بعد تدهور العلاقات الجزائرية المغربية.. هل تونس قادرة على لعب دور الوسيط؟

كريم بن صالح

رؤية – كريم بن صالح

تشهد العلاقات الجزائرية المغربية تدهورا غير مسبوق خاصة بعد حادثة مقتل 3 جزائريين في قصف على الحدود بين ورقلة ونواكشوط الموريتانية وتهديد الرئاسة الجزائرية بالرد.

وكان مسار العلاقات المغربية الجزائرية وصل إلى طريق مسدود بعد قرار الجزائر الخاص بطرد السفير المغربي قبل أشهر وقطع العلاقات بين البلدين ثم رفض تجديد عقد مرور أنبوب الغاز إلى أوروبا عبر المغرب.

ويأتي تأزم العلاقات بين البلدين بسبب عدة ملفات في مقدمتها “ملف إقليم الصحراء” حيث تدعم السلطات الجزائرية جبهة البوليساريو الانفصالية فيما تنتقد الرباط هذا الدعم وتعتبره تهديدا لوحدة أراضيها.

وأمام هذا التدهور الكبير في العلاقات يطرح كثير من المتابعين إمكانية أن تلعب تونس دورا لتقريب وجهات النظر وإنهاء فتيل الأزمة نظرا لاتخاذها موقف الحياد في ملف الصحراء لفترات طويلة ولعلاقاتها الجيدة مع البلدين كما أن دولا مغاربية على غرار ليبيا مهتمة بأزمتها السياسية مع اقتراب إجراء الانتخابات في ديسمبر والجدل القائم حولها.

ويقول وزير الخارجية التونسي الأسبق أحمد ونيس إن على تونس التحرك مع ليبيا وموريتانيا من أجل تهدئة العلاقات بين الجزائر والمغرب قائلا أن بلاده لم تتحرّك سابقا في حين أن موريتانيا وليبيا أبدا رأيهما ودعا للتغلّب على الأزمة بين البلدين باللجوء للحكمة.

ويضيف أن تونس مطالبة اليوم بالتحرّك والوساطة بتقديم مقترحات وعدم الاكتفاء بالمشاهدة، لأن الأوضاع تتجه إلى خطر حقيقي.

ويتخوف التونسيون من خطر اندلاع صراع مسلح بين المغرب والجزائر لأن ذلك سيزيد من تعقيد الوضع في البلاد خاصة من النواحي الاقتصادية والأمنية.

قيس سعيد أقرب إلى الجزائر

في المقابل يرى متابعون أن تونس في ظل حكم الرئيس الحالي قيس سعيد أقرب إلى الجزائر من المغرب.

وتشهد العلاقات التونسية والجزائرية تطورا غير مسبوق حيث أيد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الإجراءات الاستثنائية ليوم 25 يوليو الماضي كما كلف تبون وزير الخارجية رمطان لعمامرة بالتواصل مع سعيد.

وأكد الرئيس الجزائري مرارا في لقاءات صحفية أن سعيد أعلمه بالتطورات السياسية في تونس بعد 25 يوليو مشيرا إلى أنه يثق في سياسات الرئيس ووصفه بالصادق.

ودعمت الجزائر بشكل مكثف تونس في أزمتها الصحية وأرسلت مساعدات طبية عاجلة خاصة من الأوكسجين الطبي وهو ما ساند السلطات الصحية التونسية في حربها ضد تفشي وباء كورونا.

كما شارك وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي في احتفال الجزائر في ذكرى الثورة والاستقلال من الاحتلال الفرنسي.

تونس وحادثة التصويت بشأن تمديد عمل بعثة “المينورسو”

ورغم العلاقات الجيدة بين المغرب وتونس لكن حادثة امتناع تونس عن التصويت لصالح قرار مجلس الأمن الدولي بشأن تمديد عمل بعثة “المينورسو” في إقليم الصحراء لمدة سنة إضافية اعتبر بأنه رسالة من الحكومة التونسية بأن الحياد التام لم يعد ممكنا.

ويبدو أن الرسالة التي وصلت إلى المغرب هو أن تونس اختارت دعم الجزائر واستبدال سياسة الحياد التقليدي في ملف الصحراء.

وفي هذا الصدد قال المحلل السياسي المغربي و الخبير القانوني عبدالفتاح الفاتيحي لموقع ” هسبرس المغربي” إن الموقف التونسي جاء مخيبا ومفاجئا للصوت العربي والأفريقي الذي تمثله تونس داخل مجلس الأمن الدولي بخصوص القرار 2602 حول الصحراء.

لكن الموقف التونسي يراه البعض مفهوما من ناحية تطور العلاقات التونسية الجزائرية وحاجة تونس إلى الدعم الاقتصادي الجزائري في خضم الأزمة المالية التي تسبب فيها التيار الإسلامي خلال العشرية الماضية.

في المقابل ما تزال تونس رغم حادثة الامتناع عن التصويت تحظى بتقدير واحترام من القيادة المغربية ويمكن أن تستخدم هذا الأمر لنزع فتيل الأزمة لأن البلاد أكبر متضرر من تفاقم الصراع بين الجزائر والمغرب وسيزيد الأمر من تعقيد الوضع الداخلي.

ربما يعجبك أيضا