تحليل| إصلاحات تركيا الاقتصادية.. هل تكفي لزيادة الاستثمار الأجنبي؟

شيرين صبحي
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

من غير المرجح حدوث ارتفاع كبير في الاستثمار الأجنبي المباشر، ما لم تنفذ تركيا إصلاحات جوهرية.


قال محللون إن عودة تركيا المتوقعة إلى السياسات الاقتصادية التقليدية، قد لا تكون كافية للحصول على استثمارات دولية أطول أمدًا.

وفي حين أن ارتفاع أسعار الفائدة من شأنه جذب بعض المستثمرين الأجانب إلى الأصول التركية، يقول محللون إن الاستقرار والمساءلة والشفافية اللازمة لطمأنة المستثمرين لن تتحقق إلا بتعديلات جوهرية، وفق ما أوردته وكالة أنباء رويترز، أمس الاثنين 12 يونيو 2023.

وزير مالية جديد

بعد أسبوع من إعادة انتخابه، عيّن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وزيرًا جديدًا للمالية هو محمد شيمشك، لتحويل المسار بعيدًا عن سياسات الرئيس غير التقليدية السابقة، التي أدت إلى ارتفاع التضخم وهبوط الليرة. وحظى شيمشك بتقدير كبير من الأسواق المالية حين شغل المنصب نفسه سابقًا.

اقرأ أيضًا: فيديو| شاهد ما قاله أردوغان في مقابلته مع الشيخ منصور بن زايد

لكن بعد سنوات من التشريعات غير المتوقعة، وما يرى منتقدون إنه انحسار للحريات في ظل نظام رئاسي، ومع عدم إمكانية توقع إجراء أردوغان إصلاحات جوهرية، فإنه من غير المرجح أن تشهد تركيا تغييرًا جذريًا في معنويات المستثمرين، على حد تعبير رويترز.

احترام سيادة القانون

قال رئيس جمعية «عدالة أفضل»، محمد جون: “كي يكون هذا دائمًا، يجب ألا يعتمد على الأشخاص فحسب، لكن على احترام سيادة القانون”.

اقرأ أيضًا: أردوغان يعين حفيظة أركان رئيسة للمركزي التركي

وأضاف: “يتعين علينا تعزيز البنية التحتية القانونية، لضمان أن يتخذ الشخص الجديد، الذي سيحل (في المستقبل) محل شيمشك القرارات الصائبة”.

سلطات أردوغان الواسعة

استشهد جون، وهو محام، على سبيل المثال بقرار تركيا في عام 2021 بالانسحاب من اتفاقية اسطنبول، وهي معاهدة دولية لمكافحة العنف القائم على نوع الجنس. وقال إن ذلك “نقل رسالة للأسواق الدولية مفادها أنه يمكن إلغاء أي اتفاق دولي على أساس تعسفي بمرسوم رئاسي”.

اقرأ أيضًا: تركيا: سنحدث برنامجًا اقتصاديًّا مدته 3 أعوام قريبًا

وأيّد الأتراك الانتقال إلى نظام الحكم الرئاسي في استفتاء عام 2017، ما أعطى سلطات واسعة لأردوغان، وهو نظام تقول الحكومة إنه يفضي إلى وضع قواعد فعالة وواضحة.

مطالب بتقوية العلاقات مع الغرب

يتعين على الشركات الآن التكيّف مع قواعد ولوائح شاملة، في بعض الأحيان، تنشرها يوميًّا الجريدة الرسمية للرئيس، وتشمل الضرائب والإقراض وتحديد اللوائح الخاصة باستخدام الأراضي والتجارة.

وقال البنك الدولي إن تركيا في معسكر للدول التي تنشر مسودات اللوائح وتطلب آراء أصحاب المصلحة، لكنها لا تبلغ عن نتائج المشاورات.

اقرأ أيضًا: تركيا تراجع برنامجها الاقتصادي متوسط المدى لمعالجة التضخم

وقال رئيس اتحاد الأعمال والصناعة التركية، أورهان توران، في مؤتمر في مارس، إنه يتعين على البلاد تقوية علاقاتها مع الحلفاء الغربيين، من خلال تعزيز سيادة القانون والقضاء المستقل.

إصلاح الضرر المتصور

حصل أردوغان على تفويض لتمديد حكمه إلى عقد ثالث في جولة الإعادة، في 28 مايو الماضي، وحصل فيها على أكثر من 52% من الأصوات. وقال، في خطابه بعد الانتخابات: “نخطط من أجل إدارة مالية تتمتع بسمعة دولية واقتصاد إنتاجي يستهدف الاستثمار والتوظيف”.

اقرأ أيضًا: الليرة التركية تهبط إلى مستوى منخفض جديد

وقال اثنان من كبار المسؤولين في حزب العدالة والتنمية الحاكم إنه من أجل طمأنة المستثمرين الأجانب بعض الشيء، من المهم للغاية إدخال إصلاحات قضائية، وستعلن الحكومة الجديدة خطوات قريبًا لإصلاح “الضرر المتصور” في النظام القضائي.

وقال أحد المسؤولين الكبيرين: “من الواضح أنه لضمان الحصول على الثقة الاقتصادية، لا محيص عن الاتساق القانوني”.

إطلاق سراح عثمان كافالا

يقول مدافعون عن حقوق الإنسان والمعارضة السياسية، إن حزب العدالة والتنمية استخدم في بعض الأحيان النظام القضائي لمعاقبة المعارضين، وهو اتهام نفته السلطات.

ولم تلتزم تركيا بأحكام كثيرة للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ومنها قرار المحكمة بإطلاق سراح عثمان كافالا، كون احتجازه ينتهك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

اقرأ أيضًا: تركيا: ارتفاع عجز ميزان المعاملات الجارية إلى 5.4 مليار دولار

وحكم على كافالا (65 عامًا) بالسجن مدى الحياة دون عفو ​​مشروط، بعد إدانته بمحاولة الإطاحة بالحكومة عن طريق تمويل احتجاجات متنزه غازي عام 2013، وهو ما نفاه كافالا.

تأثير أردوغان

في ظل الاستنفاد الشديد لاحتياطيات العملات الأجنبية، وبلوغ الليرة أدنى مستوياتها القياسية، عزّز تعيين شيمشك التوقعات بأن السلطات ستخفف القيود على أسواق الصرف الأجنبي والائتمان والديون.

ولدعم التحول الكامل، في ما يبدو، عيّن أردوغان، يوم الجمعة الماضي، حفيظة غاية أركان، محافظة للبنك المركزي التركي، ما يمهد الطريق لرفع أسعار الفائدة.

اقرأ أيضًا: سفير تركيا لدى الإمارات: شراكتنا الاستراتيجية تعزز التنمية والاستقرار

لكن محللين يقولون إنه على الأمد الطويل، لن يأتي الاستثمار الأجنبي المباشر للبلاد، بسبب تأثير أردوغان المفترض في الكيانات المستقلة، مثل البنك المركزي.

الاستثمار الأجنبي المباشر

تظهر بيانات وزارة المالية أن الاستثمار الأجنبي المباشر بلغ قرابة 13.1 مليار دولار، في العام الماضي، ارتفاعًا عمّا كان عليه قبل 5 سنوات، لكنه يتماشى تقريبًا مع عام 2021.

اقرأ أيضًا: الإمارات وتركيا.. علاقات متنامية نحو شراكة شاملة

وقال الأستاذ المساعد في تاريخ وسياسة الشرق الأوسط بجامعة سانت لورانس، هوارد إيزنستات، إنه من غير المرجح حدوث ارتفاع كبير في الاستثمار الأجنبي المباشر، ما لم تنفذ تركيا إصلاحات جوهرية تعالج مشكلات رئيسة مثل الفساد. وأضاف: “بغض النظر عن الإصلاحات الاقتصادية، لن يزداد الاستثمار كثيرًا”.

ربما يعجبك أيضا