بعد أن دق شبح “كورونا” ناقوس الخطر.. الهلع يجتاح خريطة الرياضة العالمية

أميرة رضا

كتبت – أميرة رضا

إصابات هنا وهناك، ووتيرة أحداث متسارعة، أخبار لا تتوقف، وإحصائيات دقت ناقوس الخطر مع كل بيان من البيانات الرسمية الحكومية للدول، شبح بات ينتقل يومًا بعد يوم لبلد جديد في قارة جديدة، تخبطات في القرارات لتجنب هذا الوباء الذي هزّ العالم بانتشاره السريع.

ومثلها مثل كل القطاعات، لم تنجُ خريطة الرياضة العالمية من هذه التخبطات، حيث أصبح الفيروس اللعين يشكل هلعًا عند الرياضيين، الأمر الذي أجبر بعض المؤسسات الرياضية في بعض الدول على تأجيل أو إلغاء فعالياتها الرياضية الهامة.

الأجندة العالمية.. إلى أين؟

الأجندة الرياضية التي كانت من المفترض أن تُنفذ على المدى القريب أو البعيد، باتت مهددة بشكل قوي بعد الفوضى العارمة التي أحدثها فيروس كورونا في معظم دول العالم، إذ لم تتأثر قطاعات الاقتصاد والصحة والتعليم فقط بهذا الوباء، بل تسبب انتشاره في التفكير باتخاذ قرارات هامة بشأن إيقاف العديد من البطولات الرياضية الحالية، وإثارة المخاوف حول مصير البطولات القادمة.

ومن أبرز هذه الفعاليات الرياضية التي لم تنجُ من تخبطات “كورونا”، بطولة الأمم الأوروبية “يورو 2020″، ودورة الألعاب الأولمبية طوكيو 2020، إضافة إلى قرارات بتأجيل مباريات دوري أبطال آسيا، وكأس الاتحاد الآسيوي، وإرجاء كل المباريات في دوريات عدة منها الصيني والياباني والكوري الجنوبي، والإيراني، وغيرها، مع إصدار بعض الدول لقرارات بإقامة بعض المباريات بدون جمهور كما حدث في الدوري الإيطالي.

الفعاليات الرياضية في الدول العربية أيضًا، طالها من تلك التخبطات جانبًا، أمثال الكويت ولبنان، إذ تم إيقاف النشاط الرياضي فيها، بشكل مؤقت وكإجراء احترازي بعد ارتفاع أعداد المصابين هناك.

يورو 2020

مع انتشار “كورونا” السريع، وبعد وصوله إلى الأراضي الإيطالية، انتاب الاتحاد الأوروبي لكرة القدم “يويفا” البعض القلق بسبب بطولة الأمم الأوروبية “يورو2020″، والتي كان من المقرر إقامتها خلال شهري يونيو ويوليو المقبلين بالعاصمة الإيطالية روما، في 12 دولة أوروبية.

وأوضح “يويفا” بشأن ذلك، بأن الاتحاد يلتزم الهدوء بشأن مصير يورو 2020، رغم الوضع الصحي العالمي، مع تفاقم أزمة كورونا، إذ قال فيل تاونسند -المتحدث باسم يويفا- الإثنين الماضي عقب اجتماع اللجنة التنفيذية في أمستردام: “نحن على تواصل مع السلطات، نحن في أيدي السلطات المحلية وسنتعامل مع أي شيء يبلغونا به” مضيفًا: “نحن على تواصل مستمر مع منظمة الصحة العالمية”.

ولكن الأمور سرعان ما تم البث فيها من خلال اجتماع الجمعية العمومية لليويفا، أمس الثلاثاء، إذ أكد الاتحاد قدرته على التعامل مع أزمة كورونا قبل انطلاق اليورو.

وفي هذا السياق أعرب السلوفيني ألكسندر تشيفرين، رئيس “يويفا”، عن ثقته بقدرة اتحاده على التعامل مع أسوأ السيناريوهات المحتملة فيما يتعلق بتأثير فيروس كورونا المستجد على نهائيات البطولة، في ظل مساعي القارة العجوز للحد من انتشاره.

إيطاليا.. خلف الأبواب الموصدة

وبالحديث عن الملاعب الإيطالية، كان الوباء قد ألقى بظلاله على العالم حيث ظهر حتى الآن في 76 بلدًا وأودى بحياة أكثر من ثلاثة آلاف شخص، وتعتبر إيطاليا البلد الأكثر تضررًا في أوروبا.

قرارات “يويفا” بالتعامل مع يورو 2020 الذي ستستضيفها العاصمة الإيطالية روما، لم تمنع الدولة بإصدار بعض القرارات المتعلقة بمباريات الدوري الإيطالي الحالية، كان من أبرزها إلغاء مباراة القمة بين يوفنتوس وإنتر ميلان الأحد الماضي، وخوض إنتر مباراته في الدوري الأوروبي، أمام لودوغوريتس البلغاري خلف أبواب موصدة بدون جمهور، بعد أن ضرب الفيروس منطقة شمال إيطاليا على وجه الخصوص.

كذلك من المقرر أن يحل ليون الفرنسي ضيفًا على يوفنتوس في تورينو في إياب الدور ثمن النهائي من دوري أبطال أوروبا في 17 مارس الحالي، بينما يحل خيتافي الإسباني ضيفًا على إنتر في الدوري الأوروبي في الثاني عشر من مارس، ومن المتوقع أن تقام المواجهتان أيضًا دون جمهور، إذا لم يتم تأجيلها.

طوكيو 2020

ومن إيطاليا إلى اليابان، حيث ازدادت المخاوف أيضًا بشأن مصير دورة الألعاب الأولمبية “طوكيو 2020″، المقرر إقامتها في العاصمة طوكيو الصيف المقبل.

وكانت قد تضاربت الأنباء بشأن التلميح بإمكانية تأجيل الأولمبياد، حيث نقلت وسائل الإعلام عن سيكو هاشيموتو، وزيرة الأولمبياد اليابانية قولها أن: “عقد طوكيو مع اللجنة الأولمبية الدولية، يسمح بتأجيل الألعاب حتى نهاية العام وسط مخاوف من أن يجبر تفشي فيروس كورونا اللجنة الأولمبية على إلغائها”.

لكن الوزيرة أوضحت أيضًا بأن “حكومة اليابان لا تزال ملتزمة باستضافة الأولمبياد” حيث سيكون إلغاء الأولمبياد مكلفًا للغاية، وأنه تم تخصيص ميزانية تبلغ 1.35 تريليون ين (12.51 مليار دولار) لاستضافة الألعاب، ووفرت الحكومة اليابانية 120 مليار ين لبناء الملعب الأولمبي و30 مليار ين لإقامة أولمبياد ذوي الاحتياجات الخاصة 2020، ووفقًا لعقد الاستضافة، تمتلك اللجنة الأولمبية الدولية وحدها حق إلغاء الألعاب.

بينما أوضحت الحكومة اليابانية، اليوم الأربعاء، أنها مستمرة في خطتها بشأن دورة الألعاب، رغم انتشار كورونا، حيث قال الوزير المتحدث باسم الحكومة اليابانية، يوشيهيدي سوجا، في مؤتمر صحفي: “سنواصل بلا انقطاع الإعداد للأوليمبياد كما هو مقرر، بينما سنتعاون بشكل موسع مع اللجنة الأوليمبية الدولية، ومع اللجنة المنظمة وحكومة طوكيو”.

وبعيدًا عن الأولمبياد، أكدت رابطة الدوري الياباني لكرة القدم تأجيل كل المنافسات المحلية، كما يدرس اقتراح بإلغاء الأحداث الرياضية والثقافية في الدولة.

الصين وإيران.. إلى أجل غير مسمى

أما عن الصين مركز انتشار الوباء، فقد قرر الاتحاد الصيني لكرة القدم تأجيل بداية الموسم الكروي، وتأجيل مباريات الدوري الصيني بمختلف درجاته إلى أجل غير مسمى، نظرًا لتردي الأوضاع في كثير من المقاطعات الصينية.

وفي إيران أعلنت الحكومة، وقف النشاطات الرياضية لعشرة أيام، علماً بأن هذا القرار قابل للتصعيد في ظل الانتشار السريع لكورونا في الدولة.

تهديد “البريميرليج”

وفي الدوري الإنجليزي لكرة القدم، كانت تقارير صحفية قد ذكرت على خلفية مخاوف انتشار فيروس كورونا في إسبانيا، بأن هناك تفكيرًا جديًا بإقامة مباريات البريميرليج دون جمهور.

ووفقًا لما ذكرته صحيفة “تيليجراف” البريطانية، فإن رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز والاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، قد ناقشا أسوأ السيناريوهات المحتملة بشأن مباريات البريميرليج، وكان هناك توافق على أن الحل الأمثل يتمثل في إقامة المباريات دون جمهور.

إقامة مباريات البريميرليج دون جمهور، في حال انتشار الفيروس القاتل على نطاق واسع في إسبانيا، يهدد البطولة العريقة بفقدان ميزة الحضور الجماهيري الغفير الذي كانت ولا زالت تحظى به حتى الآن.

وأقيمت حتى الآن 28 جولة من منافسات البريميرليج، ويتبقى على نهاية المسابقة هذا الموسم 10 جولات، ويتصدر فريق ليفربول جدول الترتيب حاليَا برصيد 79 نقطة بفارق 22 نقطة عن أقرب منافسيه حامل اللقب مانشستر سيتي.

المونديال القطري

مونديال قطر 2022، بات مهددًا بالفشل أكثر وأكثر بعد تفشي فيروس كورونا حول العالم، إذ قد يؤدي إلى تعطل التجهيزات الفنية الخاصة ببناء الملاعب التي تستضيف المونديال، ويكون القشة التي ستقسم ظهر البعير على أن يتم الغاء المونديال أو نقله لدولة أخرى أكثر أمنًا من الدوحة.

وكانت مصادر من المعارضة القطرية قد حذرت من احتمالات عالية لانتشار الفيروس داخل قطر، في ظل التواجد الإيراني المرتفع في البلاد، مؤكدين على أن فرص انتشار المرض داخل الإمارة يزداد بسبب الإيرانيين، وبسبب الرعاية الصحية الغائبة للعمالة الأجنبية في قطر، الأمر الذي أدى بدوره إلى إلغاء الاتحاد الدولي للدراجات النارية “فيم” سباق جائزة قطر الكبرى، الذي كان مقررًا خلال أيام.

العرب.. نالوا من التخبطات “جانبًا”

لم تتأثر الفعاليات الرياضية على مستوى الدول الأوروبية والآسيوية فقط، بل طال العرب من التخبطات جانبًا، ففي الكويت قد تم إيقاف النشاط الرياضي في دولة الكويت لمدة إسبوعين، بشكل مؤقت وكإجراء احترازي بعد ارتفاع أعداد المصابين هناك، كما استجاب الاتحاد الآسيوي لكرة القدم لطلب نظيره الكويتي إرجاء مباراة القادسية مع ضيفه ظفار العماني ضمن الجولة الثانية لمنافسات المجموعة الثالثة لمسابقة كأس الاتحاد، التي تأجلت كل مبارياتها فيما بعد.

وفي لبنان، تتوقف الرياضة منذ أشهر بسبب الأحداث السياسية والاقتصادية التي تعيشها البلاد، ولكن قد يكون الحدث الأبرز الذي أثر عليه كورونا، هو تأجيل بطولة آسيا للتايكواندو، التي كان سينظمها الاتحاد اللبناني للعبة بين 2 و9 مارس الحالي في مجمع نهاد نوفل في زوق مكايل، لتصبح في 11 أيار المقبل، بحضور نحو 5 آلاف شخص من دول آسيوية عدة وعلى رأسها الصين التي كانت ستشارك بـ100 لاعب.

كذلك أرجأ الاتحاد اللبناني للجمباز بطولة لبنان لفئة الإناث الفني، إضافة إلى تأجيل بطولات ومنافسات أخرى.

وفي المغرب قررت الدولة تأجيل الأحداث الرياضية والثقافية بسبب المخاوف من فيروس كورونا المستجد، في الوقت الذي أعلنت فيه اللجنة الوطنية للقيادة مواصلتها تتبع الوضع الوبائي على المستوى الدولي، وأنه من المحتمل اتخاذ تدابير إضافية.

ومن جانبها نشرت كالة الأنباء المغربية، بيانًا تعلن خلاله أنه تقرر تأجيل كافة التظاهرات الرياضية والثقافية والتجمعات المكثفة وتدبير الرحلات من وإلى الدول التي ظهر بها كورونا.

وما بين هذا وذاك، استطاع الفيروس إرباك المخططات الرياضية على مستوى العالم بالفعل، ولكن هل سيؤثر على خريطة الرياضة؟ وهل سيجبر المؤسسات الرياضية على إلغاء أنشطتها بالكامل فيما بعد؟ أم ستواصل فعاليتها متحدية هذا الوباء اللعين؟.

ربما يعجبك أيضا