باب مصر الغربي.. تعرف على الأهمية الاستراتيجية لمحور “سرت – الجفرة” في ليبيا

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

يشكل محور “سرت – الجفرة” في ليبيا أهمية استراتيجية كبيرة سواء على صعيد استقرار ليبيا والليبيين أو بالنسبة لمصر وأمنها القومي.

وبرزت هذه الأهمية بشكل أكبر عقب التصريحات الأخيرة للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والذي اعتبر محور “سرت – الجفرة” بمثابة “خط أحمر” للأمن القومي المصري.

سرت وأهميتها الاستراتيجية

وتأتي أهمية سرت من كونها تبعد نحو ألف كيلومتر عن الحدود المصرية، وهي تنتصف المسافة بين طرابلس وبنغازي على الساحل الليبي، فهي تقع على بعد نحو 450 كيلومترا من العاصمة طرابلس و600 كيلومتر من بنغازي.

كما أنها تفتح الطريق للسيطرة على الموانئ النفطية في منطقة الهلال النفطي في الشرق الليبي، التي تضم أكبر مخزون للنفط في البلاد.

قواعد عسـكرية رئيسية

وتوجد في سرت عدد من القواعد العسكرية الرئيسية والمهمة مثل قاعدة القرضابية الجوية التي تبعد عن جنوب سرت 16 كيلومترا، وغير بعيد عنها تقع قاعدة الجفرة الجوية أيضًا وهي من أكبر القواعد العسكرية الليبية.

وتشكل سرت غرفة عمليات رئيسة لقوات الجيش الليبي، وغرفة وصل بين مناطق شرق ليبيا وغربها، ويعد مطار وميناء المدينة من أهم المنافذ الرئيسية في ليبيا.

المصدر الرئيسي للنفط

يقول الخبير العسكري المصري اللواء سمير راغب، إن محور مدينة سرت الليبية يمثل المدخل الرئيسي لمنطقة الهلال النفطي الليبي ذات الأهمية الاستراتيجية.

ويشير إلى أن هذه المنطقة تمثل المصدر الرئيسي للنفط وفيها موانئ تصديره، بحد متوسط 900 ألف برميل يوميًا، مقابل 30 ألف برميل في الغرب، وسيطرة ميليشيات الوفاق على الهلال النفطي يجعلها تسيطر على معظم إنتاج النفط.

ويرى أن تسليم سرت سيؤدي إلى تسليم مقدرات الشعب الليبي للمحتل التركي ومرتزقته، مع إمكانيه تصعيد التدخل والحشد العسكري للوصول إلى مناطق سيطرة الجيش الوطني الليبي في الشرق والوسط والجنوب وصولا إلى الحدود المصرية.

كما يؤكد اللواء سمير راغب أن تأمين خط “سرت –الجفرة”، يؤمن أهم قاعدة عسكرية وأهم مصادر النفط ويؤمن أيضا شمال الوسط والوسط والجنوب ومناطق شرق ليبيا وصولا للحدود المصرية.

منطقة الجفرة وأهميتها

منطقة الجفرة مهمة كذلك، لأنها تقع وسط البلاد، وتبعد بنحو 650 كيلومترا جنوبي شرق طرابلس، وهي محور ربط بين الشرق والغرب والجنوب، ويعني السيطرة على قاعدة الجفرة، تقريبا السيطرة على نصف ليبيا.

قاعدة الجــفرة الجويـة

في المقابل، تقع قاعدة الجفرة الجوية المهمة، جنوبي سرت، ولا يفصلها عنها سوى طريق مفتوح لا يتجاوز 300 كيلومتر.

وتعد قاعدة الجفرة من أكبر القواعد الجوية الليبية، وتتميز ببنيتها التحتية القوية، التي تم تحديثها، لكي تستوعب أحدث الأسلحة، كما تشكّل غرفة عمليات رئيسية لقوات الجيش الوطني الليبي. كما تشكل القاعدة غرفة عمليات رئيسة لقوات الجيش الوطني الليبي، وفق “سكاي نيوز”.

يقول الدكتور جبريل العبيدي، الكاتب والأكاديمي الليبي، إن من يحكم السيطرة على الموقعين سيكون هدفه التالي “ابتلاع” الشرق الليبي، ومن ثم تهديد الأمن والعمق المصري في حدوده الغربية والتي تمتد لحوالي 1200 كيلومتر.

من جانبه قال الخبير في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي منير أديب، إن الجفرة أقرب المناطق في الجنوب الليبي لمصر، لذلك فإن وجود ميليشيات متطرفة ومقاتلين أتراك أو مرتزقة موالين لهم هناك، سيمثل تهديدا حقيقيا لأمن مصر.

وأضاف: “لا يقتصر طموح الميليشيات الإرهابية في ليبيا على بعض المناطق فحسب، إذ أنها ستهدد الدول العربية في حال كسبها لمراكز مهمة مثل سرت والجفرة، لذا فمن الطبيعي أن تشدد مصر على الأهمية الاستراتيجية لهما حفاظا على الأمن القومي العربي”.

خطوط القاهـرة الحمراء

اللواء نصر سالم رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق في الجيش المصري، أكد أن منطقة سرت هي الباب الحقيقي للسيطرة على مناطق الهلال النفطي الغنية بالبترول.

وقال إن الجفرة كذلك تعد نقطة استراتيجية مهمة، فهي تربط جنوب وشمال ليبيا، وفيها أكبر قاعدة جوية، لذا فإن السيطرة عليها مع سرت تعني أن طريق الوصول للحدود المصرية وتهديدها بات مفتوحًا.

وأضاف: “محور سرت الجفرة من الحدود المعروفة في استراتيجيات الأمن القومي المصري، فالعقيدة العسكرية المصرية هي الدفاع عن البلاد ومواجهة الخطر الذي يهددها من أبعد نقطة ممكنة، وأبعد نقطة من الناحية الغربية هي سرت والجفرة، ولذلك كانت كلمات الرئيس السيسي واضحة ولا لبس فيها إن هذا الخط خط أحمر بالنسبة لمصر”.

وأوضح اللواء نصر سالم أن عبارة خط أحمر بالنسبة للمفهوم العسكري المصري يعني عدم الاقتراب، وفي حالة عدم الالتزام أوالانصياع، يكون المقابل هو التعامل المباشر مع من يفكر في تجاوز هذا الخط.

واعتبر أن القوات المعادية وفور تحركها نحو هذا الخط الأحمر، ستكون مرصودة جوًا، وستوجه ضدها ضربات مباشرة وقوية، مشيرا إلى أن أي تقدم من هذا النوع لن يكون نزهة، بل حربا حقيقة وشاملة ضد من يعتقد أنه يحاول المساس بالأمن القومي المصري.

وخلال تفقده للمنطقة الغربية العسكرية، أمس السبت، دعا السيسي لوقف إطلاق النار في ليبيا عند نقطة الاشتباك الحالية على حدود سرت، وتحديدًا منتصف الساحل الليبي وقاعدة الجفرة الحصينة.

وبلهجة صارمة قال السيسي: “لنتوقف عند الخط الذي وصل إليه طرفا المنطقة الغربية والشرقية ونبدأ وقف إطلاق النار.. خط سرت والجفرة، وهذا خط أحمر بالنسبة لمصر وأمنها القومي”.

ربما يعجبك أيضا