تبعات الحرب.. أزمة شح المياه تهدد حياة ملايين السوريين

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

10 سنوات من الصراع في سوريا كانت كفيلة بإحداث دمار واسع طال كل مناحي الحياة لتشمل واحدا من أهم مصادر الحياة للبشرية، فبعد كل هذه السنوات أصبح الوصول إلى مياه عذبة صالحة للشرب تحديا كبيرا يؤثر على ملايين السوريين، بسبب تضرر البنى التحتية في البلاد بشكل كبير.

ناقوس خطر

ميه

النتائج المباشرة وغير المباشرة للصراع الدائر في البلاد، أسفرت عن تدمير أنظمة إمداد المياه وتسببت في إجراء الصيانة المناسبة وفقدان المرافق لما يقرب من 40% من عدد المهندسين والفنيين المسؤولين عن تأمين هذه الإمدادات بعد أن غادر جزء منهم وتقاعد جزء آخر من دون نقل خبراتهم إلى جيل جديد.

بعثة الصليب الأحمر إلى سوريا كشفت أن الصراع المستمر أدى إلى إحداث أضرار بالغة في مرافق مياه الشرب الثمانية الرئيسية في سوريا ويزداد تدهور أحوالها يوما بعد يوم بسبب الافتقار إلى الصيانة.

وتعتمد البنية الأساسية التي تعتمد على إمدادات المياه، على الكهرباء التي انخفضت هي الأخرى بنسبة وصلت إلى 70% مما فاقم من أزمة إمكانية تشغيل البنى التحتية للمياه.

ومن نتائج الصراع كذلك تدمير شبكة الصرف الصحي التي تخدم دمشق وحلب وما ترتب على ذلك من صرفها في الموارد الطبيعية من دون معالجة مما يشكل خطيرا جسيما على الصحة العامة للسكان.

المياه العذبة ضرورة إنسانية ملحة من أجل العيش، والحياة في بيئة صالحة ونظيفة ضرورة لا تقل عن الحاجة الماسة للمياه، مما يجعل إصلاح هذه البنى التحتية وتوفير مياه شرب آمنة للسوريين على رأس الأولويات.

الأمراض المنقولة بالمياه

في هذا السياق، حذرت منظمة أطباء بلا حدود، من أن محدودية الوصول إلى المياه النظيفة في شمال سوريا تفاقم انتشار الأمراض، كما تعيق إجراءات النظافة الأساسية في ظل ارتفاع وتيرة الإصابات بفيروس كورونا.

في وقت يسجل شمال غرب سوريا “زيادة مقلقة” بحالات كوفيد-19، يعيق “الوصول المحدود إلى المياه بشكل خطير إجراءات النظافة الأساسيّة للوقاية من الفيروس وعلاجه”، وفق مغلاج.

وفاقم نقص التمويل الوضع سوءاً، إذ تشكّل أنشطة تقديم خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحيّة حالياً 4% فقط من ميزانيّة الاستجابة الإنسانيّة بأكملها في جميع أنحاء سوريا، وفق المنظمة، وهو أقل من ثلث ما تمّ إنفاقه العام الماضي على الأنشطة ذاتها.

ومع وقف العديد من المنظمات أنشطة نقل المياه بالشاحنات في العديد من المخيمات، تأثرت مناطق بشدة بينها منطقة دير حسّان في ريف إدلب الشمالي، حيث زادت الأمراض المنقولة بالمياه بنسبة 47% بين شهري أيار/ مايو وحزيران/ يونيو 2021، وفق ما ذكرت المنسّقة الطبيّة للمنظمة تيريزا غراسيفا.

محللون يرون بأن الاستمرار بسكب ملايين الدولارات على نقل المياه بالصهاريج لن يحلّ أزمة نقص المياه، ويجب أن تكون للطوارئ، نظرا لأنها مكلفة و غير موثوقة كما يقدم مياه ذات نوعية سيئة، والأجدى الاستثمار أكثر في دعم الخدمات الأساسية بما فيها شبكات تغذية المياه المستدامة.

أنقرة في مرمى الاتهامات

يواجه مليون شخص في الحسكة صعوبة في الوصول إلى المياه منذ نحو عامين، بسبب الانقطاع المتكرر في توفير المياه من محطة مياه علوك، الخاضعة لسيطرة السلطات التركية. كما تأثر سكان شمال شرق سوريا بالانخفاض الحاد في حجم المياه المتدفقة في نهر الفرات، وهو أهم مصدر للمياه في المنطقة.

في مارس الماضي قالت الأمم المتحدة إن المجموعات المدعومة من تركيا قطعت المياه عن نحو نصف مليون شخص في شرق سوريا في ذروة أزمة “كوفيد19”.

وقامت تركيا بإغلاق بوابات عبور مياه الفرات إلى سوريا، ما أدى إلى انخفاض منسوب المياه إلى حد كبير، حيث لم تتجاوز نسبة المياه المتدفقة 200 متر مكعب في الثانية، “خلافاً للاتفاقية السورية التركية للعام 1987، التي تنص على أن تضخ تركيا المياه بمعدل 500 متر مكعب في الثانية، ويحصل العراق على 60% منها”.

ربما يعجبك أيضا