تشاتام هاوس | تشتت وتطرف.. كيف ستؤثر وفاة محمد مرسي على جماعة الإخوان المسلمين؟

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – بسام عباس

في أعقاب وفاة الرئيس المصري السابق محمد مرسي، كانت هناك موجة من التضامن بين الجماعة ومؤيديها في مصر وخارجها، ونتج عن ذلك اتفاق مؤقت بين المجموعات المتنافسة، التي تعاني من فجوة عميقة ناتجة عن انشقاق في القيادة بين فرعين يدّعي كل منهما الشرعية، فضلًا عن اتساع فجوة الأجيال بين أعضائها.

لكن على المدى البعيد، فإن الآثار المترتبة على وفاة مرسي ستعمّق الأزمات التي تعاني منها جماعة الإخوان المسلمين، وهي غياب الرؤية السياسية وموجة التطرف التي تنتشر بهدوء بين شبابها.

لقد فشل مكتب الإرشاد، أعلى هيئة تنفيذية لدى جماعة الإخوان، في صياغة استراتيجية متماسكة منذ الإطاحة بمرسي من الحكم في يوليو 2013. في البداية اختار القادة تعبئة حشد أنصارهم في مظاهرات سلمية كبيرة كل يوم جمعة لمواجهة الإجراءات التي اتخذتها القوات المسلحة المصرية ضد مرسي.

واستمرت تلك المظاهرات أسبوعيًّا في العديد من المحافظات بين عامي 2013 و2014، قبل أن تبدأ في التلاشي في النصف الأول من عام 2015، حيث بدأ الأعضاء الأصغر سنًّا في التشكيك في فاعلية هذا النهج، ودعوا قيادتهم إلى تقديم استراتيجية معارضة واضحة لمواجهة النظام السياسي الحالي وعدم دفعهم للانضمام إلى المظاهرات دون مجموعة واضحة من الأهداف والمطالب.

 استجاب أحد مكونات القيادة بقيادة "محمد كمال"، وهو عضو في مكتب الإرشاد، لهذه الدعوات عبر اقتراح استراتيجية جديدة تقوم على استخدام العنف المحدود لتقويض استقرار مؤسسات الدولة. وقد رفضت القيادات التاريخية بقيادة المرشد الأعلى "محمود عزت" هذا النهج. وإثر ذلك فشلت كلتا المجموعتين في تقديم حل بديل؛ ما ترك الحركة دون استراتيجية فعّالة للتعامل مع الوضع السياسي الحالي.

ونظرًا لعدم وجود استراتيجية، يبدو أن المطالبة بإعادة مرسي إلى السلطة هي الهدف الوحيد الذي يمكن للمجموعات المختلفة داخل جماعة الإخوان الاتفاق حوله، رغم عدم واقعيته. وفي ضوء وفاة مرسي، فإن عدم وجود استراتيجية للحركة بات مكشوفًا أكثر من أي وقت مضى، مما لا يسمح لها بإخفائها.

أما على مستوى القاعدة الشعبية، فقد مر شباب جماعة الإخوان المسلمين بموجة عميقة ولكنها هادئة من التطرف على مدار الأعوام القليلة الماضية، فترى أن نفس الأفراد الذين آمنوا في يناير 2011 بالعمل اللاعنفي كوسيلة لإحداث التغيير السياسي، باتوا الآن يصفون صراحة هذا الأمر بأنه "سذاجة"، ويشكّكون في فاعلية حركة اللاعنف كأحد الركائز الأيديولوجية للإخوان المسلمين. وعلى الرغم من أنهم ما زالوا يرفضون فكرة طرد أعضاء مؤسسات الدولة، وهو موقف الجهادية السلفية، إلا أنهم يعتقدون أن العنف يجب اعتباره خيارًا سياسيًّا ويجب عدم رفضه أيديولوجيًّا.

وعلى عكس الجماعات السلفية الجهادية، التي تؤمن بالكفاح المسلح من أجل تحقيق مصلحتها الخاصة، فإن هذا الجيل الشاب من جماعة الإخوان يرى في المقاومة العنيفة وسيلةً لتحقيق الغاية؛ ما يعني أن القليل منهم يدافع عن العنف الآن. وفي ظل توازن القوى الحالي بين الحركة والدولة المصرية، فإن أصحاب هذه الرؤية لن يكون لديهم فرصة للفوز في صراع مسلح ضد قوات الأمن.

ولكن في ظل خيبة الأمل من قيادات الإخوان، وعدم وجود استراتيجية حقيقية، فقد تراجع العديد من جيل الشباب خطوة إلى الوراء! وباتوا في نفس الوقت أكثر سلبية وأشد تطرفًا في وجهات نظرهم حول كيفية إحداث التغيير السياسي. 

لقد كشف موت مرسي خواء الاستراتيجية السياسية التي ابتُليت بها قيادة الإخوان، كما أنه سيعمّق عملية التطرف الهادئ بين جيل الشباب المنتمين للجماعة.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا