بعد واقعة الاقتحام.. هل تتجه العلاقات بين واشنطن وسيول نحو التوتر؟

حسام السبكي

حسام السبكي

في واقعة لم تكن الأولى، وربما لن تكون الأخيرة، رغم حالة التعاطي الإيجابي على المستوى السياسي والدبلوماسي، بين قيادتي الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الجنوبية، وخاصةً فيما يتعلق بالتوتر مع كوريا الشمالية، تعرض مقر السفير الأمريكي في العاصمة الكورية الجنوبية سيول، لاقتحام مجموعة من الطلاب، الأمر الذي يشكل انتهاكًا لكافة الأعراف الدبلوماسية، التي تستوجب حماية دبلوماسيي الدول لدى نظرائها من الدول الأخرى.

وفيما أبدت الخارجية الأمريكية انتقادها الشديد للواقعة، أبدت نظيرتها الكورية الجنوبية تجاوبًا مطالبة بتشديد الإجراءات الأمنية حول المقار الدبلوماسية، وذلك بعد أن أنهت قوات الأمن الكورية الجنوبية واقعة الاقتحام باعتقال الطلاب، التي جاءت احتجاجًا على إجراءات أمريكية فيما يتعلق بنشر قواتها على الأراضي الكورية الجنوبية.

اقتحام متهور

مغامرة كبيرة، قد تدفع العلاقات بين سيول وواشنطن، نحو مجهول، في ظل عدم وضوح الرؤية بالنسبة للموقف الكوري الشمالي من محادثات السلام مع الولايات المتحدة، تلك التي قام بها مجموعة من الشباب والطلاب، المحسوبون على ما يسمى “التيار التقدمي”، من التعدي بالاقتحام لمقر السفير الأمريكي في العاصمة الكورية الجنوبية، أمس الجمعة.

فقد اعتقلت الشرطة في كوريا الجنوبية 19 طالبا، أمس الجمعة، بعد تسلق العديد من الطلاب الجدران، ودخول فناء منزل السفير الأمريكي في سيئول، احتجاجا على وجود القوات الأمريكية في البلاد.

وقال وليام كوليمان -المتحدث باسم السفارة الأمريكية في سيول، في بيان اليوم السبت- إن ما يقرب من 20 كوريا دخلوا بشكل غير قانوني المجمع السكني الرسمي للسفير الأمريكي، وحاولوا دخول المنزل نفسه بالقوة.

وأضاف كوليمان: “نشعر بقلق بالغ من الاقتحام غير القانوني للمجمع السكني للسفير، وهو الثاني من نوعه خلال 14 شهرًا، ونحث جمهورية كوريا على حماية كل البعثات ومقار الإقامة الدبلوماسية”.

وتصف هذه المجموعة نفسها بأنها “ائتلاف طلاب الجامعات التقدميين”، ووضعت صورا فى حسابها على “فيسبوك” ظهر فيها العديد من أعضائها يتسلقون جدارا محيطا بمنزل السفير الأمريكي، هاري هاريس، باستخدام سلالم.

وفي مقطع مصور منفصل، بث على ما يبدو من داخل المجمع، اتهم هؤلاء الطلاب الولايات المتحدة بمطالبة بلادهم بزيادة 500 في المئة في تكاليف الاحتفاظ بنحو 28500 جندي أمريكي في كوريا الجنوبية، ورفعوا لافتة كتب عليها “اترك هذه الأرض يا هاريس”.

وهتف الطلاب: “كفوا عن التدخل في شؤوننا الداخلية” و”ارحلوا” و”لا نريد القوات الأمريكية”، قبل أن تقوم الشرطة بإخراجهم من مقر سكن السفير.

رد حاسم

من جهتها، قالت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية إنها طلبت زيادة الإجراءات الأمنية حول السفارة الأمريكية ومنزل السفير.

وأضافت: “لا يمكن تبرير أي ضرر أو هجوم على بعثة دبلوماسية من هذا القبيل تحت أي ظرف، وستتخذ الحكومة كل التدابير الملائمة لحماية البعثات ومنع أي عمل يؤثر عليها”.

ليست الأولى

ولأسباب مشابهة أيضًا، تعرض السفير الأمريكي السابق لدى كوريا الجنوبية، مارك ليبرت، لهجوم عنيف من قبل متشدد كوري جنوبي معارض للتدريبات العسكرية المشتركة بين سول وواشنطن، قبل أكثر من 4 أعوام.

ورغم الاعتداء عليه، في 5 مارس من العام 2015، بينما كان يشارك في اجتماع بسول، أعرب ليبرت، المقرب من الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، والمسؤول السابق عن الدائرة الآسيوية في وزارة الدفاع الأمريكية، عن “يقينه بثبات العلاقة الراسخة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية”، مؤكدا استمرار “تعلقه” بهذا البلد.

العلاقات الأمريكية الكورية الجنوبية

تُعد علاقات كوريا الجنوبية والولايات المتحدة من العلاقات الدولية الوثيقة منذ 1950، عندما ساعدت الولايات المتحدة في إنشاء دولة كوريا الجنوبية الحديثة، وقاتلت إلى جانبها بدعم من الأمم المتحدة في الحرب الكورية (1950- 1953).

وخلال العقود الأربعة اللاحقة، تقدمت كوريا الجنوبية تقدمًا كبيرًا على الصعد السياسية والاقتصادية والعسكرية، وخفضت على نحو ملحوظ اعتمادها على الولايات المتحدة. ومن إدارة رو تاي وو إلى إدارة رو مو هيون، سعت كوريا الجنوبية إلى إقامة شراكة مع الولايات المتحدة، وهو ما جعل العلاقة بين الدولتين معرضة لبعض الضغوط، خاصة بسبب التصريحات المعادية للولايات المتحدة وكوريا لدى الجانبين.

إلا أن العلاقات بين الدولتين تحسنت كثيرًا في عهد إي ميونغ باك المحافظ والمؤيد للتقرب من الولايات المتحدة.

 في لقاء قمة العشرين في لندن 2009، وصف الرئيس الأمريكي باراك أوباما كوريا الجنوبية بأنها “واحدة من أقرب حلفاء أمريكا وأعظم أصدقائها”.

واختيرت كوريا الجنوبية لتكون حليفًا رئيسيًّا خارج الناتو.

ربما يعجبك أيضا