مؤلف كتاب تاريخ في خزانة المطبخ يروي لـ«رؤية» أسرار وحكايات الطعام حول العالم

ياسمين سعد
تاريخ في خزانة المطبخ

حاورت شبكة رؤية الإخبارية مؤلف كتاب تاريخ في خزانة المطبخ، عبد الله عثمان، فما هي أبرز القصص التاريخية عن الطعام، وما هو محتوى الكتاب، وهل ساهمت التوابل في اكتشاف أمريكا؟ وما مدى حب كليوباترا للبامية؟ كل هذا وأكثر في السطور التالية..


هل تتخيل أن تاريخنا كل يكمن في خزانة المطبخ؟ هذه حقيقة اكتشفها مؤلف كتاب “تاريخ في خزانة المطبخ.. العالم على خط الاشتهاء”، عبد الله عثمان.

حاورت “شبكة رؤية الإخبارية” عثمان ليروي لنا أسرار وحكايات الطعام حول العالم، ويشرح ما يحتويه الكتاب من تحليل وفلسفة، تجعلنا ننظر إلى الطعام نظرة مختلفة تمامًا عما قبلُ، ذلك أنه يشير إلى أنه يتناول التاريخ من منظور جديد، من خلال شرح تاريخ الطعام.

كيف جاءتك فكرة الكتاب؟

يقول عثمان: “عندما كنت أطهو في المطبخ، فتحت الخزانة ووجدت داخلها التوابل بجانب القهوة والشاي والبطاطس، فقفزت الفكرة في رأسي وقتها، هذه الخزانة تحتوي على عناصر مهمة من تاريخ الإنسان، وما جعلني أومن بالفكرة هي النظريات الجديدة في كتابة التاريخ، فقد أصبح الباحثون يهتمون بتفاصيل الحياة اليومية للأشخاص، أكثر من التركيز على تاريخ المعارك والتاريخ السياسي”.

وأوضح عثمان أن التاريخ نوقش من منظور سياسي فقط طوال الحقبات الماضية، دون التركيز على دراسة التفاصيل اليومية، إلى أن أصبحت هذه التفاصيل مؤخرًا دراسات ذات قيمة عالية، ويبحث عنها العلماء والخبراء في كل مكان، مشيرًا إلى أنه يتناول التاريخ من منظور جديد تمامًا من خلال شرح تاريخ الطعام.

صورة من حوار رؤية مع الكاتب عبد الله عثمان

صورة من حوار رؤية مع الكاتب عبد الله عثمان

ما مدة التحضير للكتاب؟

صرح عثمان بأن 60% من الكتاب معتمد على القراءات التي قرأها بنفسه، مشيرًا إلى أنه قرأ عن تاريخ الطعام لمدة عامين كاملين حتى يستطيع الإلمام بجميع المحاور والقصص التي ذكرت في الكتاب. وأوضح أن كتابه مختلف عن أي كتاب آخر، لأنه يعتمد على أسلوب السرد المقنع.

وشدد على أن الكتابة العربية تفتقد دراسة أساليب السرد، فلا بد أن يخلق الكاتب تسلسلًا منطقيًّا سليمًا للأحداث، ولذلك أصر عثمان على حكي تاريخ إنسان الكهف مع الطعام في بداية الكتاب، حتى وإن قيل عنه إنه ليس بنفس إثارة بقية الفصول، لأن القارئ يجب أن يشعر بتسلسل الأحداث، دون وجود فجوات سببية قد تخلق ثغرة في العمل.

هل للكتاب أكثر من جزء؟

قال عثمان: “تاريخ في خزانة المطبخ هو الجزء الأول من سلسلة العالم على خط الاشتهاء، وفي هذا الجزء أناقش الأثر التاريخي المباشر لاكتشاف الشاي والقهوة والتوابل والبطاطس على العالم، أما في الجزء الثاني فسأناقش تطورات الطعام التاريخية وثقافة الطعام وتأثيره في المجتمعات، في حين سيتمحور الجزء الثالث من السلسلة على إلهامات الطعام وإسهاماته الأدبية والعلمية”.

وقد طرح عثمان بعض الموضوعات التي يناقشها الجزء من الأول من الكتاب، فعلى سبيل المثال يناقش المؤلف كيف أصبحت التوابل سببًا في ازدهار مصر بوصفها مدينة تجارية عالمية؟ بالإضافة أن عثمان يشرح كيف تغير العالم بسبب اكتشاف الإنسان للنار، ذلك الاكتشاف المذهل للبشرية كلها.

صورة من حوار رؤية مع الكاتب عبد الله عثمان

صورة من حوار رؤية مع الكاتب عبد الله عثمان

أطلق العديد من الكتاب مؤخرًا كتبًا عن الطبخ.. ألم ترهبك المنافسة؟

شدد عثمان على وجود مخاوف لديه عند بداية كتابته للكتاب، لكنه تجاوزها، لأنه كان على دراية باختلاف أسلوبه عن أي كاتب آخر، موضحًا أنه جمع في سرده مثلث أضلاعه، الأدب والفلسفة والتاريخ، ولهذا فهو لن يتحدث عن تاريخ الطعام فقط كما يفعل البعض، ولن يتحدث عن المعارك والحروب، ولكن سيستخدم الأدب التحريري في سرد المعلومة، كلغة مشوقة تقدم بها المعارف في العالم العربي.

وأضاف عثمان للكتاب أيضًا عنصر التحليل، فهو يحلل كل قصة من القصص التي يرويها عن الطعام، مثل تحليل قصة التوابل، مؤكدًا أنه يسأل نفسه الأسئلة الصحيحة حتى يصل إلى المزيد من الأجوبة التي يعرضها بطريقة شيقة في الكتاب، مثل لماذا كانت التوابل سلعة رائجة قديمًا؟ ولماذا ارتبط اسمها بمدينة القاهرة؟ مشيرًا إلى أن كل سؤال كان يقوده إلى إجابة جديدة.

لماذا اخترت للسلسلة اسم العالم على خط الاشتهاء؟

يقول عثمان: “أرى أن مقولة الحاجة أم الاختراع غير صحيحة، فالاشتهاء هو من يحرك الإنسان، وهو هدفه الأساسي، فإنسان الكهف كان يريد السيطرة على الفريسة، وبعدما سيطر عليها واكتشف الزراعة حقق الوفرة من الطعام، ولكن ذلك لم يكفه، فاستخدم الملح لكي يعادل ملوحة وقلوية الطعام، ثم بدأ في استخدام التوابل للحفاظ على الطعام لمدة أطول”.

صورة من حوار رؤية مع الكاتب عبد الله عثمان

صورة من حوار رؤية مع الكاتب عبد الله عثمان

وأوضح عثمان أن اشتهاء الإنسان للأكل ولذته يدفعانه إلى تطوير المطبخ، فهدف الإنسان هو الحصول على كل شيء أسرع وأسهل وأفضل، مؤكدًا أن أول من اتبع أسلوب الشره هي أمريكا، التي ارتبط ترويجها للطعام بالحلم الأمريكي والرأسمالية، إلى أن روجوا لأكبر الوجبات، وأكبر الساندويتشات وتأثر العالم بها.

ما مراحل تاريخ الطعام؟

يقول عثمان: “سنعرف تطور الثقافة الإنسانية من تاريخ الطعام فقد مر بـ8 مراحل أساسية، أولاها مرحلة جمع الثمار والصيد، ثم اكتشاف مواقد النار، فالتدجين والزراعة، ثم اكتشاف الملح، وصولًا إلى مرحلة التوابل، فاكتشاف أطعمة جديدة من الخارج، وبعدها مرحلة تعلم حفظ الطعام، وفي النهاية مرحلة الفود بورن، وهي المرحلة الحديثة بالطريقة التي نتناول الطعام عليها”.

وأشار عثمان إلى أن المرحلة الحالية تتجه أكثر ناحية الطعام الصناعي، مضيفًا أن ما يحرك الإنسان هو رغبته في السيطرة على الطبيعة، وبالتالي كلما تقدمت السنين والأيام، نزع الإنسان العنصر الطبيعي من كل شيء واستبدل به الصناعي، ما ينذر بزيادة الخطورة على صحته وحياته.

 ذكرت أن التوابل أثرت في تاريخ العالم فكيف ذلك؟

ذكر عثمان أن للتوابل تأثيرًا في خريطة العالم، فقد كانت السبب في اكتشاف الأمريكتين وطريق رأس الرجاء الصالح، وبالتالي تحويل طريق التجارة العالمي من البحر الأحمر والقاهرة، إلى طريق آخر يدور حول إفريقيا مباشرة إلى أوروبا، مشيرًا إلى أن ذلك أسهم في تدهور الحالة الاقتصادية بمصر، بعدما كانت من أغنى المناطق في العالم بسبب تجارة التوابل.

أما عن اكتشاف النار، فقال عثمان إن قدحة النار غيّرت حياة الإنسان، فبعدما كان يقضي 9 ساعات خلال اليوم في مضغ الطعام لأنه غير ناضج، و9 ساعات أخرى ينتظر الفريسة لاصطيادها، أصبح بإمكانه طهي الطعام ومضغه بسهولة، بل أصبح قادرًا على حفظه لمدة أطول بعدما كان يفسد في مدة زمنية قصيرة، فتغيرت أنشطة الإنسان تمامًا، بعدما كانت منصبة فقط على توفير الغذاء.

كليوباترا والبامية

ذكر الكتاب أن كليوباترا قبل أن تقتل نفسها اشتهت طاجن بامية باللحم، مشيرًا إلى أن طبق البامية كان يجسد عبقرية البشرية في توليف عناصر متشاكلة ومختلفة ليخرج طعمًا أشبه بالسحر، موضحًا أن المصريين أطلقوا معيارًا خاصًّا بجودة هذا التأليف سموه التسبيكة. ويشير الكتاب إلى أنه ربما جاءت كلمة تسبيكة من السبك الذي هو إجادة التوليف وإتقانه.

وتتكون التسبيكة بالأساس من البصل الذي يحمر في الزيت أو السمن حتى يحصل على اللون الذهبي ثم يضاف إليه عصير الطماطم الحامض مع ثمرة فلفل حار، وقطعة دهن، وتبهيره وهو يغلي ثم تضاف البامية واللحم ويوضع في الفرن، ويؤكل هذا الطاجن بالخبز بكل أنواعه، وينشق له قلب ليمونة، فيغرق المرء في طعمه.

ربما يعجبك أيضا