تقرير: تنظيمات المستوطنين تنشئ غرفة عمليات تحضيرا لتنفيذ الضم

محمود

رؤية

رام الله – قال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان في التقرير الأسبوعي، إن “شبيبة التلال” الإرهابية وطلاب المعاهد الدينية التابعة للمستوطنين الصهاينة، يقيمون غرفة عمليات مشتركة تحضيرًا لتنفيذ مخططات الضم.

وأضاف المكتب -في تقريره، وصلت لـ”رؤية” نسخة عنه، اليوم السبت- أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عاد يؤكد أن إسرائيل لديها فرصة تاريخية لتطبيق السيادة الإسرائيلية وبسطها على الضفة الغربية، مشددًا على أنه ملتزم بالخطة الأمريكية المعروفة باسم “صفقة القرن ” وأن حكومته على تواصل مستمر مع الإدارة الأمريكية بهذا الشأن، مشيرًا إلى أن بعض رؤساء مجالس المستوطنات في طور تفهم مضمون “صفقة القرن” وكيفية تنفيذها على أرض الواقع.

وألمح رئيس حكومة الاحتلال خلال لقائه بقادة المستوطنين المعارضين لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى أنه يتجه إلى إقرار مخطط الضم لأوسع ما يمكن من الأراضي الفلسطينية، بمعزل عن باقي بنود الخطة.

ونقل للمستوطنين الذين التقاهم الأسبوع الماضي رسالةً مباشرةً مفادها أنه في حال طُرح على الحكومة أو الكنيست اقتراح لضم مناطق من الضفة الغربية، فسيكون ذلك بمعزل عن خطة ترامب بمختلف بنودها أي أنه لن يتم إدراج مسألة الدولة الفلسطينية في اقتراح الضم.

ويأتي هذا في ظل تقارير تحدثت عن بوادر انقسام في أوساط قادة المستوطنين حول موقفهم من خطة إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للتسوية في المنطقة، حيث يصر قادة المستوطنين الداعمين لخطة الإدارة الأمريكية، على أنها “فرصة تاريخية”، كما يحلو لهم وصفها.

في حين يحاجج بعض قادة مجلس المستوطنات النافذين أن بنودًا في خطة الإدارة الأمريكية تشكل خطرًا على المشروع الاستيطاني في الضفة المحتلة، ويبني هؤلاء أوثق العلاقات مع مجموعات من “شبيبة التلال” الإرهابية التي قررت بالتعاون مع طلاب “اليشيفوت” (المعاهد الدينية اليهودية) بناء غرفة عمليات للتحضير لتنفيذ مخطط الضم وإفشال “صفقة القرن”، وقامت بتجنيد الناشطين وعقدت سلسلة اجتماعات حول خطواتها المرتقبة وأجرت جولات ميدانية ووضعت مخططًا على الأرض لتنفيذ مشروعها الخاص للضم والذي يتألف من ثلاثة مراحل، الأولى بالترويج للرأي الاستيطاني المعارض للخطة الأمريكية عبر حملة إعلانات تستهدف المستوطنين في الضفة المحتلة، ثم الدعوة إلى مظاهرات حاشدة تشمل مواجهات مع قوات الأمن وإغلاق شوارع، ثم الشروع بإقامة بؤر استيطانية عشوائية بين ليلة وضُحاها في 10 مناطق تم تحديدها مسبقًا في الضفة المحتلة (دون الكشف عنها).

وأشار التقرير إلى أنه في ضوء اقتراب الموعد الذي حدده رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، للشروع بتنفيذ مخطط الضم، قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بسلسلة من الممارسات، استهدفت منطقة الأغوار، عبر تدمير شبكات مياه ومصادرة معدات، إضافة إلى مصادرة وتدمير بسطات لبيع الخضار لمزارعين في منطقة بردلة في الأغوار الشمالية، حيث دمرت 15 دونما من شبكات المياه الخاصة بالمزارعين تدميرا كاملا، كما قامت بتدمير خطوط المياه الناقلة للمواطنين والتي يبلغ طولها 800 متر وتعود ملكيتها لعدة مزارعين تدميرا كاملا قبل مصادرتها.

وللمرة الثانية خلال أسبوع قامت قوات الاحتلال بتدمير عدد من بسطات الخضار الخاصة للمزارعين في منطقة عين البيضا وقرية بردلا في الأغوار الشمالية، ويأتي ذلك ايضا في ظل عمليات هدم متواصلة وإخطارات بالهدم في تجمع “عين الحجلة” البدوي، شرق مدينة أريحا، والتي طالت جميع المنازل المسقوفة بالصفيح في المنطقة وعددها ثمانية، فيما تشير التقديرات إلى أن الاحتلال يخطط لتنفيذ عمليات تطهير عرقي وعمليات ضم تشمل 51 ألف دونم من أراضي المواطنين الزراعية و46 ألف دونم من الحدود مع الأردن تضاف إلى 400 ألف دونم يسيطر عليها الاحتلال في الأغوار بذريعة استخدامها كمناطق عسكرية مغلقة، ويحظر على الفلسطينيين ممارسة أي نشاط زراعي أو عمراني فيها.

وبين أن التقديرات تشير إلى وجود تطابق كبير بين عمليات الهدم وأوامر الإخلاء الصادرة عن الحكومة الإسرائيلية وبين خطة ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة والأغوار، حيث تتركز عملية الإخلاء وأوامر الهدم والمصادرة في الفترة ما بين 2005 إلى 2018 على الأغوار المحتلة، هذه الأوامر لا تتعلق بالبناء غير القانوني كما تدعي سلطات الاحتلال وإنما أيضًا باقتحامات لمناطق زراعية أو تمهيد وتسوية الأرض أو قرارات مصادرة أو تخريب خطوط المياه، أو مطاردة مواشي الفلسطينيين وغيرها، وهذا يشمل الأرض الفلسطينية المستهدفة بجميع تصنيفاتها سواء كانت أراضي دولة أو أراضي خاصة، علمًا بأن تلك الأوامر الاستعمارية تصاعدت بشكل ملحوظ بعد إعلان الشق السياسي من ما تسمى صفقة القرن.

وأشار إلى أنه في منطقة الأغوار اندلعت النيران بصورة كبيرة في آلاف الدونمات الزراعية بسبب القنابل التي أطلقها جنود الاحتلال الإسرائيلي خلال التدريبات العسكرية التي يجريها في المنطقة حيث احترقت الأسبوع الماضي آلاف الدونمات من الأراضي المزروعة بمحصول القمح والشعير والمراعي في خربة حمصه البقيعة والأراضي المطلة على خربة حمصة الفرشة وما يقارب 180 دونمًا من المحاصيل الزراعية وما يزيد عن 8200 دونم من المراعي بسبب القنابل التي ألقاها جيش الاحتلال الإسرائيلي على هذه المحاصيل مما أدى إلى اندلاع النيران فيها.

وميدانيا أوقف جيش الاحتلال المركبات على مداخل عدد من القرى في الأغوار، وأبلغ السائقين بأنه سيتم اعتبارًا من مطلع تموز المقبل تطبيق قوانين صارمة بحق المركبات وحتى بداخل القرى، وذلك بذريعة أن هذه القرى قد أصبحت تحت السيادة الإسرائيلية. وتأتي هذه التنبيهات متزامنة مع إقدام جيش الاحتلال على إزالة المكعبات الإسمنتية والإشارات التحذيرية التي كانت تمنع الإسرائيليين من دخول مناطق فلسطينية في الأغوار قرى بردلة وكردلة حسب الاتفاقيات الرسمية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. وهذه الإجراءات كانت قد سبقها الأسبوع الفائت تسليم ضباط ما تسمى بالإدارة المدنية التابعة لسلطة الاحتلال بعض الهيئات المحلية في الأغوار، فواتير الكهرباء مباشرة، بعيدا عن التعامل مع الجهات الفلسطينية الرسمية، في سابقة تعتبر الأولى من نوعها.

وفي القدس المحتلة تتواصل مخططات الضم والتوسع والتهويد؛ ففي إطار سعي الاحتلال للسيطرة على المنطقة الصناعية الوحيدة في القدس الخاصة بالفلسطينيين أصدرت سلطات الاحتلال قرارا نهائيا بهدم وإخلاء نحو 200 منشأة خاصة لتصليح المركبات ومراكز تجارية ومطاعم، في منطقة من أكثر المناطق حيوية في القدس وهي حي وادي الجوز حتى نهاية العام الجاري لتعلن في وقت لاحق عن بدء المرحلة الأولى من المخطط الذي يستهدف أكثر من 2000 دونم من الأحياء المقدسية المحاذية للبلدة القديمة.. الإنذارات التي وجهتها بلدية الاحتلال هي مقدمة لتنفيذ مشروع احتلالي ضخم في القدس الشرقية يحمل اسم “خطة مركز مدينة القدس الشرقية”، والذي تم وضعه عام 1994 وأقرته لجنة التنظيم والبناء التابعة لبلدية الاحتلال في القدس قبل سنوات ضمن مخططات تهويد المدينة المقدسة، بدعوى استغلال جميع “المناطق الخالية” في الأحياء المقدسية. وقد جرت المصادقة النهائية عليه مؤخرًا.

ويهدف هذا المخطط إلى إزالة هذه المحال والورش وتحويل المنطقة إلى منطقة حدائق ومكاتب ومؤسسات حكومية بما يغيّر شكل المنطقة بالكامل. وتأتي خطورة هذا المخطط في أنه يحول مناطق واسعة إلى منطقة جذب واستثمار استيطانية بفعل المناطق التجارية والسياحية الضخمة التي ستقام، بالإضافة إلى استغلاله لربط شرق المدينة بجزئها الغربي بموجب “صفقة القرن” الأمريكية، ويشمل المخطط إقامة بنايات ضخمة ستستخدم في قطاع التكنولوجيا و”الهاي تيك” وفي إقامة حدائق ومكاتب ومبان حكومية، بحيث تصبح المنطقة المستهدفة مقرا لشركات تكنولوجيا المعلومات بشكل يشبه “وادي السيلكون” التكنولوجي في ولاية كاليفورنيا الأمريكية.

ويتم التهويد أيضا في منطقة المصرارة شمال القدس حيث يجري بناء بنايات ضخمة مقابلة لسور القدس، وبنايات مقابلة للسور في سلوان جنوب القدس بمساحات آلاف الأمتار.

ويعمق الاحتلال سيطرته على الأراضي في محيط القدس وغيرها من الأراضي في الضفة الغربية عن طريق مخططات البناء الاستيطاني المعلنة التي تلقى إدانات دولية، ويستخدم أساليب متعددة بعيدة عن الأضواء وعن الإدانات الدولية تحت مسميات ’إقامة مناطق صناعية‘؛ فقد أعلن وزير الاقتصاد والصناعة الإسرائيلي إيلي كوهين، عن قرار بتوسيع المنطقة الصناعية “ميشور أدوميم” التابعة لمستوطنة معاليه أدوميم، بـ 500 دونم، ويهدف هذا التوسع في المنطقة الصناعية للمساهمة في إنعاش اقتصاد المستوطنات والاقتصاد الإسرائيلي ليس فقط على الصعيد المحلي، بل على الدولي أيضًا، كما يعتقد الوزير، الذي افتتح في تلك المنطقة الأسبوع الماضي مجمعا تجاريا وترفيهيا ضخما استثمر فيه نحو 400 مليون شيكل.

وتتواصل الانتهاكات وأعمال العربدة التي تقوم بها قطعان المستوطنين في مختلف محافظات الضفة الغربية . ففي محافظة الخليل نصب مستوطنو مستوطنتي “ماعون” و”هفات ماعون” خيمة على أراضي المواطنين في قرية التوانة بمسافر يطا وأقاموا فيها برفقة عائلاتهم بهدف إرغام المواطنين على الرحيل، كما اقتحم مستوطنون منطقة شعب البطم والمفقرة في مسافر يطا وهددوا المواطنين بإخراجهم من أرضهم.

وفي محافظة بيت لحم أقدم مستوطنون من مستوطنتي “إيلي هناحيل”، و”معالي عاموس” على طرد مزارعين في قرية كيسان من أراضيهم أثناء حراثتها بحجة أن ذلك يتطلب منهم الحصول على تصريح خاص للدخول إليها. في الوقت نفسه أقدمت جرافات الاحتلال العسكرية وتحت حراسة مكثفة من قبل قوات الاحتلال على شق طريق في أراضي المواطنين يصل إلى شارع يؤدي لمستوطنة “تكواع” المقامة على أراضي المواطنين في بلدة تقوع.

وفي محافظة نابلس شقت جرافات تابعة للمستوطنين طريقا استيطانيا قرب قريتي تل وإماتين جنوب غرب مدينة نابلس في منطقة كرم شقير على أراضي القريتين، تصل لمستوطنة “حفاد جلعاد”، في تهديد جديد بالاستيلاء على الأراضي التي تمر منها. كما قام مستوطنون من البؤرة الاستيطانية “جفعات رونيم”ه بإضرام النيران حول منازل المواطنين في بورين، في وقت استأنف فيه الاحتلال أعمال التجريف في منطقة “النجمة” شرقي بلدة قصرة، والواقعة ضمن أراضي قرى وبلدات (قصرة، جوريش، عقربا، المجدل).

وفي بلدة حوارة جنوبي نابلس، جرفت آليات لجيش الاحتلال أراضي المواطنين المزروعة بأشجار الزيتون المثمرة لشق الطريق الاستيطاني المعروف بالتفافي حوارة . كما استولت على شبكات ري في قرية الجفتلك بالأغوار تغذي مئات أشجار العنب المثمر، والنخيل على مساحة قدرت بــ40 دونما، في وقت جرف فيه مستوطن أراضي بمساحة 350 دونما، على الجهة الشرقية من مدرسة بدو الكعابنة الثانوية، في تجمع عرب المليحات على طريق المعرجات شمال غرب مدينة أريحا؛ حيث يسعى الاحتلال ومستوطنوه إلى تهجير المواطنين في تلك التجمعات البدوية.

على صعيد آخر ألقت أحداث جرت تفاصيلها منتصف شباط من العام 2018 الضوء على انتشار ثقافة الكذب على الجمهور الإسرائيلي لدى قيادة الجيش الإسرائيلي ومحاولة طمس جرائم بحق الفلسطينيين يرتكبها جنودهم، وذلك إثر الكشف عن قيام جنود من سرية لواء “غولاني” بحملة اعتقالات في مخيم بلاطه للاجئين الفلسطينيين قرب نابلس، مارس خلالها جنود الاحتلال سلسلة من عمليات الاعتداء على سيارات في القرية وإلحاق أضرار بها وثقب إطاراتها إضافة إلى تهديد مواطنين فلسطينيين تواجدوا في المكان بعلم قائد الوحدة العسكرية، غاي إلياهو، الذي سعى مع جنوده إلى تنسيق إفاداتهم وتزوير افعالهم، بنسبها إلى عصابات “تدفيع ثمن” على غرار الاعتداءات الإرهابية التي تنفذها جماعة “شبيبة التلال” الاستيطانية.

ويبدو أن عددا من ضباط كتيبة الدورية تلك لم يشعروا بارتياح من معالجة الموضوع وقاموا في مرحلة لاحقة بإبلاغ قائد اللواء، غير أنه لم يظهر أي تغيير في الكتيبة التي استمرت في عملها كالمعتاد بل تمت ترقية قائد الكتيبة بعد فترة قصيرة، إلى رتبة عميد وهو يقود اليوم الفرقة العسكرية 91.

ربما يعجبك أيضا