بوتين يأمر بعودة قواته.. كم تكلفت الحرب الروسية في سوريا؟

هالة عبدالرحمن

كتب – هالة عبد الرحمن
أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الإثنين، بسحب قسم كبير من القوات العسكرية الروسية من سوريا، وذلك بعد أيام على إعلان موسكو “التحرير التام” لسوريا من تنظيم “داعش”، فيما تحدث عن تسوية سياسية في الأزمة السورية، عرضها على رئيس النظام السوري بشار الأسد.

وأضاف بوتين -خلال زيارته للرئيس السوري بشار الأسد أمس في قاعدة حميميم الجوية الروسية بسوريا- “خلال أكثر من عامين قامت القوات المسلحة الروسية، مع الجيش السوري بدحر أقوى الجماعات الإرهابية الدولية. ونظرا لذلك اتخذت قرارا بعودة جزء كبير من القوة العسكرية الروسية الموجودة في الجمهورية العربية السورية إلى روسيا”.

وتابع الرئيس الروسي: “في حال رفع الإرهابيون رأسهم من جديد، نحن سنوجه إليهم ضربات لم يروها من قبل”، مضيفا: “نحن لن ننسى أبدا الضحايا والخسائر التي تكبدناها أثناء محاربة الإرهاب هنا في سوريا وفي روسيا أيضا”.

وأكد بوتين أنه تمت تهيئة الظروف للتسوية السياسية في سوريا. وقال إنه “تم الحفاظ على سوريا كدولة مستقلة ذات سيادة. ويعود اللاجئون إلى منازلهم. وتمت تهيئة الظروف للتسوية السياسية برعاية الأمم المتحدة”.

وأضاف: “ووفقا للاتفاقيات الدولية يواصل عمله في سوريا المركز الروسي للمصالحة. وتم إنشاء قاعدتين في طرطوس وهنا في حميميم، وهما ستستخدمان بشكل دائم”.

وهنأ الرئيس بوتين العسكريين الروس بنجاح مهمة محاربة الإرهاب في سوريا وشكرهم على أداء الخدمة

وأمر بوتين ببدء التحضير لسحب القوات الروسية من سوريا. وقال بوتين أمام العسكريين: “آمر وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان العامة ببدء سحب مجموعة القوات الروسية إلى نقاط مرابطتها الدائمة”.

بداية التدخل الروسي

وبدأ سلاح الجو الروسي بتوجيه ضربات جوية في الأراضي السورية بتاريخ 30 سبتمبر 2015، وهذا بعد أن طلب الرئيس السوري بشار الأسد دعمًا عسكريًا من موسكو من أجل كبح الثورة السورية ووافق مجلس الاتحاد الروسي على تفويض الرئيس فلاديمير بوتين استخدام القوات المسلحة الروسية خارج البلاد.

وجاءت هذه الضربات بعد تزايد الدعم العسكري المعلن لنظام الأسد من قبل موسكو، والإعلان عن تشكيل مركز معلوماتي في بغداد تشارك فيه روسيا وإيران والعراق وسوريا لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية.

وكانت أولى الضربات الروسية في 30 سبتمبر على مواقع تابعة لتنظيم الدولة وفقًا لوزارة الدفاع الروسية؛ إلا أن رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض خالد خوجة صرح بأن الغارات قتلت مدنيين في مناطق ليست تابعة للتنظيم، كما شكك قادة غربيون في الغارات. وكان هؤلاء القادة الغربيون قد طالبوا روسيا بتوضيح مسبق للأهداف التي تنوي ضربها في سوريا.

وبحسب آنا بورشفسكايا الباحثة في معهد واشنطن للدراسات فإن تدخل موسكو في سوريا أنقذ بشار الأسد من سقوط وشيك، ويعد الأسد مسؤولاً إلى حد كبير عن إحدى أسوأ المآسي الإنسانية منذ الحرب العالمية الثانية. واليوم، بفضل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدرجة لا يستهان بها، أصبح بشار الأسد في أقوى موقف له منذ الانتفاضات الواسعة التي اجتاحت سوريا في آذار/مارس 2011.

وتضيف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حقق اليوم كل ما يريده في سوريا، فقد أبقى الأسد في السلطة، ورسّخ الوجود العسكري الروسي في سوريا على الأقل على مدى الـ 49 عاماً المقبلة، وهو أكبر وجود عسكري روسي خارج الاتحاد السوفياتي السابق حتى اليوم. وبذلك، حدّ بوتين من قدرة أمريكا على المناورة العسكرية في المنطقة، وضمن نفوذ روسيا في أحد أكثر البلدان أهمية من الناحية الاستراتيجية في الشرق الأوسط.

خسائر الحرب

وأشار تقرير الحزب الروسي المعارض أن مبلغ 4.12 مليارات روبل أُنفق على الجنود والخبراء الموجودين في سوريا، لافتاً أن العدد الحقيقي للعناصر الروسية في سوريا لا يتمّ الإفصاح عنه بدقة، إلا أن الخبراء العسكريين يقدرون بـنحو 6 آلاف خبير، بما فيهم الطيارون، وعناصر منصات الدفاع الجوي، والمستشارون الذين يتولون تدريب عناصر قوات النظام .

ويوضح سيرجي ميتروخين رئيس فرع موسكو في حزب يابلوكو الروسي أن هذه الإحصائية قد أُجريت بمشاركة مجموعةٍ من الخبراء والمحللين في الحزب، مشيراً أن جميع المعلومات قد أخذت من مصادر متاحة، لافتاً أن الرقم المشار إليه هو الحد الأدنى للنفقات، وأن الإنفاق في واقع الحرب في سوريا قد تجاوز 250 مليار روبل.

واعتبر مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أن الطيران كان السلاح “الحاسم والأكثر استخداماً” من قبل الروس الذين بدأوا بلعب دور حاسم على الأرض “منذ معركة تدمر في مارس 2016”.

وأشار إلى أن القصف الروسي أسفر منذ 30 سبتمبر 2015 وحتى 11 نوفمبر 2017 عن مقتل 6328 مدنياً بينهم 1537 طفلاً. كما قتل 4732 عنصراً من تنظيم الدولة “داعش”، و4098 مقاتلاً من الفصائل المقاتلة والإسلامية وبينها هيئة تحرير الشام.

وشكل التدخل العسكري الروسي في سبتمبر 2015، خصوصاً عبر شن غارات جوية على مواقع تنظيم الدولة “داعش”، منعطفاً في مسار الحرب السورية التي أوقعت حتى الآن أكثر من 330 ألف قتيل وملايين اللاجئين والنازحين منذ أكثر من 6 سنوات، كما أتاح استعادة مناطق واسعة في سوريا من التنظيم المتطرف.

ونشر بين 4 و5 آلاف جندي روسي في سوريا خلال العامين الماضيين غالبيتهم في قاعدة حميميم غرب سوريا. وتشير الأرقام الرسمية إلى مقتل 40 عسكرياً روسياً فقط في سوريا منذ بدء التدخل العسكري في 2015.

ربما يعجبك أيضا