تطوير تقنية جديدة لتخزين البيانات في الحمض النووي

بسام عباس
الحمض النووي

أصبح تخزين البيانات في الحمض النووي، كما صوَّرته قصص الخيال العلمي، ممكنًا في المستقبل القريب.


توشك أن تصبح مراكز البيانات الكبيرة، التي تستهلك الكثير من الطاقة، وسائل عفا عليها الزمن، مع ابتكار تقنية للتخزين تشبه الحمض النووي.

ويتوقع الخبراء تشغيل أول مركز بيانات DNA في غضون 5 إلى 10 سنوات، ولن تخزَّن البيانات على هيئة أصفار وآحاد في محرك الأقراص الثابتة،ولكن في أزواج القاعدة، التي تتكون منها الحمض النووي.

تشفير بيانات بالحمض النووي

أوضح موقع ساينس ديلي العلمي أن فريق بحث هولندي نجح في تشفير ملفات بيانات جديدة عبر تخليق الحمض النووي، وسيحتوي في جزء منه على حقول كبيرة من الكبسولات، تملأ كل كبسولة بملف، وستختار الذراع الآلية الكبسولة المحددة، وتقرأ محتوياتها وتعيدها مرة أخرى.

وأضاف، في تقرير نشره يوم الجمعة 5 مايو 2023، أن الفريق نجح في تصميم حمض نووي اصطناعي في المختبر، وتوصل إلى تقنية لتخزين البيانات، عبر ترتيب معين لتشكيل خيوط من الحمض النووي المنتجة صناعيًّا، لكنه لم يتمكن بعد من قراءة البيانات المخزنة، لأن كلفتها الحالية باهظة جدًا.

العديد من المزايا

ذكر الموقع العلمي أن تخزين البيانات في الحمض النووي يوفر العديد من المزايا، فيمكن تخزين الملفات على نحو أكثر إحكامًا، وكذلك فإن عمر البيانات سيكون أطول بعدة مرات. وهذه التقنية الجديدة تجعل مراكز البيانات الكبيرة، التي تستهلك الكثير من الطاقة أدوات عفا عليها الزمن.

وأضاف أن فريق البحث صمّم تقنية جديدة لجعل ابتكار تخزين البيانات باستخدام الحمض النووي الاصطناعي قابلاً للتطوير، وأن البحث شارك فيه قسم الهندسة الطبية الحيوية ومعهد الأنظمة الجزيئية المعقدة التابعين لجامعة أيندهوفن للتكنولوجيا في هولندا، وشركة مايكروسوفت، ومجموعة من الشركاء الجامعيين.

قابلية التطوير

ذكر الموقع أن فكرة استخدام خيوط الحمض النووي لتخزين البيانات ظهرت في الثمانينات، لكنها كانت فكرة صعبة ومكلّفة في ذلك الوقت، ما أصبح ممكنًا تقنيًّا بعد 3 عقود، عندما بدأت انطلاقة تخليق الحمض النووي.

وأضاف أن عالم الوراثة في كلية الطب بجامعة هارفارد، جورج تشيرش، شرح الفكرة بالتفصيل في العام 2011، ومنذ ذلك الحين، أصبح تركيب وقراءة البيانات أرخص بكثير، وأخيرًا تقديم هذه التقنية إلى السوق.

كيفية عمل التقنية

قال أستاذ البيولوجيا التركيبية في قسم الهندسة الطبية الحيوية بجامعة أيندهوفن الهولندية، توم دي جريف، إن تقنية لقراءة البيانات المخزنة، تمثل، في الوقت الحالي، أكبر مشكلة تواجه هذه التقنية الجديدة.

وأضاف أن طريقة تفاعل البوليميرات المتسلسلة (PCR) المستخدمة حاليًا لهذا الغرض، وتسمى عملية “الوصول العشوائي”، معرضة بقدر كبير للخطأ، فيمكنك قراءة ملف واحد فقط في كل مرة، وتتدهور جودة البيانات في كل مرة تقرأ فيها ملفًا، والذي بدوره غير قابل للتحجيم.

وأوضح أن تفاعل البوليميرات المتسلسل (PCR) ينشئ ملايين النسخ من قطع الحمض النووي، التي تحتاجها عن طريق إضافة مادة أولية برمز الحمض النووي المطلوب، وإذا رغب في قراءة ملفات متعددة، فعليك اللجوء إلى عدة أزواج أولية تعمل في نفس الوقت، ما يخلق العديد من الأخطاء في عملية النسخ.

كبسولة واحدة لملف وحيد

أوضح الموقع أن فريق البحث للتغلب على هذه العقبة، طوّر كبسولة دقيقة من البروتينات والبوليمر، وثبت ملفًا واحدًا لكل كبسولة، فعند درجة حرارة تزيد على 50 درجة مئوية، تغلق الكبسولة نفسها، ما يسمح بإجراء عملية تفاعل البوليميرات المتسلسل على نحو منفصل في كل كبسولة.

وقال دي جريف إن هذه الحالة لا تعطي مجالاً للخطأ، ويمكن حتى الآن قراءة 25 ملفًا في وقت واحد، دون أخطاء كبيرة، وإذا انخفضت درجة الحرارة مرة أخرى، تنفصل النسخ عن الكبسولة، وتبقى النسخة الأصلية سليمة، ما يعني أن جودة الملف الأصلي لا تتدهور.

قابلية البحث الضوئي

أوضح الموقع أن دي جريف جعل البحث في مكتبة البيانات أسهل، فكل ملف يأخذ ملصقًا ضوئيًّا، ولكل كبسولة لونها الخاص، ما يتيح للجهاز التعرف على الألوان، وفصلها عن بعضها البعض. وهنا يأتي دور الذراع الآلية، التي تختار بدقة الملف المطلوب من مجموعة الكبسولات في المستقبل.

وقال دي جريف إن هذا التصنيف اللوني والضوئي يحل مشكلة قراءة البيانات، وما على الفريق سوى الانتظار حتى تنخفض تكاليف تخليق الحمض النووي، لتكون التقنية جاهزة للتطبيق بعد ذلك. معربًا عن أمله أن تتمكن هولندا قريبًا من افتتاح مركز بيانات الحمض النووي ليكون الأول من نوعه في العالم.

اقرأ أيضًا| صنع أصغر هوائي في العالم من الحمض النووي

اقرأ أيضًا| خبراء صينيون: اعتماد أسلوب لاختبار الحمض النووي لمتحور «أوميكرون»

ربما يعجبك أيضا