بعد استدعاء السفراء.. هل تتجه العلاقات الإٍسرائيلية الروسية نحو الأسوأ؟

هالة عبدالرحمن

حاولت إسرائيل الحفاظ على آلية تفادي التضارب مع روسيا إلا أن تل أبيب لم تستطع الحفاظ على توازن العلاقات مع الولايات المتحدة من ناحية وروسيا من ناحية آخرى.


يبدو الأمر بين إسرائيل وروسيا كأنه مناورة دبلوماسية باءت بالفشل، فالزعيم الجديد لإسرائيل، نفتالي بينيت، حاول اتباع سياسة ازدواجية حَذِرة مع الحرب الروسية الأوكرانية.

ولم تفلح جهود إسرائيل في تحييد نفسها عن الصراع الغربي الأمريكي مع روسيا، وفشلت إسرائيل المعروفه بصراعها المستمر مع الفلسطينيين وحروبها مع جيرانها، في المساعدة في إنهاء أخطر قتال في أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وفقًا لـ“هآرتس”.

الحياد السلبي لإسرائيل

مع بدأ العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في 24 فبراير الماضي، لم يذكر رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، روسيا مرة واحدة، مُكتفيًا بالقول إنه صلّى من أجل السلام ودعا لحوار ووعد بدعم الأوكرانيين، دون أن يُلمح إلى هجوم موسكو أو إدانته، تاركًا انتقاد روسيا لوزير الخارجية، يائير لابيد، في بيان منفصل.

وتطورت الأمور للأسوأ بين الطرفين الروسي والإسرائيلي حين استدعت موسكو السفير الإسرائيلي لدى روسيا، أليكس بن تسفي، يوم الأحد 17 إبريل 2022، للتوبيخ وسط توترات دبلوماسية في مواجهة تصويت إسرائيل على تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وفق صحيفة “هآرتس”.

تبعات تصويت إسرائيل ضد روسيا بالأمم المتحدة

وانتقدت وزارة الخارجية الروسية يوم الجمعة التصريحات “المعادية لروسيا” التي أدلى بها وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، التي دافع فيها عن تصويت إسرائيل لصالح تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

ونقلت وكالة الأنباء الروسية “تاس” عن وزارة الخارجية الروسية وصف تصريح لبيد بعد تصويت الأسبوع الماضي بأنه “مؤسف”، وقالت الوزارة “كانت هناك محاولة مموهة بشكل سيئ للاستفادة من الوضع في أوكرانيا، لتشتيت انتباه المجتمع الدولي عن أحد أقدم الصراعات غير المحسومة – الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”.

إسرائيل تستغل أوكرانيا للتعتيم على فلسطين

وتقول روسيا إن إسرائيل تستخدم الحرب في أوكرانيا “لإلهاء” عن القضية الفلسطينية، وصوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان التابع لها بسبب الحرب الروسية الأوكرانية اللتي شهدت مؤخرًا ظهور صور مروعة خاصوصًا في أعقاب انسحاب روسيا عن مناطق رئيسة حول العاصمة الأوكرانية كييف.

وصوتت إسرائيل لصالح الاقتراح، وفقًا لـ”تاس” وهي أهم خطوة اتخذتها علنًا ضد روسيا منذ بدء الحرب، إلى جانب دعمها لإدانة الجمعية العامة للأمم المتحدة لروسيا قبل بضعة أسابيع، وفي وقت سابق من هذا الشهر، اتهم لبيد روسيا بارتكاب جرائم حرب بعد ظهور صور لخسائر كبيرة في صفوف المدنيين في بوتشا بأوكرانيا.

تدهور العلاقات غير ممكن

وقال مسؤولون إسرائيليون لصحيفة “هآرتس” إن هذا ليس مؤشرًا على تدهور العلاقات الروسية الإسرائيلية، بل على مواجهة محكومة، وأضاف مصدر دبلوماسي إسرائيلي إن “استدعاء السفير ليس مفاجئًا. إنها إحدى طرق الاستجابة المتاحة في صندوق الأدوات الدبلوماسية”.

وفي بداية الحرب الروسية على أوكرانيا، استدعت موسكو السفير الإسرائيلي بن تسفي واتهمت إسرائيل بـ “دعم النازيين”. وكان بينيت أكثر هدوءًا من لبيد بشأن حرب أوكرانيا، وتجنب ذكر روسيا واكتفى في الغالب بالتعبير عن حزنه لسفك الدماء في تعليقاته حول الحرب.

مصالح في سوريا ووساطة حول أوكرانيا

حاولت إسرائيل الحفاظ على آلية تفادي التضارب مع روسيا، قبل أن تضرب أهدافًا إيرانية في سوريا، إضافة إلى ذلك حاول بينيت التوسط بين روسيا وأوكرانيا لإنهاء الحرب، وفق “جيروزاليم بوست”. وتتمتع إسرائيل منذ عقود بعلاقات أكثر دفئًا مع موسكو مقارنة بالعديد من الدول الغربية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الجالية الكبيرة الناطقة بالروسية في البلاد التي تمثل حوالي 15% من السكان.

وبحسب السفير السابق لإسرائيل في أوكرانيا وروسيا والباحث في معهد دراسات الأمن القومي، تسفي ماغن، في تصريحات لـ“إن بي سي نيوز” الأمريكية، طلب بوتين من إسرائيل أن تكون محاورًا لأنها “مقبولة من قبل المجتمع الدولي، وليست جزءًا من الكتلة المناهضة لروسيا”.

جذور تاريخية وراء مساندة إسرائيل لأوكرانيا

كان بينيت أيضًا على استعداد للسفر إلى كييف المحاصرة إذا لزم الأمر، بمجرد وصول المحادثات إلى مستوى إيجابي، كذلك تشعر كييف أيضًا بتقارب مع إسرائيل لأنها موطن لكثير من المهاجرين الأوكرانيين، في حين أن الجالية اليهودية التي بقيت في أوكرانيا تعود إلى أكثر من 1000 عام. وأشار السفير الإسرائيلي في كييف، يفغن كورنيتشوك، إلى أن الجذور اليهودية للرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، منحته ارتباطًا عاطفيًّا خاصًا بإسرائيل.

ومن الواضح تعاطف إسرائيل مع أوكرانيا، واحتشد الإسرائيليون من أجل أوكرانيا بالآلاف وتبرعوا بمساعدات خاصة، بل وانضموا إلى صفوف كييف القتالية، وتساعد الحكومة الإسرائيلية الأوكرانيين وتشاركهم معلوماتها الاستخباراتية، وترسل إلى الدولة المحاصرة أشكالًا مختلفة من المساعدات الإنسانية، وتقبل اللاجئين الأوكرانيين من حين لآخر، وبنت مستشفى ميدانيًّا، وفقًا لـ”إن بي سي نيوز” الأمريكية.

وعلى الرغم من كون موسكو من أكثر أعداء إسرائيل شراسة تاريخيًّا، فإنها سعت إلى إقامة علاقات أكثر دفئًا مع تل أبيب منذ تفكك الاتحاد السوفيتي، وتسارعت هذه العملية في عهد الرئيس فلاديمير بوتين، لذلك من غير المتوقع تدهور أعمق للعلاقات بين البلدين.

ربما يعجبك أيضا