تغيير قائد بحرية “الحرس الثوري” .. ما الذي يدور في رأس “خامنئي”؟

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

بعد تطبيق المرحلة الأولى من العقوبات الأمريكية 7/ 8/ 2018، تبدأ واشنطن في تطبيق المرحلة الثانية من العقوبات خلال نوفمبر القادم، والتي ستشمل:-

– فرض عقوبات ضد الشركات، التي تدير الموانئ الإيرانية، إلى جانب الشركات العاملة في الشحن البحري وصناعة السفن.

– فرض عقوبات شاملة على قطاع الطاقة الإيراني، وخاصة قطاع النفط.

– فرض عقوبات على البنك المركزي الإيراني وتعاملاته المالية.

وهذا يعني أن طهران لن تصبح قادرة على تصدير شحناتها من النفط، وهو ما حذرت من حدوثه، وإلا ستقوم بمنع الدول الأخرى بتصدير نفطها، وهو ما تم تفسيره بإعلان إيران إغلاق مضيق هرمز الحيوي لدول الخليج في حالة منع إيران من تصدير نفطها.

وفي الأيام الأخيرة قام المرشد الأعلى خامنئي بإبداء اهتمام ببحرية القوات المسلحة الإيرانية، سواء التابعة للجيش أو التابعة للحرس الثوري، وهو ما أثار الاهتمام بدوافع هذا الاهتمام، وإن كان خامنئي يفكر جديا في إغلاق مضيق هرمز.

الاتصال بالأسطول الخارجي

زار المرشد الأعلى، خامنئي، أمس الأحد جامعة الإمام الخمینی للعلوم البحریة فی نوشهر (شمال) ورعى حفل تخریج دفعة من طلبة جامعات الضباط للجیش الإیراني.

وقال -خلال زيارة لمدينة نوشهر المطلة على بحر قزوين- ”لقد أثبتت الجمهورية الإسلامية والشعب الإيراني بصمودهما أمام أمريكا أنه في حال لم يخش شعب ما غضب الجبابرة ووثق بقدراته واستند إليها فسوف يدفع القوى العظمى نحو التراجع وسنهزمهم“.

وعرض التلفزيون الرسمي لقطات لخامنئي وهو يتواصل عبر دائرة تلفزيونية مغلقة مع قائد القوات البحرية التي أرسلتها إيران إلى خليج عدن قبالة ساحل اليمن؛ حيث تقاتل جماعة الحوثي المتحالفة مع طهران الحكومة المدعومة من السعودية.

السيطرة العسكرية
يبدو أن خامنئي مهتم بالحفاظ على مكانته بصفته القائد العام للقوات المسلحة الإيرانية، يقول “فرزند شيركو”، الباحث الاستراتيجي في معهد واشنطن، ومدير “مشروع اجتثاث التطرف” في “إقليم كردستان العراق”: (يشير واقع اقتراب آية الله خامنئي بسرعة من نهاية عمره الطبيعي إلى أن هذه الاحتجاجات تعلن عن بداية نهاية حقبةٍ.

ففي التاريخ الإيراني، من الصعب تصوّر شخصيةٍ سياسية جعلت هويتها الشخصية الخاصة ترتبط بهوية البلد أكثر منه. وفيما قاد آية الله الخميني الثورة، قاد خامنئي البلد لثلاثين عامًا، ما جعل النظام يرتبط بشخصيته الخاصة.

وخامنئي نفسُه مدركٌ لهذا الواقع، ويمكن القول إنه يقدّر قيمة الحفاظ على الدولة ككيانٍ موحّد أكثر من الحفاظ على طابعها الإسلامي. وقد يفسّر هذا الموقف الاهتمام الواضح الذي يُبديه آية الله بدعم تطوير حكومةٍ عسكرية أكثر منه بالبنية الحالية عند وفاته.

لا يعني ذلك أن آية الله خامنئي يريد إضعاف النظام الحالي لولاية الفقيه، أو أنه سيقوم بذلك، إلا إذا أصبح يعتقد أن هذا النظام غير قادر على الحفاظ على وحدة البلد. بالأحرى، قد تدفعه تخوفاته من التهديدات الخارجية لاستقرار البلد إلى وضع سلامة البلد في عهدة بنيته العسكرية، واعتبار أن هذا الفرع من النظام مجهّزٌ بالشكل الأفضل للقيام بذلك.

يبدو أصلًا أن مثلّث النظام -أي خامنئي بصفته المرشد الأعلى، والقوّات العسكرية الإيرانية، وحكومة إيران- يسير في هذا الاتجاه. فسيطرة الجيش على الخطابات السياسية للحكومة، ومواصلة أنشطة “فيلق القدس” داخل البلد وخارجه، فضلًا عن التغيير في لهجة حسن روحاني التي أصبحت تؤيّد القوات العسكرية بدلًا من استنكارها، كل ذلك يبدو مرتبطًا باعتماد وجهة نظر المرشد ومحاولة سلوك هذا المنحى الضيّق).

تغيير قائد بحرية الحرس الثوري

قبل عامين من انتهاء الفترة المعهودة التي أمدها عشر سنوات لقائد بحرية الحرس الثوري، قام المرشد الأعلى، علي خامنئي، في 23 آب/ أغسطس، بترقية القائد بالوكالة لسلاح بحرية الحرس الثوري الإيراني، “علي رضا تنكسيري” إلى رتبة قائد ليحل محل “علي فدوي” الذي تم تعيينه نائباً لقائد “الحرس الثوري” لشؤون التنسيق.

وفي كتاب تعيينه، أوعز لتنكسيري ببناء “سلاح بحري ناشط ومتنامٍ يرقى إلى مستوى طلبات الجمهورية الإسلامية” من خلال تنفيذ ثلاثة أهداف رئيسية هي: الاستعانة بـ”القوة البشرية المتدينة” ورفع مستوى “التدريب والمهارات والهيمنة الاستخبارية والعمل المتبادل مع الفروع الأخرى للحرس الثوري” في القوة البحرية، بالإضافة إلى “توسيع ترسانتها بشكل أكبر”.

وفي تقرير نشره معهد واشنطن، يقول “فرزين نديمي” المتخصص في الشؤون الأمنية والدفاعية المتعلقة بإيران ومنطقة الخليج: (لا تدل هذه الترقية بالضرورة على عودة الاستفزازات البحرية المشحونة في مياه الخليج العربي، ويبقى ذلك رهناً بالرد الذي سيقرر خامنئي اتخاذه بشأن العقوبات النفطية المقبلة.

ويبدو أن التغيير الأخير في القيادة هو تناوب روتيني بين كبار ضباط البحرية، على الرغم من أنه حدث قبل عامين من انتهاء الفترة المعهودة التي أمدها عشر سنوات. ولعل أحد أسباب هذه الخطوة المبكرة نسبياً هي الرغبة في تسمية فدوي نائباً لقائد “الحرس الثوري” لشؤون التنسيق، ربما استباقاً للحاجة إلى تحسين إمكانية العمل المتبادل ليس بين فروع “الحرس الثوري” بشكل كبير فحسب، بل بين “الحرس الثوري” والجيش الوطني أيضاً. وقد سجل فدوي خلال العام الماضي مستوى نشاط أعلى من ذلك الذي سجله قادة “الحرس الثوري” الآخرين من خلال القيام بمبادرات تعاونية مع نظرائه في.

وما لم يتلقَّ تنكسيري تعليمات من خامنئي تغيّر مجرى الأمور، فلا يُتوقع أن يؤدي تعيينه إلى إحداث العديد من التغيرات الملحوظة في السلوك الراهن الهادئ الذي تظهره  “بحرية “الحرس الثوري”” في الخليج.

ولكن إذا دخلت العقوبات النفطية الأمريكية حيز التنفيذ في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل كما هو متوقع، فيمكن أن تعود طهران إلى موقفها العدائي من الولايات المتحدة. علاوةً على ذلك، تشجّع “بحرية “الحرس الثوري” الخطوات التكتيكية الحرة – إذ يستطيع القادة الشبان ذوي الطبع الحاد كسب الشهرة والترقيات عبر اتخاذ خطوات محفوفة بالمخاطر إزاء السفن الأمريكية، وهم عادة “غير ملزمين للحصول على إذن في ما يخص الأمور التي تُعتبر استراتيجية الجمهورية الإسلامية واضحةً بشأنها”، على حد قول مسؤول رفيع المستوى خلال مقابلة أجريت معه عام 2013. وبالتالي، سيظل هناك خطر كبير من سوء التفسير والتصعيد في مياه الخليج).

ربما يعجبك أيضا