بعد تعهد المركزي الصيني بخفض الفائدة.. هل يتغير هيكل الإقراض بالبنوك؟

شيماء عزيز
البنك المركزي الصيني

تعهد البنك المركزي في الصين بالضغط على البنوك لتخفيض أسعار الفائدة الحقيقية على الإقراض في إشارة إلى تباطؤ نمو الائتمان وضعف تأثير سياسة التيسير النقدي بسبب مخاوف تباطؤ الطلب على الاقتراض.

في تقريره عن السياسة النقدية في الربع الثالث الذي نشرته وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا)، سلط بنك الشعب الصيني الضوء على تغير هيكل الإقراض في البنوك، داعياً المراقبين إلى النظر إلى ما هو أبعد من حجم القروض الجديدة. وأوضح أن هذه القروض تتدفق بوتيرة سريعة إلى قطاعات استراتيجية، مثل التكنولوجيا والتصنيع، بينما يتباطأ الإقراض في قطاع العقارات ومنصات تمويل الحكومات المحلية.

تباطؤ نمو الائتمان

من جهتهم قال اقتصاديون في شركة شيشانج سيكيوريتيز، من بينهم لي شاو، في تقرير يوم الثلاثاء: “ربما يتباطأ نمو الائتمان عن معدلاته السابقة. ففي السنوات القليلة الماضية، سجلت وتيرة الائتمان نمواً تجاوز 10% سنوياً، والآن يحتمل أن تتراجع هذه الوتيرة دون مستوى 10% في الفترة المقبلة”، حسبما نقلت بلومبرج.

تأتي هذه الإشارة تماشيًّا مع توجيه بنك الشعب الصيني للبنوك إلى وضع حد أقصى على مبلغ القروض الجديدة التي تصدرها في أوائل عام 2024، وتقديم إصدار بعض هذه القروض إلى العام الحالي، وبذلك يؤكد البنك المركزي على تحول الأولوية إلى تحسين كفاءة وهيكل القروض بدلاً من مجرد رفع نمو الائتمان.

نمو الائتمان الصيني في أكتوبر أقل من توقعات الاقتصاديين

لم يتمكن معدل نمو التمويل الكلي، وهو مؤشر فضفاض على نمو الائتمان، من الارتفاع هذا العام، واستمر في الدوران حول أدنى مستوى تاريخي له، بلغ 9% سنويًّا في الوقت الحالي، في ضوء تأثر الطلب على الاقتراض سلباً بأزمة عقارية مستمرة، فضلاً عن جهود بكين للتخلص مما يسمى بالديون المستترة عند المحليات، بما في ذلك استبدال بعضها بسندات حكومية.

وعد بنك الشعب الصيني أيضاً بتوجيه أسعار الفائدة على الودائع حتى تتواءم بحسب ظروف السوق، وشدد على تخفيف أسعار الفائدة الحقيقية على الإقراض. وتواجه البنوك الصينية انكماشاً في هوامش أرباحها، جعلها تتبنى موقفاً حذراً من خفض أسعار الفائدة على الإقراض ما لم تتمكن أيضاً من خفض أسعار الفائدة المدفوعة على المدخرات، وفق بلومبرج.

يشير هذا إلى احتمال تخفيض أسعار الفائدة على الودائع والإقراض في نفس الوقت، بحسب ما كتب محللو شركة “تشاينا إنترناشيونال كابيتال كورب” (China International Capital Corp)، ومن بينهم تشو بنغ، في تقرير يوم الثلاثاء. ووفقاً لمسح أجرته “بلومبرغ” مؤخراً، يتوقع الاقتصاديون أن ينتظر بنك الشعب الصيني حتى أوائل العام المقبل لخفض أسعار الفائدة بعد تخفيضها مرتين هذا العام.

الصين تطالب بنوكًا كبرى بوضع حد أقصى للفائدة قصيرة الأجل

يساعد ذلك على تخفيض تكاليف الاقتراض المعدلة حسب التضخم، لاسيما وأن الاقتصاديين أوضحوا أن أعباء ديون الاقتصاد معدلة بمستوى الأسعار ظلت مرتفعة بسبب الانكماش (انخفاض المستوى العام للأسعار في الاقتصاد).

يواجه ثاني أكبر اقتصاد في العالم ضغوطاً انكماشية متزايدة، في تناقض صارخ مع قطاع كبير من دول العالم المتقدم، في الأشهر الأخيرة، وفق بلومبرج.

زيادة التحديات الاقتصادية

تراجع التغير في أسعار المستهلكين إلى ما دون الصفر في أكتوبر، مع زيادة التحديات الاقتصادية بسبب ضعف سوق العمل. وفي الوقت نفسه، لم يلجأ البنك المركزي إلى تخفيض أسعار الفائدة إلا بنسبة متواضعة، بإجمالي 25 نقطة أساس هذا العام، مثيرًا بذلك الخوف من استمرار ارتفاع تكاليف الاقتراض المعدلة حسب التضخم، وفق ما نقلته وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا).

غير أن بنك الشعب الصيني قلل في تقريره من مخاطر الانكماش، وقال إن مؤشر أسعار المستهلكين ظل ثابتاً في الآونة الأخيرة أساساً بفضل المقارنة مع أسعار سنة الأساس في أسعار لحم الخنزير العام الماضي.

أضاف البنك المركزي أن القوة الدافعة وراء ارتفاع الأسعار تتزايد من جديد، متوقعًا أن تعود قراءة التضخم إلى طبيعتها بعد أن ظلت عند مستوى منخفض على المدى القريب. ودعا بنك الشعب المراقبين إلى عدم الإفراط في استخلاص النتائج من بيانات الائتمان في شهر واحد، مضيفًا أنه سيوجه البنوك إلى تنسيق عمليات الإقراض من أجل تسوية التقلب في نمو الائتمان بين نهاية العام وبدايته، فعادة ما تكثف البنوك نشاط الإقراض بعد فترة وجيزة من نهاية السنة.

ربما يعجبك أيضا