حزب جبهة المستقبل، عبدالعزيز بلعيد، عدم إيداع ملف ترشحه. كما أعلن الجنرال المتقاعد علي غديري هو الآخر، عدم ترشحه للرئاسيات، احتراما لرغبة الشعب المطالب بتأجيلها.

مأزق ســــياسي وحلول مطروحـــة

ويصطدم موقف المؤسسة العسكرية، التي تلخص المرحلة المقبلة في كلمتين “الانتخابات واحترام الدستور”، مع موقف متصلّب يتبناه الحراك الشعبي، ويعبّر عنه الجزائريون الذين يتواجدون للأسبوع 13 على التوالي في الشوارع، ويصرّون على خوض فترة انتقالية تقودها شخصيات توافقية تتوّج بانتخابات رئاسية، ما ضاعف من المأزق السياسي الذي تعيشه البلاد، منذ استقالة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، ووضع لأول مرة العلاقة بين الجيش والحراك في صدام.

رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، يرى أن المطالبة برحيل جميع الوجوه التي شغلت مناصب “سامية” في فترة حكم الرئيس بوتفليقة أمر غير عقلاني بل وخطير وخبيث، يراد منه تجريد مؤسسات الدولة وحرمانها من إطاراتها وتشويه سمعتهم، هؤلاء الإطارات الذين كان لهم الفضل في خدمة بلدهم على مختلف المستويات بنزاهة وإخلاص.

وأعلن قايد صالح تمسك الجيش بإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها كخيار لحل الأزمة السياسية، إلا أن خارطة الجيش هذه يرفضها الحراك الجزائري، بالإضافة إلى جزء من الطبقة السياسية، الذين يرون أن الإطاحة بما تبقى من رموز النظام السابق شرط أساسي لاقتراع نزيه وديمقراطي.

ولتجاوز تلك المرحلة، يطرح البعض فكرة المزاوجة بين الحلين السياسي والدستورين، من خلال إجراء إعلان دستوري يتم بموجبه التوافق على شخصيات تحظى بمصداقية لدى الشارع، تشرف على مرحلة انتقالية قصيرة بما فيها التحضير لانتخابات رئاسية، وهو حل يراه البعض وسطا بين المتخوفين من الفراغ الدستوري وبين المطالبين بفترة انتقالية وتأجيل الانتخابات.

الباحث السياسي الجزائري عادل أورابح، قال: إن الانسداد الحاصل مرده إلى “تمسك المؤسسة العسكرية بتنظيم انتخابات في إطار المادة 102 من الدستور، رغم الرفض الشعبي الكبير لأي انتخابات دون ضمانات”.

وأكد أن هناك بدائل سياسية متوفرة للخروج من هذه الأزمة السياسية، موضحا في هذا السياق أن الحل الذي تجمع عليه مختلف المبادرات المطروحة حاليا هو” المزاوجة بين الحل الدستوري والسياسي، من خلال تعويض رئيس الدولة الحالي والوزير الأول المرفوضين شعبيا، وفتح فترة انتقالية قصيرة تدوم من 6 إلى 8 أشهر، يتم فيها تعديل قانون الانتخابات الحالي وتنصيب الهيئة المستقلة لتنظيم الانتخابات ومنح الوقت للطبقة السياسية لتحضير نفسها.

ربما يعجبك أيضا