برلمان باكستان سيُصوت على سحب الثقة من عمران خان.. ماذا بعد؟

رنا أسامة

تملك المعارضة الباكستانية 177 صوتًا لكنها تحتاج إلى 172 صوتًا للإطاحة بحكومة خان.


أرجأ البرلمان الباكستاني، فجأة، التصويت الذي كان مُقررًا اليوم السبت، لعزل عمران خان من رئاسة الوزراء، بعد أيام من منع خان محاولة مماثلة، بما قد يُزيد من حالة الغموض السياسي والاقتصادي.

اقترح أعضاء في حزب خان، أمس الجمعة، تأجيل التصويت قدر الإمكان، في وقت تعهّد فيه نجم الكريكيت الذي تحول إلى سياسي بـ”القتال” ضد أي تحرك ضده، في أحدث منعطفات أزمة تهدد الاستقرار السياسي والاقتصادي بالدولة البالغ عدد سكانها 220 مليون نسمة بجنوب آسيا، بحسب رويترز.

أزمة دستورية وحكم تاريخي

في أزمة دستورية جديدة، عرقل حلفاء خان اقتراعًا مشابهًا لحجب الثقة عن رئيس وزراء باكستان، وحلّوا البرلمان الأسبوع الماضي، لكن المحكمة العليا في البلاد قضت بأن الخطوة غير دستورية، وأمرت البرلمان بالانعقاد مُجددًا، في حكم وُصِف بأنه تاريخي، نظرًا للسجل المتقلب للمحكمة العليا كحليف سياسي للزعيم الذي يحظى بشعبية أكبر من رجل دولة.

بعد مواجهات كلامية استمرت 30 دقيقة، قال رئيس البرلمان الباكستاني أسد قيصر، حليف خان، إن البرلمان سيستأنف الجلسة الساعة 12:30 ظهر اليوم السبت، لكنها استؤنفت بعد نحو ساعتين. وقبل رفع الجلسة، ألقى زعيم المعارضة شهباز شريف، المتوقع أن يتولّى رئاسة وزراء باكستان في حالة الإطاحة بخان، كلمة حث خلالها على ضمان إجراء التصويت، في حين لم يحضر خان الجلسة.

غياب خان مثار سخرية

تغيّب عمران خان عن جلسة البرلمان الباكستاني لسحب الثقة عنه، أثار سخرية، فغرّد الصحفي الباكستاني البارز نديم فاروق باراشا، في تويتر: “قرر لاعب الكريكيت توجيه الكرة الأخيرة من غرفة ملابس.. يا لها من شجاعة، في إشارة إلى تصميم خان على عدم التنحّي تحت ضغط الخصم وعلى القتال حتى آخر لحظة”.

خان وجيش باكستان

صعد خان 69 عامًا إلى السلطة في عام 2018، بدعم من الجيش، لكنه فقد مؤخرًا أغلبيته البرلمانية عندما انسحب الحلفاء من حكومته الائتلافية، وذكرت أحزاب المعارضة أنه فشل في إنعاش الاقتصاد الذي ضربته جائحة فيروس كورونا أو الوفاء بوعوده بجعل باكستان دولة خالية من الفساد وتحظى باحترام عالمي، وتقول المعارضة ومحللون إن ثمة اختلاف بين خان والجيش الباكستاني، في اتهام ينفيه كلاهما.

حكم الجيش باكستان، التي شهدت 4 انقلابات عسكرية، لنصف تاريخها الممتد 75 عامًا بعد الاستعمار، ولم يكمل أي رئيس وزراء فترة ولايته الكاملة البالغة 5 سنوات، لكن من غير الواضح كيف سيتصرف خان في الانتخابات بدون الدعم الكامل من الجيش الباكستاني، الذي يُعتقد أنه قوّض انتخابات 2018 لتمهيد الطريق لانتصار خان، وفق صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.

مصير شبه محسوم

المحكمة العليا في باكستان

يبدو أن مصير خان بات شبه محسوم، وسط توقعات بأن تقر الجمعية الوطنية مذكرة حجب الثقة، لا سيّما أن بعض حلفائه في الائتلاف الحاكم انشقوا عنه، وأعلن أعضاء في حزبه، حركة إنصاف، أنهم سيصوتون لصالح تأييد حجب الثقة عنه.

تملك المعارضة 177 صوتًا لكنها تحتاج إلى 172 صوتًا للإطاحة بحكومة خان، ولم يتضح إلى متى قد يسعى حلفاء خان لإرجاء التصويت. وقال المحامي صلاح الدين أحمد، الذي دافع أمام المحكمة من أجل المضي قدمًا في التصويت، إنه يعتقد أن البرلمان قد يستأنف الجلسة قبل منتصف الليل، وفق رويترز.

خيبة أمل خان: سأقاتل حتى آخر لحظة

عمران خان

في خطاب للأمة بوقت متأخر من أمس الجمعة، أبدى خان شعوره بخيبة أمل من قرار المحكمة العليا الذي أتاح إجراء التصويت على مذكرة حجب الثقة، لكنه قال إنه يقبله، مشددًا على أنه لن يعترف بأي حكومة جديدة تحل محله، متعهدًا بـ”القتال حتى اللحظة الأخيرة”.

وأضاف خان: “لن أقبل حكومة مستوردة”، مكررًا اتهامات أصدرها مؤخرًا مفادها بأنه ضحية مؤامرة أجنبية حاكتها الولايات المتحدة. لكن واشنطن نفت ذلك. كما دعا مناصريه إلى التظاهر بهدوء يوم الأحد، كما ذكرت رويترز.

ماذا بعد؟

بمجرد أن يستأنف البرلمان الباكستاني تصويت حجب الثقة عن خان، المُتوقع في أقرب وقت، سيحل الحكومة، بعدها ستشرف لجنة الانتخابات في البلاد على حكومة تصريف أعمال من المرجح أن يرأسها زعيم المعارضة شهباز شريف، زعيم الرابطة الإٍسلامية الباكستانية والشقيق الأصغر لنواز شريف الذي تولى رئاسة الحكومة 3 مرات.

بيد أن تفاصيل الانتخابات لا تزال مثيرة للجدل، بما في ذلك موعدها الذي طلب خان من اللجنة الانتخابية تحديده خلال الـ90 يومًا القادمة. قال ساسة معارضون لموقع إن بي آر الأمريكي، إن باكستان بحاجة لإصلاحات قبل التصويت التالي، حتى لا “يزوّر” الجيش الانتخابات المقبلة، بحسب قولهم.

تداخل بين القضاء والسياسة

على المدى الطويل، يزداد المشهد السياسي في باكستان ضبابية. في حين يتفق قادة المجتمع المدني الباكستاني على أن حكم المحكمة العليا جيد للدستورية، فإنهم يتشككون في أنه قد يكون وسيلة يتدخل بها القضاء في السياسة أوسع. ويقول ياسر كُريشي، خبير في المحاكم الباكستانية، إن الرؤية لن تتضح لحين إصدار المحكمة العليا في باكستان حكمها الشهر المقبل أو نحو ذلك.

وتوقع أن يكشف الحكم الكثير من الصورة التي ترى بها المحكمة نفسها، لا سيما دورها الرقابي على البرلمان ورئيس الوزراء، مضيفًا: “المؤسسات المنتخبة مقيدة بشدة بسبب وصاية المؤسسات غير المنتخبة التي تتمتع بصلاحيات مفرطة، سواء كان ذلك الجيش، تاريخيًا، أو القضاء، مؤخرًا.. أحكام كهذه تمنحهم فرصة لتعزيز هذا الدور وتوسيعه”، بحسب موقع فوكس الأمريكي.

عمران خان “سيفقد ماء وجهه”

عمران خان رئيس وزراء باكستان 1

يتوقع خبراء أن الانتخابات المُقبلة في باكستان ستكون بمثابة استفتاء على سياسة حافة الهاوية التي ينتهجها خان، وتقول عائشة صديقة، باحثة مساعدة في مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية التابعة لجامعة لندن: “سيفقد عمران خان ماء وجهه.. سيبدو واضحًا جدًا أنه فقد ثقة البرلمان، بما في ذلك أعضاء حزبه”.

وستختبر الانتخابات المُرتقبة مدى اتحاد تحالف أحزاب المعارضة في باكستان، الذي عادة ما يكون على خلاف، ففي بلد يسيطر فيه الجيش على المفاصل الرئيسية للسلطة يُنظر إلى الانتخابات أيضًا على نطاق واسع على أنها فرصة للقادة العسكريين لاختيار شركاء سياسيين جدد، وفق نيويورك تايمز.

اقرأ أيضًا:

عمران خان.. رجلٌ لم تَغِب عنه الأضواء

بعد فشل سحب الثقة منه.. هل ينجح عمران خان بالإفلات من هيمنة الجيش الباكستاني؟

ربما يعجبك أيضا