بوليتكو.. تجارة حزب الله في المخدرات

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – فريق رؤية
رؤية 

ترجمة بسام عباس

المصدر – بوليتكو

الجزء الأول: "السر وراء ترك أوباما حزب الله بدون عقاب"

يشكل تحول حزب الله إلى تهريب الكوكايين وغسيل الأموال من خلال السيارات المستعملة لتمويل توسعه تهديدًا عالميًّا، حيث تخلت إدارة أوباما، ومن أجل الوصول لاتفاق مع إيران حول ملفها النووي، عن عزمها لشنّ "حملة طموحة" لإنفاذ قانون يستهدف عمليات تهريب المخدرات التي يقوم بها تنظيم حزب الله الإرهابي المدعوم من إيران، بالرغم من أنه كان يرسل الكوكايين إلى الولايات المتحدة نفسها.

وبدأت الحملة، التي يطلق عليها اسم "مشروع كاسندرا"، في عام 2008 بعد أن جمعت إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية من خلالها أدلة على أن ميليشيا "حزب الله" قد حول نفسه من منظمة عسكرية وسياسية مركزة في الشرق الأوسط إلى نقابة للجريمة الدولية، إذ يعتقد بعض المحققين أنها تجمع مليار دولار سنويا من تجارة المخدرات والاتجار بالأسلحة وغسل الأموال، وغير ذلك من الأنشطة الإجرامية.

وعلى مدى السنوات الثماني التالية (أي بعد 2008)، استخدم عملاء يعملون في منشأة سرية في وكالة الاستخبارات الأمريكية في (شانتيلي) بولاية فرجينيا بمساعدة 30 من وكالات الأمن الأمريكية والأجنبية، مخبرين في عمليات استخباراتية وسرية، لرسم خرائط خاصة بشبكات ميليشيا "حزب الله" غير المشروعة.

وتتبعت الشبكة الأمريكية الاستخباراتية شحنات الكوكايين التي تتاجر بها الميليشيا اللبنانية منها خرج من أمريكا اللاتينية إلى غرب أفريقيا وإلى أوروبا والشرق الأوسط، والبعض الآخر عن طريق فنزويلا والمكسيك إلى الولايات المتحدة.

كما تعقب العملاء السريين "نهر النقد القذر" من الأموال المغسولة، حيث تم غسيل هذه الأموال من خلال "تكتيكات أخرى" كشراء السيارات الأمريكية المستعملة وشحنها إلى أفريقيا، وبمساعدة بعض الشهود المتعاونين الرئيسيين في هذه الصفقات، وهم "وكلاء المؤامرة"، في داخل الدائرة الداخلية لـ"حزب الله" ورواد الدولة في إيران.

ومع وصول "مشروع كاسندرا" إلى أعلى "التسلسل الهرمي للمؤامرة" بدأ مسؤولو إدارة أوباما في إحداث سلسلة متزايدة من العقبات، بحيث لا يمكن التغلب عليها، وفقًا لعشرات المقابلات مع مشتركين في المشروع، والذين أكدوا أنه عندما سعى قادة المشروع للحصول على موافقة على بعض التحقيقات الهامة والملاحقات القضائية والاعتقالات والجزاءات المالية، رفض مسئولون في وزارة العدل والخزانة طلباتهم، أو عرقلوها.

ورفضت وزارة العدل، وغيرها من السلطات الأمريكية، طلبات قادة مشروع "كاسندرا" لتقديم اتهامات جنائية ضد فاعلين أساسيين في هذه الشبكة، مثل ممثل "حزب الله" في إيران، وهو المصرف اللبناني الذي يزعم أنه قام بغسيل مليارات الدولارات من تجارة المخدرات، ولاعب مركزي في خلية تابعة لفيلق القدس الإيراني موجودة على الأراضي الأمريكية. كما رفضت وزارة الخارجية طلبات لجذب "أهداف عالية القيمة" إلى دول يمكن اعتقالهم فيها.

وقال ديفيد آشر -الذي ساعد في إنشاء مشروع كاسندرا والإشراف عليه كمحلل مالي غير قانوني لوزارة الدفاع- "كان هذا قرارا سياسيًّا، وكان قرارا منهجيا". وأضاف "لقد قاموا بتدمير جميع الجهود المبذولة من قبل فريق مدعوم بكل الموارد المطلوبة، وسرى القرار من الأعلى إلى الأسفل".

وفي الوقت الذي تغلف فيه الملاحقة بالسرية من فنادق أمريكا اللاتينية الخمسة نجوم إلى مواقف السيارات في أفريقيا للمصارف وساحات المعارك في الشرق الأوسط، إلا أن الأثر ليس مخفيا فنتيجته هي أطنان من الكوكايين التي تدخل الولايات المتحدة ومئات الملايين من الدولارات التي تدخل في جيوب الجماعات المصنفة إرهابية.

وصل أوباما إلى البيت الأبيض عام 2009، بوعود تصحيح العلاقات مع إيران والعالم الإسلامي. وقال: إن حملة سلفه جورج دبليو بوش للضغط على إيران وقف نشاطاتها النووية السرية ليست ناجحة. وسيعمل هو بالتالي على الحوار معها.

وذهب الرجل -الذي عينه أوباما مسئولاً عن مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض قبل أن يصبح مديراً للسي آي إيه جون برينان- أبعد من ذلك عندما اقترح في ورقة عمل قائلاً: إن "الرئيس المقبل لديه الفرصة كي يضع طريقا جديدا للعلاقات بين البلدين" وليس فقط الحوار المباشر "بل من خلال دمج حزب الله في النظام السياسي اللبناني".

وأكد برينان، أن الولايات المتحدة تعمل على تقوية العناصر المعتدلة في حزب الله. وفي مؤتمر عقد بواشنطن قال فيه: إن حزب الله هو "منظمة مثيرة للاهتمام" مشيراً إلى أنه تطور من منظمة إرهابية إلى ميليشيا وفي النهاية قد يتحول لجماعة سياسية. وقال: إن هناك عناصر في حزب الله تثير القلق الأمريكي وما يهم هو محاولة محو تأثيرها والعمل على بناء العناصر المعتدلة.

ومن الناحية العملية، فإن رغبة إدارة أوباما في تصور دور جديد لـ"حزب الله" في الشرق الأوسط، مع رغبته في التوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض حول البرنامج النووي الإيراني، أدت إلى عرقلة التحرك بقوة ضد كبار أعضاء "حزب الله"، وفقاً لأعضاء مشروع "كاسندرا" والآخرين.

علي فياض، وهو تاجر أسلحة يشتبه في كونه من عناصر "حزب الله" ويتخذ من أوكرانيا مقرا له، حيث ينقل كميات كبيرة من الأسلحة إلى سوريا، وهو أحد كبار عناصر حزب الله المشتبه به الذي اعتبره عملاء يعتقدون أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعبره كمورد رئيسي للأسلحة إلى سوريا والعراق، وقد اعتقل في براغ في ربيع عام 2014. وبقي فياض قرابة عامين قيد الاحتجاز، حيث رفض مسؤولون أمريكيون ممارسة ضغط جدي على الحكومة التشيكية لتسليمه للولايات المتحدة، حتى عندما كان بوتين يضغط بقوة للدفاع عنه.

وتم إرسال فياض إلى بيروت، حيث وجهت إليه اتهامات في المحاكم الأمريكية بتهمة التخطيط لقتل موظفي الحكومة الأمريكية، بهدف توفير الدعم المادي لمنظمة إرهابية ومحاولة الحصول على الصواريخ المضادة للطائرات ونقلها واستخدامها.

ويقول العاملون في مشروع كاسندرا: إن إدارة أوباما وقفت أمام جهودهم لملاحقة ناشطي حزب الله ومن بينهم شخص لقب بـ(الشبح) المرتبط بشخص اسمه عبد الله صفي الدين مبعوث حزب الله في إيران الذي له علاقة بتهريب أطنان من الكوكايين وجدت طريقها للولايات المتحدة. وظلوا ناشطين برغم الاتهامات الموجهة لهم في الولايات المتحدة منذ سنين. ويقول أشخاص مطلعون على التحقيق: إن الشبح يعتبر من أكبر تجار المخدرات ومزودي نظام بشار الأسد بالأسلحة الكيمياوية والتقليدية، والتي يستخدمها ضد شعبه.

 كما رفضت الإدارة مساعٍ متكررة لأعضاء مشروع كاسندرا لتوجيه الاتهام إلى الجناح العسكري لحزب الله كمؤسسة اجرامية مستمرة بموجب قانون اتحادي على غرار المافيا. كما رفض مسئولون في الإدارة تصنيف حزب الله "منظمة إجرامية دولية كبيرة"، وعرقلوا المبادرات الاستراتيجية الأخرى التي تمنح فرقة العمل أدوات قانونية إضافية لمحاربتها.

ورفض مسئولون سابقون في إدارة أوباما التعليق على حالات فردية في الملف، لكنهم أكدوا أن وزارة الخارجية أدانت القرار التشيكي بعدم تسليم فياض. وقال عدد منهم: إنهم يسترشدون بأهداف سياسية أوسع نطاقا، بما في ذلك تصعيد الصراع مع إيران، والحد من برنامجها للأسلحة النووية، وتحرير ما لا يقل عن أربعة سجناء أميركيين تحتجزهم طهران، وبرروا مواقفهم بأن طلب التحقيقات في شبكة حزب الله كانت ستعرقل إبرام الصفقات مع إيران.

إلا أن المسئولين السابقين نفوا أن يكونوا قد انحرفوا عن أي عمل ضد حزب الله أو حلفائه الإيرانيين لأسباب سياسية.

لكن مسئولين في مشروع كاسندرا أشاروا إلى أن الاعتقالات الأوروبية وقعت بعد انتهاء المفاوضات مع إيران، وأشاروا إلى أن وزارة العدل لم تقدم أبدا الاتهامات الجنائية ضد المشتبه بهم الذين اعتقلوا في أوروبا ومن بينهم رجل أعمال لبناني بارز عينته وزارة الخزانة رسميا لاستخدامه "علاقاته المباشرة مع عناصر حزب الله التجارية والإرهابية".

ومع ذلك، أكدت مصادر أخرى مستقلة عن مشروع كاسندرا العديد من هذه الادعاءات في مقابلات مع بوليتيكو.

ونتيجة لتلك السياسات الخاطئة، فقدت الحكومة الأمريكية إمكانية مواجهة ليس فقط الاتجار بالمخدرات وغيرها من الأنشطة الإجرامية في جميع أنحاء العالم، ولكن أيضاً مؤامرات "حزب الله" غير المشروعة بمساندة كبار المسئولين في الحكومات الإيرانية والسورية والفنزويلية والروسية، وصولاً إلى الرؤساء نيكولا مادورو، والأسد، وبوتين، وذلك وفقاً لأعضاء فريق العمل السابقين في كاسندرا وغيرهم من المسؤولين الأمريكيين الحاليين والسابقين.

كما أدى تقويض مشروع كاسندرا إلى ضياع المساعي الأمريكية لتحديد كمية الكوكايين من مختلف الشبكات التابعة لحزب الله إلى الولايات المتحدة.

وفي الوقت نفسه، يواصل "حزب الله" بإشراف إيران، تقويض المصالح الأمريكية في العراق وسوريا، وفي جميع أنحاء مناطق واسعة من أمريكا اللاتينية وأفريقيا، بما في ذلك توفير الأسلحة والتدريب للميليشيات الشيعية المعادية للولايات المتحدة. ويواصل صفي الدين، والشبح وغيرهم الاتجار بالمخدرات والأسلحة، بحسب ما يؤكده المسئولون الأمريكيون الحاليون والسابقون.

ولمشروع كاسندرا جذوره في عدد من العمليات التي بدأت بعد هجمات سبتمبر 2001، وأدت جميعها عبر مسارات ملتوية إلى الكشف بأن حزب الله مؤسسة إجرامية دُولية، ومن هذه العمليات "عملية تيتان" مع السلطات الكولومبية للكشف عن العلاقة بين مبيضي الأموال اللبنانيين وتجار المخدرات الكولومبيين. وكذلك "عملية بيرسوس" التي استهدفت عصابات فنزويلية، حيث كان عملاء وكالة المخدرات الأمريكية يحققون في وصول آلاف السيارات الأمريكية المستعملة إلى جمهورية بينين في غرب أفريقيا.

وفي الوقت نفسه كان الجيش الأمريكي في العراق يحقق حول دور إيران في تزويد الميليشيات الشيعية بالعبوات الناسفة الخارقة، ما أدى إلى مقتل مئات الجنود الامريكيين. وكل هذه المسارات والعمليات تلاقت وقادت إلى حزب الله.

وكشف التحقيق، أن حزب الله كان على تعاون وثيق مع ميليشيات الحرس الثوري الإيراني والميليشيات الشيعية، كما عمل أنصاره في المجتمعات اللبنانية في جميع أنحاء العالم لإنشاء شبكة من الشركات التي طالما كان يشتبه في أنها شركات للتداول في السوق السوداء، حيث نقلت هذه الشركات الأسلحة وغسلت الموال، بل إن إيران اشترت أجزاء من برنامجها النووي غير المشروع والقذائف (التسيارية) عبر هذه الشركات، وذلك من خلال نفس الطرق التي استوردت "الدجاج المجمد والالكترونيات الاستهلاكية".

وأصبح حزب الله خبيرا في القوة الناعمة أيضا. حيث وفر الغذاء والرعاية الطبية والخدمات الاجتماعية الأخرى للاجئين الجوعى في لبنان الذي مزقته الحرب، محققًا بذلك مصداقية وشعبية جارفة على الأرض. ثم تطور بعد ذلك ليؤسس حزبا سياسيا قويا، جاعلاً من نفسه مدافعًا عن الفقراء، من الشيعة اللبنانيين ضد النخب المسيحية والسنية.
 
الجزء الثاني: موجود في كل مكان ولا يظهر في أي مكان

بدأ حزب الله من مقره في الشرق الأوسط بتمديد نشاطه الإجرامي إلى أمريكا اللاتينية وأفريقيا والولايات المتحدة.

طور عماد مغنية شبكة إرهابية (منظمة الجهاد الإسلامي) وعمل مع المخابرات الإيرانية، واستمر بضرب الأهداف الغربية والإسرائيلية. وتجنب حزب الله الولايات المتحدة لأهداف استراتيجية إلا أنه بحلول 2008 اعتبرت إدارة بوش الجهاد الإسلامي المنظمة الأخطر. وأصبحت وحدة الشئون المالية داخل منظمة الجهاد الجهاز الذي تعتبره الإدارة الأمريكية الشريان الحيوي لدعم الإرهاب في مرحلة ما بعد 11/ 9. وفي الأيام الأخيرة لإدارة بوش حصلت وكالة مكافحة المخدرات على دعم كبار المسئولين لملاحقة تاجري السلاح منذر القصار و"أمير الحرب الروسي" فيكتور أناتولي فيتش بوت.

وفي فبراير 2008 زرعت وكالة الاستخبارات الأمريكية قنبلة في سيارة مغنية، وكان مقتله ضربة قاصمة لحزب الله إلا أن عملية التنصت كشفت أن النشاط تواصل من خلال عدنان الطبجة مسئول الوحدة المالية والثاني صفي الدين اللذين ربطا بين حزب الله بزعامة حسن نصر الله وإيران وهؤلاء اللاعبين.

وقام المحققون بالبحث عن لاعبين آخرين سهلوا العمليات التي دعمت الحزب وإيران وحلفاءهما في العراق وفنزويلا وروسيا إلا أن صفي الدين كان نقطة الوصل في طهران. وربطته التحقيقات في كولومبيا وفنزويلا بعدد من عمليات التهريب الدولية وغسيل الأموال منها واحدة تعتبرها وكالة مكافحة المخدرات التي كان يقودها اللبناني أيمن سعيد جمعة المقيم في ميدلين بكولومبيا، الذي اكتشفت الولايات المتحدة أنه يدير عملية تهريب الكوكايين مع الكارتل المكسيكي لوس زيتاس وكان يغسل 200 مليون دولار شهريًّا بمساعدة 300 صاحب محل لبيع السيارات الذين كانوا يشترون السيارات القديمة ويرسلونها إلى دولة بينين في غرب أفريقيا.

ومن خلال التنصت على الأرقام الهاتفية والمكالمات، وجد أن الرجل في كولومبيا يقوم بإرسال المال للعراق لقتل الأمريكيين في إشارة لصفي الدين. ونفى مسئول في الذراع الإعلامية لحزب الله نفى أن يكون حزب الله متورط في عمليات تهريب وقد أكد حسن نصر الله أنه من غير المسموح دينيًّا لأعضاء حزب الله تجارة المخدرات. وأكد أن الإسلام يحرم هذا "ولا يمكن ممارسته بأية طريقة». ويقول: إن اتهام حزب الله بالتورط في المخدرات هو جزء من تشويه الحزب كحركة مقاومة ضد إسرائيل. "هناك إمكانية لتورط لبنانيين في المخدرات ولكنهم ليسوا أعضاء في حزب الله، وبالمطلق هذا ليس ممكنًا.

واشتد التنافس بين وكالات مكافحة الجريمة والاستخبارات المركزية التي ترى أنها مسئولة عن مكافحة الإرهاب، خاصة الجماعات الهجينة مثل حزب الله. وفي الحرب بين "الشرطة" والجواسيس" تدخلت الخارجية الأمريكية التي تخشى من التداعيات. فحزب الله منظمة إرهابية وجرمية لكنه لاعب سياسي يقوم بدور اجتماعي في لبنان.

وفي الأيام الأخيرة لإدارة بوش تم الكشف عن عميل وكالة مكافحة المخدرات الذي يعمل في كولومبيا. وبعد عام منعت إدارة أوباما وحدة المهام الخاصة لمكافحة الإرهاب من إغراء شاهد في بيروت للشهادة ضد صفي الدين في فيلادلفيا.

وفي كلتا الحالتين يرى مسئولو فرض النظام أن عملاء الاستخبارات الأمريكية في الشرق الأوسط أجهضوا جهودهم من أجل حماية علاقتهم السياسية الحساسة مع حزب الله. وبرغم أن التنافس بين وكالات الاستخبارات و"إف بي آي" ليس سرًّا إلا أن مسئولي إدارة أوباما سابقاً يصورون العاملين في وكالة مكافحة المخدرات بغير المنضبطين والعدوانيين "يأتون إلى مناطق مثل بيروت ويريدون تقييد الناس واعتقالهم وإحباط عمليات نعمل عليها منذ سنين".

وبعد الكشف عن عملية تيتان في كولومبيا حاولت السلطات هناك بناء حالة وتوجيه اتهام لـ130 تاجر مخدرات بمن فيهم مقرب من صفي الدين اسمه شكري حرب، الملقب باسم "إلـ طالبان".

وقد وضعت وزارة العدل معوقات كثيرة أمام جهود ملاحقة أموال المخدرات وكيف رفضت الوزارة استخدام قانون ملاحقة عصابات الجريمة بشكل قاد إلى ملاحقة حرب.

كما قام أشر بالتعاون مع رجال استخبارات إسرائيليين باختراق مصرف في لبنان كان يقوم بتبييض 200 مليون دولار في الشهر.

وذكرت التقارير أن الكثير من النقود المغسولة حديثا قد تم توصيلها إلى نحو 300 من تجار السيارات المستعملة فى الولايات المتحدة لشراء وشحن آلاف السيارات إلى غرب أفريقيا.

وبرغم تقديم قضية ضد المصرف مانهاتن وتجميد 102 مليون دولار من حساباته بتهمة تسهيل عمولات حزب الله ومعاملتهم بطريقة خاصة إلا أن وزارة العدل لم تصدر قراراً بشأنه. وقالت إدارة أوباما: إنها خشيت من زعزعة الاستقرار المالي للبنان.

وبعد اعتقال رجل أعمال فنزويلي من أصل سوري، وليد مقلد، والمعروف باسم "ملك القراصنة"، في كولومبيا عام 2010 بتهمة تهريب نحو عشرة أطنان من الكوكايين شهريا إلى الولايات المتحدة. وخلال احتجازه، ادعى مقلد أن هناك 40 جنرالا فنزويليا فى كشوف المرتبات وقدم الأدلة التى تورط فيها عشرات من كبار المسئولين الفنزويليين في تهريب المخدرات وجرائم أخرى. وطالب بإرساله إلى نيويورك كشاهد ملك ومتعاون، ولكن كولومبيا سلمته إلى فنزويلا بدلا من ذلك.

كما تم إلقاء القبض على الجنرال الفنزويلى المتقاعد ورئيس المخابرات السابق هوجو كارفاجال في أوروبا بتهم تهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة الامريكية. ويعتبر كارفاجال الوسيط الرئيسي بين فنزويلا وإيران وفيلق القدس وحزب الله وتهريب الكوكايين. وباعتقاله كان يمكن لعملاء كاسندرا اسقاط الشبكة بأكملها.

الجزء الثالث: معركة ضد العدو البعيد والقريب

مع تكثيف المفاوضات بشأن الاتفاق النووي الإيراني، عرقلت إدارة أوباما مشروع كاسندرا.

بعد مرور أكثر من عام على ولاية أوباما الثانية، لا يزال العديد من مسئولي الأمن الوطني لا يتفقون مع كيلي وآشر حول ما إذا كان حزب الله يسيطر تماما على شبكة إجرامية عالمية، ولا سيما في مجال الاتجار بالمخدرات وتوزيعها، أو أنه يستفيد من الجرائم التي يرتكبها مؤيدوه داخل الشتات اللبناني العالمي.

وأسفرت تحقيقات مشروع كاسندرا التي استمرت لسنوات بلا هوادة عن كم هائل من الأدلة حول العمليات العالمية لحزب الله، وهي نافذة واضحة حول كيفية عمل التسلسل الهرمي وبعض العقوبات الكبيرة التي فرضتها وزارة الخزانة الأمريكية.

وخلص تقييم سري أجراه مكتب التحقيقات الدولي في تلك الفترة إلى أن وحدة شئون الأعمال التابعة لحزب الله قد استفادت من العلاقات مع المسؤولين الحكوميين الأجانب الفاسدين والجهات الفاعلة الإجرامية الدولية، وخلقت شبكة يمكن استخدامها لنقل كميات كبيرة جدًا من الكوكايين، وعائدات المخدرات لغسل الأموال على نطاق عالمي، وشراء أسلحة والسلائف الكيماوية للمتفجرات.

وقال التقرير: إن حزب الله يتحكم في إحدى أكثر شبكات الفاعلين قدرة على دمج عناصر الجريمة المنظمة الدولية مع الإرهاب في العالم.

وأعرب بعض كبار المسئولين العسكريين الأمريكيين عن مخاوفهم، حيث حذروا الكونجرس من أن العمليات الإجرامية التي يقوم بها حزب الله وتزايد نفوذه في أمريكا اللاتينية يشكلان تهديدا عاجلا لأمن الولايات المتحدة، وفقا لنصوص جلسات الاستماع.

وفي أوائل عام 2014، قدم كيلي وأعضاء فرقة العمل الآخرين تقريرًا مفصلا للنائب العام إيريك هولدر، وتم إطلاعه على النتائج التي أصرّ على أن يحصل أوباما وفريق الأمن القومي بأكمله على نفس التقارير، وذلك في إطار تشكيلهم لاستراتيجية الإدارة للتعامل مع إيران.

ولذلك رحب قادة فرق العمل بفرصة حضور اجتماع قمة في مايو 2014 لمسئولي الأمن الوطني في فريق أوباما في مقر قيادة العمليات الخاصة في تامبا بولاية فلوريدا. وأعرب قادة قوة العمل عن أملهم في إقناع الإدارة بالتهديد الذي تشكله شبكات حزب الله، وضرورة قيام وكالات أخرى بالعمل مع إدارة مكافحة المخدرات في استهداف الترابط المتزايد بين المخدرات والجريمة والإرهاب.

وبالإضافة إلى ذلك، قال مسئولو فرق العمل: إن التقارير التي طلبها هولدر من كبار المسئولين في البيت الأبيض ووزارة العدل لم يتم تقديمها أبدا. كما ألغى مسئول كبير بالاستخبارات إدراج مذكرة مشروع كاسندرا حول تهديد حزب الله في المخدرات في تقارير الإحاطة اليومية التي تدم لأوباما.

وقال كيلي وآشر، وعملاء آخرون، إنهم توقفوا عن توجيه دعوات إلى الاجتماعات المشتركة بين الوكالات، بما في ذلك اجتماعات مع فريق عمل أوباما لمكافحة الجريمة عبر الوطنية.

وأوضح آشر أنه -مع رفقائه- بدأوا في الاستماع إلى "الأشخاص المنخرطين في المناقشات الإيرانية أن هذه الاشياء التي يقوم بها حزب الله، كانت بالتأكيد في طريق المفاوضات الناجحة". وحتى أن مسئول في فريق الأمن القومي لأوباما قال ذلك صراحة في اجتماع وزارة الخارجية نفسه الذي تفاخر فيه حول كيفية جمع الإدارة الأمريكية لائتلاف واسع في الشرق الأوسط، بما في ذلك حزب الله، لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي.

كانت الولايات المتحدة تسعى للحصول على مساعدة إيران في محاربة داعش. ومع تكثيف مفاوضات الاتفاق النووي قبل الموعد النهائي الدبلوماسي في نوفمبر 2014، كتب أوباما نفسه سرا إلى المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، قائلا: إن البلدين لهما مصلحة مشتركة في قتال تنظيم داعش في العراق وسوريا.

وتم القبض على قاسم تاج الدين، أحد كبار ممولي حزب الله، في المغرب بعد سبع سنوات من وضعه على القائمة السوداء كداعم للإرهاب ونقل إلى واشنطن لمحاكمته. وقال آشر: إن عملاء فرقة العمل أبقوا قضيته طي الكتمان، على أمل الحصول على نتيجة أفضل تحت أي إدارة تأتي بعد أوباما.

وبعد تولي دونالد ترامب الرئاسة، تم تصنيف نائب الرئيس الفنزويلي طارق العيسمي واتهامه بأنه "ملك مخدرات عالمي"، وذلك بعد محاولات عدى لإقناع وكلاء الاستخبارات المركزية الأمركية بأنه رجل حزب الله الرئيسي داخل أنظمة تشافيز ومادورو.

ومن المفارقات أن العديد من كبار مسئولي الاستخبارات المهنية يقرون الآن بأن معلومات فرقة العمل كانت صحيحة وأكيدة حول المشاركة الفعلية لحزب الله في الاتجار بالمخدرات.

وقال ماجنوس رانستورب، أحد أهم خبراء حزب الله في العالم "إن الحزب يشكل تهديدًا عالميًّا، خصوصا إذا ما ساءت علاقات ترامب مع إيران وسوريا وروسيا.

وقال رانستورب -مدير البحوث بمركز دراسات التهديدات غير المتماثلة في كلية الدفاع الوطني السويدية- والذي يتواصل باستمرار مع مسئولين في الاستخبارات الأمريكية، إن الاعتقالات التي تمت في يونيو "تؤكد بشدة على أن الإيرانيين يضعون خططا طارئة إذا ما انقلبت الولايات المتحدة الحرارة ضد إيران"، وأضاف: "إذا كانوا يعتقدون أن الأمر يتطلب ردًّا عسكريًّا أو إرهابيًّا، فقد وضعوا أهدافا في الولايات المتحدة منذ أواخر التسعينيات".

وقال رانستورب: إن مسئولي الاستخبارات الأمريكية يعتقدون أن عمليات المراقبة التي يقوم بها حزب الله في الولايات المتحدة أكثر اتساعا مما تم الكشف عنه علنا، وإنهم قلقون بشكل خاص من نشطاء المعركة الذين قضوا سنوات في خضم العمليات في سوريا.

ومن جهته ضغط ديريك مالتز -رئيس العمليات الخاصة، والذي تقاعد بعد شهرين من قمة تامبا في عام 2014- من أجل تحسين التعاون بين الأجهزة الأمريكية المختلفة لمواجهة حزب الله، والتعامل مع التهديدات الإرهابية والمشاريع الإجرامية التي يمثلها.

وقال مالتز: إن المعارك الجانبية، وخاصة الصراع المؤسسي بين أجهزة إنفاذ القانون والاستخبارات، ساهمت في إنهاء مشروع كاسندرا. ولكن العديد من وكلاء المشروع يصرون على أن السبب الرئيسي هو خيار سياسي لإعطاء الأولوية للاتفاق النووي الإيراني على جهود القضاء على حزب الله.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا