بول كاجامي.. صانع نهضة رواندا وملهم شباب إفريقيا

محمود سعيد

عمل الرئيس الرواندي، بول كاجامي، منذ توليه مقاليد السلطة في بلاده عام 2000، على تحقيق تطلعات شعبه، وتعميق الروابط مع البلدان الإفريقية.

وواجه كاجامي فرنسا لتورطها في العنف ضد بلاده. وكانت لسياسات الرئيس الرواندي، تأثيرات كبيرة في العقل الجمعي لإفريقيا، خصوصًا أنه أسهم في وأد الفتنة بين الهوتو والتوتسي، وعمل على الارتقاء بالقارة الإفريقية، من خلال المناصب الرفيعة التي شغلها.

حياة الرئيس بول كاجامي

ولد عام 1957، وبعد انتهاء الثورة الرواندية، فرت عائلته إلى أوغندا التي أمضى فيها طفولته وشبابه، ليصبح ضابطًا كبيرًا في الجيش الأوغندي، ثم رئيسًا للمخابرات الحربية الأوغندية، بعدها أسس، بحسب “بي بي سي“، الجبهة الوطنية التي تدخلت في رواندا، تسعينات القرن الماضي، ووضعت حدًّا للإبادة التي بدأت قبل ذلك بـ3 أشهر من المتطرفين الهوتو، وأودت بحياة 800 ألف، معظمهم من التوتسي.

وبعدها شغل كاجامي منصب نائب الرئيس ووزير الدفاع من عام 1994 إلى عام 2000، حتى انتخب رئيسًا للبلاد فترتين، ثم نظم استفتاءً دستوريًّا 2015م، حصول به على ولاية ثالثة، وشغل منصب رئيس الاتحاد الإفريقي من 2018 إلى 2019، وترأس أيضًا تجمع دول شرق إفريقيا من 2018 إلى 2021. وواصل قيادة إصلاحات الاتحاد الإفريقي، ويشغل حاليًّا منصب رئيس لجنة توجيه رؤساء الدول والحكومات.

سياسات الرئيس الرواندي

أوقف كاجامي، عبر الجبهة الوطنية الرواندية، الإبادة الجماعية ضد التوتسي عام 1994، والتي أودت بحياة أكثر من مليون ضحية، ثم عمل على إرساء السلام والمصالحة بين الهوتو والتوتسي، وأوصل بلاده إلى أن تكون من أكثر البلدان الإفريقية أمانًا، وعمل على تشجيع الاستثمار.

وأسس كاجامي أيضًا مركز التمويل الدولي، ما جعل رواندًا مركزًا اقتصاديًّا كبيرًا في القارة الإفريقية، وذات اقتصاد مزدهر، بحسب مركز “فاروس“. بالإضافة إلى ذلك، أدخل تكنولوجيا المعلومات إلى بلاده، ووفّر لشعبه رعاية صحية شاملة وتعليمًا مجانيًّا، ودعم كذلك الجهود العسكرية لاستعادة سيطرة دولة موزمبيق على بعض مدنها التي سقطت في أيدي جماعات مسلحة،

الموقف من فرنسا

جاء موقف كاجامي من فرنسا حادًّا، بسبب دور باريس قبل وخلال الإبادة الجماعية في رواندا، ووصل الأمر إلى حد قطع العلاقات الدبلوماسية بين فرنسا ورواندا، بين أعوام 2006 و2009، خاصة أن تقرير عدد من المؤرخين الفرنسيين خلص إلى أن سبب ذلك هو المسؤوليات الجسيمة لفرنسا وتعامي رئيسها وقتها، فرانسوا ميتران وإدارته عن حكومة الهوتو المدعومة من باريس، التي ارتكبت إبادة جماعية.

 

والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اعترف بدوره هو الآخر بمسؤولية فرنسا عن الإبادة الجماعية، لكن بعدما سحب كاجامي عضوية رواندا من المنظمة الفرانكفونية للدول الناطقة بالفرنسية، وانضم إلى الكومنولث البريطاني، بالإضافة إلى أنه جعل اللغة الإنجليزية لغة رسمية في بلاده عام 2010.

القمح غذاء الأفارقة

كاجامي علَّق أخيرًا على أزمة القمح في إفريقيا، بسبب الحرب الروسية الأوكرانية قائلًا “على إفريقيا أن تضمن الاكتفاء الذاتي في مجال الحبوب، بدل الاعتماد على أوكرانيا، فمن غير المقبول أن تكون أوكرانيا، التي يبلغ عدد سكانها 44 مليون نسمة، هي المسؤولة فعليًّا عن إطعام إفريقيا، وهي قارة يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة”.

وأضاف “أعد جميع الروانديين بأن تحقق رواندا في القريب العاجل الاكتفاء الذاتي، قبل عام 2025”. وتابع كاجامي “سمحت بتقديم مليار دولار من المعدات الزراعية وجميع الخدمات اللوجيستية اللازمة لإحياء صناعتنا الزراعية، حتى نستطيع قريبًا الاعتماد على ما نزرعه في بلادنا، لكي نأكل من خيراتها، دون الاعتماد على غيرنا في ما نستورده من الخارج”.

العلاقات المصرية الرواندية

كانت مصر التي دعمت حركات التحرر بالعالم، في مقدمة الدول التى اعترفت باستقلال رواندا عن بلجيكيا عام 1962، وكانت كذلك من أوائل الدول التى افتتحت سفارة لها فى العاصمة كيجالى عام 1976، حتى إن مصر كانت الدولة الوحيدة التي لم تغلق سفارتها طوال فترة الحرب الأهلية، ويجمع النيل بين مصر دولة المصب ورواندا الواقعة بالهضبة الاستوائية، والمصدر الثانى لمياه النيل، إحدى دول المنبع.

وأمَّا العلاقات السياسية والاقتصادية فمزدهرة، خصوصًا مع الزيارات المستمرة والمتبادلة بين المسؤولين في الدوليتن، ومؤخرًا شاركت وفود رواندية في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي الإفريقي بمصر، وقمة تجمع التكتلات الاقتصادية الإفريقية، وشارك الرئيس الرواندي بجلسة تعزيز ريادة الأعمال فى منتدى إفريقيا 2017 الذى استضافته مصر، وزارت القيادات المصرية رواندا أيضًا، لتعزيز العلاقات وسبل التعاون.

ربما يعجبك أيضا