بين المنافسة والتعاون.. بايدن يعلن استراتيجية الأمن القومي الأمريكي

علاء بريك

أصدرت الإدارة الأمريكية استراتيجية الأمن القومي بعد 21 شهرًا من تولي جو بايدن للرئاسة في الولايات المتحدة... فما أبرز ما جاء فيها؟


أصدرت إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، وثيقة استراتيجية الأمن القومي، بعد 21 شهرًا على دخوله البيت الأبيض.

وتستهدف الاستراتيجية تمكين الولايات المتحدة من تحقيق التفوق على منافسيها على الساحة الدولية، والحفاظ على النظام الدولي القائم، ووضع إطار عام للسياسة الخارجية الأمريكية، لتحفظ مصالحها وقيمها وهيمنتها.

لا نجاح من دون تعاون

بحسب البيت الأبيض، فإن عالم اليوم يواجه منافسة جيوسياسية تضيق معها فرصة التعامل مع التحديات المشتركة، لكن من غير الممكن تحقيق النجاح في هذه المنافسة، ما لم تتعاون واشنطن مع الدول الأخرى، لمواجهة التحديات المشتركة، وفق خطة إيجابية.

ولتحقيق هذا الغرض، تستهدف الاستراتيجية الأمنية تسخير الموارد المتاحة، وبناء التحالفات والشراكات مع الدول الأخرى، لصياغة الواقع الاستراتيجي العالمي، وتحديث الجيش الأمريكي وتطوير معداته وتجهيزاته، ليقدر على مواجهة :عالم تسود فيه المنافسة الاستراتيجية”.

المنافسة الاستراتيجية

بحسب الاستراتيجية، تتطلع الولايات المتحدة إلى التنافس مع جمهورية الصين الشعبية، المنافس الوحيد الذي لديه النية والقدرة على إعادة تشكيل النظام الدولي، على حد وصف الاستراتيجية. إضافة إلى أنها ستسعى إلى تقييد روسيا ومغامراتها.

وتتميز المنافسة الاستراتيجية بكونها عالمية، على حد وصف الوثيقة المنشورة عبر موقع البيت الأبيض، ولكن واشنطن سنتجنب إغراء النظر إلى العالم من خلال عدسة تنافسية، وستعمل على وإشراك البلدان، وفق شروط وظروف هذه البلدان.

التحديات المشتركة

تضيف الوثيقة أن التحدي الاستراتيجي أمام واشنطن، اليوم، يأتي من “القوى الاستبدادية صاحبة السياسة الخارجية التحريفية”، ولكن إلى جانب هذا، توجد تحديات مشتركة تختبرها الشعوب بأنحاء العالم، ويجب تطوير سياسة مشتركة للتغلب عليها.

من بين هذه التحديات، يبرز التغير المناخي والأمن الغذائي والأوبئة والتضخم، وجميعها ليست ثانوية، بحسب الوثيقة، بل ترتبط بأمن واستقرار النظام العالمي، ولمواجهتها لن ترفض واشنطن التعاون مع منافسيها، وستشكل تحالفات واسعة مع الدول الديمقراطية.

الخارج والداخل

بحسب الاستراتيجية، تفرض هذه التحديات والمنافسة الاستراتيجية على الإدارة الأمريكية بذل الاستثمارات في سبيل تحقيق التفوق في جميع الميادين الاقتصادية، وتعزيز المرونة والتكيف، لكن لا يقتصر الأمر على الاقتصاد، بل يشمل تعزيز الديمقراطية وخكم القانون والجيش.

على هذا النحو، يكون ربط السياسة المحلية بالخارجية أمرًا لا مفر منه، من منظور الإدارة الأمريكية، لأن القوة في الخارج يلزمها تحصين وتعزيز في الداخل، بحيث تكمل إحداهما الأخرى، واستطاعت إدارة بايدن-هاريس طمس الحدود فعليًّا بين السياسة المحلية والخارجية.

مواصلة القيادة العالمية

من أجل مواصلة القيادة العالمية ترمي الاستراتيجية، الصادرة حديثًا، إلى تعزيز التحالفات والشراكات العالمية، بين الولايات المتحدة والدول الأخرى، لمواجهة الأنظمة الاستبدادية، التي تحاول تغيير النظام العالمي، وتحظى هذه المهمة بتأييد كِلا الحزبين داخل الولايات المتحدة وفي الخارج.

وفي هذا الميدان، تسعى واشنطن إلى تعزيز التعاون التجاري والتكنولوجي، وتسخير شراكاتها وتحالفاتها لخدمة أهدافها القومية، وتعزيز الروابط مع الأنظمة الديمقراطية من منطقة الهندوباسيفيك حتى أوروبا، واعتماد قواعد اقتصادية تحقق التكافؤ في المنافسة بأنحاء العالم.

لا حرب باردة جديدة

بيَّنَت الاستراتيجية أن واشنطن لن تتراجع عن الانخراط مع دول العالم المختلفة، لتعزيز الأمن والاستقرار والازدهار، بما يمنحها تفوقًا على منافسيها، اليوم وغدًا، كما فعل في السابق، لذا من المتوقع أن تركز السياسة الخارجية على تعزيز الروابط مع الهندوباسيفيك والشرق الأوسط وإفريقيا.

بيد أن مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، قال في حديثه إلى الصحفيين عقب نشر الاستراتيجية، إنها أوضحت أن البيت الأبيض لا يقتصر في نظره إلى العالم “على منظور المنافسة الاستراتيجية وحده. ونحن لا نسعى إلى مواجهة مباشرة أو حرب باردة جديدة”.

ربما يعجبك أيضا